أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
مواضيع غلاف العدد

التلسكوب جيمس ويب يستكشف عوالم غريبة

يتعمق مرصد الأشعة تحت الحمراء هذا بدراسة الأغلفة الجوية لكل أنواع الكواكب النجمية، كما تبيّن لنا

كشفت القياسات الدقيقة والمذهلة للضوء الصادر عن الكوكب WASP-96b وجود بصمة مميزة لبخار الماء

إيزي بارسن

في ثمانينات القرن العشرين، عندما كانت الوكالة ناسا تضع اللمسات الأخيرة على التلسكوب هابل الفضائي، بدأت مناقشات العلماء بالتحول إلى التلسكوب المداري الكبير التالي للوكالة. كان التصميم الذي توصلوا إليه هو لمرصد ضخم للأشعة تحت الحمراء، بقطر 6.5 م، يمكنه النظر عبر المسافات، وسُحب الغبار، بل وحتى عبر الزمن، لمشاهدة الضوء الخافت للمجرّات الأولى، وهو الذي نعرفه الآن باسم التلسكوب جيمس ويب الفضائي JWST.

في وقت تلك المناقشات الأولى، لم تكن البشرية قد اكتشفت حتى إشارة تدل على وجود كواكب تدور حول نجوم أخرى. وتغيّر هذا في العام 1992، مع إعلان اكتشاف أول عالم (كوكب) فضائي مؤكد يدور حول النجم PSR B1257+12، لتبدأ من ثم ثلاثة عقود تالية من اكتشاف الكواكب النجمية.

وإلى الآن، تمكن علماء الفلك من فهرسة أكثر من 5,000 كوكب نجمي مؤكدة، وهناك مزيد منها ينتظر الإثبات الرسمي.

يمكن لتغيُّرات ضئيلة في السطوع، حتى بنسبة %2 فقط، أن تسمح للتلسكوب ويب بجمع قدر كبير من المعلومات عن حجم الكوكب النجمي وسطوعه وشكله العام

ومع ذلك، لا يوجد لدينا سوى القليل من تفاصيل ضئيلة عن معظم هذه الكواكب ربما فقط طول مدتها المدارية، وحجمها، وكتلتها. هذه معلومات تكفي لقياس كثافة الكوكب تقريباً، ومن ثم الكشف عما إذا كان يتكون في الغالب من صخور ثقيلة أو غاز أقل كثافة؛ لكنها ليست كافية لإخبارك كيف يبدو الكوكب في الواقع. وهذا هو المجال الذي يتميز فيه التلسكوب جيمس ويب الفضائي. ومع أنه لم يصمم لهذا، إلّا أنه يستطيع النظر في الغلاف الجوي لكوكب نجمي، وحتى الاختيار من بين الكواكب ذاتها في أثناء دورانها حول نجمها المضيف. وفضلاً عن ذلك، يمكنه فعل هذا مع أنواع من الكواكب أكثر مما حصل في أي وقت مضى.

تقول الباحثة هانا ويكفورد Hannah Wakeford، من جامعة بريستول: ”يبحث التلسكوب جيمس ويب الفضائي عبر مجال كامل من أحجام الكواكب النجمية، التي لدينا منها الآن كواكب صخرية أصغر حجماً من الأرض، وصولاً إلى عمالقة غازية بحجم يبلغ ضعف حجم كوكب المشتري“.

تمحيص عبر ضوء النجوم
تتحقق ويكفورد وفريقها مما يُعرف باسم الكواكب النجمية العابرة Transiting exoplanets. تعبر هذه الكواكب أمام نجمها (من منظور أرضي)، وتحجب جزءاً صغيراً من ضوء نجمها. تجدُ معظم بعثات تعقب الكواكب النجمية، مثل تلسكوب كبلر Kepler التابع للوكالة ناسا، أو التلسكوب TESS (مسبار مسح الكواكب النجمية العابرة Transiting Exoplanet Survey Satellite)، كواكبها من خلال البحث عن انخفاض ضئيل في سطوع النجم. وفور تحديد موقع الكوكب المحتمل، يمكن للتلسكوب ويب أن يوجَّه نحوه لإلقاء نظرة فاحصة عليه.


عيون على الأرض

تُسلط مجموعتُنا الشمسية الضوءَ على أهمية الأغلفة الجوية للكواكب

إذا تمكن التلسكوب ويب من رؤية كوكبنا، فسيكون أول تلسكوب يستطيع تمييز الأرض عن كواكب مثل كوكب الزهرة

قد يكون واحداً من أقدر أدوات البحث على كشف الكواكب النجمية على الإطلاق، لكن هناك كثيرا من الكواكب التي لا يستطيع التلسكوب جيمس ويب الفضائي رؤيتها، بما في ذلك تلك التي تشبه كوكبنا. الأرض كوكب صغير جداً بحيث لا يمكن تصويره مباشرة. ومع أن التلسكوب ويب يستطيع رؤية كواكب بحجم الأرض بطريقة العبور، فهو يستطيع فعل هذا حول نجوم خافتة فقط. إن العثور على كوكبنا أمام الشمس الساطعة يتطلب رصد ما يصل إلى 100 حادثة عبور. وبالنظر إلى أن الأرض تعبر أمام الشمس مرة واحدة فقط في السنة، فإن هذا يعني قرناً من الرصد والمراقبة، لكوكب واحد فقط.

ولكن حتى لو تمكن التلسكوب ويب من رؤية كوكبنا، فسيواجه علماء الفلك صعوبة في فهم ما يرونه. تقول ويكفورد: ”إذا تمكنا من قياس مجموعتنا الشمسية، فسنرى الأرض والزُّهرة وسنعتقد أنهما متماثلان، في حين أنهما بالتأكيد ليسا كذلك“.

إنه خطأ يسهل ارتكابه. يقع كوكبا الزهرة والأرض على المسافة نفسها تقريباً من نجمهما، ولهما الحجم والكثافة أنفسهما. وهذا كل ما نعرفه عن معظم الكواكب النجمية. وفقط عند مقارنة أغلفتها الجوية تظهر اختلافاتها الحقيقية. لقد سمح التاريخ الجيولوجي للأرض بالحفاظ على غلاف جوي غني بالنتروجين، ومعتدل بدرجة كافية لتتشكل المحيطات. فيما أدى الماضي البركاني لكوكب الزهرة إلى إنتاج غلاف جوي يتكون بالكامل تقريباً من ثاني أكسيد الكربون، ويبلغ ضغطه السطحي 92 ضعف ضغط الأرض، وتصل حرارته إلى 475°س.

وإلى الآن لم يتمكن علماء جيولوجيا الكواكب إلّا من اختبار نظرياتهم عن هذه الاختلافات في عدد محدود من الكواكب في مجموعتنا الشمسية. ومع اكتشاف التلسكوب جيمس ويب مزيدا عن الأغلفة الجوية للكواكب النجمية، يزداد فهمنا للعمليات الجيولوجية والكيميائية التي تجعل كوكباً ما يصير مثل الأرض، وتجعل كوكباً آخر يصير مثل الزهرة.


خريطة للكوكب الغازي العملاق HD 189733b تظهرُ الاختلافات الحرارية عبر سطحه، من خلال تحليل ودراسة خصائصه عبر رصد حادثتي خسوفه وعبوره

تقول ويكفورد: ”مع التلسكوب جيمس ويب الفضائي، نحاول تحديداً قياس (خصائص) الغلاف الجوي للكوكب. نستطيع ذلك بالنظر إلى الضوء الساطع عبر هذا الغلاف. تخيَّلْ صورة من محطة الفضاء الدولية ISS وهي تنظر عبر الغلاف الجوي للأرض عند غروب الشمس. نحن نستطيع رؤية بصمة لما يتكون منه الغلاف الجوي في الضوء الذي نقيسه“.

تظل هذه البصمة موجودة بعد امتصاص الجزيئات في الغلاف الجوي بعضاً من ضوء النجم في أثناء مروره. ودائماً ما يمتص النوع ذاته من الجزيئات الأطوال الموجية ذاتها، ليترك شريطاً داكناً في ضوء النجم يمكن اكتشافه باستخدام تقنية تسمى بالتحليل الطيفي Spectroscopy.

يستطيع التلسكوب جيمس ويب الفضائي اكتشاف عدد كبير جداً من الجزيئات، بما في ذلك بخار الماء، كما أظهر في الغلاف الجوي للكوكب النجمي WASP-96b، وأول طيف على الإطلاق لكوكب نجمي اكتشفه التلسكوب ويب، في يوليو 2022. وفضلاً عن كونه عنصراً رئيساً في تطور الحياة، فهو أيضاً جزء حيوي في كثير من العمليات الجيولوجية. وإن معرفة مقدار ما يوجد منه في العوالم الأخرى ستساعد علماء الكواكب النجمية على فهم كيفية نمو الكواكب وتطورها فهما أفضل.

استخدمت عمليةُ تصوير أولِ صورة مباشرة على الإطلاق يلتقطها التلسكوب ويب لكوكب نجمي، هو العملاق الغازي HIP 65426 b، تقنيةَ حجب ضوء النجم وتصوير هالته وتحليلها

غير أن هناك كثيراً من الأشياء التي يستطيع التلسكوب ويب أن يكتشفها في سماء تلك العوالم الغريبة، بما في ذلك المواد الكيميائية القائمة على الكربون، مثل ثاني أكسيد الكربون، وأول أكسيد الكربون، وكلاهما اكتشفه أول مرة على الكوكب WASP-39b في العام الماضي.

تقول ويكفورد: ”هنا على الأرض، نطلق على هذه المواد اسم غازات الدفيئة Greenhouse gases، لأنها تمتص الأشعة تحت الحمراء. غلافنا الجوي مملوء بهذه الغازات، ولذا فهو يحجب هذا الضوء. وهذه هي المرة الأولى التي نتمكن فيها من الحصول على التحليل الطيفي لهذه الغازات ذات الأساس الكربوني في الغلاف الجوي لكثير من الكواكب المختلفة“.

كما يستطيع التلسكوب ويب أيضاً مراقبة الكوكب عندما يمر من خلف نجمه، في حالة خسوف. وينتج عن هذا انخفاض أدنى بكثير عندما يحجب النجم ضوء الأشعة تحت الحمراء المنبعث من الكوكب. تقول ويكفورد: ”يعطينا خسوف الكوكب معلومات عن البنية الحرارية لغلافه الجوي، وكيف تتغير درجات الحرارة مع الارتفاع في أعالي هذا الغلاف. إن درجات الحرارة هي في الواقع مفتاح للعمليات الكيميائية التي سنجدها عليه“.

قناع يحجب جميع مرايا التلسكوب ويب الفضائي ماعدا سبعة منها، ليسمح باستخدام الأداة NIRISS لقياس التداخلInterferometry
مخططات محاكاة تداخلية Simulated interferograms لنجم بمفرده (في اليسار)، وكيف سيبدو بوجود كوكب (في اليمين)

تقول سارة كيندرو Sarah Kendrew، وهي عضو في فريق عمليات التلسكوب ويب بالنيابة عن وكالة الفضاء الأوروبية (إيسا): ”ومع ذلك لا تُعتبر أي من الطريقتين سهلة. لقد صُمم التلسكوب ويب لاكتشاف المجرّات الخافتة التي وُجدت في الكون المبكر، في حين أننا ننظر هنا إلى النجوم القريبة شديدة السطوع. ومن المؤكد أن عمليات رصد الكواكب النجمية توسع حدود ما يمكننا فعله“.

لا يزيد الانخفاض الذي يبحث عنه علماء الفلك على نسبة 2%، وكثيراً ما يكون أقل من إجمالي سطوع النجم. ولفعل ذلك، يجب على التلسكوب ويب أن يرصد من قبل بدء عبور الكوكب إلى ما بعد انتهائه، مع الحفاظ على دقة موقع النجم في الوسط إلى درجة البكسل. تستمر كل حادثة عبور من 6 إلى 8 ساعات، ولكن إذا كان هناك أكثر من كوكب واحد في النظام، فقد تستغرق عمليات الرصد وقتاً أطول.

تقول كيندرو: ”احتوت السنة الأولى من الأرصاد على برنامج يحدق في نجم مدةً تزيد على 40 ساعة. قبل إطلاق التلسكوب، لم نكن نعرف مدى استقراره مع مثل هذا النوع من الجدول الزمني؛ لكنه أثبت في الواقع قدرة لا تصدق. فعلى مدار 40 ساعة، كان أكبر انحراف رأيناه منه هو جزءاً من بكسل. ولدينا برنامج تالٍ يريد التحديق مدةً تزيد على 55 ساعة“.

وفي حين أن كلا من حوادث العبور Transiting والخسوف ترصد الكواكب بنحو غير مباشر فقط من خلال تأثيرها في ضوء النجم، نجد أن التلسكوب ويب الفضائي هو قوي بما يكفي لإجراء أرصاد مباشرة ليس فقط للكواكب، ولكن أيضاً لأقراص الغاز والغبار التي تصنعها، وتُعرف باسم الأقراص الكوكبية الأولية Protoplanetary discs. وفي حين أن الكواكب تعكس الضوء البصري فقط، فهذه تبث ضوء أشعتها تحت الحمراء بصورة حرارية، وإن كان بدرجة أدنى بكثير من النجوم. ومن أجل منع طمس الكوكب، يستخدم التلسكوب ويب طريقة تُعرف باسم تحليل هالة النجم Coronagraphy.

اكتشف بخار الماء على مسافة أقل من 160 مليون كم من (النجم) PDS 70، في القرص الذي قد تتشكل فيه كواكب شبه أرضية

مكافحة الوهج
تقول كيندرو: ”لدينا أقنعة خاصة تسمح بتصوير الهالة وتحليلها، يمكننا معها حجب ضوء النجم المركزي لتصوير القرص أو الكواكب حوله“.

كانت هذه هي الطريقة التي تمكن بها التلسكوب ويب من العثور على الماء في المناطق الداخلية للقرص الكوكبي الأولي حول النجم PDS 70. هذه المنطقة هي المكان الذي تتشكل فيه الكواكب الصخرية، لكن الدراسات السابقة أشارت إلى أن إشعاع النجم قد بخَّر الماء كله بعيداً؛ ولذا يبين الاكتشاف أنه يمكن للكواكب الأرضية الوليدة أن تحصل على ماء على رغم كل شيء.


هل من أحد هناك؟

العوالق النباتية هي المصدر الوحيد على الأرض لمادة كبريتيد ثنائي الميثيل، وهذه مادة كيميائية يحتمل وجودها على الكوكب النجمي K2-18b

ربما توجد حياة فضائية غريبة تنتظر هناك في الكون، ولكننا في حاجة إلى تعلم كثير لنتعرف عليها

قد يكون هذا أحد أكبر الأسئلة التي تواجه البشرية، ولكن هل يمكن لجيمس ويب أن يكون هو التلسكوب الذي سيعطينا الإجابة؟ للأسف لا. فلكي يمكن رصده باستخدام طريقة العبور، يجب أن يدور هذا الكوكب قريباً من نجمه الذي سيقصفه بإشعاع قاتل. وحتى لو تمكن بعض الكائنات الحية من التطور تحت هذا الهجوم الإشعاعي، فإن التلسكوب ويب يستطيع فقط معرفة غازات الغلاف الجوي للكوكب.

وبالفعل، فقد جرى تسليط الضوء على القيود المفروضة على ذلك من خلال الرؤية المحتملة لكبريتيد ثنائي الميثيل Dimethyl sulphide على الكوكب النجمي K2-18b، وهنا على الأرض، فإن المصدر الوحيد المعروف لكبريتيد ثنائي الميثيل هو الكائنات الحية، مثل العوالق النباتية البحرية. ومع ذلك فإن الكوكب K2-18b هو كوكب شبه نبتوني Sub-Neptune planet، وهذه فئة من الكواكب النجمية غير مفهومة جيداً على الإطلاق.

ونحن لا نعرف كيف يجب أن يبدو غلافه الجوي مع غياب الحياة معرفة تكفي لنقول إن هذا الغاز نشأ بالتأكيد من كائنات حية، وليس من عملية كيميائية أو جيولوجية أخرى.

تقول ويكفورد: ”أحد الأمور الأساسية في البحث عن حياة هو أن هذا البحث يتطلب كل شيء. بدءاً من فهم كيفية تشكُّل النجوم الأولى، التي تُسبب بعد ذلك إنتاج السوبرنوفا (المستعرات العظمى) Supernovae للعناصر التي تشكل هذه الأنظمة الكوكبية اللاحقة، مرورا بما إذا كانت حوادث تصادم المجرّات هي آليّة مهمة، وصولاً إلى فهم ما إذا كانت البيئة التي نشأت فيها شمسنا كانت تشكل عنصراً رئيساً لظهور الحياة على الأرض، أو لا. هناك قصة كاملة يجب معرفتها. وإن روعة التلسكوب جيمس ويب الفضائي هي أنه يتيح لنا الاطلاع على كل مرحلة من مراحل هذه القصة“.


وللتلسكوب ويب طريقة أخيرة لرصد الكواكب مباشرة، وذلك باستخدام قناع من نوع مختلف يحتوي على 7 ثقوب. تحوّل هذه الطريقة المرصد الفضائي من تلسكوب عملاق واحد إلى 7 تلسكوبات صغيرة تعمل معاً من خلال تقنية تُعرف باسم قياس التداخل الموجي Interferometry. ومع فقدان قدر كبير من الضوء، لا يمكن فعل ذلك إلّا مع الأجرام الساطعة، مثل النجوم، ولكنها تحسِّن دقة التلسكوب ويب بما يصل إلى الضعفين والنصف. يسمح هذا لعلماء الفلك بتحليل الأجرام القريبة التي قد تظهر كنقطة واحدة، مثل نجم وكوكب حوله، أو قرص كوكبي أولي.

يمكن لكلتا تقنيتَي القناع تحديد حجم الكوكب، ومداره، وحتى إجراء التحليل الطيفي على غلافه الجوي تماماً مثل طريقة العبور، لكنهما يحققان ذلك مع أنواع مختلفة جداً من الكواكب. كلما اتسعت المسافة بين النجم وكوكبه، صار التمييز بين الاثنين أسهل. أحد الكواكب التي رصدها التلسكوب ويب، وهو VHS 1256b، يبعد عن نجمه أربعة أضعاف بُعد بلوتو عن الشمس، ومع ذلك استطاع التلسكوب ويب اكتشاف سُحب السيليكات المتصاعدة مثل الدخان عبر غلافه الجوي.

مجال التلسكوب ويب هو ما يجعله أداة قوية. فمن خلال النظر إلى الكواكب الوليدة في الأقراص الكوكبية الأولية Protoplanetary discs، وصولاً إلى الكواكب الأكبر عمراً بكثير في حياتها، سيساعد التلسكوب ويب علماء جيولوجيا الكواكب على بناء نظرياتهم عن كيفية نمو الكواكب النجمية وتغيُّرها بمرور الوقت.

ولكن ربما كان الأمر الأكثر إثارة هو قدرة ويب على اكتشاف الكواكب التي لا غلاف جوياً لها على الإطلاق. عندما نظر نحو القزم الأحمر TRAPPIST-1، كان من المتوقع أن يجد جواً شبيهاً بجو كوكب الزهرة. وبدلاً من ذلك، لم يرَ أي أثر لغلاف جوي سميك غني بثاني أكسيد الكربون. وفي الوقت ذاته، وجد أن الكوكب الداخلي في النظام يعكس كثيرا من الضوء، مما يشير إلى أنه قد جُرِّد تماماً من أي غلاف جوي كان موجوداً عليه. سيساعد مثل هذه الاكتشافات في الإجابة عن أحد الأسئلة الأكثر إلحاحاً في علوم الكواكب النجمية.

إيزي بارسن Ezzy Pearson:
محررة المقالات في مجلة سماء الليل BBC Sky at Night Magazine. كتابها روبوتات في الفضاء Robots in Space متوافر من دار History Press
تقول ويكفورد: ”عند أي نقطة يصير الكوكب الصخري عملاقاً غازياً؟ يوجد هناك هذا التحوُّل للكواكب، من صخرية كواكب مثل الأرض إلى عمالقة غازية، مثل أورانوس ونبتون. هل هناك حاجز يفصل بين الشكلين، حيث كل شيء بصورة ’لا، هذه كواكب أكبر من اللازم الآن. إنها عمالقة غازية‘؟ نحن ليست لدينا أي فكرة على الإطلاق، ولذا فإن أحد الأهداف الرئيسة للتلسكوب ويب هو النظر إلى هذا النوع من الكواكب بطريقة لم نستطعها من قبل“.

وبالفعل، فقد بدأ التلسكوب جيمس ويب الفضائي بداية جيدة في سعيه إلى فهم الكواكب النجمية بصورة أفضل، حيث تمكن من رصد 111 كوكباً مختلفاً، إضافة إلى 65 كوكباً آخر في عامه الثاني. وهو ينشئ الآن، ببطء ولكن بثبات، قائمة لما تبدو عليه كواكب مجرّتنا، وهذا سيقرِّب البشرية خطوة أخرى من فهم كيف تشكل كوكبنا. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى