أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
مقالات الإشتراكمواضيع غلاف العدد

في وداع مرصد فلكي جوي

تأخذنا نياف شو في رحلة على إحدى الرحلات الأخيرة للطائرة التي تحمل المرصد سوفيا

وداع مرصد فلكي جوي
نياف على وشك الإقلاع من مركز آرمسترونغ لأبحاث الطيران في كاليفورنيا

الساعة الآن هي 5:30 من مساء يوم 8 سبتمبر 2022، وأنا موجودة في الغرفة الإعلامية في مركز آرمسترونغ لأبحاث الطيران Armstrong Flight Research Center التابع للوكالة ناسا، في بالمْدِيل، بولاية كاليفورنيا. كنت أوشك على ركوب طائرة خاصة جداً: طائرة البوينغ 747 سوفيا Boeing 747 SOFIA، التي تحمل تلسكوباً يعمل بالأشعة تحت الحمراء قطره 2.5 م، وتديره كل من الوكالة ناسا ووكالة الفضاء الألمانية DLR. ستكون هذه إحدى التحليقات الأخيرة للمرصد سوفيا. وبحلول الوقت الذي تقرأ فيه هذا المقال، سيكون برنامج سوفيا قد انتهى.

في الداخل تعج المقصورة بالنشاط. الصوت مرتفع جداً، ولذا فإن سماعات الرأس ضرورية للتواصل. إذ أسمع دمدمة قناة اتصالات سطح الطائرة، وأسمع الطيارَيْن سبايك Spike وبيل Bill، ومهندس الطيران ريك Rick. سبايك هو الأكثر مرحاً، ويتسلى الثلاثة معاً ببعض الفكاهة في أثناء انتظارهم إذن الطيران. إنها الرحلة الأخيرة لسبايك وبيل على متن طائرة المرصد سوفيا. لقد طارا معاً منذ 24 عاماً، بعد أن بدأت علاقتهما المهنية في سلاح الجو الأمريكي.

وداع مرصد فلكي جوي
فرق العلماء تُحلِّل البيانات الواردة من الأداة FORCAST لرصد الأشعة تحت الحمراء

تأخر مشروع مرصد الستراتوسفير لعلم فلك الأشعة تحت الحمراء Stratospheric Observatory for Infrared Astronomy، (اختصاراً: المرصد SOFIA) عن موعده كثيراً، إذ بدأ تطوير المشروع في العام 1996. وكانت طائرة المرصد سوفيا في الأصل هي طائرة بوينغ 747SP تجارية استحوذت عليها شركة طيران بان آم Pan Am airlines في العام 1977، ولا تزال الطائرة تحمل اسم ”كليبر ليندبيرغ“ Clipper Lindbergh تكريماً للطيار تشارلز ليندبيرغ. ثم أجرت عليها الوكالة ناسا تعديلات واسعة النطاق بعد حصولها عليها في العام 2007. وفي العام 2009 شُرعت نافذة تلسكوب في أثناء التحليق أول مرة. وفي مايو 2010، أكمل المرصد سوفيا أول رحلة تتبع للأهداف الفلكية في أثناء الطيران ورصد حينها كوكب زحل والنجمين بيتا الأسد Beta Leonis وبيتا الجبّار Beta Orionis وفي يوليو 2013، وأُرسل المرصد في أولى مهماته الخارجية إلى نيوزيلندا لرصد السماء الجنوبية في الشتاء.

وداع مرصد فلكي جوي
مساعد الطيار مايكل ”سبايك“ تيلير داخل قُمرة القيادة في أثناء مهمته الأخيرة على متن طائرة المرصد سوفيا

في أثناء تنفيذ البرنامج، كان المرصد سوفيا يصل في رحلاته، التي كانت تستغرق 10 ساعات، إلى ارتفاع 45,000 قدم، ليحلِّق من فوق غلاف الأرض الجوي المشوِّش للرؤية، فيمنحه هذا ميزة مهمة يتفوَّق بها على التلسكوبات الأرضية. فمن فوق هذا الارتفاع، اخترق نظرُ المرصد بالأشعة تحت الحمراء سُحبَ الغبار والغاز الكونية، وهو ما مكَّن علماء الفلك من دراسة دورة حياة النجوم والسُّدم والمجرّات البعيدة والثقوب السوداء الفائقة E الموجودة في مراكز المجرّات. كما رصد سوفيا أجراماً قريبة من الأرض، فدرس الكواكب والمذنبات والكويكبات في مجموعتنا الشمسية.

بدأت رحلتي مع مرصد سوفيا قبل عدة أشهر، عندما سمعتُ أن برنامج الوكالة ناسا قد بقيت لديه مهمة واحدة فقط أخيرة في نيوزيلندا لإتمامها. توجهتُ إلى كرايستشيرش Christchurch في أواخر يوليو 2022، بهدف الانضمام إلى العمليات على الأرض، العاملة من خارج مبنى برنامج أنتاركتيك الأمريكي US Antarctic Program. ولكن مع الأسف، في يوليو أعطب الطقس القاسي الطائرةَ، ولم تتمكن من إتمام تحليقها في نصف الكرة الجنوبي. وفي أواخر أغسطس، عاد المرصد سوفيا إلى كاليفورنيا لتنفيذ ما تبقى من بعثته.

وداع مرصد فلكي جوي
اكتشف المرصد سوفيا وجود هيدريد الهيليوم Helium hydride، وهو النوع الأول من الجزيئات التي تشكلت في الفضاء، في السديم الكوكبي NGC 7027

عِلمٌ يحلِّق عالياً
في أثناء وجودي في نيوزيلندا، التقيت مارغريت مايكسنر Margaret Meixner، مديرة العمليات العِلمية. وقد أخبرتني أن ”التحليقات الجنوبية صارت جزءاً أساسياً من برنامج سوفيا، لوجود أجرام لا يمكن رؤيتها إلا من نصف الكرة الجنوبي؛ أجرام مثل مركز المجرّة، وهي أشياء من المهم جداً رصدُها“.

شارك مايك توبيرمان Mike Toberman – مدير مشروع سوفيا التابع للوكالة ناسا – في كل عملية تحليق للمرصد في نيوزيلندا. ويقول: ”بدأنا عملنا في العام 2013، وكان مقرراً أن تكون مهمة قصيرة. ولكن عندما هبط العلماء من الطائرة، شعروا بسعادة غامرة وقالوا إن الأمر يشبه الرصد من الفضاء. وقد واصلنا تمديد مدة مواعيد العمل حتى امتد من ستة أسابيع إلى شهرين“.

جُهِّز للنجاح
شارك عديد من الهيئات في برنامج سوفيا، وكانت الجهات الفاعلة الرئيسة فيه هي وكالة ناسا ومركز الفضاء الألماني DLR. صَمم معهد سوفيا SOFIA Institute الألماني في مدينة شتوتغارت التلسكوبَ الموجود على متن الطائرة، والذي يبلغ قطره 2.5 م، وهو الجهة المشرفة على عمليات صيانته أيضاً. نفَّذت هذه الأداة المهمة عمليات رصد بموجات الأشعة تحت الحمراء المتوسطة والطويلة Mid- and far-infrared wavelengths، وهذا ما مكَّن علماء الفلك من رؤية مناطق من الكون لم يكن ممكناً رؤيتها من دون ذلك، مثل جزيئات الهيدريد Hydride molecules، التي هي بعض أولى الجزيئات التي تشكلت في الكون.

وداع مرصد فلكي جوي
اشتمل التصميم الداخلي لطائرة بوينغ المعدلة بصورة خاصة للمرصد على صفوف من الحواسيب لإدارة وإعداد البيانات التي تُجمع في أثناء تحليق المرصد

وقالت لي مايكسنر: ”لعل أحد أبرز الأمور العلمية في برنامج المرصد سوفيا، وأهمها، وربما الأكثر شهرة بين الجمهور، هو اكتشاف الماء على سطح القمر المضاء بنور الشمس“.


جهاز قياس الطيف GREAT للأشعة تحت الحمراء الطويلة المثبت على التلسكوب سوفيا، بقطره البالغ 2.5 م

أجهزة الأشعة تحت الحمراء
كيف أعدت الأدوات المحمولة على الطائرة التلسكوبَ سوفيا لرصد الكون

احتوى التلسكوب سوفيا على 6 أدوات منفصلة كانت تبدل بانتظام للسماح للتلسكوب بجمع البيانات بأطوال موجية تتراوح بين الأشعة تحت الحمراء القصيرة والمتوسطة إلى الطويلة، وهذا ما جعله مرصداً متعدد الاستخدامات.

الأداة FORCAST (كاميرا التلسكوب سوفيا لتصوير الأجرام الخافتة بالأشعة تحت الحمراء):
كانت هذه الأداة تعمل في أثناء رحلتي. وقد رصدت في ذلك المساء مجرّات من حافتها، وجانب القمر المضاء بنور الشمس، ومستوى وسط المجرّة. إنها كاميرا مزدوجة القناة تعمل بالأشعة تحت الحمراء وجهاز رسم طيفي حساس لمجال الأشعة تحت الحمراء المتوسطة من 5 إلى 40 ميكرومتراً. كما ضم التلسكوب سوفيا مجموعة أدوات أخرى، اعتماداً على ما أراد علماء الفلك رصده.

الأداة GREAT (جهاز استقبال فلكي ألماني بترددات تيراهيرتز):
جهاز مطياف متعدد البكسل عالي الدقة Far-infrared high-resolution multi- pixel spectrometer، ويعمل بالأشعة تحت الحمراء البعيدة، لا ينتج صوراً للنجوم والمجرّات، ولكنه ينتج أطيافاً مفصلة جداً لذراتها وجزيئاتها. استخدم في أول عملية كشف على الإطلاق لأيونات جزيئات هيدريد الهيليوم (HeH+) في فضاء ما بين النجوم.

الكاميرا HAWC+ (كاميرا واسعة المجال، عالية الدقة، محمولة جواً):
كاميرا ومقياس استقطاب للتصوير، التقطت صوراً بالأشعة تحت الحمراء البعيدة، واستخدمت لرصد المراحل الأولى من نشوء النجوم والكواكب، وكذلك لإنتاج خرائط للمجالات المغناطيسية.

الأداة FIFI-LS (مقياس طيفي لخط التصوير الميداني بالأشعة تحت الحمراء البعيدة):
جهاز قياس طيف يعمل بالأشعة تحت الحمراء البعيدة، يمكنه تتبع تشكُّل النجوم الضخمة والتدقيق عبر الغبار الكوني لتحليل مناطق تشكُّل النجوم.

الأداة FPI (جهاز تصوير المستوى البؤري):
كاميرا تتبُّع وتصوير عالية السرعة، تُستخدَم كمقياس ضوئي photometer للتصوير بمعدل إطار سريع fast-frame-rate في مجال الأطوال الموجية 360 1100 نانومتر.

الأداة EXES (جهاز رسم طيفي متصالب الدرجات والأنساق):
تُستخدم لتقسيم الضوء إلى طيف، مما يتيح لعلماء الفلك دراسة المواد الكيميائية مثل الهيدروجين وبخار الماء والميثان من السحب الجزيئية والأغلفة الجوية للكواكب وأقراص الكواكب البدائية.


وتابعت قائلة: ”هناك إنجاز مهم آخر هو رصد جزيئات الهيدريد بالأداة GREAT [انظر الشكل]. فلجزيئات الهيدريد انتقالات (اهتزازات) دورانية Rotational transitions ساطعة في موجات الأشعة تحت الحمراء الطويلة. وقياسها أمرٌ بالغ الأهمية لفهم عمليات الكيمياء الفلكية وإدراكها“.

متحرراً من إعاقة الغلاف الجوي البخاري للأرض، استطاع المرصد سوفيا دراسة التغذية النجمية الراجعة E من النجوم الضخمة في سديم الجبّار

وسيحسد أي مرصد أرضي المرصد سوفيا على إنجازاته العلمية: فقد رسم خريطة للمجالات المغناطيسية في أجرام مثل مجرّة الدوامة Whirlpool Galaxy، وبقايا السوبرنوفا كاسيوبيا أيه Cassiopeia A، والتقط صورة بالأشعة تحت الحمراء لتغيرات الحرارة على كوكب المشتري، ودرس تكوُّن أنظمة كوكبية Planetary systems حول نجوم بعيدة، واكتشف كيف تعيق الرياح النجمية القوية تكوُّن النجوم في سديم الجبّار، كما اكتشف أن الحقول المغناطيسية تغذي الثقب الأسود الهائل في مجرّة الدجاجة أيه Cygnus A، واكتشف أدلة على اصطدامٍ حديث لكوكب نجمي في نظام نجمي مزدوج Double-star system يبعد عنا مسافة 300 سنة ضوئية فقط. وفي العام 2011 طار المرصد سوفيا مسافة 2,900 كم من قاعدته في كاليفورنيا فوق المحيط الهادئ لمراقبة بلوتو في أثناء حجبه نجماً بعيداً، وهذا ما أعطى معلومات حول ضغط وكثافة وحرارة الغلاف الجوي لذلك الكوكب القزم Dwarf planet. وهذا شيء لا تستطيع المراصد الأرضية سوى أن تحلم به.

صوّرت الكاميرا FORCAST كوكب المشتري بأطوال موجات الأشعة تحت الحمراء، وهي عملية قد تكون مستحيلة من سطح الأرض

عالياً في الأجواء
على متن رحلتي إلى بالمديل، ألحظ مدى اكتظاظ لوحة تحكم الطائرة، في حين ينشغل العلماء بالاستعداد لعمليات جمع البيانات بالأداة FORCAST، وهي كاميرا المرصد سوفيا العاملة بالأشعة تحت الحمراء والمطياف Infrared camera and spectrograph. وكانت كالي كراودر Callie Crowder – التي تدير عمل التلسكوب – تُعِد لفتح باب التلسكوب، وهو أول حدث كبير ينجز في الليل. وعلى مدار الرحلة، سنرصد مجرّات تُرى من طرفها، وجانب القمر المضاء بنور الشمس، ومستوى وسط المجرة Galactic mid-plane. إنه جدول عمل لا راحة فيه يركِّز على الاستفادة القصوى من وقت الرصد.

خريطة لوفرة المياه الجزيئية في فوهة موريتُس Moretus القمرية، أيضاً بالكاميرا FORECAST

انضممتُ إلى الطيارين في قُمرة القيادة في الطابق العلوي، ولاحظت أن الحالة المزاجية أكثر استرخاء هنا. سألت سبايك عن شعوره وهو في آخر رحلة له على الإطلاق مع سوفيا. فأجاب: إنه لشرف كبير أن يكون جزءاً من هذا البرنامج، وأن عمليات التحليق في كرايسْتشيرش كانت حدثاً بارزاً بنحو خاص. ويقول: ”شعرتُ كما لو أن كرايس تشيرش بكاملها كانت تعرف متى تصل طائرة المرصد سوفيا إلى المدينة. كان الناس شديدي الترحيب. وكنت فخوراً جداً بعملي عندما أذهب هناك“.

وقد لمست ذلك بنفسي. ففي كرايستشيرش، كلما ذكرت سبب زياراتي لأي من السكان المحليين، أسرع هؤلاء للحديث بسرور عن قصصهم الخاصة حول سوفيا ومشاطرتها معنا. لكن هذا كان يتناقض مع خيبة الأمل لمعرفة أن الرحلة الحالية هي الأخيرة لسوفيا. في أوائل أغسطس 2022، عندما غادرت كرايستشيرش في طريقي إلى كاليفورنيا للحاق برحلتي مع سوفيا، استوقفني ضابطان من نقطة فحص الجوازات جانباً. لا داعي للقلق، فقد عرفا فوراً الهدف من زيارتي، وأرادا فقط التحدث أكثر عن مرصد سوفيا. ففي الليلة السابقة عرض التلفزيون نشرة إخبارية خاصة تسلط الضوء على إلغاء البعثة. وسألا عما إذا كان هناك أي شيء يمكنهما فعله لإظهار الدعم، وأرادا مني أن أشكر الوكالة ناسا ومركز الفضاء الألماني DLR على زياراتهم على مر السنين.

تعرض وحدة التحكم في مجموعة المعلمين والتوعية العامة صوراً حية من التلسكوب، حيث تركز على جانب القمر المضاء بنور الشمس في أثناء رحلة نياف

كانت نهاية برنامج المرصد سوفيا خبراً قاسي الوقع على الفريق العلمي. فقد خلصت مراجعة قسم الفيزياء الفلكية في الوكالة ناسا في نوفمبر 2021، والتي شملت مراجعة أعمال سوفيا على مدار عَقد من الزمن، إلى أن إنتاجية سوفيا العلمية لا تبرر تكاليف تشغيله البالغة 85 مليون دولار سنوياً. تقول مايكسنر: ”لقد جادلنا بأن الدراسة توصلت إلى استنتاجها بناءً على معلومات قديمة، من دون أن تأخذ في الحسبان أحدث اكتشافات سوفيا. وقد عرَضتُ تزويد اللجنة الإدارية بتحديث للمعلومات، لكن لم يُتَح لي ذلك“.

ويوافق على هذا برنهارد شولتز Bernhard Schultz، نائب مدير عمليات البعثات العلمية في برنامج سوفيا، قائلاً: ”لقد وضعنا موضع التنفيذ تحسيناتٍ قابلة للقياس في السنوات الأربع الماضية. العامان الماضيان كانا حاسمين، لكنهما لم يُؤخذا في الاعتبار“.

كانت الساعة الآن الثالثة صباحاً، واختفى بعض زملائي المُعلِّمين، لينالوا قسطاً من الراحة يعينهم على الاستعداد لموعد الهبوط عند الساعة 5:20 صباحاً. ولا أعرف كيف يستمر تركيز علماء الفرق العلمية على أدائهم هكذا، لكنهم يستمرون في العمل.

تُرى كيف تشعر مايكسنر بشأن مستقبل علم الفلك من دون بيانات الأشعة تحت الحمراء الطويلة Far infrared (اختصاراً: الأشعة FIR) التي ينتجها المرصد سوفيا؟

تقول: ”تُكمل البيانات التي جمعناها مع سوفيا تلك البياناتِ التي جمعتها تلسكوبات مثل التلسكوب جيمس ويب الفضائي James Webb Space Telescope، لكن لا شيء يمكنه الآن أن يحل مكان ما أظهره لنا سوفيا. بدا آخر مسح استمر عقداً من الزمن – نفذته الوكالة ناسا – مهتماً بتطوير مسبار يعمل بالأشعة تحت الحمراء الطويلة أو بالأشعة السينية X-ray. غير أن هذا لن يكون قبل 10 سنوات أخرى. وسنشعر بالفجوة في البيانات في السنوات الفاصلة المقبلة“.


ماذا الآن بعد انتهاء برنامج المرصد سوفيا؟
تحدثنا إلى اثنين من قدامى علماء المرصد الجوي عما سيحدث قريباً

ستيفن غولدمان، أحد علماء فريق المرصد سوفيا.
”لا توجد خطط لشيء مثل سوفيا في المستقبل القريب. ومع انتهاء عمل المرصد سوفيا، سيخسر علماء الفلك القدرة على اكتشاف الآثار Tracers والتحولات الكيميائية المهمة طوال العقد المقبل على الأقل. كما سنفقد أيضاً أفضل منصة لدينا لاختبار وتحسين أدوات وتقنيات الأشعة تحت الحمراء الجديدة. ستوفر مهمات بالونية مثل GUSTO وSTHROS، والتي هي في قيد التطوير الآن، بيانات الأشعة تحت الحمراء الطويلة في السنوات المقبلة، ولكنها لن تطير بتكرار مثل المرصد سوفيا. ومع ذلك سيظل لدى علماء فلك الأشعة تحت الحمراء الطويلة أطنان من البيانات لدراستها، والتي حصلوا عليها من تحليقات سوفيا الناجحة في السنوات الثماني الأخيرة“.

كريستيان فيشر، مهندس مشروع المقياس الطيفي لخط التصوير الميداني بالأشعة تحت الحمراء الطويلة (FIFI-LS) على المرصد سوفيا:
”يتحوّل تركيزنا الآن من جمع البيانات إلى ضمان الحفاظ على المعلومات التي اكتسبناها من رصد الأشعة تحت الحمراء الطويلة من طبقة الستراتوسفير. نحتاج إلى الحصول على جميع البيانات من سوفيا بأفضل وجه ممكن، والتأكد من نَيل علماء الفلك كل الدعم الذي يحتاجون إليه للعمل على هذه المعلومات المعقدة. سيكون هناك وصول محدود جداً إلى سماء الأشعة تحت الحمراء الطويلة باستخدام تلسكوبات محمولة على مناطيد الستراتوسفير، لكنها لن تكون موثوقاً بها مثل سوفيا. في الوقت الحالي هناك حاجة إلى مناطيد أو أقمار اصطناعية أفضل وأكثر موثوقية، لكن ذلك سيأخذ بعض الوقت“.


نياف (الثانية من اليمين) مع رفاقها من ركاب الرحلة، والمعلمين نيلس ويشنر، وفابيان أمان، وصفية كازي، والطياران سبايك تيلير وبيل بيكر باللباس البني

رحلة وداع
بحلول الساعة الخامسة صباحاً، أُغلقت بوابة التلسكوب سوفيا، واكتمل جمع البيانات. أخذنا مقاعدنا، وربطنا حزام الأمان، واستمعتُ إلى تعليمات قمرة القيادة. وتَهدَّج صوتُ سبايك مع هبوط الطائرة، وتشاركنا جميعاً في موجة تصفيق تكريماً له. نزلتُ من الطائرة على المدرج في بالمديل عند الساعة 5:30 صباحاً، عندما ظهر سبايك وبيل. ودعوناهم إلى الانضمام معنا في صورة جماعية؛ ويقول سبايك محاولاً حجب دموعه: ”إنها نهاية حقبة يا أصدقاء، إنها نهاية حقبة“. 

بعد عدة أسابيع فقط، في 30 سبتمبر، أكمل سوفيا رحلة تحليقه الأخيرة. في مدة 8 سنوات من عمله، حلَّق المرصد أكثر من 920 مرة، وأنتج 60 أطروحة دراسات عليا، و401 ورقة بحثية، واستضاف 1,810 مؤلفين مستقلين ومؤلفين مشاركين، وشارك في عمله أكثر من 3,000 باحث من قطاع الأبحاث الدولي.

وسألتُ مايكسنر وشولتز كيف يريدان أن يذكر الناس سوفيا. تقول مايكسنر: ”لاكتشافاته العلمية، وكيف دفع بحدود مجال علم فلك الأشعة تحت الحمراء البعيدة“.

ويضيف شولتز: ”ليس فقط كأعجوبة تكنولوجية، ولكن أيضاً لإنتاجه العلمي الفريد. لكونه فريدَ نوعِه، ولأنه كان مذهلاً“. 

نياف شو Niamh Shaw:

كاتبة علمية ومحاضرة في علوم الفضاء، ومؤلفة كتاب احلم حلماً كبيراً: أوديسة فضائية لامرأة إيرلندية  Dream Big: An Irish Woman’s Space Odyssey

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى