أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
أحدث التطورات

الاصطدام الكبير لمركبة دارت بهدفها

The asteroid-deflecting DART mission worked with incredible accuracy

على الرغم من عدم وجود كويكب معروف يمثل تهديداً للأرض في القرن المقبل على الأقل، فإن قاعدة البيانات التي أنشأناها للكويكبات القريبة من الأرض لم تكتمل بعد من حيث الأجرام الأصغر التي ما زال من الممكن أن تسبب دماراً على نطاق إقليمي.

اقترح العلماء عدة طرق لحماية الأرض من الكويكبات التي توجد في مسار تصادمي، بما في ذلك تفجيرها بسلاح نووي، واستخدام “جرّار الجاذبية” Gravity tractor، وهي مركبة فضائية كبيرة تسحب الكويكب بجاذبيتها حتى يخطئ كوكبنا. ومع ذلك فإن الاستراتيجية التي جرى تحديدها على أنها أولوية قصوى للتطوير والاختبار هي التأثير الحركي Kinetic impact. بعبارة بسيطة: يمكنك أن تحلِّق بمركبة فضائية عالية السرعة نحو الكويكب بحيث تدفعه في مسار مختلف.

جرى تطوير مركبة دارت DART الفضائية التابعة للوكالة ناسا (واسمها اختصارٌ لـ: اختبار إعادة توجيه الكويكب المزدوج Double asteroid reorientation test) لإثبات هذه المقاربة تماماً. أُطلقت البعثة DART في نوفمبر 2021، ونجحت في صدم ديمورفُس Dimorphos، القمر الذي يبلغ قطره 160 م ويدور حول ديديمُس Didymos، الكويكب الذي يبلغ قطره 800 م، بسرعة تزيد قليلاً على 22,000 كم/سا، وذلك عند الساعة 23:14 بالتوقيت العالمي المنسق UTC من يوم 26 سبتمبر 2022.

وصف عدد من الأوراق البحثية ما علمتنا إياه هذه البعثة الفضائية البارزة؛ وسأركز هنا على تقرير أعده تيريك دالي Terik Daly، وكارولين إرنست Carolyn Ernst، وأوليفييه بارنوين Olivier Barnouin، وجميعهم من مختبر الفيزياء التطبيقية Applied Physics Laboratory في جامعة جونز هوبكنز Johns Hopkins University. يستعرض هذا التقرير تفاصيل الاصطدام بدقة مذهلة. 

”كان موقع الاصطدام على مسافة 25 م من خط الاستواء: بدت العملية مثل تسديد كرة السنوكر باستخدام العصا، في المكان المثالي للاصطدام“

أرسلت المركبة DART الصور باستمرار من الكاميرا الموجودة على متنها في أثناء عملية الاقتراب. تُظهر الصورة الكاملة النهائية، التي التُقطت قبل الاصطدام بأقل من ثانيتين، مشهداً طبيعياً تملؤه الصخور، وبدقة بلغت 1 بكسل لكل 5 سم فقط. واصطدمت المركبة DART باتجاه معاكس لحركة الكويكب، للأسفل مباشرة تقريباً نحو سطح الكويكب، وبزاوية 73° تقريباً. وبتحليل الصور، حدد الفريق النقطة الدقيقة التي ضربتها المركبة DART بدقة أفضل من 70 سم. كان موقع الاصطدام على بعد 25 م من خط استواء ديمورفس: وبدت العملية مثل ضرب كرة السنوكر باستخدام العصا، في المكان المثالي لضربه مع إعطاء أقصى قوة دفع (من دون ”خسارة“ أي من طاقة الاصطدام لتسبب دوران الجرم المستهدف). وقد سمحت الصورة النهائية للفريق بنمذجة الطبيعة الدقيقة للاصطدام. يمكن رؤية صخرتين كبيرتين في وسط الصورة، ويصف الفريق كيف يجب أن تكون الحافة الأمامية للوحة الشمسية اليسرى للمركبة قد اصطدمت بإحدى الصخور؛ وبعد ذلك مباشرة تقريباً، استطاعت اللوحة الشمسية اليمنى مس الصخرة الأخرى، وبعد 0.3 ميللي ثانية، ارتطم الجسم الرئيس للمركبة الفضائية بالسطح بين الصخرتين. 

في الساعات الأربع الأخيرة قبل الاصطدام، سيطر نظام المناورة المستقل للمركبة DART على مسار المركبة الفضائية لاستهدافها مباشرة منطقة وسط ديمورفس، وقد أثبتت هذه التقنية ذاتها بنحو مثير للإعجاب. يُوضح النجاح أن مركبة فضائية مثل DART ستكون قادرة على تحويل كويكب في مسار تصادمي مع الأرض، من دون حاجة إلى مهمة استطلاع تمهيدية. يمكن إطلاق مركبة الصدم مباشرة إلى الهدف ذاته. ويمكننا (الآن) التنفس براحة أكثر قليلاً بعد أن أدركنا أنه في حال اكتشاف كويكب قاتل، فقد أثبتنا أن المصادم الحركي يمكنه أن يحمي الأرض من تهديده.

البروفيسور ليويس دارتنل
عالم أحياء فلكية في جامعة ويستمينستر

* ليويس دارتنيل كان يقرأ…
Successful Kinetic Impact into an Asteroid for Planetary Defense by R Terik Daly et al
اقرأها على الرابط: arxiv.org/abs/2303.02248

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى