أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
أحدث التطورات

مجرّة بلا نجوم؟

مجرّة يُحتمَل احتواؤُها على مادة معتمة تُشيع سعادة غامرة بين علماء الفلك

أثارت فقاعة غاز غامضة عُثر عليها بالقرب من المجرّة الحلزونية M94 اهتمام علماء الفلك. ربما تكون هذه هي المثال الأول لنوع من الأجرام التي تنبأت بها نظريتنا الكونية الرائدة منذ فترة طويلة: مجرّة صغيرة تحتوي على غاز ومادة معتمة Dark matter… ومن دون نجوم.

يقول فهمنا لكيفية نحت قوة الجاذبية بنية الكون أنه من التذبذبات الأولية الصغيرة في كثافة المادة التي نراها في إشعاع الخلفية الكونية الدقيق cosmic microwave background (اختصاراً: الإشعاع CMB)، ستتشكل الأجرام كلها، وبجميع الكتل. ولكن فقط في مثال أكبر الأجرام تلك التي تزيد كتلتها على حد حرج، يتغير بمرور الوقت يتوقع أن تكون الجاذبية قوية بدرجة تكفي للوصول إلى الكثافة المطلوبة لحدوث عملية تشكُّل النجوم.

ونتيجة لذلك، من المفترض أن تكون هناك نظم أصغر حجماً أخفقت بتطورها، ولم تبلغ هذا الحد، تنتشر عبر أنحاء الكون، أعطاها مؤلفا بحث هذا الشهر، أليخاندرو بينيتيز لامباي Alejandro Benítez-Llambay وجوليو إف. نافارو Julio F Navarro، الاسم المعقد والأكثر إيجابية: سُحب الهيدروجين المحايد ذات التأيّن المتجدد المحدود REionization-Limited-HI Clouds (اختصاراً: السُّحب RELHIC). فهل عثرنا على أولى هذه المجرّات الفاشلة عديمة النجوم؟

ربما. فقد اكتشف فريق من علماء الفلك الصينيين باستخدام التلسكوب الراديوي الكروي الجديد Five-hundred-meter Aperture Spherical Radio Telescope بقطر الـ 500 متر (اختصاراً: التلسكوب FAST) في جنوب غرب الصين تخيّل نسخة أكبر وأحدث من هوائي تلسكوب آريسيبو Arecibo الشهير في بورتوريكو، والذي انهار أخيراً موجات راديوية بطول موجي يبلغ 21 سم. ترتبط هذه الموجات بالهيدروجين، وهي تأتي من نقطة في السماء تبعد أقل بقليل من درجة واحدة عن مجرّة M94 في كوكبة السلوقيان Canes Venatici. إذا كان انبعاث الموجات يصدر بالفعل من الهيدروجين، فهو يبدو أنه يبتعد عنا بسرعة المجرّة الأكبر نفسها، مما يجعل كونها جزءاً من المجموعة الكونية نفسها أمراً محتملاً جداً.

غنية بالغاز، فقيرة إلى النجوم
هذا الاكتشاف الجديد، الذي أطلق عليه فريق الاكتشاف اسم ”Cloud-9“، يمكن أن يكون مجرّة تابعة لمجرّة M94، ولكن إذا كان الأمر كذلك فهو أمر غريب. لا يُظهر أعمق تصوير حصلنا عليه حتى الآن أي علامات على وجود أي ضوء نجمي في موقع يتوافق مع المصدر الراديوي، مع أنه من المحتمل أن تكون مجرّة ساطعة صغيرة ما زالت كامنة هناك، تختبئ في مركز السحابة، وفقاً لما لدينا من بيانات.

”بافتراض عدم العثور على نجوم فيها، يمكن لكتلة هذا الجِرم أن تبلغ 5 بلايين كتلة شمسية وهذا رقم صغير بالنسبة إلى مجرّة، مع أنها ليست بغير مسبوقة“

تشير النمذجة التي نفذت في هذه الورقة البحثية الجديدة لهذا الاكتشاف إلى أنه، بافتراض عدم العثور على نجوم (فيها)، فمن الممكن أن تبلغ كتلتها 5 بلايين كتلة شمسية وهذه كتلة صغيرة بالنسبة إلى مجرّة، لكنها ليست بغير مسبوقة. فالمادة الموجودة فيها تنتشر أكثر بقليل عما كان متوقعاً، وهذا تناقض يفسره بينيتيز-لامباي ونافارو باقتراح المادة المعتمة في هذه الأجرام ربما تتوزع بطريقة تختلف عما في مجرّة ”عادية“ من الحجم نفسه. وقد تكون المجرّة أيضاً أكبر قليلاً مما كان متوقعاً.

البروفيسور كريس لينتوت:
عالم فيزياء فلكية يشارك
بتقديم برنامج سماء الليل Sky at Night
ومن غير شك، فإن هذا يعد اكتشافاً مثيراً، وأنا متأكد من أن التلسكوبات ستوجَّه قريباً إلى رصد المجرّة Cloud-9. وسيكون على رأس قائمة أمنيات المؤلفين الحصول على أرصاد راديوية أدق. لا يمكن لطبق هوائي واحد مثل FAST أن يضاهي أداء مصفوفة هوائيات، كما أن التلسكوب الراديوي MeerKAT في جنوب إفريقيا لديه القدرة على إعطائنا رؤية أدق بكثير لكيفية توزُّع الغاز، حتى وإن كان هذا التلسكوب هو مجرد مقدمة لمصفوفة الكيلومتر المربع الأكبر بكثير. يمكن أن يُظهر التصوير طويل التعريض وجود الغاز في أطراف السحابة، وسيكون التلسكوب هابل مثالياً للبحث عن أي نجوم توجد هناك. توقَّعْ سماع مزيد عن المجرّة Cloud-9 قريباً.

* كريس لينتوت Prof Chris Lintott: كان يقرأ… Is a Recently Discovered HI Cloud near M94 a Starless Dark Matter Halo? by Alejandro Benítez-Llambay and Julio F Navarro. اقرأها على النت، على الرابط: arxiv.org/abs/2309.03253.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى