أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
في سماء الليل

في سماء الليل

في حلقة هذا الشهر من برنامج سماء الليل The Sky at Night، يشرح جيمس نايتنغيل كيفية العثور على الثقوب السوداء الخفية، باستخدام الضوء الذي ينحني حولها

برنامج سماء الليل يريد أسئلتكم
كجزء من مهرجان العلوم البريطاني 2023، يُعدّ فريق برنامج سماء الليل The Sky at Night حلقة سؤال وجواب تبث مباشرة بتاريخ 7 سبتمبر في جامعة إكستر، سيجيب فيها مقدمو العروض وضيوفهم المميزون عن أسئلة المشاهدين. ولذلك، إذا كان لديك مسألة حول أي شيء، من السفر في الفضاء والتكنولوجيا إلى علم الفلك والفيزياء الفلكية، فإن الفريق يريد أن يسمع منك على: skyatnightqt@bbc.co.uk.
في سماء الليل

أحد أكثر الاكتشافات المدهشة في علم الفلك هو وجود ثقب أسود فائق الكتلة Supermassive black hole يُدعى ساجيتاريوس أيه Sagittarius A* في مركز مجرّتنا، بكتلة تزيد عن مليون ضعف كتلة شمسنا. ومنذ ذلك الحين، اكتشف علماء الفلك أن الثقوب السوداء فائقة الكتلة توجد في نوى الكثير من المجرّات البعيدة، وهذا ما دفع لافتراض وجود ثقب أسود فائق الكتلة في نواة كل مجرّة تقريباً في الكون.

لدراسة هذه الأجرام الغامضة، يرسم علماء الفلك خريطة مدارات النجوم في المجرّات القريبة منا. وقد رصدوا وجود ذروة مميزة في سرعات النجوم القريبة من مراكز المجرّات، مما يدل على قوة الجاذبية الشديدة التي تفرضها الثقوب السوداء فائقة الكتلة. في المجرّات البعيدة، ربما يكون الثقب الأسود فائق الكتلة المركزي ”نشطاً“، فيجبر المادة حوله على التحرك بسرعة كبيرة بحيث تسخن بدرجة كافية لإصدار انبعاثات ساطعة عبر كامل الطيف الكهرومغناطيسي، بدءاً من أشعة غاما إلى الأشعة الراديوية. وبدراسة التأثيرات النسبوية لجاذبية الثقب الأسود على هذا الانبعاث، يستطيع علماء الفلك، مرة أخرى، استنتاج كتلته.

لتبسيط الأمر، كلما كبرت المجرّة، زادت كتلة وحجم ثقبها الأسود. وفي الواقع، فإن أضخم الثقوب السوداء المكتشفة على الإطلاق، والمعروفة باسم الثقوب السوداء هائلة الكتلة Ultra-massive black holes، تتبوأ موقعها في نوى أضخم المجرّات.

ويبقى سؤال ملح واحد: ما مدى ضخامة الحجم الذي يمكن أن يبلغه ثقب أسود فعلاً؟ يشكل هذا تحدياً لطرق القياس التقليدية. فالمجرّات الأكثر ضخامة، والتي يجب أن تؤوي أكبر الثقوب السوداء، تقع على مسافات كونية كبيرة من مجرّتنا درب التبانة، وهي بعيدة جداً بحيث لا نتمكن من تحديد مدارات نجومها. وفضلاً عن ذلك، فإن ثقوبها السوداء نادراً ما تكون نشطة. وهناك حاجة ماسة إلى وسيلة جديدة لمعرفة الثقوب السوداء فائقة الكتلة في المجرّات الضخمة البعيدة.

يركز بحثي على مفعول عدسة الجاذبية، وهي ظاهرة تحدث عندما يحني مجال الجاذبية القوي لمجرّة ضخمة نسيج الزمكان ذاته، مما يؤدي إلى تشويه مسار الضوء القادم من مجرّة بعيدة خلفها. هذا الانحناء الظاهري للضوء يخلق تأثيراً مكبّراً، بمثال مشابه لاستخدام عدسة لتكبير الصورة. ومن خلال مفعول عدسة الجاذبية لمجرّة Abell 1201، فقد منحتني الطبيعة فرصة فريدة: اكتشاف ثقب أسود من خلال مفعول عدسة الجاذبية. وبعكس عدسات الجاذبية الأخرى، يمر جزء صغير من الضوء القادم من المجرّة الخلفية بالقرب من النواة المركزية لمجرّة Abell 1201، في متناول جاذبية ثقب أسود فائق الكتلة. لقد أجريت تحليلاً عددياً مفصلاً، من خلال محاكاة ملايين الطرق المختلفة للضوء للسفر عبر الكون ومقارنتها بما رُصد في صورة Abell 1201. وفقط عندما جرى تضمين انحناء الضوء بسبب ثقبها الأسود المركزي فائق الكتلة، إضافة إلى الانحناء (الضوئي) الناجم عن نجومها ومادتها المعتمة، استطعت إعادة إنتاج ما شوهد في البيانات.

جيمس نايتنغيل James Nightingale:
عالم كون رصدي في جامعة ديرام. تركز
أبحاثه على عدسات الجاذبية القوية
تعتبر إشارة عدسة الجاذبية في مثال مجرّة Abell 1201 مهمة جداً أي أن مسار الضوء قد انحرف كثيراً لدرجة يكون معها ثقب أسود فائق بكتلة تقرب من 33 بليون كتلة شمسية هو المسؤول. لم أكتشف أول ثقب أسود بفعل عدسة الجاذبية فحسب، بل اتضح أنه أحد أكبر الثقوب المكتشفة على الإطلاق.

أنا الآن أبحث عن عدسة جاذبية حول المجرّات الأضخم في الكون. آمل أن أجد المزيد مثل Abell 1201، التي يمكنها الكشف عن كتلة الثقوب السوداء المركزية فائقة الكتلة. وبفعل ذلك، سأتمكن أخيراً من الإجابة عن السؤال حول مدى ضخامة الثقوب السوداء في الكون فعلاً.

ولأننا نعيش في هذا الكون، فإن الإجابة عن هذا السؤال ستكون بلا شك مثل تذكير لنا بمدى ضآلة حجمنا فيه. 


اكتشفت مجرّة IRAS F10214+4724 في العام 1991؛ ومع أنها فائقة السطوع، إلّا أنها غير مرئية تقريبا

عودة بالذاكرة: سماء الليل

23 سبتمبر 1991

في حلقة يوم 23 سبتمبر 1991، نظر باتريك في الاكتشاف المثير لما بدا أنه أكثر الأجرام سطوعاً على الإطلاق، والذي عثر عليه للتو المسبار IRAS الذي يعمل بالأشعة تحت الحمراء.

وأثناء مسح لقياس الانزياح الأحمر لـ 1,400 مجرّة، وجد الفريق أن إحداها، وهي IRAS F10214+4724، تبدو أبعد بكثير مما كان متوقعاً. لقد نطلق ضوؤها عندما كان عمر الكون بنسبة 80% فقط من عمره الحالي، وقطع مسافة 16 بليون سنة ضوئية ليصل إلى الأرض. وعند تلك المسافة، ستكون المجرّة أسطع من 30 تريليون شمس، أو 30,000 ألف مرة من سطوع مجرّة درب التبانة بكاملها.

ومع ذلك، فعلى الرغم من كونها مضيئة جداً، إلا أنها كانت أيضاً غير مرئية عملياً، حيث كان 99% من ضوئها بالأشعة تحت الحمراء. في البداية، كانت النظرية الرائدة هي أنها نجم كويزار Quasarــ مجرّة ذات نواة شديدة السطوع بسبب ثقبها الأسود المركزي موجودة في سحابة من الغبار. تعمل الأشعة فوق البنفسجية وأشعة X الصادرة عن الكويزار على تسخين الغبار، مما يتسبب بتوهجه في الأشعة تحت الحمراء. يجب أن تكون سحابة مثل هذه هائلة، وأن تكون أكبر كتلة من جميع العناصر الثقيلة في مجرّة درب التبانة مجتمعة.

وعلى مدى السنوات القليلة التالية، درس علماء الفلك المجرّة عن كثب، وسرعان ما أدركوا أن سطوعها زاد بمفعول عدسة الجاذبية Gravitationally lens. ومع ذلك، حتى بعد أخذ هذا بعين الاعتبار، فما تزال المجرّة تُصنّف على أنها ”فائقة السطوع“ Ultraluminous وواحدة من ألمع الأجرام في الكون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى