أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
مجال الرؤيةمقالات الإشتراك

عندما يُغير الكونُ التاريخ

يتناول جوناثان باول الأحداث السماوية التي غيرت شؤون العالم

هناك من حالفهم الحظ لمشاهدة الروائع عند النظر إلى السماء كسوف كلي للشمس، أو مشهد الشفق القطبي بكامل الروعة والمهابة – أو ربما كانوا محظوظين بما يكفي للعثور على غطاء عدسة تحتهم على الأرض في ظروف شديدة العتمة. ومع ذلك، فهناك بعض المشاهد الفلكية التي خفتت روعتُها عبر التاريخ.

تظهر المذنبات بصورة ملحوظة في هذه الفئة عبر القرون، مثل مذنب يناير العظيم Great January Comet في العام 1910، الذي كثيراً ما يشار إليه باسم مذنب النهار Daylight Comet، والذي ماثل الزهرة بسطوعه عندما ظهر في سماء النهار. كما ظهر المذنّب إيكيا-سيكي Ikeya-Seki نهاراً أيضاً بوضوح كبير في أكتوبر 1965؛ في حين قدَّم مذنب ماكنوت Comet McNaught أيضاً عرضاً أكثر من أن يوصف بلائق، عندما شوهد في يناير 2007، في وضح النهار.

وقبل زمن طويل من هذه المشاهد الحديثة، يمكننا العودة عبر التاريخ إلى العام 1222. ففي ذلك العام نظر جنكيز خان Genghis Khan إلى السماء ورأى خطاً أزرق يشير إلى الغرب، والذي أعلنه نجماً شخصياً له (كان الجرم في الواقع هو المذنب هالي Halley’s Comet). وقد اعتبر مشهده كمباركة سماوية لأن يكتسح بجيوشه وسط آسيا في العصور الوسطى. وهكذا فعل.

فقط تخيل إذا كان الكسوف سيحدث في أثناء مشهد دراماتيكي لساحة المعركة، عندما كان جيشان متحاربان مستعدَّين لبدء المناورات. حدث مثل هذا، عندما واجه الميديون Medes، وهم شعب مملكة قديمة لها جذور في إيران الحديثة، مملكة أخرى مجاورة إلى الغرب في تركيا الحديثة، هي مملكة الليديين Lydians. في معركة هاليس Battle of Halys في العام 585 قبل الميلاد، وتوقف القتال بين الطرفين المتحاربين. وكان هذا هو التأثير الدراماتيكي للكسوف الذي تلاه سلام، بعد توصُّل الطرفين إلى معاهدة لإنهاء العداوة بينهما إلى الأبد.

ومن كسوف للشمس إلى خسوف للقمر نصل إلى لورانس العرب Lawrence of Arabia. في العام 1917، عندما ثار العرب ضد الإمبراطورية العثمانية، شق لورانس وقواته المكونة من 50 جندياً بدوياً طريقهم عبر كثبان رمال الصحراء للاشتباك مع القوات العثمانية التي كانت تسيطر على مدينة العقبة. ومع ذلك، كان جيشه قلقاً من شن هجوم ليلي بوجود قمر مكتمل ساطع يضيء المكان. لكن لورانس، الذي كان على علم بخسوف القمر الوشيك، استطاع تهدئة مخاوفهم من خلال إخبارهم أنه لن يكون هناك بدر بعضَ الوقت. وكان على حق. وعندما حدث الخسوف أصيب الجيش العثماني بالفزع تماماً، وتمكنت قوات لورانس من الاستيلاء على المدينة بعد ذلك بوقت قصير.

جوناثان باول Jonathan Powell:
مذيع وكاتب حر. مراسل سابق في إذاعة BBC Radio Wales، وهو كاتب عمود عن علوم الفلك في صحيفة South Wales Argus
أما انفجارات السوبرنوفا Supernovae، وعلى الرغم من تسجيل حدوثها على نطاق واسع، فيبدو أنه لم يكن لها تأثير كبير في الأحداث التاريخية، باستثناء حادثة الانفجار نفسه. وصفت هذه الانفجارات كـ”نجوم مؤقتة“ E، وتشير الروايات التاريخية إلى حادثتين محتملتين تعودان إلى العامين 185 م و393 م. ذكرت السجلات أن الحادث الأول استمر طوال 20 شهراً، والثاني مدة 8 أشهر. في القرون التالية أمكن تسجيل انفجارات سوبرنوفا أيضاً في الأعوام 1006، و1054، و1181، و1572، و1604، وكلها قدمت عروضاً لائقة، وأمكن رصدها على مدار مُدد تراوحت بين 6 أشهر و3 سنوات.

من المفيد التأمل في أن هذه الأحداث الفلكية التي تحدث على تلك المسافات الهائلة يمكن أن يكون لها مثل هذا التأثير في الحياة هنا على الأرض. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى