في سلسلة الخيال العلمي الشهيرة دليل المسافر إلى المجرة The Hitchhiker’s Guide to the Galaxy لدوغلاس آدم، تجد الشخصيات المتجولة طريقها إلى عالم غامض يُدعى ماغراثيا Magrathea كان في السابق مركزاً لبناء الكواكب المصممة بحسب الطلب. في القصة جرى وصف ماغراثيا على أنه كوكب قديم يدور حول شمسين توأم في قلب سديم رأس الحصان Horsehead Nebula. ولكن، تُرى، ما مدى شيوع مثل هذه الكواكب في مجرّتنا؟
يبحث غابرييل كولومبا Gabriele Columba – وهو طالب دكتوراه في قسم الفيزياء وعلوم الفلك في جامعة بادوفا، إيطاليا – بالمشاركة مع زملائه في هذا الموضوع. نوع النظام الكوكبي الذي يهتمون به هو كوكب نجمي يدور حول ثنائي نجمي كلا عنصريه هو قزم أبيض ويطلقون عليها اسم كواكب ماغراثيا (على الرغم من أنهم ينظرون في كواكب غازية عملاقة بدلاً من كوكب أرضي مثل الذي تقدمه سلسلة Hitchhiker’s).
القزم الأبيض هو بقايا عملية فقدان الحرارة المتبقية ببطء بعد بلوغ نجم من نجوم التسلسل الرئيس نهاية عمره، لينتفخ بصورة عملاق أحمر ويقذف قدراً كبيراً من طبقاته الغازية الخارجية. إن العملية التي تمر بها النجوم المضيِّفة عندما تتحول من نجم تسلسل رئيس Main sequence إلى عملاق أحمر متضخم بنحو هائل، مصحوبة برياح نجمية Solar wind شديدة، هي بالتأكيد شديدة الدمار لأي كوكب يدور حولها. لكن بعض الكواكب يجب أن يتمكن من النجاة من المحنة، وخاصة تلك العمالقة الغازية في مدارات واسعة حول نظام نجمي مزدوج.
ومع أننا استطعنا اكتشاف عدد من الكواكب النجمية التي تدور حول نجوم ثنائية، وكوكب واحد مؤكد يدور حول قزم أبيض منعزل، إلّا أننا لم نعثر بعد على مثال واحد لكوكب يدور حول نجم مزدوج من الأقزام البيضاء. هل هذا بسبب ندرة وجودها، أو بسبب صعوبة اكتشاف مثل هذه الكواكب النجمية؟
أجرى كولومبا وفريقه عمليات محاكاة حاسوبية لمراحل حياة النجوم الثنائية، من نمط التسلسل الرئيس، مروراً بالعمالقة الحمراء ووصولاً إلى الأقزام البيضاء، وتأثير هذه التحولات في عملاق غازي مفرد يدور حولها. وعموماً فقد نفذوا عمليات محاكاة لأكثر من 20,000 نظام نجمي مختلف، وغيروا فيها الكتل الأولية للنجوم الثنائية والمسافة المدارية للكوكب. وقد أجروا محاكاة لكل نظام كوكبي افتراضي منها إلى أن حدثت إحدى النتائج المحتملة العديدة: فقد اندمجت النجوم المزدوجة معاً، واصطدم الكوكب بأي نجم منها، أو طُرد من النظام بفعل قوى الجاذبية، أو إنه نجا بلايين السنين بعد أن صار كلا النجمين المضيفين قزماً أبيض وهذا ما أنتج مثالاً لكوكب ماغراثيا.
”تظهر النتائج أن 20 – 30% مــن الأنظمة الثلاثية قد انتهى بها المطاف بوجود كوكب ناجٍ يدور حول نجم قزم أبيض مزدوج“
تُظهر نتائج الفريق أن تشكل كواكب من نمط ماغراثيا يجب أن يكون شائعاً جداً: فقد انتهى الأمر بنسبة 20 30% من المنظومات الثلاثية في عمليات محاكاة إلى وجود كوكب ناجٍ يدور حول قزم أبيض مزدوج، غالباً في مدار كبير. وقد وجدوا أيضاً أنه من خلال أنظمتهم الكوكبية النموذجية التي أدت إلى دوران الكوكب في مدار غير مستقر، كان مرجحاً أن يُطرد الكوكب من النظام تماماً بدلاً من أن ينتهي به الأمر إلى الاصطدام بأي من النجوم الثنائية. ومن ثم فقد تمثل أنظمة النجوم الثنائية المتطورة هذه مصدراً رئيساً للكواكب الحرة الهائمة في المجرّة.
يُعد هذا عملاً مهماً للإعداد للبعثة المقبلة هوائي مقياس التداخل الليزري الفضائي Laser Interferometer Space Antenna (اختصاراً الهوائي ليزا LISA) التي يتوقع منها أن تكشف وجود عشرات الآلاف من الأقزام البيضاء المزدوجة ونأمل منها اكتشاف أول مثال على كوكب نجمي من مثال ماغراثيا يدور حول نجمه.
البروفيسور ليويس دارتنل
عالم أحياء فلكية في جامعة ويستمينستر
Statistics of Magrathea Exoplanets beyond the Main Sequence by Gabriele Columba et al. اقرأها على الرابط: arxiv.org/abs/2305.07057.