أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
مقالات الإشتراك

إعادة عينات من قمر المريخ إلى الأرض

بعثة إكسبلوريشون اليابانية لاستكشاف أقمار المريخ هي بعثة جريئة سترسَل إلى قمره فوبوس، لإعادة العينات الأولى على الإطلاق من نظام كوكب المريخ، كما يبيِّن لنا هنا جيمي كارتر.

ستراقب المركبة MMX القمرَ فوبوس وتُصوره من المدار قبل تحديد موقع هبوطها عليه

إذا حدث أن وجدتَ نفسك على قمر المريخ فوبوس Phobos، فإياك أن تفكر في الجري على سطحه. فمع قوة جاذبيته التي تبلغ جزءاً واحداً فقط من ألف من قوة جاذبية الأرض، فسيكون هناك خطر عليك من أن تندفع بالخطأ في الفضاء، وتبدأ في الدوران حول المريخ. فوبوس هو أحد قمري المريخ (الثاني هو ديموس Deimos)، وهو مكان خطير لمحاولة الهبوط عليه، وهذا يجعل بعثة استكشاف أقمار المريخ Martian Moons eXploration (اختصاراً: البعثة MMX) التابعة لوكالة استكشاف الفضاء اليابانية جاكسا JAXA بعثة جريئة بصورة خاصة.

من المقرر إطلاق المركبة MMX، التي يبلغ وزنها 4,000 كغم، على متن صاروخ H3 الجديد، متوسط الرفع Medium lift rocket، التابع لوكالة استكشاف الفضاء اليابانية جاكسا في العام 2026، والدخول في مدار حول المريخ في العام 2027، وستفعل هذه المركبة شيئاً لم تحاولْهُ بعثة أخرى إلى الآن: إعادة عينة من نظام المريخ إلى الأرض.

ستحفر أدوات الثقب الموجودة على متن المركبة MMX تربةَ سطح القمر فوبوس، وتجمع مادة العينات في علبة إعادة

اكتشف عالم الفلك الأمريكي آساف هول Asaph Hall قمري المريخ، فوبوس وديموس، في العام 1877، وأطلق عليهما اسمي إلهي الخوف والذعر اليونانيين، وابني الإله إيريس Ares (يعرف أيضاً باسم Mars – المريخ). يبلغ قطر القمرين 22.5 كم و12 كم، على التوالي. ولا يتمتع أي منهما بضخامة حجم كافية ليصير كُروياً تحت تأثير جاذبيته الخاصة، ومن ثم فهما يشبهان كويكبات لها شكل حبة البطاطا. 

تخطِّط وكالة استكشاف الفضاء اليابانية جاكسا JAXA لدخول مركبتها MMX أولاً إلى مدار حول الكوكب الأحمر قبل أن تناور للدخول في مدار شبيه بمدار تابع له، وهذا يبقي المركبة قريبة من فوبوس مع بقائها في مدار حول المريخ.

تقول إليزابيث تاسكر Elizabeth Tasker، الأستاذة المساعدة ومسؤولة التوعية الدولية في المشروع MMX في الوكالة جاكسا: ”سيجري تحليل عينات من سطح فوبوس باستخدام مجموعة من أدوات الاستشعار من بُعد من مدار شبيه بمدار تابع“.

قبل هبوطها على فوبوس، ستُسقط المركبة MMX جوالتَها IDEFIX عليه، لتبدأ عمليات تحليل سطحه

مركبة جوالة مجهزة بأدوات الحفر
ستهبط مركبة جوالة رباعية الأرجل تسمى IDEFIX على القمر فوبوس. وباستخدام نظام هوائي بسيط، ستحفر بعمق عدة سنتيمترات أسفل سطح تربة القمر لتجمع جزيئات تشبه الرمل. الهدف هو جلب كمية 10 غم تقريباً من العينات، وهو ما قد يعني ضرورة زيارة سطحه مرتين. ستكون هذه في الواقع أول عينات من (نظام) الكوكب الأحمر تعود إلى الأرض.

تقول تاسكر: ”أوضحت دراسات المحاكاة أن المواد المتناثرة من سطح المريخ في أثناء اصطدام النيازك به لا بد أن تسقط على سطح فوبوس. وعلى عكس النيازك المريخية التي تصل إلى الأرض، فإن من شأن الرحلة الأقصر إلى فوبوس أن تسمح لمجموعة من الصخور والمعادن المختلفة بالنجاة والحفاظ على خصائصها الأصلية، بما في ذلك المواد الأكثر حساسية التي قد تحتوي على مواد عضوية“.

ولهذا السبب، ستجمع بعثة MMX المواد التي تناثرت من المريخ على مدى بلايين السنين القليلة الماضية.

وبعد أن تجمع العينات بنجاح، ستنطلق المركبة من فوبوس لتبدأ في تنفيذ سلسلة من التحليقات فوق قمر المريخ الأصغر، ديموس. ثم ستعود وحدة العودة إلى الأرض ومعها عينات فوبوس، المقرَّر إسقاطها من السماء فوق بلدة ووميرا Woomera، في جنوب أستراليا، في العام 2031.


هل يكون قمرا المريخ هما مذنَّبَين أمسكت بهما قوة جذب المريخ؟ أو أنهما نتجا من حطام اصطدام؟ ستظهر لنا البعثة MMX ذلك

فوبوس وديموس: قصة البداية
سوف تساعد البعثة MMX في الإجابة عن السؤال: من أين جاء القمران الصغيران؟

هناك نظريتان تقليديتان عن مصدر قمري المريخ: تفترض الأولى أنهما مجرد كويكبين أمسكت بهما جاذبية المريخ.

وواحد من الأدلة المؤيدة لهذه النظرية هو مستوى عاكسية (درجة البيّاض Albedo) فوبوس للضوء. تقول تاسكر: ”إن قدرة فوبوس على عكس الضوء منخفضة جداً، وهذا يجعل القمر شديد الإعتام. ويعطي فحص موجات الضوء المنعكس عن فوبوس نتيجةً مشابهة جداً لتلك التي تُظهرها الكويكبات [ذات العاكسية المنخفضة للضوء“. يشير هذا إلى أن القمرَين ربما تشكَّلا في البَدء في حزام الكويكبات الرئيس Asteroid belt بين المريخ والمشتري، ثم أمسكتهما جاذبية المريخ في وقت لاحق ليصبحا قمرَين ملتقَطين. والفكرة القائلة بأن فوبوس وديموس هما نصفا مذنَّب أسير هي تعديل لهذه النظرية.

ولكن فوبوس وديموس يدوران حول خط استواء المريخ في مسار دائري جداً. وتقول تاسكر: ”من الصعب تحقيق ذلك بطريقة إمساك الجاذبية بهما، لكن الأمر سيكون أسهل بكثير إذا تشكل القمران من عملية اصطدام ضخمة بالمريخ مثل الطريقة التي يُعتقد أن قمرنا تشكل وَفقاً لها“. وفي هذا السيناريو الثالث، قُذف الحطام الناتج من الاصطدام إلى المدار ثم اندمج لينتج القمرَين.

ستكتشف العينات التي ستجمعها البعثة MMX حقيقة الأمر. وتقول تاسكر: ”إذا كان التركيب مختلفاً تماماً عن بنية المريخ، فهذا يشير إلى تشكل القمرين في مكان آخر في المجموعة الشمسية. وإذا احتوت بنيتُهما على نسبة عالية من مادة متطابقة مع بنية المريخ، فهذا سيشير بقوة إلى سيناريو فرضية الاصطدام“.


إنها بعثة فريدة من نوعها، لكنها تتوافق تماماً مع اهتمامات الوكالة جاكسا اليابانية. توضح تاسكر: ”تركز بعثات علوم الكواكب التابعة للوكالة جاكسا على الأجرام السماوية الصغيرة، مثل الكويكبات والمذنّبات والأقمار“. ومنذ زمن تشكُّل الكواكب، فقد ظلت هذه البقايا من دون تغيُّر إلى حد كبير.

”هذا يجعل تركيب الأجرام الصغيرة وخصائصها سجلاتٍ مذهلة لأنواع الصخور والمعادن التي صنعت الكواكب، وتُعطي أدلة على كيفية تشكُّلها، وكيف صارت الأرض صالحة للحياة“.

يُعَد الكشف عن أصل أقمار المريخ أحد الأهداف الرئيسة للبعثة MMX. النظريتان الرائدتان في ذلك هما أن فوبوس وديموس إما أن يكونا كويكبين التقطهما المريخ، أو أنهما تَشكلا بعد اصطدام كبير بسطح المريخ.

القمران فوبوس (في اليسار) وديموس (في اليمين) هما جِرمان بلون مائل إلى الحمرة، وغير منتظمَي الشكل، وتملؤهما الفوهات، وتكسوهما طبقة فتات صخري

ومع ذلك هناك نظرية ثالثة يمكن للبعثة MMX أن تلقي الضوء عليها. فقد استخدمت دراسةٌ نُشرت في شهر مايو 2024 ما يقرب من 300 صورة غير منشورة للقمر فوبوس، التقطتها المركبة مارس إكسبرس Mars Express التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية (إيسا ESA) منذ العام 2003. شملت هذه الصور فوهة ستيكني Stickney التي يبلغ قطرُها 9 كم، وهي أبرز معالم القمر فوبوس وأكثرها عاكسية. وجد الباحثون أن سطح فوبوس يبدو أكثر سطوعاً عندما تكون الشمس فوقه كما هو شأن كثير من أجرام المجموعة الشمسية الخالية من الهواء وله سطح مسامي يشبه الرمل، مغطًى بالغبار. تجعل هذه الخصائص القمر فوبوس يبدو مشابهاً لمذنّبات عائلة المشتري، مثل المذنَّب تشوريوموف-جيراسيمنكو 67P/Churyumov-Gerasimenko، الذي زارته المركبة روزيتا التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية في العام 2014. وقد خلص الباحثون إلى أن فوبوس وديموس ربما كانا ملتحمَين معاً كمذنَّب واحد مقيَّد في مدار، ثم انفصلا لاحقاً بفعل جاذبية المريخ. ربما يكون فوبوس وديموس أول ”قمرين من أصل مذنَّبي“ Comet moons نعرفهما في المجموعة الشمسية.

يقول يادا تورو Yada Toru، الباحث المشارك الرئيس في مجموعة أبحاث علوم المواد الفلكية التابعة للوكالة جاكسا: ”إذا تبين أن هذا صحيح، فإن البعثة MMX ستعيد عيناتٍ من مادة مذنَّب عن غير قصد، وستكون هذه ثانية عينة تحصل عليها البشرية من مذنّب“. كانت الأولى هي مركبة ستارداست Stardust التابعة للوكالة ناسا، والتي زارت المذنَّب 81P/Wild 2 في العام 2004.

ويضيف تورو: ”لقد كشفت مهمات إعادة العينات الأخيرة أن بيانات الاستشعار من بُعد والعينات الحقيقية قد تختلف قليلاً بسبب تأثيرات التجوية الفضائية. ونأمُل أن نستطيع حل هذه المسألة بعد أن تُعيد المركبة MMX العينات من فوبوس إلى الأرض في العام 2031“.


ستظل العينات التي جمعتها المركبة بيرسيفيرانس منذ العام 2022 على سطح المريخ في الوقت الحالي

بعثات لجلب عينات من المريخ
إحضار عينة من كوكب المريخ إلى الأرض هي هدف قديم لكثير من وكالات الفضاء

يبدو مؤكداً الآن أن عينات فوبوس التي ستعيدها الوكالة جاكسا إلى الأرض ستكون هي الأولى على الإطلاق التي نحصل عليها من نظام كوكب المريخ. وإلى وقت قريب كان من المأمول أن تشهد بعثة إعادة عينات المريخ Mars Sample Return Mission (اختصاراً: البعثة MSRM) التابعة للوكالة ناسا إرسال عربة هبوط وأسطول طائرات مسيرة Drones، على مثال طائرة إنجينيويتي Ingenuity، إلى الفوهة جيزيرو Jezero على الكوكب الأحمر لتنضم إلى المركبة بيرسيفيرانس Perseverance هناك. تتمثل الخطة بأن تجلب بيرسيفيرانس والطائرات المسيرة العينات إلى مركبة الهبوط، حيث ستوضع في مركبة الصعود المريخية Mars Ascent Vehicle المزودة بمرحلة صاروخية. وبعد إطلاقها في المدار، ستلتقي بمركبة مدارية صنعتها الوكالة إيسا لإعادتها إلى الأرض في كبسولة تهبط بها في ولاية يوتا الأمريكية في عقد الثلاثينات المقبل.

إلا أن الوكالة ناسا كشفت في شهر إبريل 2024، أن قيود الميزانية تعني أنها لا تستطيع تحمل تكلفة 11 بليون دولار، وأنها ترغب من القطاع الفضائي الخاص في أن يمد يد المساعدة.

من المرجَّح أن تصل عينة فوبوس التي جمعتها البعثة MMX التابعة للوكالة جاكسا اليابانية إلى الأرض أولاً، ولكن نتائجها ستكون أيضاً رفقة ثمينة للعينات التي جمعتها مركبة بيرسيفيرانس.

وتقول تاسكر: ”إن العينة التي ستجمعها المركبة MMX ستكون قد جاءت من مناطق مختلفة عبر أنحاء الكوكب، وترسبت على فوبوس في أوقات مختلفة، لتعطينا رؤية أوسع وأشمل للبيئة التي كانت موجودة على المريخ ذات حين“.


المجموعة اليابانية المتزايدة من صخور الفضاء
لن تكون البعثة MMX هي البعثة الأولى الرائعة للوكالة جاكسا بين الكواكب. ففي شهر يناير من هذا العام (2024)، صارت اليابان خامس دولة تهبط على سطح القمر عندما هبطت بعثتها SLIM (عربة الهبوط الذكية لاستكشاف القمرSmart Lander for Investigating Moon ) على سطح القمر. وقبل البعثة SLIM، كانت بعثة جاكسا الأكثر شهرة هي البعثة هايابوسا 2 (Hayabusa2) التي جمعت عينات من كويكب ريوغو Ryugu وإعادتها إلى الأرض في العام 2020.

ولكن البعثة MMX ليست مجرد عمل تؤديه الوكالة جاكسا وحدها. تقول تاسكر: ”أحد أكثر الأمور التي تعجبني في هذه البعثة هو مستوى التعاون الدولي فيها“. إذ توفر وكالات فضاء أخرى كثيراً من الأجهزة التي ستعمل على متن هذه المركبة. فقد ساهمت الوكالة ناسا بتقديم الأداة MEGANE، وهي جهاز لاستكشاف المريخ وقمره باستخدام النيوترونات وأشعة غاما، وقدمت أيضاً الأداة P-Sampler، وهي واحدة من اثنتين لجمع العينات. وفي الوقت نفسه قدمت وكالة الفضاء الفرنسية سينيس CNES الأداة MIRS (مطياف الأشعة تحت الحمراء). كما تعمل الوكالة الفرنسية مع وكالة الفضاء الألمانية دي إل آر DLR على تزويد البعثة بمركبة جوالة أيضاً.

تقول تاسكر: ”يوصف قمرا المريخ بأنهما أحد أهم الأماكن غير المستكشَفة في المجموعة الشمسية، وأشعر بأن الدعم الذي تلقته الوكالة جاكسا من الوكالتين إيسا وناسا يعكس حماسنا في استكشاف هذه الوجهة بالتفصيل“.

قد تحصل الوكالة جاكسا على كثير من المساعدات من وكالات فضاء أخرى، لكن تكنولوجيتها الخاصة هي جوهر البعثة MMX. ستسمح تقنية الهبوط الدقيق ذاتها التي استخدمتها المركبة SLIM على قمر الأرض للمركبة MMX بالهبوط على سطح القمر فوبوس على بعد 100 م من موقع الهبوط المستهدَف.

تتعاون وكالتا الفضاء الفرنسية والألمانية في تصميم الجوالة وبنائها

تثبيت عملية الهبوط
ومع ذلك فإن عملية الهبوط ستكون صعبة إلى درجة التحدي. تقول تاسكر: ”جاذبية القمر فوبوس هي ضعيفة جداً مقارنةً بجاذبية المريخ أو جاذبية قمرنا، ولكنها قوية مقارنةً بكويكبات مثل ريوغو. وهذا يزيد من تحدي عملية جمع العينات، حيث يجب استخدام كمية وقود أكثر لمنع هبوط المركبة بسرعة عالية وخطيرة، مقارنةً بعمليات هبوط هايابوسا وهايابوسا 2 على الكويكبات“.

يتمتع فريق المركبة العلمي بالفعل بخبرة في معرفة كيفية حدوث الأخطاء في مثل عمليات الهبوط هذه، حيث عمل كثير من أعضاء الفريق الفرنسي والألماني سابقاً على المسبار فيلة Philae التابع للبعثة روزيتا Rosetta، وهو المسبار الذي قفز مرتداً مرتين عندما حاول إنجاز عملية هبوط مشابهة على المذنَّب تشوريوموف-جيراسيمينكو. 

وهناك مشكلة أخرى ستبرز فور تأكيد الهبوط الدقيق للمركبة. تقول تاسكر: ”إن جاذبية القمر فوبوس ليست قوية بدرجة كافية لإبقاء المركبة ثابتة على سطحه بعد هبوطها عليه“، وتضيف أن المعدات الخاصة بعملية إنزال البعثة MMX واختيار موقع هبوط صحيح لها هما أمران في منتهى الأهمية. ولحسن الحظ فقد سمحت أرصاد سابقة لفوبوس لعلماء جيولوجيا الكواكب بإنشاء نماذج لطبيعة جاذبية هذا القمر.

وتقول تاسكر: ”سيساعد على إنجاح ذلك التخطيطُ المسبق للبعثة، مثل تحديد مواقع الهبوط المحتملة لجمع العينات. وكلما كان التخطيط المسبق أسهل، كان من الأسهل أيضاً ضمانُ اتخاذ أفضل قرار بشأن مواقع الهبوط أو المسارات للحصول على أرصاد جيدة، ويمكِّن أكثر من تحديد المشكلات والتحديات المحتملة أمام المركبة“.

وحالما تصل إلى فوبوس، ستستخدم البعثة MMX أيضاً كاميراتِها وأجهزة ليدار LIDAR لإجراء القياسات لضمان انتقاء أفضل موقع ممكن للهبوط.

لن تكون عملية الهبوط سهلة: فقد سبق لمسبار الهبوط فيلة أن قفز وارتد ليعلق في شق عندما التقى المذنّب 67P في العام 2014

موطن مستقبلي للبشر؟
وإضافةً إلى الكشف عن تاريخ القمرين، فمن المتوقع أن تساعد البعثة MMX عملياتِ الاستكشاف البشري للمريخ، المتوقعة في أربعينات القرن الحادي والعشرين. ومن المخاوف الكبيرة الكامنة في مثل هذا الاستكشاف كميةُ الإشعاع المسرطن الذي سيتعرض له رواد الفضاء. هناك أداة على متن المركبة MMX تسمى جهاز مراقبة البيئة الإشعاعية بين الكواكب Interplanetary Radiation Environment Monitor (اختصاراً: الأداة IREM)، ستقيس مستوى الإشعاع في مدار المريخ من مصادر مثل الجسيمات الشمسية عالية الطاقة High-energy solar particles. وتوضح تاسكر: ”قد يشكل هذا الإشعاع خطراً على صحة طاقم بشري يزور بيئة النظام المريخي، ولذا فإن تقييم الجرعة الإشعاعية المتوقَّعة يُعد خطوة أساسية في إعداد بعثة مأهولة“.

وقد يكون هذا التقييم الأول لسطح قمرَي المريخ حاسماً في تحديد يوم لاستيطان نظام المريخ. تقول تاسكر: ”لقد اعتُبر فوبوس وديموس أيضاً كقاعدة بشرية محتمَلة في نظام المريخ“. كلا القمرين مقيد مدياً Tidally locked بالمريخ، ولذا سيكون ممكناً لرواد الفضاء الموجودين على القمرَين أن يتواصلوا بسهولة مع البعثات الروبوتية والجوالة على المريخ، مع تأخُّر بسيط في إشارات التواصل اللاسلكية بين الطرفين.

يمكن للتجارب العلمية التي ستنجزها البعثة MMX أن تضع حجر أساسٍ للبشر كي يضعوا أقدامهم على المريخ وقمريه

تقول تاسكر: ”ستُسهم زيارة البعثة MMX للقمرين في مزيد من الاستكشاف عبر البعثات الآلية والمأهولة“. وسيشمل ذلك تطوير التكنولوجيا المطلوبة لدخول بئر جاذبية E المريخ والخروج منها، والتنقل والهبوط على قمرَيه ذوَي الجاذبية الضعيفة، ونشر معدات لتنفيذ عمليات مثل التقاط العينات.

وعندما تعيد المركبة العينات إلى الأرض في العام 2031، فهي ستحمل مصدراً علمياً ثميناً آخر: القرص الصلب E للمركبة. لقد ساعدت هيئة الإذاعة والتلفزة اليابانية NHK الوكالة جاكسا على صنع كاميرا الرؤية الدقيقة جداً Super Hi-Vision Camera، وهي كاميرا قادرة على التصوير بدقة 8K، وستلتقط أدق صور للمريخ وقمرَيه على الإطلاق. ومع أن المركبة سترسل بعض هذه الصور إلى الأرض في أثناء عملها في المدار، لتسمح لجمهور الناس بمعرفة عمل البعثة، إلا أنها لا تتمتع بما يكفي من سعة المجال الراديوي لنقلِها كلها.

بدلاً من ذلك، ستحفظ البيانات على قرص صلب. وعند إسقاط عينة فوبوس في الصحراء الأسترالية، سيكون على متن الكبسولة فيلم مريخي بدقة عالية غير مسبوقة. ومن المتوقع للبعثة MMX أن تكون سباقة ورائدة في أكثر من مجال. 

جيمي كارتر Jamie Carter: كاتب متمرس في علوم الفلك ورحلات الرصد الفلكي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى