أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
مقالات الإشتراك

مهمة إلى المجهول

طَوال الثمانيةَ عشر عاماً الماضية، كانت المركبة نيو هورايزنز تُحلق إلى بلوتو وما بعده؛ ولكن كيف يمكن للعلماء أن يديروا بعثة في أعتم التخوم المجهولة لمجموعتنا الشمسية؟ هنا ستكشف لنا إيزي بارسن ذلك

يستخدم العلماء التلسكوب سوبارو البصَري، بقُطر مرآته البالغ 8.2 م، في جُزر هاواي، ليستكشفوا الطريق أمام نيو هورايزنز، ويرسموا خطواتِها التالية

بعيداً، على أطراف مجموعتنا الشمسية، يوجد الكوكب القزم الصغير Dwarf planet بلوتو الذي احتل مكانة خاصة في قلوب عشاق الفضاء في معظم أنحاء العالم منذ اكتشافه في العام 1930. وفي يوم 23 يوليو 2024 كان بلوتو في موقع تقابُله الذي يواجه فيه الشمس مباشرة كما يُرى من الأرض، وبعد ذلك بأربعة أيام فقط وصل إلى أقرب نقطة له من كوكبنا. ومع ذلك، فهو ابن عم خافت وبعيد لعائلة مجموعتنا الشمسية، ويبعد مسافة مذهلة بمقدار 5.8 بليون كم. 

إنها مسافات هائلة يصعب تصوُّرها، ولهذا السبب يستخدم العلماء معها مقياس الوحدة الفلكية Astronomical Unit (AU)، التي تعادل 150 مليون كم تقريباً. يوجد بلوتو ضمن حلقة من الأجرام الجليدية تُسمى حزام كايبر Kuiper Belt، تقع وراء مدار كوكب نبتون، وتبدأ من مسافة 30 وحدة فلكية من الشمس. وقد حاول علماء الفلك دراسة هذه المنطقة البعيدة عن الأرض بأفضل أدواتهم، ولكن حتى عند أقرب مسافة لها، فإن أقوى تلسكوباتنا لا تستطيع رؤية أجرامها المفردة بصورة أفضل من نقاط فقط تتحرك أمام نجوم خلفية. وهكذا ظل هذا الحزام مجهولاً بدرجة كبيرة، وتكتنفه الأسرار على حافة رؤيتنا؛ إلى أن بدأت المركبة نيو هورايزنز New Horizons التابعة للوكالة ناسا عمليات استكشافها الملحمية وراء ستارة الغموض تلك. 

ليست من السهل رؤية أجرام في حزام كايبر لكي تدرسها مهمة نيو هورايزنز. تُظهر هذه الصورة الملتقَطة في ليلة رصد واحدة فقط كنزاً للصيد يعجّ بعدد لا يحصى من النجوم

المركبة نيو هورايزنز هي مسافر شجاع يغامر وحده باقتحام هذه المنطقة البعيدة، ويبحر عبر حزام كايبر منذ أكثر من عَقد من الزمن. ذاع صيت المركبة عندما حلقت قرب بلوتو ورفيقه في حزام كايبر، آروكوث Arrokoth. غير أن المهمة لم تنتهِ بعد. ففي كل عام تبحر هذه المركبة مسافة 3 وحدات فلكية في الظلام. وفي شهر أكتوبر من هذا العام، ستكون قد اجتازت عتبة الـ 60 وحدة فلكية، ومع توقع استمرار احتياطيات الطاقة والوقود فيها إلى العام 2050، فإنها تَعِد بمواصلة تسليط الضوء على هذه المنطقة سنوات كثيرة آتية.

ولعل أكبر ما يُؤمَل من المهمة (الآن) هو احتمال عثورها على جرم آخر في حزام كايبر لتنجز عنده ثالث عملية عبور لها.

يقول آلان ستيرن Alan Stern، المحقق الرئيس لمهمة نيو هورايزنز: ”هناك معيار واحد فقط لإنجاز عبورٍ قُرب هدف ما، وهو أن يكون قريباً بما يكفي من خط سير المركبة لتتمكن من بلوغه بما تبقى لديها من وقود“.

هل ما زلنا في الحزام؟
تكتشف أداة عداد الغبار الطلابية (SDC) الجسيمات المجهرية التي تضرب نيو هورايزنز، لتبين ما إذا كانت لا تزال في قلب حزام كايبر

تحليقٌ أعمى 

يستخدم فريق نيو هورايزنز العلمي التلسكوب سوبارو Subaru على جبل ماونا كيا، في جزر هاواي، والذي يبلغ قطر مرآته 8.2 م لاستكشاف الطريق أمام مركبتهم الفضائية. وباستخدام كاميرته ذات المجال الواسع، يلتقط الفريق صوراً عميقة لتلك المنطقة السماوية التي تحلق نيو هورايزنز فيها. وبمقارنة نتائج هذه الصور من ليلة إلى أخرى، يمكن لعلماء الفلك البحث عن أجرام حزام كايبر تتحرك ببطء أمام نجوم الخلفية. كشف البحث في العام 2020 عن 100 جِرم جديد في الحزام، ولكن لم يُعثَر على مرشحين مناسبين لعملية عبور جديدة، للأسف.

وفي ذلك الوقت، بدا أن هذا قد قضى على أي أمل لإنجاز عملية عبور أخرى، حيث كان يُعتقد أن حزام كايبر يمتد إلى مسافة 50 وحدة فلكية فقط، وقد اجتازت نيو هورايزنز أكثر منها في العام 2021.

يقول ستيرن: ”كان ذلك بعيداً بقدر ما نستطيع رؤيته. بعد مسافة 50 وحدة فلكية تقريباً، بدا أن هناك صحراء تخلو من الأجرام. وكان السؤال الدائم هو: هل هذه المنطقة هي منطقة جُرف حزام كايبر، التي ينتهي عندها ولا شيء بعدها؟ أو هي حوض حزام كايبر، حيث يوجد، ببساطة، معبر صحراوي وبعد ذلك سنرى مزيداً من أجرام الحزام؟ ولأن تلسكوباتنا لم تكن تستطيع الرؤية أبعد من ذلك بكثير في ذلك الوقت، فلم نكن نعرف الإجابة“.

ومع ذلك، كلما أبحرت نيو هورايزنز أبعد من هذه الحافة المفترضة، اتضح لنا أكثر أن الحزام لم ينتهِ بعد.

”وجدنا بالفعل مجموعة من الأجرام بعيداً عن المكان الذي توقعْنا وجودها فيه؛ وهذا هو قمة جبل الجليد“

يقول ستيرن: ”اكتشفت عمليات المسح الأرضية التي أجريناها باستخدام التلسكوب سوبارو مجموعة كاملة من الأجرام أبعد مسافة بكثير مما توقعنا. لقد عثرنا بالفعل على مجموعة من الأجرام على مسافة بعيدة من المكان الذي توقعنا العثور عليها فيه، وربما يكون هذا قمة جبل الجليد فقط“. 

في الوقت ذاته كانت نيو هورايزنز تنظر إلى المناطق المحيطة بها، وتحاول العثور على أي علامة تشير إلى أنها ستغادر حزام كايبر، بمساعدة أداة عدّاد الغبار الطلابية Student Dust Counter (اختصاراً: الأداة SDC).


يحيط حزام كايبر بالجزء الخارجي من المجموعة الشمسية مثل كعكة دونت منتفخة؛ وهو موطن لبلوتو وكواكب قزمة ومذنّبات وصخور متجمدة

حزام كايبر

تحيط حلقة من صخور الفضاء الجليدية بمجموعتنا الشمسية 

يعتقد العلماء أن حزام كايبر يتكون من بقايا جليدية من حقبة تشكُّل المجموعة الشمسية. حصلت هذه المنطقة على اسمها من جيرارد كايبر Gerard Kuiper، الذي نشر بحثاً في العام 1951 يتوقع وجود أجرام في الفضاء خارج مدار بلوتو، مع أن عالم الفلك كينيث إدغوورث Kenneth Edgeworth قد ذكر سابقاً عن أجرام مشابهة أيضاً.

تنتشر شظايا قطع الصخور المتجمدة عبر منطقة ضخمة لها شكل كعكة الدونت Doughnut. ويُعتقد أنه في الأيام الأولى للمجموعة الشمسية، ربما كانت للحزام كتلة تعادل 10 أمثال كتلة الأرض. ومع ذلك، عند لحظة ما في حقبة عدة مئات من ملايين السنين التالية، تغيرت مدارات الكواكب الغازية العملاقة، وأدى ذلك إلى إحداث فوضى جاذبية عبر أنحاء المجموعة الشمسية.

أدى ذلك إلى طرد عدد كبير من أجرام حزام كايبر خارجه، ولم يبقَ منها الآن سوى ما نسبته 0.1 من كتلة الأرض. ومع أن المجموعة الشمسية صارت الآن أكثر استقراراً بكثير، إلا أنه يحدث أحياناً قذف أجرامٍ خارج الحزام. وتظهر لنا تلك الصخور، التي تُرسَل في مسارات نحو الجزء الداخلي من المجموعة الشمسية، في صورة مذنّبات قصيرة المدى.

حزام كايبر ليس شيئاً مميزاً لمجموعتنا الشمسية. فقد شوهد في كثير من الأنظمة الكوكبية الأخرى معالم وبنى مشابهة له، تعرف باسم أقراص الحطام Debris discs، وهي تميل إلى أن تكون أصغر من حزامنا؛ كما يبدو بعض النجوم حاضناً لحزامين متداخلين من أحزمة كايبر، أكثر كثافة بالغبار من حزامنا. وفي الواقع لو كان حزامنا يدور حول نجم آخر، لما احتوى على غبار بكمية كافية لتسمح لنا باكتشافه.


يوضّح ستيرن: ”تسجل الأداة SDC الاصطدامات التي تحدثها جسيمات الغبار المجهرية على المركبة الفضائية. تنشأ هذه الجسيمات من الاصطدامات بين أجرام حزام كايبر، أو من عمليات أخرى تؤدي إلى إطلاق مواد. ما قد تتوقعه هو أنه عندما تغادر المركبة حزام كايبر، فإن عدد اصطدامات جسيمات الغبار بها سينخفض كثيراً. أشارت جميع النمذجات الرياضياتية في العقدين الأول والثاني من القرن 21 إلى أن أداتنا لكشف الغبار يجب أن تبدأ برؤية هذا الانخفاض في وقت ما من العام 2020 تقريباً“.

”حسناً، نحن الآن في العام 2024، وليس هناك من إشارة تدل على هذا الانخفاض. بل إننا نرى، في واقع الأمر، مزيداً منها“.

الحياة على الحافة: تبدو الشمس مجرد وميض ضوء حيث تُبحر نيو هورايزنز. يبعُد المسبار، الذي يبلغ حجمُه حجمَ آلة بيانو، مسافة 8.7 بليون كم الآن

اختيار الهدف التالي

تشير جميع المؤشرات إلى تزايد عدد أجرام حزام كايبر أمام المركبة الفضائية، ربما إلى مسافة تصل حتى إلى 100 وحدة فلكية، تتوارى أبعد من حدود قدرات مراصدنا الحالية. ولحسن الحظ، ستُدفع هذه الحدود خلْفاً في وقت قريب، باستخدام تلسكوبين جديدين، هما المرصد فيرا روبن Vera Rubin Observatory، والتلسكوب رومان الفضائي Roman Space Telescope، اللذان يفترض فيهما أن يباشرا العمل في أواخر العام 2027. سيتعمق هذان التلسكوبان أبعد في المناطق المعتمة، ليبحثا عن مزيد من أجرام حزام كايبر المحتملة.

يقول ستيرن: ”إنها مشكلة إبرة في كوم قش. لكننا نبحث هناك بجدية شديدة. تمتلك المركبة طاقة للعمل حتى العام 2050، لكن عمليات العبور تتطلب مزيداً من الطاقة، ولهذا لا نستطيع تنفيذ عمليات العبور إلا إلى العام 2040، أو ربما 2041. وهذا وقت طويل“.

وحتى لو لم يكن هناك هدف آخر لعبور محتمل، فما زال هناك كثير من العمل العلمي الذي ستنجزه نيو هورايزنز. فهذه المركبة هي واحدة من ثلاث فقط استطاعت مشاهدة التخوم الخارجية لمجموعتنا الشمسية، وتمكنت من الاتصال بالأرض لتخبرها بما عثرت عليه.

يشرح ستيرن قائلاً: ”كانت المركبتان فوياجر هما آخر ما خرج بمثل هذه الطريقة. لقد بُنيتا في سبعينات القرن العشرين؛ وبُنيت مركبتُنا هذه في القرن 21. وإن أجهزة قياس الطيف الجزيئي والبلازما Plasma spectrometers على متنها هي أقدر بكثير مما لدى المركبتين فوياجر“.

تبحث المهمة حالياً في ثلاثة مجالات علمية رئيسة، هي: علوم الكواكب، والفيزياء الفلكية، والفيزياء الشمسية.

يقول ستيرن: ”في مجال علوم الكواكب، ترصد المركبة أجرام حزام كايبر في أثناء مرورها بها. إنها ليست على مسافة قريبة منها تكفي لرؤية جيولوجيتها، ولكنها قريبة بما يكفي لدراسة خصائص سطحها والبحث عن أقمار لها“.

إضافةً إلى بلوتو وآروكوث، رصدت نيو هورايزنز 36 جِرماً آخر في حزام كايبر باستخدام جهاز التصوير الاستطلاعي بعيد المدى (اختصاراً: الأداة LORRI)، وهو في الأساس تلسكوب عاكس، 8.2 بوصة. ومع أن فتحة هذا التلسكوب تماثل تلك التي قد يمتلكها هاوٍ فلكي في حديقة منزله الخلفية، فإن الأداة LORRI تتمتع بميزتين رئيستين: فهي أقرب كثيراً إلى أهدافها من التلسكوبات الأرضية، كما أنها قادرة على رؤية أجرام حزام كايبر هذه من عدة زوايا مختلفة في أثناء تحليقها قُربَها.

يقول ستيرن: ”إنها أجرام صغيرة جداً وتنيرها الشمس بخفوت شديد. ولا يمكن لشيء سوى نيو هورايزنز فقط أن يدرس كيفية تغيُّر سطوعها في أثناء دورانه“.

إضافةً إلى كشف معلومات عن أشكالها ومعدلات دورانها المحوري، فإن دراسة كيفية انعكاس الضوء عن أجرام حزام كايبر من زوايا مختلفة يمكن أن تكشف أيضاً عن تفاصيل خصائص سطحها، مثل خشونتها Roughness ودرجة عاكسيتها Albedo.

الكوكب القَزم كواوار Quaoar (في الدائرة الحمراء الصغيرة)، كما صورته الأداة LORRI في شهر يوليو 2016، من مسافة 14 وحدة فلكية

رؤية في الظلام

تتمتع نيو هورايزنز بميزة أخرى تساعد في الجزء المتعلق بالفيزياء الفلكية من اختصاصها العلمي، وذلك بقدرتها على تجاوُز الضباب الخافت الناتج من انعكاس الضوء عن الغبار في الجزء الداخلي من المجموعة الشمسية.

يقول ستيرن: ”نظراً إلى أن الفضاء معتم جداً بعيداً هناك خارج الجزأين الداخلي والمتوسط من المجموعة الشمسية، فنحن قادرون على استكشاف شيء يسمى الخلفية البصرية الكونية Cosmic Optical Background بدرجة أكثر حساسية بكثير مما فعلنا سابقاً“.

”يمكننا استكشاف الخلفية البصرية الكونية، لأن الفضاء معتم جداً
هناك خارج الجزء الأوسط من المجموعة الشمسية“

 

الخلفية البصرية الكونية هي مجموع الضوء المرئي من النجوم في جميع المجرّات خارج مجرتنا درب التبانة، وكذلك من أقراص التنام Accretion discs المتوهجة حول الثقوب السوداء.

مع بقاء التلوث الضوئي والغباري في الجزء الداخلي من المجموعة الشمسية بالنسبة إلى مرآة الرؤية الخلفية، فقد أصبح المسبار حراً في عزل الخلفية البصرية الكونية. وإلى الآن تمكن من تحديد سبعة مصادر ضوء جديدة في الكون البعيد

استخدم فريق نيو هورايزنز الأداة LORRI لقياس الخلفية في العام 2023، إضافة إلى تقييم الخلفية الكونية فوق البنفسجية باستخدام الأداة آليس Alice لقياس الطيف في الأشعة فوق البنفسجية. ما زالت نتائج الأداتين في قيد الدراسة، ولكنها ستُستخدم في النهاية لتحديد عدد المجرّات الموجودة في الكون عدا تلك التي نراها فرادى.

وأخيراً تمضي نيو هورايزنز حالياً عبر الحافة الخارجية للغلاف الشمسي، ذلك الغلاف الجوي الممتد للشمس، تلك الفقاعة التي تكونت بفعل مجالها المغناطيسي ورياحها الشمسية.

يوضح ستيرن: ”في الوقت الحالي نقترب مما يسمى بصدمة النهاية Termination shock، وهو أول مَعلم يدل على مغادرة الغلاف الشمسي والمضي في الفضاء بين النجوم. نتوقع أن نبدأ في تجاوز صدمة النهاية ربما في وقت قريب بنحو 3 سنوات من الآن“.

تمثل صدمة النهاية النقطةَ التي تبدأ فيها جسيمات الرياح الشمسية في التباطؤ عندما يبدأ تأثير الشمس في التفاعل مع الوسط الفضائي بين النجوم المحيط بها. مرت المركبتان فوياجر سابقاً بصدمة النهاية عندما كانتا على مسافة 90 وحدة فلكية من الشمس تقريباً. وبعد سنوات قليلة، عبرتا تماماً إلى الفضاء بين النجوم، على مسافة 120 وحدة فلكية. وبما أن المركبتين فوياجر صُنعتا مع إدراك قليل لما قد تعثرا عليه في المنطقة، فقد افتقرتا إلى الأدوات اللازمة لاستكشاف كامل لجسيمات الرياح الشمسية التي عثرتا عليها.

إيزي بارسن Ezzy Pearson:
محررة المقالات في مجلة سماء الليل BBC Sky at Night Magazine. كتابها روبوتات في الفضاء Robots in Space متاح من دار النشر History Press
لكن ما خسرته المركبتان كان مكسباً لنيو هورايزنز، التي جُهزت جيداً لهذه المهمة. ومن المتوقع لها أن تتجه إلى الفضاء بين النجوم في وقت ما في أربعينات القرن الحالي، حيث ستكون أدواتها قادرة على قياس تدفق الجسيمات في هذه المنطقة، لتكشف كيف يدعم الغلاف الشمسي ذاته أمام تدفق جسيمات الوسط الفضائي بين النجوم.

بعد ذلك، علينا فقط أن ننتظر ونرى ما ستجده نيو هورايزنز مع استمرار رحلتها خارجاً في الظلام البعيد للفضاء بين النجوم، وراء حافة مجموعتنا الشمسية. 

إلى الآن تمكنت نيو هورايزنز من الاقتراب من بلوتو (الصورة الرئيسة) وآروكوث (في الأعلى)

قصة عبورَين 

تُحلق نيو هورايزنز عبر الفضاء منذ 18 عاماً

أُطلقت المركبة نيو هورايزنز من مطار كيب كانافيرال بولاية فلوريدا بتاريخ 19 يناير، 2006. وبعد مرور عام، حلقت بالقرب من كوكب المشتري، واستخدمت جاذبيته لتزيد سرعتها إلى 84,000 كم في الساعة. استغرقت المركبة الفضائية أكثر من 9 سنوات لتقطع مسافة 5 بلايين كم إلى بلوتو.

في 14 يوليو 2015، مرت نيو هورايزنز من مسافة 12,500 كم فقط من بلوتو وأقماره شارون Sharon، وستيكس Styx، ونيكس Nix، وكيربيروس Kerberos، وهايدرا Hydra. وعلى الرغم من السرعة التي مرت بها المركبة بالقرب من بلوتو، إلا أنها تمكنت من تنفيذ أرصاد مفصلة له. كشفت هذه الأرصاد بلوتو كعالم معقد يضم مزيجاً من التضاريس المختلفة، بما في ذلك منطقة كبيرة من الجليد النتروجيني اللامع، لها شكل قلب، وأطلق عليها اسم تومبو ريجيو Tombaugh Regio، على اسم كلايد تومبو Clyde Tombaugh، مكتشف بلوتو.

وحتى قبل اللقاء مع بلوتو، كان فريق نيو هورايزنز يبحث عن أهداف محتملة أخرى لتعبر المركبة قُربَها، وفي النهاية تركز البحث على الجِرم 2014 MU69، الذي أطلق عليه الاسم ألتيما ثولي Ultima Thule، ثم سمي لاحقاً بـ آروكوث Arrokoth. عبَرت نيو هورايزنز من مسافة 3,500 كم قُرب هذا الجِرم بتاريخ 1 يناير 2019، عندما كانت تبعد مسافة 43.4 وحدة فلكية من الشمس. وكشفت الصور أن آروكوث هو جسم مزدوج الفصوص، بقطر طولي يبلغ 32 كم تقريباً، ولون أحمر مدهش غالباً بسبب خليط المواد الكيميائية العضوية في بنيته الجليدية.

وقد ساعدت المعلومات التي أمكن الحصول عليها من هذه اللقاءات القصيرة مع جِرمين مختلفين تماماً علماءَ الكواكب في بناء فَهمنا لمنطقة حزام كايبر وجعلتهم يرغبون في إضافة جِرم ثالث إلى قائمة أهدافها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى