أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
مقالات الإشتراك

رُواد فضاء من ذوي الإعاقة ينطلقون إلى الفضاء

في شهر الفخر الخاص بذوي الإعاقة، نظرت إيمي آرثر إلى الطريقة التي يساعد بها رائد الفضاء البريطاني جون ماكفول في جعل الفضاء متاحاً للجميع

مع قلة عدد النساء المسموح لهن بالانطلاق إلى الفضاء، كان الفضاء حِكراً للرجال بصورة خاصة، ولغير المعاقين منهم فقط… حتى الآن

في العام 2022 كشفت وكالة الفضاء الأوروبية ESA عن دفعتها (الجديدة) من رواد الفضاء، التي تتكون من 17 فرداً من 11 دولة مختلفة. وكان من بينهم رائد الفضاء البريطاني جون ماكفول John McFall، وهو أول شخص من ذوي الإعاقة يُختار ليكون رائدَ فضاء محتمَلاً.

وإضافةً إلى كونه طبيبَ جراحة عظام، ولاعباً رياضياً بارالمبياً Paralympian فاز بالميدالية البرونزية، فإن ماكفول يعاني بتراً من فوق الركبة. ومع احتفال العالم بشهر الفخر لذوي الإعاقة في شهر يوليو الماضي، فقد ألقينا نظرة على العمل الذي يؤديه ماكفول ووكالة الفضاء الأوروبية وآخرون، لكسر الحواجز التي تقف في طريق إتاحة الفضاء للجميع.

تحظى الرحلات الفضائية بتاريخ طويل من التصميم والإعداد الذي يصعب تحقيقه. جرى بناء المركبات الفضائية التابعة للوكالة ناسا في البَدء مع اعتبار رواد الفضاء من الذكور فقط. فعلى سبيل المثال كان الخيارُ الوحيد لجمع بول الرواد على متن مركبة أبولو الفضائية هو أنبوباً غير متوافق مع بنية جسم الأنثى. وعلى مر السنين أخذت وكالات الفضاء تُعدٍّل نهجها، لنرى الآن انطلاق 80 امرأة إلى السماء كرائدات فضاء. ومع الأسف لا يزال هذا العدد يمثل 12% فقط من عدد الأشخاص الذين انطلقوا إلى الفضاء؛ ولكنه يظل أكثر من عدد رواد الفضاء من ذوي الإعاقة، وهو صفر.

معايير الاختيار صارمة: تراقب صحة رواد الفضاء بدقةٍ قبل التحليق وفي أثنائه وبعدَه

عوائق تمنع انضمام البعض

يرجع ذلك جزئياً إلى أن عملية اختيار الرواد قد أدت، حتى الآن، إلى استبعاد أشخاص غير مؤهلين بسبب وجود إعاقة لديهم. أُجرِي تصميم وإعداد عمليات التقييم الطبية التي تجريها الوكالة ناسا من أجل ”اختيار واعتماد الأفراد الذين لا يعانون ظروفاً طبية“ و”أمراضاً قد تتعارض مع قدرتهم على أداء المهمة“. قائمة الشروط لاستبعاد المتقدمين طويلة ومتنوعة، بما في ذلك اضطرابات المناعة الذاتية، والألم العضلي الليفي، وأمراض الاضطرابات الهضمية، والحنك المشقوق، وحتى تاريخ من الإصابات بضربة الشمس. كما أن وكالة الفضاء الأوروبية (إيسا) ما زالت تطلب حتى الآن إلى المتقدمين اجتيازَ الفحص الطبي الأوروبي من الدرجة الثانية، كجزء من المتطلبات اللازمة للتحليق الفضائي، والذي يُطلَب إلى الطيارين الخاصين في المملكة المتحدة تنفيذُه، ولا يحقق شروطَه الصارمة سوى أولئك الذين يتمتعون بصحة جيدة. 

عندما أعلنت وكالة الفضاء الأوروبية في العام 2021 أنها ستعمل بنشاط على تعيين رائد فضاء من ذوي الإعاقة في دراسة الجدوى التي تُجريها بعنوان Fly!، فقد سقط أحد هذه الحواجز. ولكن ما زال هناك كثير مما تجِب مواجهته قبل أن يتمكن ماكفول من الوصول إلى الفضاء.

لا يستطيع ماكفول أن ينطلق مباشرة على متن الرحلة التالية إلى محطة الفضاء الدولية، وذلك لأنه ما زال هناك كثير لا نعرفه عن وجود ذوي الإعاقة في الفضاء، مع قليل من التكنولوجيا التي يمكن تكييفها بسهولة مع شخص لديه طرف اصطناعي.

”هل سأضع طرفاً اصطناعياً؟ وإذا كنت أرتدي طرفاً اصطناعياً، فهل يجب أن أحصل على شيء يستوعب الاختلافات في حجم جذعي [بسبب التغيرات في الجاذبية]؟ هل يجب علينا تكييف بدلة فضائية لعملية السير الفضائي؟ إذا كان الأمر كذلك، فبأي طرق؟“. هكذا فكر ماكفول في مقابلة مع الـ BBC في شهر إبريل 2023. ويأمل أن تساعد حياته المهنية الجديدة وكالة الفضاء الأوروبية في الإجابة عن هذه الأسئلة وأكثر، حتى يتمكن هو وآخرون مثلُه من إظهار أن الأشخاص ذوي الإعاقة ينتمون إلى الفضاء مثل أي شخص آخر.

يتدرب رواد الفضاء الجُدُد من وكالة الفضاء الأوروبية، بمن في ذلك جون ماكفول (في وسط الصورة اليسرى، ويسار الصورة اليمنى) على النجاة في البحر، وعلى مكافحة الحرائق

إعداد دراسة جدوى للعمل

وفقاً لماكفول، سيكون الطريق طويلاً، وهو طريق قد لا ينتهي برحلة فضائية حقيقية – لأنه يُصنَّف حالياً كرائد فضاء احتياطي، وليس رائد فضاء محترفاً، مثل روزماري كوغن (انظر الصفحة 40). ومع ذلك فهو متفائل، وقد يحلق على متن مركبة فضائية قبل نهاية العقد إذا سارت الأمور وفقاً للخطط. وقد ذكرت لنا وكالة الفضاء الأوروبية ما يلي: ”نحن نهدف إلى إكمال دراستنا العملية بحلول شهر مارس 2025، وهي تحدد جدوى إرسال رائد فضاء من الوكالة يعاني إعاقة جسدية في بعثة طويلة إلى محطة الفضاء الدولية. ستكون دراسة الجدوى هذه أساساً لصنع القرار في مجلس الوكالة على المستوى الوزاري في نهاية العام 2025“.

في أثناء ذلك سيخضع ماكفول لتدريب رواد الفضاء مع أفراد آخرين في دفعة العام 2022. وسيساعد وكالة الفضاء الأوروبية في فهم كيف يؤثر وجود طرف صناعي في أشياء مثل الحركة في بيئات الضغط الجوي المنخفض، وظروف المعيشة العامة، والعمل في الفضاء، وتنفيذ إجراءات وبروتوكولات الطوارئ للهبوط في البحر أو على البر.

يستخدم رائد الفضاء شل ليندغرين Kjell Lindgren أداة تمرين المقاومة المتقدم الموجود على محطة الفضاء الدولية، والمصمَّم لمكافحة المخاطر الصحية الناجمة عن ظروف الحياة في الجاذبية الصغرى

إذا انطلق ماكفول في مهمة مدتها 6 أشهر إلى محطة الفضاء الدولية، فهو سيواجه إحدى المشكلات التي يواجهها جميع رواد الفضاء: تدهور كثافة العظام وصحة العضلات نتيجة وجوده في بيئة منخفضة الجاذبية. وهذا يعرضهم لخطورة الإصابة بهشاشة العظام في سن مبكرة، وهي حالة تجعل العظام ضعيفة وتنكسر بسهولة أكبر.

لمكافحة التأثير الجسدي، يمارس رواد الفضاء على متن محطة الفضاء الدولية التمارين مدة ساعتين تقريباً كل يوم باستخدام معدات متخصصة، كما توضح خبيرة المعالجة الفيزيائية إيزابيلا ويدمان Isabella Wiedmann، المشارِكة في دراسة جدوى وكالة الفضاء الأوروبية.

تقول فيدمان: ”لدينا ثلاثة أنواع مختلفة من معدات التدابير المضادة: جهاز المشي، والدراجة، وآلة تجمع بين معظم أجهزة رفع الأثقال التي يمكن العثور عليها في صالة ألعاب رياضية نموذجية“. صُممت كل قطعة من المعدات خصيصاً للاستخدام في بيئة الجاذبية الصغرى. تستخدم الأداتان الأولى والثانية أحزمةَ ربط لإبقاء رواد الفضاء في مكانهم في أثناء الاستخدام، في حين تستخدم الأخيرة أحزمة مقاومة لتقليد تأثير الجاذبية في الأوزان.

تشير فيدمان إلى أن أجهزة التمرين هذه باهظة الثمن فعلاً، ومن ثم فهي مؤهَّلة لعدد محدد فقط من التمارين المكررة، أو لنوع معين منها.

”نحن نعلم أن جون ماكفول لا يستطيع أداء تمارين معينة، ولذلك نقيِّم – كجزء من دراسة الجدوى هذه – كيفية استخدام الأجهزة الموجودة، أو تكييفها للحصول على التأثير المطلوب في نظام عضلات وعظام جسمه“.

تتدرب سونيتا ويليامز Sunita Williams على جهاز المشي المشترك والشامل COLBERT

تصميم الفضاء للجميع

مشروع Fly! التابع لوكالة الفضاء الأوروبية هو ليس المبادرة الوحيدة التي تساعد على جعل الانطلاق إلى الفضاء أوسع شمولاً. فمع وضع الخطط الخاصة بقاعدة قمرية، طلبت وكالة الفضاء الأوروبية إلى المختصين ذوي الخبرة الشخصية والمهنية في مجال إتاحة المشاركة المساعدةَ على تحديد متطلبات الأجهزة والتصميم اللازمة لإنشاء قاعدة قمرية يمكن لرواد الفضاء الذين يعانون مجموعةً من الإعاقات، بما في ذلك إعاقات بصرية وسمعية، الوصولُ إليها، وكذلك لمستخدمي الكراسي المتحركة.

كشفت الدراسة عن عدد من التعديلات المختلفة يمكن تنفيذُها على خطط التصميم الحالية لتسهيل إتاحة القاعدة القمرية. سيكون من شأن وسائل التكنولوجيا المساعِدة، مثل قارئات الشاشة وقدرات التحكم بالعين والصوت، أن تزيل القيود المفروضة على من يمكنه استخدام أجهزة الحاسوب، في حين يعني التكيف مع البيئة المادية، بما في ذلك المقابض الداعمة والسلالم، أن مستخدمي الكراسي المتحركة يمكنهم التنقل في القاعدة بأمان.

ماكفول (الثاني من اليمين) إلى جانب زملائه البريطانيين في برنامج رواد الفضاء التابع لوكالة الفضاء الأوروبية (من اليسار إلى اليمين) الرائد تيم بيك، وميغان كريستيان، وروزماري كوغن

أبعد من النظر والسمع

غير أنه ما زال هناك كثير مما يجب إدراكه قبل أن يتمكن ذوو الإعاقة من الهبوط بأمان على سطح القمر. فمع أن ماكفول ووكالة الفضاء الأوروبية سيتعلمان في السنوات المقبلة كيفية استخدام الأطراف الاصطناعية في الفضاء، إلّا أن عملهما هذا لن ينطبق بالضرورة على إعاقات أخرى.

فعلى سبيل المثال، لكي يعيش رائد فضاء أعمى في قاعدة قمرية متاحة له، يجب أن يكون واثقاً بحركته في أثناء اختبار الجاذبية القمرية. الطريقة الوحيدة لمعرفة كيف يمكن أن يختلف التنقل في بيئة ذات جاذبية مختلفة – والذي يحدث عادةً من خلال رؤية أي اتجاه هو ”الأعلى“ – قد تختلف بالنسبة إلى رائد فضاء أعمى، وهي تمكينه من تجربتها، وهذا هو ما فعلته منظمة AstroAccess الأمريكية خمس مرات منذ تأسيسها في العام 2021. وضعت ”مهمات تجربة الجاذبية الصغرية“ علماء معاقين، ومحاربين قدامى، وطلاباً ورياضيين وفنانين على متن تحليقات مسار القطع المكافئ، تطير بزوايا شديدة الانحدار لتقليد آثار انخفاض الجاذبية. حاكت هذه التحليقات ظروف انعدام الجاذبية، وجاذبية القمر، وجاذبية المريخ، لاستكشاف أداء الركاب واختبار أدوات الوصول إلى الجاذبية الصغرى في الموقع ذاته.


جون ماكفول

إن اختيار ماكفول ليكون رائد فضاء احتياطياً هو أحد إنجازاته فقط

فاز ماكفول لوطنه بعدد كبير من الميداليات الأوروبية والعالمية في سباقي الجري مسافة 100 و200 متر…
… وفاز بالميدالية البرونزية في سباق 100 م للرجال في دورة الألعاب الأولمبية للعام 2008 في بكين، وكان هذا ظهورَه الأول في الألعاب البارالمبية

تاريخ الولادة: 25 إبريل 1981. نشأ ماكفول في هامبشير Hampshire في المملكة المتحدة. كان عمره 19 عاماً عندما سافر إلى تايلاند، وتعرض هناك لحادث دراجة نارية أدى إلى بتر ساقه اليمنى من فوق الركبة. يقول إن الرياضة، وبخاصة منها رياضة الجري، كانت أساسية لإعادة تأهيله ”جسدياً وعاطفياً“. وقد تابع دراسته ليحصل على شهادة في علوم الرياضة والتمرين، وصار بطلاً رياضياً بارالمبياً لبريطانيا العظمى، فاز بميداليات في سباقي 100 م و200 م.

وفي العام 2007 حصل على المركز الأول في العالم في سباق 200 م. ثم عاد إلى الجامعة ليدرس الطب. وقبل تقدُّمه إلى وكالة الفضاء الأوروبية، عمل أخصائياً للصدمات وجراحة العظام في عمادة ويسكس Wessex Deanery.

بتاريخ 23 نوفمبر 2022، اختارت وكالة الفضاء الأوروبية ماكفول، ليكون أول رائد فضاء يعاني إعاقة جسدية. وبعد اختياره انتقل مع أسرته إلى ألمانيا، ويقيم الآن في مركز رواد الفضاء الأوروبي في مدينة كولونيا.


فقط بعض الأماكن في محطة قمرية يمكنها أن تمثل مشكلات لرواد الفضاء من ذوي الإعاقة الجسدية

غير أن تحليقات تجارب الجاذبية الصغرية (انعدام الجاذبية)، وبدلات الفضاء المصممة خصيصاً، وإعادة التصميم الكامل لمساحات السكن والمعيشة ليست زهيدة الكُلفة. وإذا كانت التعديلات والتكاليف اللازمة لإرسال شخص معاق واحد إلى الفضاء ستكون ضخمة، فلماذا نفعل ذلك أصلاً؟ 

وقد ذكر ماكفول للبرنامج التلفزيوني صباح الخير يا بريطانيا Good Morning Britain على قناة ITV: ”مجرد أنك تعاني إعاقة جسدية، لا يعني أن جميع المهارات والصفات الأخرى التي تملكها ليست ممتازة لوظيفة رائد فضاء“.

في الواقع يقول البعض إن الأشخاص ذوي الإعاقة يمكن أن يكونوا رواد فضاء أفضل. تقول الأستاذة شيري ويلز-جنسن Sheri Wells-Jensen، المشارِكة في مشروع AstroAccess، إنه في حالة نشوب حريق، مثل الذي حدث على متن محطة مير الفضائية في العام 1997، سيعاني أعضاءُ طاقم مبصر بسبب الدخان الذي يحجب رؤيتهم، لكن رائد الفضاء الأعمى ”لن ينزعج من الإضاءة الخافتة أو الدخان الحاجب“، وسيكون قادراً على العثور على جهاز إطفاء النار وتوجيهه نحو مصدر الحرارة والضجيج. أو، (في حالة أخرى)، إذا انقطع الاتصال اللاسلكي في أثناء السير في الفضاء، ألن يكون من المفيد أن يتقن رواد الفضاء لغة الإشارة؟


مشروع Fly! لدراسة الجدوى

تسعى هذه المبادرة إلى إتاحة مكان في الفضاء لأشخاص ذوي إعاقات جسدية معينة

يوسّع مشروع وكالة الفضاء الأوروبية الجديد مجموعة الإعاقات الجسدية لتشمل أولئك الذين يعانون قصوراً في الجزء السفلي من الساق، وقصر القامة

كان على المتقدمين الراغبين في أن يصبحوا الروادَ الأوائل من ذوي الإعاقة الجسدية في وكالة الفضاء الأوروبية أن يحققوا كل المتطلبات التعليمية والنفسية مثل جميع المرشحين الآخرين. ولكن جرى تغيير المتطلبات المادية لقبول الطلبات المقدمة من أشخاص يعانون بعض الإعاقات المحددة:

• خلل في طرف سفلي: يمكن أن يكون إما قصوراً في قدم واحدة أو اثنتين عبر الكاحل، وإما قصوراً في ساق واحدة أو اثنتين، أسفل الركبة.

• اختلاف واضح في طول الساق.

• قصر القامة (أقل من 130 سم).

وضعت وكالة الفضاء الأوروبية هذه الشروط الضيقة إلى حدٍّ ما بعد أن حددت الجوانب الأساسية في دور رائد الفضاء. وتشمل هذه الشروط مهارات الحركة الدقيقة، وقدرة التواصل الشفهي وتلقي التعليمات الشفهية، والقدرة على رؤية وسماع النصوص والصور ومقاطع الفيديو في ملفات البيانات الموجودة على متن المحطة، والحركة السريعة، لكي يتمكن رائد الفضاء من الهروب في غضون 90 ثانية في حالة حدوث مشكلة على منصة الإطلاق.

يعترف ماكفول بأن تجربته في التدرُّب كرائد فضاء لن تنطبق بالضرورة على غيره ممن يعانون إعاقات مختلفة: ”لم أعانِ إصابةً في النخاع الشوكي، ولا الشلل الدماغي، أو السنسنة المشقوقة Spina bifida“. وقال لـ BBC: ”لذا أفكر في كيفية توافق هذا مع الإعاقات الأخرى أيضاً. غير أنه علينا أن نبدأ من نقطة ما“.


يعمل ماكفول ضِمْنَ مشروع Fly! لدراسة الجدوى، إلى جانب تدريبه كرائد فضاء

لا تفيد إتاحة الوصول أولئك الأشخاص ذوي الإعاقة فحسب، بل إنها غالباً ما تعمل على تحسين سهولة الاستخدام للجميع. ومع زيادة رحلات الفضاء البشرية في السنوات القليلة الماضية، فمن المحتمل أن يزداد تنوُّع رواد الفضاء ومستكشفي الفضاء المدنيين. نحن في حاجة إلى تأمين السلامة لكل شخص على متن رحلة فضائية، سواء أرسَلته وكالة فضاء أو شركة مثل سبيس إكس SpaceX.

ماذا يمكن أن يحدث إذا وقعت حادثة طبية طارئة لرائد سليم وحولته إلى شخص معاق في أثناء مهمته؟ لقد جُهزت محطة الفضاء الدولية بأجهزة طبية، ويتلقى المقيمون فيها تدريباً على مستوى المسعفين قبل انطلاقهم، ولكن لحسن الحظ أن المحطة ليست بعيدة جداً؛ إذ يمكن إرسال الإمدادات لها، أو، إذا لزم الأمر، يمكن لرائد الفضاء العودة إلى الأرض في غضون ساعات. غير أن القمر يبعد ثلاثة أيام تقريباً؛ كما تسعى وكالات الفضاء إلى الذهاب أبعد من ذلك، نحو المريخ. تتوقع الوكالة ناسا رحلةً مدتُها تسعة أشهر للهبوط على الكوكب الأحمر، وهو ما يُعَد انتظاراً طويل المدة في حالات المعالجة الطارئة.

وأخيراً، فإن وجود مزيد من الأشخاص ذوي الإعاقة في الفضاء سيكون له تأثير عميق في أولئك الذين يعيشون على الأرض. ربما يبدو اختيار ماكفول كرائد فضاء احتياطي خطوة صغيرة، لكنها خطوة أقرب إلى عالم لا يُنظر فيه إلى ذوي الإعاقة على أنهم أقل قدرة من نُظرائهم العاديين. وقد تحدث ماكفول بعد اختياره، في مقطع فيديو لوكالة الفضاء الأوروبية، عن الرسالة القوية التي يعلنها مشروع Fly! التابع لها. 

إيمي آرثر Amy Arthur:
كاتبة علمية ومؤلِّفة كتاب اضبط إيقاع نفسك: كيف تحصل على طاقتك في عالم مُرهِق Pace Yourself: How to Have Energy in an Exhausting World
”كلما تحدثنا أكثر عن الإعاقة، صارت أكثر شيوعاً، وقلّ الشعور بأنها عاهة، وزادت الفرص المتاحة لذوي الإعاقة. هذا المشروع يعلن رسالة مُفادُها أنه يمكنك إنجاز أهداف، وأن هناك عالماً كاملاً متاحاً للأشخاص [المعاقين] ليستمتعوا به“.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى