أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
مقالات الإشتراك

إرث مكوك الفضاء

بعد أن صار مبدأُ إعادة الاستخدام أساسياً في العصر الجديد للتحليق الفضائي، يلقي بن إيفانز نظرة هنا على أول مركبة فضائية في العالم قابلة لإعادة الاستخدام، وكيف غيَّرت التحليق الفضائي إلى الأبد

أمكن لكل مكوك أن يحمل سبعة رواد، وشحنات كبيرة بحجم التلسكوب هابل الفضائي والمرصد تشاندرا لأشعة السينية

في إبريل 1972 كان أول قائد لمكوك الفضاء التابع للوكالة ناسا يسير على سطح القمر عندما سمع خبر إعطاء الضوء الأخضر لتطوير أول مركبة فضائية أمريكية قابلة لإعادة الاستخدام.

وعلق رائد الفضاء جون يونغ John Young على ذلك قائلاً: ”البلاد في حاجة ماسة إلى هذا المكوك. وسنرى“.

وقد كان على حق.

بعد سنوات من إرسال الرواد إلى الفضاء في كبسولات ذات استخدام واحد one-use-only فقط على متن صواريخ مُعزَّزة تُستعمَل مرةً واحدة فقط، بدت برامج الفضاء، مثل أبولو، أنها غير مستدامة. وقد أقنعت الحرب في فيتنام والاضطرابات المدنية في الداخل الأمريكي كثيرين في الولايات المتحدة بالحاجة إلى وسيلة أرخص لنقل الرواد إلى الفضاء؛ فكان أن ولد مكوك الفضاء Space Shuttle.

حلَّقت الأذرع الآلية (الروبوتية) في 15 مهمة، لتمنح المكوك مرونة أكثر في العمل

استُخدم المكوك الفضائي، الذي ماثل حجمُه حجم طائرة DC-3، وله أجنحة على شكل مثلث دلتا، وضم قمرة قيادة من مستويين، ومقصورة شحن طولها 18.3 م، من أجل إطلاق واستعادة الأقمار الاصطناعية، ولحمل وحدة سبيسلاب Spacelab الأوروبية المصممة خصيصاً لأبحاث علمية واسعة المجال من الطب إلى معالجة المواد، ومن الفيزياء الشمسية إلى علوم الأرض، ومن التكنولوجيا إلى أبحاث وعلوم الفلك. أعلن المكوك، وبمساعدة ذراعه الآلية كندية الصنع، بَدء مهمات فضائية أسبوعية، بطاقم من الرواد يصل عدد أفراده إلى سبعة، عملوا في مقصورة طيران لها 10 نوافذ، في حين وفّرت المقصورة الوسطى أماكن مختلفة للمعيشة، بما في ذلك مطبخ، ومرحاض، وأماكن نوم.

لكن الدعم القوي الذي وفرته القوات الجوية للمكوك جاء على حساب تصميم ضعيف له، والحاجة إلى تلبية احتياجات العسكريين. فإضافةً إلى منصتي الإطلاق في مركز كينيدي للفضاء Kennedy Space Center في فلوريدا، بُنِيَ موقع عسكري في قاعدة فاندنبرغ Vandenberg الجوية في كاليفورنيا لرحلات المكوك السرية (لم يُستخدَم في النهاية).

كان المكوك بمعززاته الصاروخية الصلبة المزدوجة التي أنتجت معاً قوة دفع بشدة 7.5 مليون رطل عند إقلاعه قابلاً للاستعادة، وهذا ما جعله أول مركبة فضائية مدارية في العالم يمكن إعادة استخدامها.

اختبر المكوك إنتربرايز طريقة الانزلاق، والاقتراب، والهبوط، بعد حمله على ظهر طائرة 747، في تدريبات العام 1977
يتهيأ طاقم المهمة STS-120 للنوم في المكوك ديسكفري أثناء التحامه بمحطة الفضاء الدولية، في العام 2007

طريقة جديدة للتحليق

أُطلق المكوك كما يطلق الصاروخ؛ وعند عودته كان ينزلق من دون قوة المحركات، ليهبط بسرعة 321 كم/ساعة على مدرج الهبوط، في حين كانت المعززات الصاروخية تُسقَط بالمظلات في المحيط لاستعادتها لاحقاً. وكان هناك خزان وقود خارجي بارتفاع 15 طبقة يزود المحركات الرئيسة الثلاثة للمكوك بالأكسجين والهيدروجين السائلين، ولكن كان يُتخلَّص منه بعد كل تحليق. وعلى منصة الإطلاق كانت مجموعة ”الهيكل المعدني“ التي يبلغ ارتفاعها 56 متراً تبدو غريبة الشكل، من دون تماثل فيها، وقد شبهها أحد رواد الفضاء بفراشة مثبتة على رصاصة.

قاد الرائد المخضرم جون يونغ، أول مكوك في الفضاء، كولومبيا، في العام 1981
فنيون يستبدلون قطع العزل الحراري وهي مشكلة كانت دائمة في المكوكات على جسم المكوك ديسكفري، في العام 2008

أثبتت تكنولوجيات المكوك صعوبة ترويضها، وأجبرت الوكالة ناسا على إصلاح مشكلات في المحركات الرئيسة وآلاف القطع العازلة للحرارة على هيكله لتحميه من الحرارة المفرطة التي تصل إلى 1,650° في أثناء العودة إلى الدخول. هذه المشكلات، التي لم تُحل بالكامل، ستلازم مكوكَ الفضاء في وقت لاحق من حياته.

التحم المكوك آتلانتس بمحطة الفضاء الروسية مير في العام 1995
قِطَعُ حطام اكتشفت في شرق تكساس بعد انفجار المكوك كولومبيا في أثناء عودته إلى الأرض في العام 2003

وبعد كثير من اختبارات الاقتراب والهبوط على النموذج الأولي للمكوك إنتربرايز Enterprise في العام 1977، قاد الرائدان يونغ وبوب كريبن Bob Crippen المكوك كولومبيا إلى الفضاء في إبريل 1981: لتكون هذه أول رحلة لمكوك فضائي. وفي العام التالي أُعلن برنامج المكوك كبرنامج عامل. ومع أنه حقق أرباحاً من عمليات الإطلاق التجارية للأقمار الاصطناعية، إلا أن قناع الانبهار والتقدير للمكوك قد حجب كثيراً من التصدعات.

سقطت بعض قطع العزل الحراري Heat-resistant tiles في أثناء الإطلاق، وأظهرت معززات الصواريخ الصلبة إشارات مقلقة تدل على تسرب غاز حار عبر الوصلات المغلقة. وعانى أحد المكوكات تلفَ مكابح وانفجار إطار على مدرج الهبوط، وعانى مكوك آخر عطلاً في محركه الرئيس على حافة الفضاء، وتعرضت القوى البشرية العاملة المرهقة لضغوط كبيرة لتنجز جداول إطلاق عاجلة. وحافظت ناسا ظاهرياً على صورتها المنيعة التي كانت عليها في أيام برنامج أبولو الذهبية.


خمسة مكوكات، وثلاثون عاماً

أبرز نجاحات كل مركبة من المركبات الخمس التي شكلت برنامج المكوك الفضائي

كولومبيا
أول رحلة طيران: إبريل 1981.
آخر رحلة: فبراير 2003. عدد المهمات: 28.

أهم إنجازاته:
– أول مكوك يحلق في الفضاء.
– إطلاق المختبر سبيسلاب Spacelab.
– أقصر وأطول رحلة في تاريخ برنامج مكوك الفضاء.
– إطلاق المرصد تشاندرا لأشعة X.
– حمل أول قائدة مكوك أنثى (إيلين كولينز Eileen Collins).


تشالنجر
أول رحلة: إبريل 1983.
آخر رحلة: يناير 1986.  عدد المهمات: 10.

أهم إنجازاته:
– أول سير فضائي خارج المكوك.
– أول امرأة أمريكية في الفضاء (سالي رايد Sally Ride).
– أول رجل أمريكي من أصل إفريقي في الفضاء (غيون بلوفورد Guion Bluford).
– أول إطلاق ليلي وأول هبوط ليلي للمكوك.
– أول عملية إصلاح لقمر اصطناعي في المدار (المسبار Solar Max).


ديسكفري
أول رحلة: أغسطس 1984.
آخر رحلة: مارس 2011.
عدد المهمات: 39.

أهم إنجازاته:
– أول طيار أنثى يحلق بمكوك (إيلين كولينز Eileen Collins).
– أول عضو في الكونغرس الأمريكي في الفضاء (جيك غارن Jake Garn).
– أول رائد من عائلة ملكية في الفضاء (سلطان بن سلمان آل سعود).
– إطلاق التلسكوب هابل الفضائي.
– أول لقاء مع المحطة الفضائية مير.
– أول التحام بمحطة الفضاء الدولية.
– حمل أكبر رائد فضاء سناً (جون غلن John Glenn).


آتلانتس
أول رحلة: أكتوبر 1985.  آخر رحلة: يوليو 2011.  عدد المهمات: 33.

أهم إنجازاته:
– آخر مكوك يُحلِّق.
– إطلاق المرصد كومبتون لأشعة غاما.
– إطلاق مسباري الكواكب ماجلان وغاليليو.
– أعلى ميْل مداري يحققه مكوك على الإطلاق (62˚).
– أول التحام مع محطة الفضاء الروسية مير.
– أول رحلة لمختبر أطلس ATLAS العلمي.


إنديفر
أول رحلة: مايو 1992.    آخر رحلة: يونيو 2011.     عدد المهمات: 25.

أهم إنجازاته:
– أول رحلة سير في الفضاء لثلاثة رواد (ريتشارد هيب Richard Hieb، وتوماس أكيرس Thomas Akers، وبيير ثوت Pierre Thuot).
– أول زوجين في الفضاء (مارك لي Mark Lee وجان ديفيس Jan Davis).
– أول امرأة أمريكية من أصل إفريقي في الفضاء (ماي جيميسون Mae Jemison).
– أول عملية إصلاح للتلسكوب هابل الفضائي.
– أول وآخر مهمة لتجميع محطة الفضاء الدولية.


استخدم الرواد أيضاً حقائب ظهرية نفاثة للطيران في الفضاء خارج المكوك، والتقطوا الأقمار الاصطناعية وأصلحوها. وبحلول العام 1985 كان هناك أسطول يحلق كل شهر تقريباً، تكوّن من أربعة مكوكات قوية، هي كولومبيا Columbia، وتشالنجر Challenger، وديسكفري Discovery، وآتلانتس Atlantis وجميعها حمل أسماء سفن بحرية.

الرحلة الأخيرة: المكوك آتلانتس يهبط في مركز كينيدي للفضاء في 21 يوليو 2011

ثم، في يناير 1986، انفجر المكوك تشالنجر بعد 73 ثانية من إطلاقه، وقُتل أفراد طاقمه السبعة، بمن فيهم المعلمة كريستا ماك أوليف Christa McAuliffe، أول مواطنة مدنية أمريكية تُختار للذهاب إلى الفضاء. وُجِّه اللوم إلى معززات الصواريخ الصلبة وثقافة السلامة التي وصفها أحد رواد الفضاء بأنها ”تطبيع للانحراف عن الأسس“. عادت المكوكات إلى التحليق في العام 1988، ولكن المكوك لم يعد كما كان سابقاً: فارتدى رواد الفضاء بدلات الضغط، وحُظر تحليق الركاب غير المحترفين – معلمي المدارس، وأعضاء مجلس الشيوخ، وعمال الصناعات المختلفة. ولم يعد يُستخدم المكوك إلا عند الحاجة إلى قدراته.

كانت المكوكات عنصراً حاسماً في عمليات إطلاق التلسكوب هابل الفضائي وإصلاحه وتحديثه

إصلاح سمعة المكوك

حلت مركبة مكوكية جديدة، هي إنديفر Endeavour، بدلاً من تشالنجر؛ ونقل المكوك كثيراً من الحمولات المهمة، بما في ذلك التلسكوب هابل الفضائي والمرصد كومبتون لأشعة غاما والمرصد تشاندرا لأشعة X، إضافةً إلى مسابير ماجلان وغاليليو ويوليسيس. دعم مكوك الفضاء عشرات المهمات العلمية؛ وفي العام 1993، نجح رواد الفضاء في إصلاح خلل الرؤية الذي عاناه التلسكوب هابل الفضائي، وهو عيب لم يُكتشَف إلا بعد إطلاق التلسكوب إلى مدار أرضي. وبذلك تمكنت ناسا وروادها من قلب الرأي العام السلبي، وجعلت المكوك ”رائعاً“ مرة أخرى. أما بناء محطة فضائية فقد ظل هدفاً أساسياً، على الرغم من أن تعقيدها وتكلفتها أبقياها تتأرجح على حافة الإلغاء. لكن انهيار الاتحاد السوفييتي بعث أملاً في أن يكون للمكوك أخيراً مكان ما ليذهب إليه.

حياةٌ جديدة كسيارة أجرة إلى محطة مير

منذ العام 1995، حلَّق المكوك 10 مرات إلى محطة الفضاء الروسية مير Mir، فنقل إليها رواد فضاء وإمدادات على حد سواء، قبل أن يبدأ العملُ لتجميع محطة الفضاء الدولية في العام 1998. ومع ذلك ظلت نقطة السلامة مشكلة بالنسبة إلى مكوك الفضاء. فقد ظلت قطع العزل الحراري تتساقط، ومحركاته الرئيسة تتعطل.

في العام 1999 كان الطاقم على مسافة عطل واحد فقط من حادثة هبوط اضطراري. وقد حذّر مدققو سلامة مستقلون من أن افتقار المكوك إلى نظام فعّال للنجاة من شأنه أن يقضي على المهمة إذا لم تطبَّق تحسينات جوهرية. وفي أكتوبر 2002 فشلت البراغي (المسامير) المتفجرة على المكوك آتلانتس، التي تثبت الصواريخ المعززة بمنصة الإطلاق، في العمل عند الانطلاق. ولم ينقذ عملية الإطلاق في ذلك اليوم سوى النسخ الاحتياطية سريعة العمل وكان هذا خطراً آخر أمكن تفاديه في لعبة الروليت عالية الخطورة هذه. وبحلول ذلك الوقت، كانت محطة الفضاء الدولية قد حلَّقت في مدارها، وصارت مأهولة بنحو دائم، لكن ضغوط الجدول الزمني لإكمالها تسللت مرة أخرى إلى عقلية ناسا.


مركبة الشحن دراغون Dragon التابعة لشركة سبيس إكس SpaceX (معلقة على ذراع كندا المكوكية) قبل هبوطها واستعادتها

أعِدْ استخدامَه ولا تخسره

يواصل الوافدون الجدُد في مجال رحلات الفضاء تطبيق روح إعادة التدوير التي تمثلت في مكوك الفضاء.

صُمم المكوك لهدف خفض نفقات المركبات الفضائية التي تُستخدَم لمرة واحدة فقط وتُرمى بعد ذلك، ولتعميم ونشر تجربة التحليق الفضائي بين عدد أكبر من الناس. ومع ذلك فقد أثبتت نتائج البرنامج تباينَها؛ إذ أُطلِق الأسطول المكون من خمس مركبات مكوكية مدارية عدداً من الأشخاص بلغ 10 أضعاف الذين أُطلقوا على متن برامج كل من ميركيوري وجيميناي وأبولو وسكايلاب مجتمعةً، وأمضوا في الفضاء وقتاً بلغ أربعة أضعاف ما أمضاه كل من حلَّق على تلك البرامج. ولكن مع تكلفة 500 مليون دولار لكل عملية إطلاق، فقد كانت عملية تحليق المكوك مسألة معقدة جداً. وحتى في أوج مجدِه، لم يحقق المكوك أكثر من 9 عمليات إطلاق في السنة.

ومع ذلك فقد غرس بذرة فكرة المركبة الفضائية القابلة لإعادة الاستخدام. وتواصل هذه البذرة حالياً نموَّها التصاعدي. فنرى الآن شركة سبيس إكس SpaceX وهي تعيد استخدام صواريخها فالكون 9 (Falcon 9) بصورة روتينية إلى 20 مرة، مع وجود خطط لزيادة العدد إلى 40 عملية إطلاق، ليمكنها بذلك الانطلاق عشرات المرات إلى الفضاء سنوياً. كما توفر خطط مركبة الطاقم والشحن ستارشيب Starship مجالاً أكبر لخفض تكلفة الوصول إلى الفضاء.

ومنذ العام 2020، أطلقت شركة سبيس إكس ركاباً على متن أسطولها المكوَّن من 4 مركبات من نوع كرو دراغون Crew Dragons، القابلة لإعادة الاستخدام، وقد حلقت إحداها 5 مرات، فيما سجلت اثنتان منها مدة زادت على 18 شهراً تراكمياً في الفضاء. ومن المتوقع أن تحقق مركبة ستارلاينر Starliner التابعة لشركة بوينغ ومركبة أورايون Orion التابعة للوكالة ناسا إمكانية إعادة استخدام كلي أو جزئي في مهمات مدارية حول الأرض، ومهمات قمرية في السنوات القليلة التالية. ومنذ العام 2021، نقلت كبسولة نيو شيبرد New Shepard الجديدة من شركة بلو أوريجن Blue Origin ست مجموعات من البشر إلى حافة الفضاء.

توفر هذه الرحلات الأولى نوعاً من ”بعثات مواطنين عاديين“ صُممت أصلاً للمكوك الفضائي، حيث كان ممثلون وشخصيات تلفزيونية وأول شخص بطرف صناعي من بين الذين زاروا الفضاء. لقد كانت قابلية إعادة الاستخدام ميزة لا غنى عنها مع استمرار هذا الجيل الجديد من الرواد في هذه العملية البطيئة، ولكن الأكيدة، لإتاحة تجربة السفر إلى الفضاء أمام شريحة واسعة من الناس، وتعميم تجربة الفضاء. وذلك كله بدأ مع المكوك.


في فبراير 2003 تحطم المكوك كولومبيا في أثناء عملية دخوله في الغلاف الجوي. وكان السبب التقني هذه المرة هو قطعةَ رغوة سقطت من الخزان الخارجي، واصطدمت بقطع العزل الحراري في أثناء الإطلاق وأعطبتها. أكمل طاقم الرحلة مهمته الفضائية، ولكن في أثناء العودة والدخول في الغلاف الجوي، أدى ذلك الضرر إلى تحطم المكوك كولومبيا في الهواء، ومقتل جميع أفراد طاقمه السبعة.

عادت المكوكات المتبقية إلى التحليق في العام 2005، لكن تقاعد برنامج مكوك الفضاء كان حتمياً. قلصت الوكالة ناسا الرحلات المتبقية لصيانة التلسكوب هابل مرة أخرى، وللانتهاء من بناء محطة الفضاء الدولية، قبل أن تلامس عجلات المكوك مدرج الهبوط للمرة الأخيرة في يوليو 2011.

”وطَّدت ثلاثون عاماً من عمل خمس مركبات مكوكية سمعةَ هذه الآلة الرائعة والثقة بها، وإن شابها بعض العيوب“

إلهامٌ لعصر الفضاء الجديد

لقد وطدت ثلاثون عاماً من الخدمة التي قدمتها خمسة مكوكات سمعةَ هذه الآلة الرائعة والثقة بها، وإن شابَها بعض العيوب. فقد وضعت مهماتها الـ 135 عدداً من الرواد بلغ 355 رجلاً وامرأة من 15 دولة في الفضاء، وأمضت 1,323 يوماً من الدوران حول الأرض حلقت فيها 21,030 دورة مدارية. وقد شهدت أولَ امرأة تقود المكوك، وأولَ زوجين، وأول سياسي، وأولَ فرد من عائلة ملكية في الفضاء. كما سجلت أرقاماً قياسية لأكبرِ رائد فضاء سناً، وأكبرِ عدد من المهمات التي نفذها رجال ونساء، وأطولِ مدة سير فضائي على الإطلاق. وحالياً يعيش المكوك ديسكفري، وآتلانتس، وإنديفر كتحف في متاحف واشنطن، وفلوريدا، وكاليفورنيا، حيث يُذهِل حجمُها الضخم آلافَ الزوار يومياً.

بن إيفانز Ben Evans:
كاتب في علوم الفلك، ومؤلف عدة كتب عن التحليقات الفضائية البشرية
لم يفِ المكوك بوعده بقدرة التحليق أسبوعياً، ومع ذلك فإن هذه المكوكات المتقاعدة الثلاثة، إضافة إلى المكوكين المدمَّرين، تشالنجر وكولومبيا، تُذكرنا بحزن بحقبة مضت، غيرت إلى الأبد نظرتنا إلى الكون من حولنا. ومع تطلُّعنا إلى حقبة جديدة من التحليقات الفضائية، ستكون فيها إمكانية إعادة الاستخدام عملية أساسية في إنشاء مستوطنة قمرية دائمة، والتوجه إلى المريخ، فمن الواضح أن روح مكوك الفضاء ما زالت حية. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى