أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
أحدث التطورات

حوادث الكسوف تُبدد الغيوم

يؤدي انخفاض إشعاع الشمس في أثناء حادثة كسوف إلى تبدُّد السُّحب منخفضة الارتفاع

إذا كنتَ محظوظاً بما يكفي لمشاهدة حادثة كسوف شمسي، فمن المؤكد أنك ستصاب بالذهول ليس فقط من الخفوت الغريب للضوء في منتصف النهار، ولكن أيضاً من حدوث برودة مفاجئة. كانت هناك أيضاً تقارير تشير إلى أن السحب المنخفضة تتبدد قبل حادثة كسوف كلي مباشرة، ليزيد هذا من قيمة الاحتمال المثير بأن كسوف الشمس يمكن أن يؤثر أيضاً في حالة الطقس المحلي في أثناء مرور ظل القمر عبْر سطح الأرض.

شرَعَ الباحث فيكتور تريز Victor Trees من المعهد الملكي الهولندي للأرصاد الجوية في مدينة دي بيلت وزملاؤه في دراسة هذا التأثير؛ وتوجهوا إلى دراسة بيانات من أقمار مراقبة الأرض في مدار أرضي ثابت، وهي يمكن أن توفر صوراً لمناطق جغرافية واسعة. وقد ركزوا على ثلاثة حوادث كسوف شمسي بين العامين 2005 و2016؛ ثم حللوا نوع السحب الموجودة في السماء، قبل حدوثه مباشرة، وفي أثناء حدوثه. 

وقد وجدوا أنه يمكن فعلاً حتى لكسوف جزئي أن يغير نمط السحب: إذ لوحظ تبدُّد السحب الركامية المنخفضة، في حين لم تتأثر السُّحب المرتفعة. ويحدث هذا التأثير في غطاء السحب المتناقص حتى مع احتجاب نحو 15% فقط من قرص الشمس. وللتعمق أكثر فيما يحدث، فقد أجروا نمذجات محاكاة للغلاف الجوي. أظهرت هذه النمذجات بَدء السُّحب في التلاشي بعد مدة 15 إلى 20 دقيقة من انخفاض درجة حرارة الأرض في ظل القمر؛ وهي مدة تُعادل الوقت الذي يستغرقه صعود الهواء الرطب والدافئ القريب من سطح الأرض إلى ارتفاع أكثر برودة، حيث يتكثف بخار الماء ويتحول إلى سُحب.

”ربما لا يبدو هذا أكثر من رصد مثير للاهتمام… ولكن هذا قد يكون بعيد الأثر“

في ظاهر الأمر، قد يبدو هذا ليس أكثر من مجرد رصد غريب للتأثيرات قصيرة المدى لكسوف الشمس في أنماط السحب. غيرَ أن الدراسة تقول إن هذا العرض لمدى حساسية غطاء السُّحب المنخفضة، حتى بالنسبة إلى تناقص صغير في إشعاع الشمس الساقط، يمكن أن تكون له آثار عميقة.

الغيوم مهمة
وبالفعل، إن تغيُّر المناخ يسير بمعدل يُنذر بالخطر، وإذا لم تنجح الجهود الدولية للحد من انبعاثات غازات الدفيئة بالسرعة الكافية، فقد نحتاج إلى الاستعانة بوسائلَ أكثر جذرية لمواجهة ارتفاع درجات الحرارة، بحسَب اقتراحات مقدَّمة من بعض العلماء. أحد هذه المقترحات هو تقليل كمية ضوء الشمس التي تصل إلى سطح الأرض، بتنفيذ مشروعات ”هندسية جيولوجية“ Geoengineering projects واسعة النطاق. قد يشمل ذلك تجميع مرايا ضخمة في الفضاء لتعمل كمظلة شمسية، أو رش رذاذ من الكبريتات على ارتفاع عالٍ في طبقة الستراتوسفير ليعكس بعضاً من ضوء الشمس قبل وصوله إلى سطح الأرض.

البروفيسور ليويس دارتنل
عالم أحياء فلكية في جامعة ويستمينستر
ولكن، كما حذر الباحثون من هذه الدراسة لكسوف الشمس، فإن تقليل كمية الإشعاع الشمسي يمكن أن تكون له عواقبُ غير مقصودة على أنماط السحب. يُعتقد أن التأثير الإجمالي للسحب الركامية المنخفضة هو عكس بعض حرارة الشمس، وإذا عملت المظلة الاصطناعية على تبديد هذه السحب (تماماً مثلما هي الحال مع كسوف الشمس)، فإنها ستقلل من فعالية طريقة الهندسة الجيولوجية. وما هو أكثر: يمكن لهذا أن يعيق أيضاً تكوين سُحب أكبر، ربما كانت حاملةً للأمطار، ومن ثم يعرقل العمليات الجوية الطبيعية للأرض بطرق أخرى.

الرسالة الرئيسة هنا هي أن الغلاف الجوي للأرض ومناخها هما نظامان شديدا التعقيد، ومن الحكمة أن نتقدم في ذلك بحذر شديد قبل تجربة أي حلول هندسية جيولوجية لتغيير المناخ.

* ليويس دارتنل Prof Lweis Dartnell: كان يقرأ…
Clouds Dissipate Quickly During Solar Eclipses as the Land Surface Cools by Victor J H Trees et al Read it online at: arxiv.org/abs/2402.08510.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى