أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
مجال الرؤية

تحدي المرايا

يتحدث جوناثان باول هنا عن قصة ابتكار تلسكوب نيوتن العاكس

أُطلق على كثير من الفوهات القمرية والكويكبات والمذنّبات أسماءُ مكتشفيها، أو، كتكريم فخري أسماءُ المشاركين في مجال العمل العلمي ذي الصلة. حرفياً هناك آلاف الأسماء البشرية تتناثر عبر السماء، وهناك نسبة كبيرة من أجرام السماء تحتاج إلى مساعدة أدوات بصرية لرؤيتها. ولكن عندما يتعلق الأمر بهذه الأدوات الفلكية البصرية، نجد أن القليل منها فقط يحمل اسم شخص.

تخيل، إن شئت، مشهدَ ستارة ترتفع لتكشف عن منصة مسرح عليها مجموعة من الممثلين، يوشكون على ربط الأحداث ضمن عرض درامي يُقدَّم مرة واحدة، ويختتم بوصول ”الضوء الأول“ لإحدى هذه الأدوات الفلكية، وهي التلسكوب النيوتوني Newtonian telescope. وتماماً مثل المعاناة لرؤية صورة باهتة لمذنّب بعيد، ولكنه سيصير شيئاً مذهلاً في وضح النهار، فقد أثبت هذا المشهد بالذات في عالم البصريات أن أهميته هي أكثر بكثير مما كان ربما واضحاً في ذلك الوقت.

يضم طاقمُنا علماء الفلك جيمس غريغوري James Gregory (1638–1675)، وإسحاق نيوتنIsaac Newton (1642–1727)، برفقة صانعي الأجهزة البصرية ريتشارد ريف Richard Reeve (كان نشطاً في الفترة من 1640 إلى 1680)، وجون كوكس John Cox (نشط في القرن السابع عشر). ويتولى توجيه ممثلينا كاتب اليوميات صامويل بيبس Samuel Pepys (1633-1703)، الذي تقدم كتاباته لنا كثيراً من الأفكار الثمينة عن عالم العلوم وعلم الفلك في ذلك الوقت، إلى درجة أنه من دون هذه الجواهر التاريخية، سيتعين على فريقنا اللجوء إلى ارتجال غير مؤكد.

يتمحور المشهد حول عمل عالم الفلك جيمس غريغوري في العام 1663 بعنوان تطور البصريات Optica Promota، والتصميم الداخلي لتلسكوب عاكس. كان تحويل سلسلة من الرسومات الخطية من ورقة إلى نموذج أولي عملي أسهل بكثير من فعله حقاً، وظل تصميمه الفعلي مثل ضوء بعيد في نهاية نفق.

من بين أخصائيي البصريات الذين سعى غريغوري إلى مساعدتهم في تحقيق حُلمه التلسكوبي، ظهر اسمان بوضوح في الرواية التي قدَّمها بيبس: اسم ريتشارد ريڤ Richard Reeve، صانع الأدوات البصرية، وجون كوكس John Cox، الذي يتمتع أيضاً بمكانة جيدة وسمعة طيبة في هذا المجال.

ومع ذلك لم يتمكن ريف أو كوكس من إنتاج مرآة مناسبة لاستخدامها في التلسكوب العاكس الذي اقترحه غريغوري، حيث يذكر بيبس أن غريغوري ”مضى في حالة من الاشمئزاز، [وفي وقت أبعد لاحقاً] أعطى اسمه للتلسكوب الغريغوري، تاركاً نيوتن مع حقل خال“.

عند هذه النقطة، يصعد إسحاق نيوتن إلى المسرح، بخطة ماكرة لتنفيذ بعض التعديلات على التصميم الداخلي.

جوناثان باول Jonathan Powell:
كاتب ومذيع مستقل. مراسل سابق لإذاعة BBC Radio في ويلز، وهو حالياً كاتب عمود في علوم الفلك في صحيفة ساوث ويلز آرغوس South Wales Argus
احتوى التصميم الغريغوري، الذي بني لاحقاً بمساعدة العالم روبرت هوك Robert Hooke (1635–1703)، على مرآتين مقعرتين: تصميم الأولى (مكافِئة مقعرة)، لجمع الضوء وتركيزه؛ والثانية بتصميم (إهليلجي مقعر)، ليعكس الضوء الملتقط مرة أخرى من خلال ثقب في الأولى، ثم يخرج من الجزء السفلي من التلسكوب إلى العدسة. أجرى نيوتن تعديلاً على هذا الترتيب وبسطه، فاستبدل بالمرآة الإهليلجية الثانوية مرآةً ثانوية مسطحة قطرية، تعكس الصورة إلى عدسة عينية توجد على جانب أنبوب التلسكوب.

وبينما تنحني الشخصيات في مسرحيتنا أمامنا، تُسلَّط الأضواء على إسحاق نيوتن. لقد ضمن التلسكوب الذي صممه أن اسمه سيعيش في أي مكان يستخدم فيه الفلكيون، من هواة ومحترفين، تلسكوبَه الذي يحمل اسمه لرصد تلك الأجرام المسماة والتي تنتشر عبْرَ الكون الفسيح. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى