أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
في سماء الليل

في سماء الليل

تجيب كلير ديفيس Claire Davies في حلقة سؤال وجواب خاص من برنامج سماء الليل Sky at Night لشهر أكتوبر عن خمسة أسئلة كثيراً ما تُطرح عليها عن كيفية تشكُّل النجوم والكواكب

أنا أستخدم بعضاً من أرقى وأدق منشآت الرصد على الأرض لدراسة كيفية تشكُّل النجوم وكواكبها. وإليكم خمسة من الأسئلة التي تُطرح عليَّ مراراً بشأن أبحاثي:

كم من الوقت يستغرق تشكُّل النجم؟
تبدأ العملية بانهيار أولي للمادة في سحابة جزيئية، بفعل الجاذبية، وتنتهي عندما يشتعل اندماج الهيدروجين في قلب النجم. تتوقف المدة التي تستغرقها هذه العملية على كتلة النجم. بالنسبة إلى نجوم مثل الشمس، يستغرق الأمر عدة عشرات من ملايين السنين، في حين أن النجوم الأكبر كتلة تنمو بسرعة أكبر بكثير، وتستغرق النجوم الأقل كتلة وقتاً أطول بكثير. وبغض النظر عن الكتلة، تتناسب سرعة العملية مع عمر النجم: إذا شبهت عمر النجم إلى متوسط عمر الإنسان، فإن عملية التشكل ستستغرق ثلاثة أشهر تقريباً فقط!

هل تتشكل الكواكب في الوقت ذاته الذي تتشكل فيه النجوم؟
إن كواكب مجموعتنا الشمسية، ومعظم الكواكب التي اكتُشفت خارجها إلى الآن، هي كواكب ”الجيل الأول“: لقد تشكلت من المادة المنهارة ذاتها التي يتكون منها النجم. في أثناء عملية الانهيار يحدث صراع بين قوة الجاذبية والحركة الدورانية، وهو ما يؤدي إلى تشكُّل قرص نجمي دوراني Circumstellar disc. والمادة الموجودة في هذه الأقراص هي التي تنهار، أو أنها تتجمع وتلتحم لتشكل الكواكب.

هل النجوم كلها تصنع كواكب؟
يعتمد الأمر في النهاية على عمر القرص. نرى بعض النجوم الأولية في مناطق بناء النجوم الفتية جداً والتي تفتقر إلى أقراص. ومع ذلك فنحن ما زلنا لا نستطيع التحقق مما إذا كانت الكواكب قد نشأت بالفعل حول هذه النجوم، أو ما إذا كان القرص قد تشتت قبل أن يتاح لها وقت لذلك.

غير أن مجرد تشكل الكواكب في مدار حول نجم لا يعني دائماً أنها ستبقى هناك. في الأقراص طويلة العمر، قد تتفاعل الكواكب مع مادة قرص مجاور، ليؤدي هذا إلى عملية جذب مدي مداري Orbital tug-of-war. وقد تنجرف الكواكب داخلاً في مدارات متزايدة الصغر، وقد ينتهي الأمر ببعضها إلى ابتلاع نجمها لها. وقد تواجه كواكب أخرى كواكب أولية أضخم وأكبر كتلة في أثناء هجرتها عبر القرص، وتُطرد من مجموعتها النجمية تماماً.

تبدو أقراص الكواكب الأولية داكنة في صور التلسكوبين هابل وويب. كيف ينظر علماء الفلك فيها؟
تظهر الأقراص داكنة في الصور الملتقَطة بالضوء المرئي لأنها تحجب هذا الضوء عن النجوم المضيفة لها. وللنظر في داخلها، نستخدم أدوات حساسة لموجات أطول من موجة الضوء المرئي. تهمني المناطق الداخلية للأقراص، حيث تصل درجات الحرارة إلى 1,000°س تقريباً. ولذلك أستخدم تلسكوبات الأشعة تحت الحمراء الحساسة للضوء المنبعث من مادة بدرجة الحرارة هذه. يهتم بعض زملائي بالأجزاء الأعلى كثافة في القرص، والتي هي أبرد بكثير (تنخفض إلى 250°س)، ولذا فهم يستخدمون تلسكوبات تحت ميلليمترية، مثل تلسكوب ALMA.

كلير ديفيس Claire Davies:
محاضرة في الفيزياء وعلوم
الفلك في جامعة إكستر
ما الشيء الذي ما زلنا لا نعرفه عن كيفية تشكُّل النجوم والكواكب؟
كثير! الشيء الوحيد الذي أجده أكثر إثارة للاهتمام هو بنية مجموعتنا الشمسية: جميع الكواكب تدور حول الشمس في الاتجاه ذاته وفي المستوى ذاته، وهو ما يتطابق أيضاً مع خط استواء الشمس Sun’s equator. لكن أنظمة الكواكب الأخرى بعيدة كل البعد عن التراصف. تمتلك بعض الكواكب خارج المجموعة الشمسية مدارات شديدة الميل، أو حتى أنها تدور في الاتجاه المعاكس لنجومها. فيما تكون بعض الأقراص الكوكبية ملتوية بنحو كبير، أو إنها تحتوي على حلقات مائلة بزوايا مختلفة. نحن لا نفهم تماماً لماذا أو متى يحدث مثل هذه الحالات من الاختلال، أو مدى تكرار ظهورها. 


3C 273: مصدر راديوي شبه نجمي (يختصر الاسم إلى ”كويزار“ Quasar) في كوكبة العذراء

عودة بالذاكرة: سماء الليل

24 نوفمبر 1976

في حلقة برنامج سماء الليل The Sky at Night في 24 نوفمبر 1976، نظر باتريك إلى الكويزارات Quasars، وهي أجرام كونية شبيهة بالنجوم ولكن تصرفها غريب جداً.

اكتشفت (الكويزارات) في العام 1963، عندما حدثت مطابقة مصدر راديوي ليس له قرين مرئي واضح مع ما بدا للوهلة الأولى أنه نجم أزرق خافت.

في العام التالي تمكن علماء الفلك من التقاط صورة لأطياف الكويزار 3C 273 عندما احتجب خلف القمر. أظهرت هذه (الأطياف) تغيراً في خطوط الانبعاثات بنسبة 15.8%، وهذا أحد أكبر التغيرات التي شوهدت حتى ذلك الوقت. إذا كان ذلك بسبب حركة الجِرم ذاته، فهذا يعني أن الكويزار كان يتحرك بسرعة مذهلة تبلغ 47,000 كم/ث. وإذا كان توسع الكون هو المسؤول، فهذا يعني أن الكويزار كان على بعد 2 بليون سنة ضوئية، وأسطع من مجرّة بكاملها. وفي ذلك الوقت لم تكن هناك آلية معروفة يمكنها تفسير أي من الخيارين.

في العام 1964، طرح إدوين سالبيتر Edwin Salpeter وياكوف زيلدوفيتش Yakov Zeldovich نظرية مُفادها أن الغاز شديد الحرارة الذي يسقط على الثقب الأسود الفائق في مركز المجرّة هو ما يسبب توهج الكويزارات. لقد كان الأمر مثيراً للجدل في ذلك الوقت، كان ما يزال يُنظر إلى الثقوب السوداء على أنها نظريات ولكن عمليات رصد الكويزارات ”الميتة“ E في مراكز المجرّات الأخرى ونمذجة هذه المناطق سرعان ما دعمت النظرية.

واليوم أمكن العثور على أكثر من مليون كويزار، على مسافات تصل إلى 13 بليون سنة ضوئية، وهذا ما يمنح علماء الفلك إطلالة على الكون المبكر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى