عندما يتعلق الأمر بالإضاءة، فالقليل منها هو الأفضل

بصفتي مديرةَ تصميم الإضاءة في مشروع البحر الأحمر، كنت أقود فريقاً لوضع مجموعة فريدة من الإرشادات للحفاظ على صفاء سماء الليل. نحن نبني وجهة سياحية فاخرة، ونطوِّر عدداً من الفنادق على طول ساحل البحر الأحمر في المملكة العربية السعودية، كواحد من المشروعات العملاقة في البلاد. منذ بَدء المشروع عمدنا إلى تقليل التلوث الضوئي إلى أدنى حد كجزء من مجموعة واسعة من تدابير الحفاظ على البيئة.

الاستدامة البيئية هي محور أساسي بالنسبة إلينا كفندق. أكملنا في العام الماضي القياسات الأساسية لمسح كامل لجودة السماء، وأخذنا قراءات عبر شبكة عملاقة تمتد على منطقة واسعة تبلغ مساحتها 28,000 كم2 ستقام فيها الفنادق. وتحتوي هذه المنطقة على براكين كامنة وكثبان صحراوية وأودية جبلية و200 كم من الساحل الذي يشمل أرخبيلاً من 90 جزيرة محاطاً برابع أكبر نظام حَيد مَرجاني في العالم. توضح القراءات المستمدة مدى الجودة الاستثنائية ومدى عتمة السماء، وهي قياسات تؤهل هذه المنطقة لتكون واحدة من أكبر المناطق في العالم الحاصلة على شهادة السماء المعتمة Dark-sky certification.

نعتزم الحفاظ على هذه السمة مع التوجيهات الإرشادية Guidelines التي طورناها للحفاظ على السماء المعتمة، وذلك بناءً على المعايير التي وضعتها الرابطة الدولية للسماء المعتمة International Dark-Sky Association (اختصاراً: الرابطة IDA). حالياً لا تُصادق الرابطة IDA على نوع التطوير الذي نخطط له، ولكن الإرشادات تسمح لنا بتحقيق متطلبات السماء المعتمة، وكذلك احتياجات صناعة الضيافة والفنادق. نحن نؤمن إيماناً راسخاً بمبدأ الأقل هو الأفضل. فمن خلال استخدام الحد الأدنى من الإضاءة يمكننا الحفاظ على الجمال الطبيعي لمشهد سماء الليل. وعلى سبيل المثال، هذا يعني استخدام درجات حرارة لونية تصل إلى 2,700 كالفن في الإضاءة الخارجية، و2,200 كالفن في الإضاءة البرتقالية (الكهرمانية) Amber lighting للمناطق الداخلية.

كما نختار تركيبات الإضاءة التي نستخدمها أيضاً بناء على الإرشادات التوجيهية، بحيث يجري اختيار جميع مصادر الإضاءة بعناية وتوجيهها توجيها جيداً، مع استخدام قطع الحماية وأغطية تمنع انتشار الضوء وتمنع التلوث الضوئي، فلا تنتشر زاوية الشعاع الضوئي في المكان الذي لا حاجة فيه إليه. تركز الإرشادات التوجيهية أيضاً على التخلص من الوهج Glare، إذ إن أي ضوء ساطع في مستوى العين مباشرة يفسد تجربة رصد النجوم. وهذا يعني تركيب مصادر الإضاءة مع إضافات للحماية، وعاكسات ضوء على شكل خلايا النحل Honeycomb louvers، ومُشتتات إضاءة Diffusers التي هي ملحقات يمكن أن تضمن الراحة البصرية. وهنا يمكن لأدوات التحكم المستخدمة في الإضاءة الذكية Smart lighting controls أن تساعد أيضاً، فيمنحنا هذا المرونة للتحكم في سطوع الإضاءة في أوقات مختلفة.

حالياً لا توجد مجموعة معايير جودة صناعية معتمَدة للإضاءة، لكني أطمح إلى أن يغيّر مشروع البحر الأحمر ذلك وفقاً لهذه المعايير الجديدة. نحن بالفعل نطبق إرشاداتنا التوجيهية للإضاءة في منتجعات أخرى نعمل على تطويرها، مثل مشروع أمالا Amaala، وهو مشروع عملاق آخر هنا في المملكة العربية السعودية. نحن نعمل مع 80 شركة استشارية تقريباً للإضاءة في معظم أنحاء العالم، ولديهم جميعاً خبرة الإرشاد والتوجيه. ولذلك آمل أن يصير تطبيق معايير الإضاءة الجيدة جزءاً طبيعياً من المناقشات والتطوير في أماكن أخرى. نحن نرى المدن الواقعة على البحر الأحمر بالقرب من المنتجع تبحث في توصياتنا بشأن تحسين ظروف الإضاءة، ومن الرائع أن نرى عملنا ينتشر ويأخذ به آخرون.

د. باتريشيا ميريام يانيز Dr. Patricia Myriam Yanez:
مديرة تصميم الإضاءة في شركة Red Sea Global، الشركة المُطوِّرة لمنتجع البحر الأحمر The Red Sea resort، الذي من المقرر أن يرحب بضيوفه الأوائل في أواخر العام 2023.