ميليسا بروبي تحاور ديمتري فيراس
اكتشف العلماء وجود المواد التي تشكل الوحدات البنيوية الأساسية للحياة على الأرض في أقراص نشوء كواكب بعيدة، بحجم المجموعة الشمسية
لقد حددت وجود جزيئات عضوية في أقراص كوكبية أولية تدور حول نجوم حديثة النشوء. أين توجد هذه الأقراص؟
تقع هذه الأقراص على مسافة تتراوح بين 300 و500 سنة ضوئية من الأرض، ولذا فنحن نرى هذه الأقراص كما كانت فعلاً قبل 300 إلى 500 سنة. والمناطق التي توجد بها هذه الأقراص هي من أقرب مناطق تشكُّل النجوم إلى مجموعتنا الشمسية، ما يعني أنه يمكننا الحصول على مشاهدة ممتازة لها.
كيف تعرفت على الجزيئات العضوية من بيانات مصفوفة أتاكاما الملليمترية الكبيرة (ALMA)؟
مقارنة بالأجهزة السابقة، استطاعت مصفوفة ALMA أن تزيد قدرتنا على الرصد بدرجة كبيرة. فهي تجمع بين الحساسية العالية جداً والدقة المكانية العالية. وهذا يعني أنه يمكننا اكتشاف الانبعاثات الباهتة على مقاييس صغيرة، وهذا أمر ضروري لدراستنا. لقد بحثنا عن ”البصمات“ Fingerprints الفريدة لهذه الجزيئات في بيانات ALMA، والتي كانت خافتة جداً، ولكن بفضل الجودة الاستثنائية للبيانات، فقد تمكنا من اكتشاف انبعاثاتها.
هل كانت هذه النتائج مفاجئة؟
اكتشفت هذه الجزيئات في أقراص كوكبية أولية من قبل، لكن حقيقة أننا تمكنا من الحصول على مثل هذه الأرصاد المحسنة تعني أن وفرة هذه الجزيئات هي أعلى بكثير مما كان يُعتقد سابقاً. وإضافةً إلى ذلك فهي توجد في مناطق القرص ”الداخلية“ Inner، ضمن مسافة 50 وحدة فلكية تقريباً، وهو تقريباً ذات مقياس مجموعتنا الشمسية. هذا يعني أننا نعثر على كميات كبيرة من المواد الحيوية (التي تشكل الوحدات البنيوية الأساسية للحياة) على مقاييس مماثلة لنظام كوكبي مثل مجموعتنا الشمسية.
ما مدى قربنا من فهم الظروف الفيزيائية والكيميائية التي تؤدي إلى نشوء الكواكب حول نجوم جديدة؟
تشير النتائج إلى أن التركيب الكيميائي للأقراص التي يبدو أنها تصنع الكواكب يشبه تركيب مجموعتنا الشمسية. ومع ذلك نحن لا نعرف ما إذا كان هذا لازماً لبناء الكواكب. للتحقيق في هذا سنحتاج إلى دراسة تكوين عينة أكبر بكثير وذات دلالة إحصائية من أقراص الكواكب الأولية. هذا شيء ستتمكن مصفوفة ALMA من فعله في المستقبل القريب.
هل يمكن العثور على هذه الجزيئات العضوية المعقدة في أقراص الكواكب الأولية فقط؟
عثر على الجزيئات العضوية المعقدة في بيئات مختلفة عبر أنحاء الفضاء، مثل سحب الغاز والغبار العملاقة التي ستشكل النجوم في النهاية. اقترحت الدراسات أن مثل هذه الجزيئات هي ”المكونات الخام“ لبناء الجزيئات التي تعتبر مكونات أساسية في الكيمياء البيولوجية على الأرض – بما في ذلك أشياء مثل السكريات وقواعد الحمض الريبي النووي (RNA). ومع ذلك، فإن عديداً من البيئات التي نجد فيها هذه الجزيئات العضوية المعقدة هي بعيدة جداً عن المكان الذي نعتقد أن الكواكب تتشكل فيه. لقد أردنا أن نفهم مزيداً عن مكان وجود هذه الجزيئات وكمياتها في مناطق ولادة الكواكب – الأقراص الكوكبية الأولية.
هل يشير وجود مثل هذه الجزيئات إلى أن الكوكب المتشكل قد يحتوي في النهاية على بيئات يمكن أن تنتج الحياة وتحافظ عليها؟
مع أننا لا نستطيع قول ذلك على وجه اليقين، فإن الرسالة الصرفة هنا هي أننا نجد هذه الجزيئات ”الحيوية“ بكميات كبيرة، وعلى مسافات من نجمها الأم تماثل حجماً مجموعتنا الشمسية. وهذا يشير إلى أن المكونات الأولية للحياة هي وفيرة في قرص المواد التي تصنع الكواكب.
كيف تخبرك أقراص الكواكب الأولية عن تاريخ تشكُّل مجموعتنا الشمسية؟
ثلاثة من الأقراص الموجودة في عينتنا تدور حول نجوم من نوع تي الثور T Tauri، وهي نسخ نجوم أحدث عمراً ومشابهة لشمسنا. تمثل هذه الأجسام الثلاثة مرحلة تطورية.
ما الخطوات التالية لأبحاثك؟
نريد أن نعرف كيف وصلت هذه الجزيئات إلى هناك. هل تشكلت في مكانها من تفاعلات كيميائية في القرص؟ أو أنها موروثة من مرحلة سابقة لتشكُّل النجوم، عندما تجمَّع القرص من سحابة كبيرة من الغاز والغبار؟ ستكون الإجابة عن هذه الأسئلة إحدى خطواتنا التالية.