أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
أبواب ثابتةسؤال وجواب مع عالم فلكي

سؤال وجواب مع راصد كواكب نجمية

تميل النجوم المحتضَرة إلى ابتلاع الكواكب الصغيرة والكثيفة وتمزيقها أشلاء إذن كيف تتمكن بعض الكواكب من النجاة؟

ميليسا بروبي تحاور ديمتري فيراس

كيف يحدث تدمير الكواكب في نهاية حياة نجم؟
في أثناء عملية التحول إلى قَزم أبيضWhite dwarf، يخضع نجم مثل شمسنا لتغيّرات كبيرة تتعلق بحجمه وسطوعه، عندما يتطور النجم إلى مرحلة تسمى بـ”نجم عملاق“. يزداد حجمه مئات المرات، ويبتلع بسهولة الكواكب القريبة جداً منه. وعلى سبيل المثال، في مجموعتنا الشمسية، ستبتلع الشمس كوكبي عطارد والزهرة. أما بعض الكواكب الأبعد خارجاً فستخضع لاضطراب جاذبية يجعلها في مدار قريب حول النجم. لدينا بعض الأمثلة على الكواكب العملاقة المضطربة بهذه الطريقة، ولكن لا نعرف كواكب أرضية إلى الآن. بعد مرحلة العملاق مباشرة يتقلص النجم إلى قزم أبيض صغير مضغوط.

كيف بدأت البحث عن كيفية نجاة بعض العوالم من هذه العملية؟
كان بحثنا من أولى الدراسات المتخصصة على الإطلاق في التأثيرات المدية Tidal effects بين الأقزام البيضاء والكواكب الصخرية، مثل الأرض والمريخ والكويكبات. تحدث القوى المدية لأن الجاذبية تعمل على جانب واحد من الكوكب بقوة أكبر من فعلها على جانبه الآخر. هذا الاختلاف يشد الكوكب، ويصير التمدد أشد كلما اقترب الكوكب من النجم. ومن ثم ستكون هناك مسافة حرجة لا يستطيع الكوكب عندها الاستمرار في البقاء بعد ذلك.

ماذا تضمَّن بحثُك؟
أنشأنا إجراءً لحساب التأثيرات المدية هذه، وقدَّمنا نوعاً من ”دليل بقاء“ للكواكب ذات الخصائص المختلفة مثل المسافة واللزوجة والدوران. هذا يسمح لنا بتحديد ما إذا كان كوكب معين سينجو أو ينهار بسبب القزم الأبيض، وإذا كان الأمر كذلك، فمتى يحدث هذا. ثم استخدمنا المحاكاة العددية لتطبيق هذه النظرية وتقديم أمثلة محددة.

هل الكواكب الصغيرة والصخرية حول الأقزام البيضاء معرضة بصورة خاصة للتمزق؟
القوة المدية هي دالة ذات عدد كبير من المتغيّرات. أحدها هو حجم الكوكب، لأن انحسار قوى الجاذبية هو أكبر في الكواكب الأكبر حجماً، وينتج قوة جاذبية داخلية قوية وسريعة نحو النجم. ومن ثم فإن الكواكب الصغيرة لديها فرصة أكبر للنجاة لأنها لا تتحرك نحو النجم بالسرعة ذاتها. العامل المتغيِّر الآخر الذي يؤثر في القوى المدية هو مدى ”صلابة“ الكوكب، ويقاس بدرجة لزوجته الداخلية. كلما كان الكوكب أكثر لزوجة، زادت قدرتُه على مقاومة انجذابه نحو النجم وفنائه.

ما العوامل الأخرى المؤثرة في بقاء الكوكب؟
من أهمها مسافة ابتعاد الكوكب عن القزم الأبيض. وهناك عامل آخر أضعف ولكنه غير مهمل، وهو معدل دوران (تدويم) كل من الكوكب والنجم. يمكن تدمير الكواكب حول كثير من النجوم، وليس فقط الأقزام البيضاء. وبعكس النجوم الأخرى، تقدم الأقزام البيضاء لمحة عن مستقبل المجموعة الشمسية ومستقبل جميع أنظمة الكواكب النجمية المعروفة، تقريباً.

ما المصير المحتمل للكوكب الناجي عندما يطلِق نجمه القزم الأبيض في النهاية كل طاقته وينطفئ؟
إن إشعاع قزم أبيض ليس له تأثير مباشر في القوى المدية الجاذبة. ومع ذلك فإن الأقزام البيضاء التي انطفأت هي قديمة جداً، ويعتبر المجال الزمني الذي تعمل فيه القوى المدية الجاذبة محدِّداً رئيسياً للنجاة. إن قزماً أبيض شاحباً عمره خمسة بلايين سنة – على سبيل المثال – هو أقل احتمالاً لاستضافة كوكب ناجٍ من قزم أبيض خافت عمره ثلاثة بلايين سنة، وذلك ببساطة لأنه في الحالة الأولى كان هناك مزيد من الوقت للمد الجاذبي لجذب الكوكب وتدميره.

في رأيك ما الذي يجب أن يبحث عنه علماء الفلك عند بحثهم عن الكواكب النجمية ودراستها؟
سيكون أحد أهم الاكتشافات التالية هو كوكباً شبيهاً بالأرض يدور حول قزم أبيض. حتى الآن، عُثر على كواكب عملاقة وكويكبات صغيرة فقط تدور حول هذه النجوم. لقد أظهرنا أن الكواكب الشبيهة بالأرض يمكنها البقاء بثبات حول الأقزام البيضاء لأزمنة طويلة. توفر نتائجنا ”دليل إرشاد“ وحافزاً للراصدين للعثور عليها أخيراً، لأننا أظهرنا أنه يمكنها في كثير من الحالات البقاءُ مئات ملايين السنين على الأقل. 


ديميتري فيراس Dimitri Veras:
أستاذ مشارك وزميل في منحة STFC Ernest Rutherford في جامعة وارويك University of Warwick. متخصص بدراسة مصير الكويكبات والمذنبات والأقمار والكواكب خارج المجموعة الشمسية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى