أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
فضاء

أصل حزام الكويكبات

هل بدأ حزام الكويكبات ممتلئاً وفرغ، أم بدأ فارغاً ثم امتلأ؟

البروفيسور ليويس دارتنل
عالم أحياء فلكية في جامعة ويستمينستر

يعرف علماءُ الفلك الكثيرَ عن حزام الكويكبات. محدِّدا الحدود بين الكواكب الصخرية الداخلية والعمالقة الغازية الخارجية، وبامتداده ما بين عطارد ونبتون فإنه أعرض جزء من المجموعة الشمسية لا يحتوي على أي كوكب رئيس. فلا تزيد الكتلة الإجمالية لهذه المنطقة المتناثرة من الأنقاض الصخرية على واحد في الألف من كتلة كوكب الأرض، ويمثل كويكب واحد فيه، هو سيريس Ceres، ما يقرب ثلث إجمالي هذه الكتلة الإجمالية. فالكويكبات الداخلية في الحزام هي في الغالب أجرام جافة من الفئة S (سليكونية Siliceous) يُعتقد أنها تشبه إلى حد كبير نيازك الكوندريت Chondrite العادية، في حين تهيمن أجرام الفئة C (الكربونية Carbonaceous) على الجزء الخارجي من الحزام، وهي غنية بالكربون والماء. كما توصف مدارات الكويكبات -عموما- بما بأنها “مستثارة الديناميكية” Dynamically excited إذ لا ترسم دوراتها حول الشمس دوائر منتظمة ضمن مستوي كواكب المجموعة الشمسية، بل لها انحرافات مدارية تصل إلى °0.3، ويمكن أن تميل بزوايا تزيد على °20.
وعلى الرغم من قدرتنا على توصيف حزام الكويكبات جيداً حاليا، إلّا أننا لا نعرف فعلياً كيف نشأ في المقام الأول. والآن هناك علماء مثل شون ريموند Sean Raymond، في مختبر الفيزياء الفلكية بجامعة بوردو، وديفيد نيسفورني
David Nesvorny، من قسم دراسات الفضاء بمعهد أبحاث الجنوب الغربي في مدينة بولدر بولاية كولورادو، يراجعون ما نعرف عن أصله.

منظور جديد
ويشرح ريموند ونيسفورني النظرة التقليدية القائلة إن حزام الكويكبات قد تكوَّن داخل القرص الغازي والمغبر الذي دار حول الشمس البدئية، على صورة سرب من كواكب صغيرة متبقية من الحطام، بكتلة أولية ربما بلغت عدة كتل أرضية إجمالاً. ومع مرور الوقت، ووفقاً لهذه الفرضية قُذف بـ %99.9 من هذه المادة من هذه المنطقة المدارية بفعل تفاعلات قوى الجاذبية بين الكواكب (بما في ذلك الهجرة المبكرة المحتملة لكوكبي المشتري وزحل)، ومن ثم فإن حزام الكويكبات الذي نراه حاليا يمثل بقايا خزان مستنفد بشدة من الكواكب الصغيرة. ولكن العملية المعاكسة قد تفسر أيضاً خصائص حزام الكويكبات الحديث. إذ ربما بدأت هذه المنطقة المدارية فعلياً دون أي مادة صخرية فيها على الإطلاق، وأنها امتلأت عبر تاريخ المجموعة الشمسية بالكواكب الصغيرة التي ولدت في مكان آخر منه. وبهذه الطريقة، فقد تكون عملية تشكل حزام الكويكبات بمثابة قصة نمو وليس نضوباً.
أحد الأدلة على ما حدث، كما يشرح ريموند ونيسفورني، يمكن أن يقدمه لنا أكبر كويكبين في الحزام، وهما سيريس وفِستا Vesta. فبينما يشغل سيريس وفيستا حالياً مدارين متقاربين نسبياً (في الواقع، من المحتمل تصادمهما تقريباً في البليون سنة المقبلة)، فمن المحتمل أنهما ولدا بالفعل في بيئات مختلفة إلى حد كبير في النظام الشمسي البدئي. فقد أكد مسبار دون Dawn التابع لوكالة ناسا أن سيريس غني بجليد الماء، وأن له تركيبة تشبه إلى حد كبير نيازك الكوندريت الكربونية. ويُعتقد أن هذا الكويكب العملاق قد نشأ في الجزء الخارجي البارد من النظام الشمسي، ولكنه تعرض لإزاحة وزرع في منطقة حزام الكويكبات بفعل عملية تشكل الكواكب الغازية العملاقة. ومن ناحية أخرى، يشير تركيب بنية فِستا إلى أنه قذف إلى منطقة حزام الكويكبات من منطقة ولادته الأقرب كثيراً إلى الشمس. فهل هذا دليلٌ على عملية نمو الحزام؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى