سؤال وجواب مع باحث في علوم المجرّات
الكويزارات هي وحوش جائعة توجد في قلب المجرّات وما زال أصل هذه الأجرام القوية غامضاً منذ زمن طويل
آنيتا تشاندران تُقابل د. جوناثان بيرس
ما الكويزارات أشباه النجوم؟
نعتقد أن هناك ثقوباً سوداء فائقة الكتلة توجد في مركز كل مجرّة ضخمة في الكون. هذه الثقوب السوداء هي مادة تتراكم وتنمو من محيطها القريب، وعادة ما تكون غازاً أو غباراً. في بعض الحالات تعمل قوى الجاذبية المؤثرة وهائلة القوة على تسخين هذه المادة، ليؤدي ذلك إلى انبعاث إشعاع شديد. نطلق على هذه الأجرام شديدة القوة اسم نوى مجرّية نشطة Active galactic nuclei، والكويزارات هي أسطع وأقوى الأمثلة عليها.
ما الذي يجعل هذه الأجرام غامضة؟
يبلغ حجم الثقوب السوداء الهائلة حجم المجموعة الشمسية تقريباً. وهذا حجم صغير جداً أمام مجرّة كاملة تحتوي على ما بين مئات الملايين وتريليونات النجوم. وفي هذه المجرّات يوجد كثير من الغاز، لكن اللغز يكمن في كيفية وصول هذا الغاز إلى منطقة الثقب الأسود المركزية لتوفير الوقود للكويزار. تتمثل إحدى الأفكار الرئيسة في أنه عندما تصطدم المجرّات، يكون الأثر الصافي لتصادمها هو قذف كمية كبيرة من المادة باتجاه مراكز المجرّات، وهذه وسيلة جذابة لإيصال الوقود إلى الثقب الأسود.
كيف يدرس علماء الفلك الكويزارات؟
يمكن أن تُصدر الكويزارات والنوى المجرية النشطة إشعاعها عبر كامل الطيف الكهرومغناطيسي، بدءاً من أشعة X، أو أشعة غاما، وصولاً إلى الموجات الراديوية، ولهذا هناك طرق كثيرة لدراستها. لدينا تلسكوبات مذهلة تعمل بأطوال موجية مختلفة. وهناك طريقتان رئيستان: يمكنك النظر إلى المسبب ما الشيء الذي يطلق أو يشعل الكويزار أو يمكنك إلقاء نظرة على الآثار الناجمة عن ردة الفعل، حيث تؤثر الطاقة الناتجة من الكويزار على الغاز والغبار داخل المجرّة.
ما الطريقة التي استخدمها فريقك؟
ركزنا على العامل المسبب، وخاصة عمليات الاندماج المجرّي. صوّرنا عينة كبيرة من المجرّات المحتضنة للكويزارات، مع حساسية كافية لالتقاط البنى الخافتة والمشوهة التي تشير إلى ما إذا كانت المجرّة تمر بعملية اندماج أو لا. كما نظرنا إلى مجموعة من المجرّات لا تحتوي على كويزارات وصوّرت بالطريقة ذاتها. كانت هذه المجرّات بطريقة أخرى لها خصائص فيزيائية مشابهة جداً. عندما نظرنا إلى المجموعتين، رأينا أن المجموعة الأولى (التي تحتوي على كويزارات) قد أظهرت بصمات اندماج أكثر بثلاث مرات من المجموعة الثانية، التي لا تحتوي على كويزارات؛ وهذا يقدم دليلاً قوياً على أن عمليات الاندماج المجرّي مهمة لإطلاق الكويزارات.
ما بعض النظريات الأخرى لتكوُّن الكويزارات؟
تعتبر نظرية المجرّات الاندماجية Merging galaxy theory هي الأكثر شيوعاً، لكن المشكلة تمثلت في العثور على الدليل. وحتى في عينتنا، لم تُظهر كل مجرّة حاضنة للكويزار آثار عملية اندماج، ولذا يجب أن يكون هناك شيء آخر يمكن أن يسبب إطلاق الكويزار. تقول إحدى النظريات إن البنى الجاذبية داخل المجرّات الحلزونية (أذرع حلزونية أو أضلاع، على سبيل المثال) يمكن أن توجه الغاز نحو مركز المجرّة. هناك أيضاً فكرة أخرى مُفادها أنه في الكون المبكر، وعلى مسافات أبعد بكثير، ربما وُجدت هناك سحب غازية عملاقة داخل المجرّات يمكن أن تصطدم وتلقي بمادة نحو نوى المجرّات.
ماذا تخبرنا الكويزارات عن الكون؟
الكويزارات هي أقوى الأجرام في الكون، ولذا فهي مثيرة جداً للاهتمام. يمكن للكمية الهائلة من الطاقة الناتجة عن الكويزارات أن تحدث اضطراباً للغاز في المجرّة بدرجة كبيرة، ومن ثم قدرتها على بناء نجوم جديدة. نريد أن نفهم ما يحدث في أثناء دورة حياة المجرّة، وهذا التأثير يعني أن الكويزارات يمكن أن تؤثر في تطورها. يمكن أيضاً اكتشاف الكويزارات على مسافات كبيرة لأنها تستطيع أن تبعث ضوءاً بقدر مماثل لمجرّة بكاملها. يمكن لأدوات مثل التلسكوب جيمس ويب الفضائي أن تلتقط وجودها، ليدفع ذلك حدود المسافة التي يمكننا رؤيتها إلى ما هو أبعد، ويسمح لنا بمعرفة مزيد عن الكون المبكر.
ما الخطوة التالية لأبحاثك؟
نريد أن نؤكد أنه إذا استخدمنا عينة مختارة بأشعة X أو الأشعة تحت الحمراء، على سبيل المثال، فإن نتائجنا تظل قائمة. المسألة هي التحقق من أن عمليات الاندماج المجرّي مهمة لإطلاق كل الكويزارات، بغض النظر عن كيفية اختيارها.