تحسين ظهور التفاصيل في صور السديم ــ دراسة حالة ــ
اجمع بيانات مرشحات الـ RGB ومرشحات النطاق الضيق لإعطاء صور عميقة ومفعمة
في العام 2022، أدرجت صورتي لسديم الهلال Crescent Nebula, NGC 6888، ضِمن القائمة المختصرة لمسابقة المصور الفلكي للعام. وفي هذا المقال، آمل أن أقدم لكم فكرة عن كيفية إنشاء هذه الصورة.
الخطوة الأولى في أي صورة فلكية هي خطوة جمع البيانات. هذه المرحلة حاسمة لأن جودة بيانات البدء ستحدد مدى جودة الصورة النهائية. من أجل هذه الصورة، جمعتُ بيانات فائقة الجودة على مدار 45 ساعة. فور جمعها انتقلت إلى خطوة المعالجة، والخطوة الأولى هنا كانت هي معايرة الصور ودمجها.
أزالت هذه الخطوات الآثار غير المرغوب فيها من البيانات الأولية، ووضعت معدلاً لمجموعة بيانات كبيرة معاً لإزالة الضجيج Noise من الصورة النهائية. كان فعل هذا ضرورياً جداً لأن الإشارة في أي لقطة مفردة هي خافتة جداً. كان علينا صنع معدل لعديد من الصور معاً لتحسينها، وكان لا بد من فعل هذا مع كل مرشح (فلتر) مستخدم. في حالة هذه الصورة، كان هناك 5 مرشحات مختلفة، يوضحها الشكل 1.
بعد ذلك كان يجب تكوين الصور الخمس التي التُقطت بالمرشح لإنشاء صورة ملونة، ولكن هذه العملية لم تكن سهلة كثيراً بفضل صورَتَي النطاق الضيق في مرشح الهيدروجين آلفا (Ha) ومرشح الأكسجين (OIII). التُقطت هذه الصور باستخدام مرشحات ذات طيف ضيق جداً، لذا لا يمكن توفيقها بسهولة مع الصور الملتقطة بمرشحات RGB قياسية. رُكبت الصور الخمس في صورتين، ثم دُمجتا معاً بعناية.
كانت أول هذه الصور هي صورة RGB بإضاءة طبيعية، وكانت هناك أيضاً صورة ”HOO“. هنا احتلت بيانات مرشح الهيدروجين آلفا القناةَ الحمراء، في حين احتلت بيانات مرشح الأكسجين OIII قناتي اللونين الأخضر والأزرق. أدى هذا إلى إنشاء درجات ألوان طبيعية نسبياً لهذا الجرم، كما هو موضح في الشكل 2.
هنا يمكنك رؤية صورة RGB على اليسار وصورة HOO على اليمين. وبينما تبدو ألوان صورة HOO غيرَ صحيحة تماماً، يمكنك أن ترى أنها تتماشى جيداً نسبياً مع الألوان الحقيقية لصورة RGB؛ وهذا لأن انبعاث الهيدروجين آلفا هو أحمر فعلاً، في حين أن انبعاثات OIII هي فعلاً بلون أزرق مخضر. ولذلك فقد أخذت البيانات من أحدهما اللون الأحمر، والآخر اللونين الأخضر والأزرق لتشكيل لون أزرق مخضر. وبهذه الطريقة تمكنت من تقليد الألوان الطبيعية باستخدام مرشحات ضيقة النطاق، وهذا ما أعطى الصورة النهائية تبايناً أكبر بكثير.
مدّد المدرج التكراري (الهستوغرام)
والآن، مع دمج هذه الصور لونياً، نرى أنها لم تبدُ هكذا بعد التقاطها مباشرة. لقد كانت ”صوراً خطية“، وهو ما يعني أن البيانات داخلها ما زالت هي الطريقة التي تعرفها الكاميرا. اضطررت إلى إضاءة الصور للكشف عما جرى احتواؤه، ولكنها في الواقع بدت كما هي في الشكل 3.
الصورة اليسرى هي الصورة الخام Raw مع المدرج التكراري الخاص بها. وكما ترى فمعظمها أسود. يُظهر المدرج التكراري أن جميع تفاصيل الصورة تكمن في ظلالها. كنت في حاجة إلى إجراء عملية ”تمديد مدرج تكراري“ Histogram stretch، وهي دالة حسابية تحوّل الأعداد الصغيرة إلى أعداد كبيرة. هذه العملية أخذت الظلال وجعلتها ضمن الدرجات اللونية المتوسطة، باستخدام ”وظيفة نقل الدرجات اللونية المتوسطة“ Midtones transfer function والتي يجري إعدادها عادةً باستخدام ثلاثة أشرطة تمرير على المدرج التكراري في برامج معالجة الصور. ومن خلال تحريك أشرطة التمرير هذه، تمكنت من توسيع الصورة الخام Raw ومدّها لكشف التفاصيل.
فور إكمال هذه العملية لكل من صورتي المرشحين RGB وHOO، صرتُ مستعداً لمعالجتها لاحقاً من أجل اللمسات الجمالية. كانت المشكلة الرئيسة في هذه المرحلة هي دمج صور المرشحين RGB وHOO معاً. كانت لصورة RGB ألوان نجم طبيعية مرغوب فيها، في حين احتوت صورة HOO على تفاصيل سديم عالية التباين. ولأخذ أفضل المعالم من كل منهما، فقد احتجتُ إلى التخلص من النجوم في صورة المرشح HOO لإفساح المجال لنجوم صورة المرشح RGB، كما هو موضح في الشكل 4.
كان هذا هو الجزء المفضل لدي في التحرير، لأن النجوم تحجب كثيراً من التفاصيل الموجودة في الصورة. ومن دونها يمكن تصوير السديم بكامل تفاصيله. بعد إنهاء هذه المرحلة، أجريت بعض التغييرات في اللون والتباين لجعل الصورة أكثر لفتاً للانتباه. كما أنني استخرجت أيضاً النجوم من صورة (مرشح) RGB (حيث احتفظت النجوم بألوان جيدة) ومزجتها مرة أخرى باستخدام وضع مزج طبقة ”شاشة“ Screen في برنامج Photoshop. وهذا أعطاني أفضل ما في الحالتين: تفاصيل عالية التباين وألوان نجوم طبيعية، كل ذلك في صورة واحدة كاملة، يمكنك رؤيتها على الصفحة المقابلة.
1. إذا قللتَ من معايرة الصورة، فستدفع ثمن ذلك في مرحلة ما بعد المعالجة.
2. الصور الخام الخاصة بك يجب أن تمددها لرؤية البيانات فيها؛ من الطبيعي أن تبدو كلها سوداء.
3. ألوان النطاق الضيق ليست ”حقيقية“، وألوان HOO ليست هي لوحة الألوان الوحيدة. يمكنك أن تكون مبدعاً إذا حاولت قلبها إلى OOH!