سماء واحدة… تكتيكات مختلفة
رون بريشر يتحدث عن السلوك الليلي للمصورين والراصدين الفلكيين
رون بريشر Ron Brecher
يصوّر أجرام أعماق السماء من مرصده في أونتاريو بكندا، في حين كان يرصد في الوقت نفسه عبر عينية التلسكوب من ممره. شاهد صوره ومقالاته وأكثر على موقع: astrodoc.ca
لما يقرب من ربع قرن كنت أدرس علماء الفلك بمن فيهم أنا “في البرية”. وقد لاحظت بعض الاختلافات المثيرة للاهتمام بين زملائي من علماء الفلك، اعتماداً على ما إذا كانوا يلتقطون فوتونات الضوء بأعينهم، أم بالكاميرا، أو بكليهما.
لنبدأ بمن يتحدث ومتى. يمكن لعلماء فلك الرصد بالعينيات Eyepiece astronomers أن يكونوا كثيري الكلام تماماً أثناء إعداد معداتهم البسيطة نسبياً (سأتحدث عن هذا بعد قليل). ولكن فور بدء المراقبة الجادة، تراهم يميلون إلى الهدوء. وغالباً ما يراقبون ضمن مجموعات صغيرة ويتحدثون همساً، ويستشيرون أحياناً خريطة نجمية باستخدام مصباح يدوي أحمر خافت. فالمصورون هم المثال المعاكس بالضبط. فلى الرغم من هدوئهم أثناء إعداد المعدات، إلا أنهم يمكن أن يكونوا شديدي الصخب عندما تنشغل الكاميرات بالرصد والتصوير. ربما تجدهم يتحركون في مجموعات كبيرة؛ أو ربما يخلدون إلى النوم.
مع المعدات البسيطة نسبياً، فإن علماء الفلك المرئي لا يحتاجون إلى كثير من الطاقة اللازمة للمعدات؛ فبطارية صغيرة واحدة تكفي جهاز رصد النقطة الحمراء Red dot finder لليالٍ عديدة من المراقبة باستخدام تلسكوبي من نوع دوبسونيان Dobsonian، 10 بوصة (254 مم). ومع تلسكوب دوبسونيان 20 بوصة (508 مم)، أستخدم أيضاً بطارية 9 فولت لتشغيل المروحة لتبريد المرآة الأساسية، ولكن هذا ما يتعلق بالرصد. أما بالنسبة إلى التصوير الفلكي، فهذه قصة أخرى: أحتاج إلى طاقة للحامل، وكاميرتين باردتين، ومنظار توجيه Guidescope، وجهازي تركيز الإلكترونيين Electronic focusers، وحاسوب، وجهازيّ تسخين الندى Dew heaters. فكل هذا العتاد يعني إمكان حدوث مزيد من الأخطاء أيضاً؛ لم أضطر قطٌّ إلى قطع الرصد من أجل تحديث لبرنامج Windows غير مخطط له!
ومع ذلك، فهناك بعض الظروف التي قد تثبط جلسة رصد مرئي، وأهمها البرودة الشديدة. في منطقتي، تميل المراقبة الشتوية إلى أن تكون مختصرة، حتى بالنسبة إلى أعتي علماء الفلك. غير أن البرد ربما لايؤثر في التصوير، إذ يمكن لمعظم المصورين اللجوء إلى مأوى أثناء عمل أجهزتهم. فالحرارة المفرطة والغيوم المتقطعة هي عكس ذلك. يمكن أن تتسبب السحب في المكان والزمان الخاطئين بفشل التركيز الآلي Automated focusing أو التوجيه الآلي Autoguiding، مما قد يحبط جولة تصوير. وفي الليالي الحارة جداً، قد يصعب تبريد مستشعرات الكاميرا Camera sensors والبصريات Optics ويؤثر في استقرارها للتصوير. لكن في مثل تلك الظروف، يرتدي علماء الفلك المرئي قمصان T-shirt، ويوجهون تلسكوباتهم بسرور بين السحب إلى الأجرام المفضلة لديهم.
وهناك تباين آخر مثير للاهتمام بين علماء الفلك البصري والتصويري، هو طول قائمة الأهداف لليلة معينة. عادةً ما يكون لدي عدد كبير من الأهداف في خطتي للرصد المرئي؛ شاهدت ذات مرة 15 عنقوداً كروياً في كوكبات الحوّاء Ophiuchus (حامل الثعبان)، والرامي Sagittarius (رامي السهام)، في مدة ثلاث ساعات. وبصفتي مصوراً، أفكر في عدد الليالي لكل هدف رصدي بدلاً من الأهداف في كل ليلة، وذلك بعد أن علمت أن أفضل صوري تأتي من التقاط الفوتونات بصبر على مدار عدة ليال.
نحن محظوظون لأنه يمكننا اختيار الاستمتاع بعلم الفلك الرصدي، أو التصوير الفلكي، أو كليهما. وبالنسبة إلي، لا شيء يمكن أن يعادل تجربة الفوتونات التي تضرب شبكية العين وتنشط عقلي بعد رحلة عبر المكان والزمان، وعبر تلسكوبي. ولكن الصور تكشف الكثير من التفاصيل والألوان، ويمكن أن يستمتع بها الأشخاص الذين لن يتسلقوا أبداً سُلَّماً في الظلام بحرارة -20°س، أو الذين لن يسمح لهم بصرهم بالرؤية جيداً عبر العينية. وبعد التفكير في كل شيء، سأستمر بفعل الأمرين في الوقت ذاته عادة!