تعمق في رصدك للقمر
پيت لورانس Pete Lawrence هو دليلك لتطوير رصدك للقمر إلى المستوى التالي، مُقدِّما نصائحه كخبير لتجد طريقك بين معالم سطح القمر الرائعة، وأكثر...
القمر هو جرم رائع للرصد. فهو كبير الحجم وساطع وقريب. وهذه صفات تُميِّزه مقارنة برصد أهداف فلكية أخرى أكثر صعوبة وتحدياً. ومع ذلك، فهنا، على عتبة باب كوكبنا الأرضي يوجد عالم غني بالمعالم ينتظر استكشافه. وفي هذا الدليل سنلقي نظرة على بعض الملامح المهمة للحصول على أفضل مشاهدة في جلسات رصدك للقمر وسنقدم التعليمات الأساسية للتنقل على سطح القمر، وننظر إلى معظم معالمه المرئية، ونوسع رصدنا أكثر لنرى كيف يتداخل حضوره ويتكامل مع مشهد السماء من حوله. لذا، امسح الغبار عن تلسكوبك، فنحن ذاهبون الآن إلى القمر معاً.
كيف تعرف الاتجاهات عند رصد القمر
اعرف خطوط الطول والعرض القمرية، وخط الطول القمري الرئيس Prime meridian.
يمكن تحديد مواقع المعالم القمرية بإستخدام خطوط الطول والعرض القمرية Selenographic latitude المشابهة من حيث المبدأ خطوط الطول والعرض الأرضية (كلمة Selenographic تعني قمري، بالطريقة نفسها التي تعني بها كلمة Geographic أرضي). ويقاس خط العرض بالدرجات شمال وجنوب خط استواء القمر Moon’s equator. ويقاس خط الطول بالدرجات شرق وغرب خط الزوال الرئيس للقمر Prime meridian، وهو الخط الذي يصل بين قطبي القمر شمالاً وجنوباً، ويوصف تاريخياً بعبوره فوهة موستينغ أيه Mösting A. ولكنه يُعرَّف الآن بأنه الخط المركزي المتوسط من الشمال إلى الجنوب كما يرى من الأرض. كما أنه لا يظهر مركزياً دوماً، وذلك بسبب تأثير مفعول ظاهرة ميسان (تأرجح) القمر Libration.
الشرق يصير غرباً- لم تختلف الإتجاهات الرئيسية Cardinal points على القمر عنها في بقية السماء.
عندما تنظر إلى وجه القمر وجهة الشمال إلى الأعلى، سيكون الشرق إلى اليمين، والغرب إلى اليسار. وهذا الأمر هو بخلاف جميع أجسام المجموعة الشمسية الأخرى، التي تأخذ اتجاهها من خلفيتها السماوية: فمع كون اتجاه الشمال هو الأعلى، يبدو اتجاه الشرق إلى اليسار. غير أن الاتحاد الفلكي العالمي غيّر اتجاه الشرق على القمر في عام 1960 ليصير غرباً، ليجعله بذلك أسهل للاستكشاف. والآن، إذا نظرت إلى القمر، واتجاه الشمال نحو الأعلى، فسيبدو لك كما تتوقع رؤيته إذا كنت تنظر إلى خريطةٍ عاديةٍ الغربُ فيها نحو اليسار.
الميسان (التأرجح) – كيف يؤثر في مشهد رؤيتنا للقمر؟
للقمر ظاهرة تعرف بالتقييد المدي Tidally locked، تكون فيها مدة دورته المحورية Rotation period مساوية لمدة دورته المدارية Orbital period، لذلك نحن نرى نصف كرته فقط. ولكننا نستطيع أيضاً رؤية ما يصل إلى %59 من مساحة سطح القمر بفضل مفعول ظاهرة الميسان (التأرجح) Libration. وتحدث هذه الظاهرة عبر الوقت عند كلٍّ من خطوط طول القمر وخطوط عرضه. ويميل مدار القمر بزاوية قدرها 5 درجات على مستوي دائرة البروج Ecliptic plane، ولذا فعندما يظهر فوق هذا المستوي يمكننا أن نرى المزيد من طرفه الجنوبي. وإذا كان القمر تحت هذا المستوي، فيمكننا رؤية المزيد حول طرفه الشمالي. ويحدث الميسان الطولي Longitudinal libration بسبب كون مداره إهليلجياً. ويسبب هذا تغيراً في المسافة بين القمر والأرض وفي سرعة القمر المدارية أيضاً؛ مما يسمح لنا برؤية المزيد قليلاً حول طرفيه الشرقي والغربي.
خط الغلس القمري Terminator – تقسيم القمر إلى ليل ونهار. ينير ضوء الشمس نصف سطح القمر في أي وقت. ولكن موقعه المداري هو ما يحدد القدر الذي نراه من نصفه المضاء، لنحصل بذلك على أطوار القمر Lunar phases. ويعرف الخط الفاصل بين النهار القمري (النصف المضاء) والليل القمري (النصف المعتم) بخط الغلس القمري Lunar Terminator: وهناك خطُّ الغلس الصباحي الذي يرى في أطوار ازدياده، وهو الذي يحدد الانتقال من ليل القمر إلى نهاره؛ وهناك أيضاً خط الغلس المسائي الذي يشاهد في أثناء أطوار تناقصه، وهو الذي ينقل عنده نهار القمر إلى ليل.
خط الطول القمري المشترك Co-longitude – حيث يوجد خط الغلس.
يُحدَّد موقع خط الغلس بإستخدام خط الطول المشترك
Co-longitude. وتصف هذه القيمة مكان خط الغلس الصباحي بالدرجات إلى الغرب من خط الزوال الرئيس Prime meridian للقمر، ويقاس بقيمة تتراوح بين 0 — 360˚. أما موضع خط الغلس المسائي؛ فهو يساوي القيمة الحالية لخط الطول المشترك مع إضافة قيمة 180˚. وهو لا يرتبط بمفعول الميسان. ويكون خط الطول المشترك بقيمة = 0˚ في وقت قريب من وقت التربيع الأول First quarter، وبقيمة = 90˚ قرب طور القمر البدر، وبقيمة = 180˚ قرب وقت طور التربيع الأخير last quarter، وبقيمة = 270˚ حول وقت طور القمر المحاق New Moon.
أي مشهد نتوقعه من خلال عينية التلسكوب؟
القمر كبير وقريب بما يكفي ليقدم مشهد سطح يمكن استكشافه بالعين المجردة وبالمنظار المزدوج Binoculars، أو بالتلسكوب. بالعين المجردة والمنظار المزدوج سيبدو لنا اتجاه الشمال القمري نحو الأعلى، واتجاه الغرب في اليسار، والشرق في اليمين. أما بالتلسكوب؛ فستتباين الاتجاهات اعتماداً على إعدادات وترتيبات العدسة العينية Eyepiece ونوع تلسكوبك.
لسطح القمر الكثير من التفاصيل الدقيقة، وخاصة عندما يكون خط الغلس قريبا من السمة موضع الرصد. أما قدرة تمييز التفاصيل Resolving power؛ فتتوقف على حجم تلسكوبك، وظروف الرؤية، واستعمال درجة تكبير مناسبة. ويمكنك استعمال معادلة بسيطة لتعرف قدرة التلسكوب بالثواني القوسية Arcseconds وهي:
R = 120 ÷ d, حيث d هي قطر تلسكوبك بالميلليمترات. وتعرف هذه المعادلة هذا بحد دوز Dawes’s limit، ويمكن تحويله إلى بعد فيزيائي تقريبي، إذا عرفنا أن قطر القمر يبلغ 3474 كم، وأن حجمه الزاوي Angular
size هو تقريباً 1800 ثانية قوسية، ولذا فإن كل ثانية قوسية تمثل 1.93 كم. أما أصغر معلم مادي (p) يمكن لتلسكوبك أن يميزه؛ فيمكن معرفته بالمعادلة التالية:
p = 1.93 x (120 ÷ d)، وتقديره بالكيلومترات. لذا، فإن تلسكوباً قطره 200مم يجب أن يتمكن من تمييز معلم يعادل 1.93 x (120 ÷ 200) = 1.2km. أما تلسكوب قطره 350 مم، فيمكن أن يميز معالم أصغر وصولاً إلى 700 متر.
وعندما يعبر الضوء الغلاف الجوي، فهو ينحني أو ينكسر Refracted بفعل الهواء. والتباينات في كثافة وحرارة الكتل الهوائية المتحركة بسرعة تُسبب تباينات في درجة الانكسار، وهو مفعول يعرف بالمشاهدة الفلكية Astronomical seeing. ويتراوح هذا التأثير بين سكون تام إلى عدم استقرار شديد عندما تبدو المعالم مشوشة وغائمة في العينية. ويغلب أن تسود حالة الرؤية الجيدة عندما يكون القمر عالياً في السماء؛ بحيث تقطع أشعة ضوئه مسافة أقصر عبر غلاف الأرض الغازي.
اضبط جودة رصدك
لتلسكوبك مناخه الصغير الخاص به أيضاً. اخرج به من غرفة دافئة إلى حديقة باردة في الخارج وسترى كيف يحدث تغير الحرارة تيارات هوائية داخل أنبوب التلسكوب، ستؤثر هذه بدورها في جودة الرصد. ولذا، فمن المهم جداً أن تدع الجهاز يبرد إلى حالة التوازن Equilibrium condition. ويختلف زمن اتزان حرارة التلسكوب من مدة 30 دقيقة إلى عدة ساعات اعتماداً على حجم تلسكوبك.
كما يحدد اختيارك للعدسة العينية قدرة تكبير تلسكوبك، وهي التي يمكن حسابها بتقسيم الطول البؤري Focal length للتلسكوب على الطول البؤري للعينية، مستخدما الوحدة ذاتها. ابدأ بتكبير قليل، ثم زده إلى أن يصير المشهد جيداً، ثم عد إلى آخر عينية أعطتك مشهداً حاداً.
يوجد على القمر الكثير من المعالم الدقيقة والمفصلة التي تبدو بأفضل مشهد لها عندما تكون الشمس منخفضة في سماء القمر، وهو ما يحدث عندما يكون خط الغلس قريباً منها. ويبدو القمر البدر مغرياً بالمشاهدة، لكنه في الواقع أسوأ طور للرصد، وذلك لعدم وجود أي ظلال تقريباً عليه. ومع زحف خط الغلس عبر سطح القمر، يتغير مشهد الظلال. لذلك؛ فإن القمر يبدو كأنه يقدم لنا شيئاً جديداً على الدوام.