رصدُ سقوط مادة غازية واختفائها في ثقب أسود
شُوهدت المادة وهي تسقط عبْر الحافة نحو أفق الحدث بسرعة قريبة من الضوء
تمكن علماء فلك، ولأول مرة، من رصد ”منطقة الغطس“ Plunge region المحيطة بثقب أسود، حيث لا يعود في وسع المادة التي تدور حوله أن تقاوم قوة جذبه، وتندفع إلى داخله. تنبأت نظريات آينشتاين بوجود هذه المنطقة، لكنها استعصت على أرصاد العلماء إلى الآن.
تَسحب معظم الثقوب السوداء الغازَ من النجوم المحيطة بها، لتحيط ذاتها بقرص التنام Accretion disc من مادتها. وفقاً لنظريات آينشتاين في الجاذبية، هناك نقطة لن يتمكن عندها أي جسيم يقترب كثيراً من الثقب الأسود من البقاء في مسار دائري حوله. وبدلاً من ذلك هو سيندفع داخلاً نحو أفق الحدث، بسرعة تقرب من سرعة الضوء. ومع أن المادة الموجودة في منطقة الغطس هذه محكوم عليها بالسقوط داخلاً، إلا أن ضوءها ما زال قادراً على الهروب، وهذا يعني أن رصده يجب أن يكون ممكناً.
تُنتج أقراص التنام قدراً كبيراً من الأشعة السينية X-ray، ولذلك فقد استخدم الفريق البيانات المأخوذة من مصفوفة التلسكوب الطيفي النووي Nuclear Spectroscopic Telescope Array (اختصاراً: المصفوفة NuSTAR) وتلسكوب استكشاف تركيب باطن النجوم النيوترونية Neutron star Interior Composition Explorer (اختصاراً: التلسكوب NICER) للبحث عن منطقة الغطس. وبالتركيز على أرصاد الثقوب السوداء الصغيرة القريبة من الأرض ومقارنتها بالنمذجات الحاسوبية Computer models، استطاع الفريق أن يعثر على أول دليل على وجود غاز يندفع عبر الحافة، إلى داخل ثقب أسود.
قاد الدراسةَ الباحثُ آندرو ماميري Andrew Mummery، من جامعة أكسفورد University of Oxford، ويقول: ”هذه أول نظرة على كيفية خضوع البلازما، المنزوعة من الحافة الخارجية لنجم، لعملية سقوط نهائي في مركز الثقب الأسود، وهي عملية تحدث في نظام يبعد مسافة 10,000 سنة ضوئية تقريباً. فكِّرْ في الأمر كأنه نهر يتحول إلى شلال إلى الآن كنا ننظر إلى النهر؛ وهذه أول نظرة لنا إلى الشلال. الأمر المثير فعلاً هو أن هناك كثيراً من الثقوب السوداء في المجرّة، ولدينا الآن تقنية جديدة وقوية تُمكننا من استخدام هذه الثقوب السوداء لدراسة أقوى حقول الجاذبية المعروفة“.
www.ox.ac.uk
بقلم: كريس لينتوت Chris Lintott
هذا هو قرن فيزياء الثقوب السوداء. فإلى جانب هذه النتائج الجديدة، تُخبرنا موجات الجاذبية Gravitational waves عن تصادم الثقوب السوداء. ستكشف بعثة ليزا LISA التالية عن حوادث اندماج الثقوب السوداء الهائلة. وستستكشف تجارب توقيت البُلسارات (النجوم النبّاضة) Pulsars هذه الأحداث أيضاً، في حين أن إحدى المفاجآت الكبرى من التلسكوب جيمس ويب الفضائي (اختصاراً: التلسكوب JWST) هي رؤية مدى سرعة نمو الثقوب السوداء في الكون المبكر. يصنع فريق علماء التلسكوب أفق الحدث Event Horizon أفلاماً لحلقات الضوء حول الثقوب السوداء الموجودة في مركز مجرتنا والمجرّة M87، ويضيفون تلسكوبات جديدة إلى شبكتهم. وها نحن نلمح، ببطء ولكن بثبات، كيف تتصرف الثقوب السوداء، بصورة دقيقة ومفصلة لم تُنجز من قبل. نأمل ألا يمر وقت طويل قبل أن تُفاجئنا بجديدها.
كريس لينتوت Chris Lintott: يشارك في تقديم برنامج سماء الليل The Sky at Night.
العثور على كوكب قريب من الأرض، وربما يصلح للحياة
ربما يوجد ماء سائل على سطح هذا الكوكب
قد يكون هذا الكوكب حديثُ الاكتشاف، والذي يبعد عنا مسافة 40 سنة ضوئية فقط، قادراً على دعم الحياة البشرية إذا كان لديه غلاف جوي، لتوخي الدقة فيما نقوله.
يبلغ حجم الكوكب Gliese 12b، الذي اكتشفه مسبار مسح الكواكب النجمية العابرة أمام نجومها Transiting Exoplanet Survey Satellite (اختصاراً TESS) التابع للوكالة ناسا، حجم كوكب الزهرة تقريباً. إنه قريب جداً من نجمه القَزم الأحمر Red dwarf star المضيف، ويدور حوله في مدة 12.8 يوم فقط. لكن الحرارة المنخفضة لهذا النجم تعني أن كوكبه هذا يتلقى طاقة منه تعادل 1.6 ضعف الطاقة التي تتلقاها الأرض من الشمس، ويعني هذا أن حرارة سطحه تبلغ 42°س تقريباً، وأنه يوجد في المنطقة الصالحة للحياة Habitable zone، حيث يمكن له أن يحتوي على ماء سائل.
سيدرس الفريق العلمي الآن هذا الكوكب بحثاً عن علامات تدل على وجود غلاف جوي له. من المعروف أن الأقزام الحمراء تُصدر توهجات قوية يمكن أن تجرد كواكبها من أغلفتها الجوية، ولكن هذا النجم لا يبدو أنه يُظهر أي سلوك شديد متطرف.
يقول مايكل ماكلوين Michael McElwain، من مركز غودارد للتحليق الفضائي Goddard Space Flight Center، والذي شارك في الدراسة: ”نحن لا نعرف إلى الآن سوى عدد قليل من الأنظمة القريبة منا بما يكفي والتي تلبي معايير أخرى لازمة لهذا النوع من الدراسة. ومن أجل فهم أفضل لتنوع الأغلفة الغازية حول الكواكب المعتدلة المشابهة للأرض، فنحن نحتاج إلى معرفة مزيد من أمثال الكوكب Gliese 12b“.
exoplanets.nasa.gov/tess
العثور على أقدم نجوم الكون عند عتبة بابنا
يمكن لثلاثة من النجوم القديمة الموجودة هنا في مجرتنا درب التبانة أن تكون من أقدم نجوم الكون.
تكوَّنت النجوم الأولى من الهيدروجين والهيليوم بصورة رئيسة، لكون هذا هو كل ما نتج في أثناء حادثة الانفجار الكبير Big Bang. أنتجت تلك النجوم عناصرَ أثقل، دُمجت بعد ذلك في أجيال النجوم التالية. تشير كمية العناصر الثقيلة داخل هذا الثلاثي النجمي Trio إلى أنها لا بد قد نشأت منذ نحو 12-13 بليون سنة، أي بعد الانفجار الكبير مباشرة تقريباً.
تتحرك هذه النجوم أيضاً بسرعة كبيرة، وفي اتجاه معاكس لحركة معظم النجوم الأخرى في مجرتنا. يشير هذا إلى أنها بدأت حياتها خارج درب التبانة، ربما في مجرّات قَزمة بدائية وقعت لاحقاً في قبضة مجرتنا. ومع أن بعض هذه المجرّات القَزمة ما زال موجوداً إلى اليوم، إلا أنها خافتة جداً إلى درجة تمنع دراستها بالتفصيل.
قادت الدراسةَ الباحثةُ آنا فريبل Anna Frebel، من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT، وتقول عنها: ”الآن يمكننا البحث عن مزيد من أمثال هذه النجوم في درب التبانة، وستكون أكثر سطوعاً، وندرس تطورها الكيميائي من دون أن نضطر إلى ملاحقة هذه النجوم الخافتة جداً. إنها جزء من شجرة عائلتنا الكونية. ولدينا الآن طريقة جديدة للعثور عليها“.
news.mit.edu
تأجيل إطلاق ستارلاينر
كافحت شركة بوينغ لإطلاق مركبتها ستارلاينر Starliner مرة أخرى، بعد حدوث عدة تأخيرات لأول اختبار مأهول لها. وفي وقت كتابة هذا التقرير، كان تحديد موعد المحاولة التالية في 1 يونيو. وقد سبق لـ ستارلاينر أن عانت عدداً من المشكلات: ففي العام 2019 أخفق اختبار غير مأهول لها في وصولها إلى محطة الفضاء الدولية، ثم اكتشفت شركة بوينغ، في العام 2023، مشكلات سلامة تتعلق بالمظلات والأسلاك، وأمكن إصلاحها الآن.
تزايد الأدلة على وجود كوكب تاسع
تضيف الحركات غير المنتظمة للمذنّبات طويلة الدور Long-period comets مزيداً من الأدلة على وجود ”كوكب تاسع“ يختبئ عند تخوم مجموعتنا الشمسية. وجد علماء الفلك أن التفسير الأكثر معقولية للخصائص المميزة لحركات المذنّب هو تأثير كوكب كبير بعيد. ولسوء الحظ، فإن الأرصاد لا تحدد موقع هذا الكوكب.
التلسكوب TESS يكتشف أول كوكب شارد
عثر مسبارُ البحث عن الكواكب النجمية TESS التابع للوكالة ناسا على أول كوكب شارد Rogue planet (كوكب يسبح بحرية عبر الفضاء، من دون أن يرتبط بنجم). يراقب التلسكوب TESS آلاف النجوم، ويستخدم علماءُ الفلك بياناته للبحث عن مفعول عدسة جاذبية Gravitational microlensing دقيق يُحدثه عبور الكواكب أمام نجومها.
هل ستستطيع الوكالة ناسا أن تعيد عينات مريخية؟
تبحث الوكالة عن أفكار جديدة لإعادة عينات مركبة بيرسيفيرانس المريخية إلى الأرض
قد تكون مساعي الوكالة ناسا لإعادة عينات من المريخ في مأزق (حالياً). الوكالة ما زالت ملتزمة بإعادة مادة من سطح المريخ إلى الأرض، ولكن بعد أن توقعت دراسة مستقلة أن المشروع سيأخذ وقتاً طويلاً ويتجاوز الميزانية المقررة، فإنها تطلب الآن أفكاراً وتصورات جديدة لكيفية إنجاز ذلك.
برنامج الوكالة ناسا لإعادة عينات مريخية Mars Sample Return programme هو مشروع متعدد المراحل لإعادة عينات من صخور وتربة المريخ إلى الأرض. تُعد الجوالة بيرسيفيرانس Perseverance هي المرحلة الأولى من هذا المشروع، وهي موجودة حالياً على المريخ، تجمع العينات وتخزنها مؤقتاً. تتمثل الخطة في المتابعة مع مهمتين أخريين: الأولى هي مزيج من مركبة جوالة لجمع العينات، ومركبة انطلاق (صعود) لإرسالها إلى المدار؛ والثانية هي مركبة فضائية طورتها وكالة الفضاء الأوروبية (اختصاراً: الوكالة إيسا ESA) لالتقاط كبسولة العينات وإعادتها إلى الأرض.
في العام الماضي أعطى تقرير مستقل تقييماً لما إذا كان البرنامج يمضي على مساره الصحيح. وجد التقرير أن التكلفة الإجمالية للمشروع بالنسبة إلى الوكالة ناسا ستقدر بـ 11 بليون دولار تقريباً، وأن العينات لن تعاد قبل العام 2040. وقد أصدرت الوكالة ناسا الآن ردها.
يقول مدير الوكالة ناسا، بيل نلسن Bill Nelson: ”نحن ملتزمون بالحصول على العينات. إن إعادة هذه العينات هو هدف وطني مهم. النقطة الجوهرية هي أن موازنة المشروع البالغة 11 بليون دولار هي موازنة باهظة جداً، وأن موعد الإعادة في العام 2040 هو بعيد جداً“.
ومع مراعاة الموازنة الحالية للوكالة ناسا، فإن هذا سيتطلب تفكيك تمويل برامج علمية أخرى، في الوقت الذي تعمل فيه الوكالة الآن على تحقيق هبوط بشري على المريخ في أربعينات القرن الحالي. ونتيجة لذلك فقد دعت الوكالة جميع مراكزها، وأيضاً شركاءَها في صناعة الفضاء الواسعة، إلى إعداد خطط جديدة لإعادة العينات بسرعة أكبر وبتكلفة معقولة. يتضمن ذلك اقتراحات لطرق استخدام التقنيات التي أثبتت جدواها بالفعل، وتقليل الحاجة إلى اختبارات طويلة ومكلفة، إضافة إلى إيجاد طرق تخفف من صعوبة المهمة وتعقيداتها، مثل استخدام مركبة صعود أصغر.
تقول نيكي فوكس Nicky Fox، المديرة المساعدة في قسم المهام العلمية في الوكالة ناسا: ”لتنظيم بعثة على هذا المستوى من التعقيد، نفيد من دروس عقود عن كيفية إدارة بعثة كبيرة، بما في ذلك دمج مدخلات نحصل عليها من إجراء مراجعات مستقلة“.
”ستمكننا خطواتنا التالية من المُضي قدماً بهذه البعثة التحويلية والحصول على علوم ومعلومات ثورية من المريخ لتوفِّر رؤى جديدة ثاقبة في أصول المريخ، ومجموعتنا الشمسية، والحياة على الأرض، وكيفية تطورها“.
www.nasa.gov