هل سُحُب الغاز الجوالة هي ما وراء المادة المعتمة؟
قد يشير وميض الكويزارات البعيدة إلى أحد أسرار الكون الكبيرة
يعتقد معظم علماء الكون أن المادة المعتمة Dark matter، وهي تلك المادة الغامضة التي يبدو أنها تكوِّن ستة أسباع كمية المادة في الكون، موجودة بشكل عدد لا يحصى من الجسيمات الضخمة ضعيفة التفاعل، أو الجسيمات WIMPs.
فازت فكرة الجسيمات WIMPs على أفكار الكون الغني بالكواكب أو الثقوب السوداء (المعروفة معاً بالتسمية المناسبة أجرام الهالة الضخمة المدمجة MACHOs) بسبب مجموعة من التجارب التي استخدمت تلسكوبات متواضعة للتحديق في نجوم في هالة مجرّة درب التبانة. كان هدف التجارب هو اكتشافَ تأثير مرور أحد الأجرام MACHOs أمام نجم خلفية؛ إذا كان التراصف Alignment مثالياً، فسيسبب مفعول عدسة الجاذبية Gravitational lensing في سطوع نجم الخلفية ثم تلاشيه بنمط يمكن التنبؤ به.
الوصف الفيزيائي صحيح تخبرنا نظرية النسبية لآينشتاين أن الضوء يجب أن ينحني بفعل تأثير الأجرام الضخمة بهذه الطريقة فقط. غير أنه لم يمكن رؤية سوى عدد قليل جداً من الحوادث، ولذا لا يوجد ببساطة ما يكفي من الكواكب حرة الحركة أو ثقوب سوداء حول مجرّتنا لتفسير المادة المعتمة التي نعتقد أنها يجب أن تكون موجودة هناك. في حالة وجود أجرام بحجم الكواكب وحرة الحركة، فيجب علينا اكتشافها وهي تمر بيننا وبين الأجرام البعيدة أيضاً وقد تُعزى الاختلافات في سطوع الكويزارات (النجوم الزائفة) Quasars، التي هي أجرام بعيدة جداً، إلى وجود مجموعات من الكواكب العابرة في أعماق الكون.
أدلة الكويزارات
في بحث هذا الشهر يهدف المؤلفون إلى التوفيق بين هذا التفسير لوميض الكويزارات، والغياب الواضح لمثل هذه الكواكب بالقرب من مجرّة درب التبانة. أولاً، أخذوا بالتمييز بين تأثيرات مفعول عدسة الجاذبية بفعل الأجرام الكثيفة والتغيُّرات الناجمة عن الكويزار ذاته، والذي قد يسطع ويتلاشى عندما تدور المادة في قرص التنامي Accretion disc حول ثقبه الأسود المركزي.
تمثلت الطريقة باستخدام نظام كويزار مثل Q2237+0305، حيث يمكن أن نرى، بفضل تأثير عدسة جاذبية من مجرّة قريبة، أربع صور منفصلة للكويزار. إذا كان الكويزار نفسه يغيّر سطوعه، فيجب أن تتأثر صوره الأربع كلها. وإذا كان هناك شيء مثل كوكب عابر داخل العدسة المجريّة يسبب هذا الاختلاف، فيجب أن يتغير سطوع الصور التي نراها منفصلة.
”إنهم يعيدون إحياء فكرة قديمة عن مادة معتمة تتكون من مجموعة من سُحب غاز، لكل منها كتلة كوكب، ولكن بكثافة أقل بكثير“
لكن الباحثين في حاجة إلى أن يكونوا أكثر براعة. إذ لا يمكن لنماذجهم أن تفترض ببساطة وجود كواكب حرة الحركة (أو أجرام ذات كتلة كوكبية) فهذا تستبعده عمليات رصد مجرّة درب التبانة. بدلاً من ذلك أعادوا إحياء فكرة قديمة عن المادة المعتمة التي تتكون من مجموعة من سحب الغاز، كل منها لها كتلة كوكب، ولكن بكثافة أقل بكثير. مثل هذه الأجرام، التي يسمونها بنحو مربك ”كواكب“، لن تسبب تأثير عدسة ملحوظ للنجوم في مجرّة درب التبانة، ولكنها ستؤثر في الضوء الصادر من الكويزارات. يبدو أن عمليات المحاكاة تُظهر أن الأحداث مثل الانخفاضات في سطوع الكوازيرات التي تستمر سنوات تبدو كأنها تتناسب مع ما ستتوقعه إذا كان هناك مثل هذا العدد من الأجرام. وقد تكون شائعة بما يكفي لتقديم مساهمة مهمة في أبحاث المادة المعتمة.
عالم فيزياء فلكية يشارك بتقديم برنامج سماء الليل Sky at Night
كان يقرأ… Free-floating “Planets” in the Macrolensed Quasar Q2237+0305 by Artem Tuntsov et al..
– اقرأها على الرابط: arxiv.org/abs/2401.05590