سؤال وجواب مع صيّاد نجوم معتمة
اكتشف الباحثون الذين يدرسون الأجرام ذات الانزياح الأحمر العالي في بيانات التلسكوب جيمس ويب الفضائي أول مرة ما يمكن أن يكون نجوماً معتمة من زمن فجر الكون
ما النجم المعتم؟
النجوم المعتمة هي أجرام مرشحة لتكون هي النجوم الأولى تشكُّلاً في الكون، بعد نحو 200 مليون سنة من الانفجار الكبير Big Bang. ستكون هذه النجوم مصنوعة فقط من الهيدروجين والهيليوم الناتج عن الانفجار الكبير. ولكن على عكس النجوم التي تتغذى من خلال عملية الاندماج النووي، فهذه تستمد طاقتها من المادة المعتمة Dark matter. وبسبب عدم حدوث أي عمليات اندماج بداخلها، فهي ليست حارة جداً، وهذا يعني أن كتلتها يمكن أن تنمو إلى أن تبلغ ربما مليون كتلة شمسية، وبليون مرة من سطوع الشمس. يمكن لنجم معتم واحد من الكون المبكر أن يكون ساطعاً مثل مجرّة مبكرة تحتوي على عدد أكثر بكثير من النجوم القياسية Standard stars.
كيف يمكن لنجم أن يستمد طاقته من المادة المعتمة؟
تشكلت النجوم الأولى في بيئة غنية بالمادة المعتمة، في مراكز المجرّات الأولية المبكرة. هنا بدأت سحب الهيدروجين في الانهيار لتشكل نجوماً تعمل بالطاقة الاندماجية، لكنها كانت موجودة في محيط كبير من المادة المعتمة.
لقد اكتشفنا أنه بعد سلسلة من التفاعلات، يمكن لجزيئات المادة المعتمة أن يُفني بعضها بعضاً، وينتهي بها الأمر في الغالب بصورة فوتونات وجسيمات أخرى. يمكن لهذه الفوتونات أن تعلق في سحابة الغاز المنهارة وتُفرغ فيها كل الطاقة التي كانت موجودة سابقاً في المادة المعتمة.
هذا مصدر طاقة كبير بما يكفي لتحويل تلك السحابة المنهارة إلى نجم. إنها تُسمى بالنجوم المعتمة لأنها تستمد طاقتها من مادة معتمة، مع أنها ليست معتمة على الإطلاق. وفي الواقع، تبلغ كتلتها نحو 0.1% فقط من المادة المعتمة.
س: كيف يمكن لنجم أن يكون ساطعاً جداً، ولكنه بارد؟
يرتبط السطوع بنصف قطر النجم ودرجة حرارته. وبينما تكون درجة حرارة النجم المعتم باردة تقريباً بذات حرارة سطح شمسنا إلّا أن نصف قطره هائل، ولذلك فهو يصير ساطعاً جداً. ولأنها باردة، فهذا يعني أنه لا يخرج من سطحها كثير جداً من الفوتونات عالية الطاقة. وإذا كان الأمر كذلك، فسيتوقف النجم عن النمو، ولن يصل سطوعه أبداً إلى درجة سطوع مجرّة.
أي شيء يمكن أن تخبرنا به النجوم المعتمة عن الكون؟
تعيش النجوم المعتمة ما دامت تحتوي على وقود المادة المعتمة، وقد يستمر ذلك من ملايين إلى بلايين السنين. لكن إذا ابتعد النجم المعتم عن بيئة غنية بالمادة المعتمة، فسوف يبدأ في الانهيار. وعندما ينهار فإنه يسخن. في مثال النجوم المعتمة الصغيرة، ربما تحصل على نواة ساخنة تستمد طاقتها من عمليات الاندماج. لكن مع النجوم الكبيرة، بكتلة مليون كتلة شمسية تقريباً، فإن انهيارها سيشكل ثقباً أسود. لقد اكتشفنا ثقوباً سوداء ضخمة في الكون المبكر، بكتلة تبلغ بليون كتلة شمسية، توجد في زمن أبكر بكثير من الزمن الذي كان يجب أن تنشأ فيه. إذا كان لدينا كثير من ”بذور“ الثقوب السوداء التي تزن مليون مرة من كتلة شمسنا، واندمجت، فمن الممكن لها أن تنتج ثقباً أسود هائلاً في هذا الزمن المبكر. وهذا غير ممكن مع النجوم العاملة بطاقة الاندماج.
كيف يمكن للعلماء أن يبحثوا عن نجم معتم؟
نحن نحاول التمييز بين النجم المعتم والمجرّة المبكرة في بيانات التلسكوب جيمس ويب الفضائي. تملك المجرّات المبكرة بصمات كثير من العناصر (الكيميائية) المختلفة في أطيافها، في حين أن النجوم المعتمة يجب أن تتكون فقط من الهيدروجين والهيليوم. عند النظر إليها عبر التلسكوبات بالدقة التي نحظى بها حالياً، فإن النجوم المعتمة ستشبه أيضاً نقاطاً مفردة. من حيث المبدأ قد تبدو المجرّات المبكرة بحجم وشكل أكبر.
ما الخطوة التالية لفريقك؟
في بيانات التلسكوب ويب الفضائي للعام 2022، كان هناك 700 جرم محتمل في الكون المبكر، لكن تسعة منها فقط أظهرت أطياف قياس تسمح لنا بالتأكد. ومن بين هذه التسعة، هناك خمسة فقط بياناتها متاحة للجمهور. إحداها هي بالتأكيد مجرّة مبكرة تحتوي على بصمات كثير من العناصر. وكانت هناك 3 أجرام أخرى يمكن أن تكون أطيافها نجوماً معتمة أو مجرّات مبكرة، لكن البيانات ليست جيدة بما يكفي للتمييز بينها حتى الآن. ما نبحث عنه في المستقبل هو الأجرام الكونية المبكرة التي ضُخِّم شكلها بفعل تأثير ”عدسة الجاذبية“، حيث تؤدي الكتلة الموجودة أمام جرم بعيد إلى انحناء الضوء حولها، وليؤدي هذا إلى تضخيم صورة ذلك الجرم.