أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
مواضيع غلاف العدد

حل لغز أحزمة سُحب المشتري المتغيرة

تتحرك حزم سُحب كوكب المشتري الجميلة لتتشكل مجدداً من سنة إلى أخرى. يبين لنا هنا جايلز سبارو كيف كشفت مركبة جونو الفضائية عن موقع بداية هذه التغيّرات

تحكي أشرطة السُّحب بألوانها المفعمة والمناطق المرئية في الغلاف الجوي العلوي لكوكب المشتري نصفَ القصة فقط

انطلق خارجاً تحت النجوم في هذا الشهر، ولن تستطيع عدم ملاحظة مشهد كوكب المشتري. فإضافة إلى كونه أكبر كوكب في مجموعتنا الشمسية، فهو سيكون أيضا للتو اجتاز موقع تقابُله في الشهر الماضي، وهو ما يعني أنه يوجد (الآن) مقابل الشمس مباشرة كما يُرى من الأرض. هذا يعني (أيضاً) أن الكوكب العملاق لن يكون مرئياً طوال الليل فقط، بل سيكون أيضاً عند أقرب نقطة إلينا، ليمنح هواة الفلك فرصة كبيرة لرصد حزم سُحبه الملونة، من الفناء الخلفي لمنازلهم. لقد فتنت الأنماط المتغيرة باستمرار لهذه السُّحب مراقبي السماء طَوال قرون. أما الآن، فيقول فريق دولي من علماء الفلك إنهم قد قطعوا خطوة كبيرة نحو فهم أسباب سلوكها هذا.

نعلم الآن بوجود تيارات نفاثة عميقاً تحت حزم سُحب الكوكب تتحرك في اتجاهات متناوبة، وتعصف بها رياح هائلة، على ارتفاعات مختلفة

المشتري هو كوكب عملاق غازي منتفخ، يمكنه استيعاب 1,300 كوكب أرضي، لكنه يتكون بالكامل تقريباً من غازي الهيدروجين والهيليوم خفيفي الوزن. تطوق أحزمةٌ من السُّحب الطبقات العليا من غلافه الجوي العميق، وهي تمتد بالتوازي مع خط الاستواء المنتفخ للكوكب. تُسمى المناطق الداكنة التي تهيمن عليها السُّحب الحمراء والبُنية والزرقاء بالأحزمة Belts، والخطوط ذات اللون القشدي الفاتح باسم المناطق Zones.

ترجع الاختلافات اللونية المذهلة بين الأحزمة والمناطق إلى الطريقة التي تتكثف بها المواد الكيميائية المختلفة من غاز إلى سُحب من بلورات الجليد، أو قطرات سائلة، في الظروف المختلفة.

تشير المناطق الساطعة إلى المناطق التي يتدفق فيها الغاز من باطن المشتري، ويرتفع بعلو عدة كيلومترات أعلى من محيطها إلى محيط أبرد وأقل ضغطاً، حيث يمكن أن تتكثف بلورات جليد الأمونيا وتشكل سُحباً بيضاء قشدية اللون. وفي المقابل تحدد الأحزمة الداكنة المناطق التي يغوص فيها الغاز عميقاً في الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى توليد حرارة أكثر وضغط أعلى. تتكون السُّحب التي تتكثف في هذه الظروف في الغالب من كبريتيد الأمونيوم المائي، وهو كبريتيد الأمونيوم وماء مع أن أياً من هذه المواد الكيميائية لا يمكنه تفسير الألوان المميزة للأحزمة، والتي ربما ترجع إلى ”حساء“ من مركبات كيميائية أكثر غموضاً.

يستطيع المشتري تغيير أشرطة سُحبه
تشكل المناطق والأحزمة المتناوبة سلسلة من الأشرطة في شمال وجنوب خط استواء المشتري، ويسمى كل شريط مميز منها باسم خط العرض الذي يقع عليه. لذا فإن المنطقة الاستوائية الواسعة حول خط الاستواء ذاته يحدها الحزامان الاستوائيان، الشمالي والجنوبي، ثم المنطقتان الاستوائيتان، الشمالية والجنوبية، وهكذا. كما أن اللون ليس هو الفارق الوحيد بين أشرطة السُّحب، فهي تتحرك أيضاً في اتجاهين متعاكسين عبر سطح الكوكب.

يقول البروفيسور كريس جونز Chris Jones من جامعة ليدز، وهو خبير في المجالات المغناطيسية الكوكبية ورياح الكواكب العملاقة: ”إذا نظرتَ من كثب، يمكنك رؤية السُّحب تتدفق حولها، تحملها رياح شرقية وغربية قوية جداً. وبالقرب من خط الاستواء، تهب الرياح شرقاً، ولكن إذا غيّرت خط العرض قليلاً، إما شمالاً أو جنوباً، فستتجه الرياح غرباً. وبعد ذلك، إذا تحركتَ أبعد ليلاً، فسوف تتجه الرياح شرقاً مرة أخرى. هذا النمط المتناوب لرياح شرقية وغربية يختلف تماماً عن مثال طقس الأرض“.

يمكن أن تصل سرعة الرياح على المشتري إلى مئات الكيلومترات في الساعة، وتكون بأقوى درجاتها في التيارات النفاثة التي تعيّن الحدود بين الأحزمة والمناطق. يمكن للتيارات المتعارضة أيضاً أن تؤدي إلى دوران كتل هوائية كبيرة، ليؤدي هذا إلى ظهور عواصف بيضاوية تكون الألوان فيها غالباً بأقصى كثافة لها.

ومع ذلك، ونظراً إلى أن الأحزمة والمناطق كانت مستقرة على نطاق واسع عبر قرون من الرصد التلسكوبي، فإن حقيقة أنها يمكن أن تمر باضطرابات كبيرة كل عدة سنوات قبل استقرارها مرة أخرى كثيراً ما تغاضى عنها الراصدون. ويوضح البروفيسور جونز: ”تتغير الأمور كل 4 أو 5 سنوات. يمكن أن تتغير ألوان الأحزمة، وفي بعض الأحيان ترى اضطرابات شاملة عندما يصير نمط الطقس بكامله متقلباً قليلاً بعض الوقت“.

وعلى سبيل المثال التقط تلسكوب هابل الفضائي في العام 2007 صوراً مذهلة تظهر المنطقة الاستوائية الشمالية للمشتري وهي تتحول بكاملها إلى اللون البني فجأة وتندمج ظاهرياً مع الأحزمة الموجودة على كلا الجانبين. وفي الوقت ذاته، انتشر خط داكن على طول حافة الحزام الاستوائي في شمال خط الاستواء مباشرة، ليمثل شقاً ممتداً عبر السُّحب، يكشف عن طبقات داكنة أسفله.

هناك تأثير كبير لشفافية السُّحب على حرارة كوكب المشتري، كما سجلتها صور الأشعة تحت الحمراء للكوكب. يعمل الانقباض الجذبي Gravitational contraction عملية الغربلة البطيئة للعناصر الأثقل باتجاه مركز المشتري كمصدر طاقة داخلي قوي، فيسمح للكوكب بإصدار ضعف الحرارة التي يتلقاها من الشمس. قد تكون السُّحب بأنواعها المختلفة إما شفافة أمام الحرارة المتسربة، وإما أن تكون كاتمة لها، ليؤدي ذلك إلى حدوث تغيُّرات جذرية في شدة رؤية الأشعة تحت الحمراء.

ومع ذلك، فإن هذه العلاقة تعمل أيضاً بنحو عكسي، حيث يمكن للتغيرات الحرارية من الداخل أن تؤثر على المواد الكيميائية التي تتكثف في السُّحب المرئية في أوقات مختلفة ومناطق مختلفة. وفي الواقع أشارت قياسات الأشعة تحت الحمراء بعضَ الوقت إلى أن التغيرات الحرارية على عمق 50 كم تقريباً تحت قمم سُحب المشتري هي القوة الدافعة وراء التغيّرات الدورية على السطح.


البقعة الحمراء العظيمة

مع أنها المَعلم الأكثر ديمومة على كوكب المشتري، إلّا أن هذه العاصفة العملاقة قد تغيّرت مع مر السنين

ماذا يوجد تحتها: تشير قياسات جونو، التي جمعتها في أثناء تعرُّضها للعاصفة عندما حلقت قربها، إلى أن البقعة الحمراء العظيمة يمكن أن تهبط إلى عمق هائل يصل إلى 300 كم في الغلاف الجوي للكوكب

البقعة الحمراء العظيمة (GRS) هي المَعلم الأشهر لكوكب المشتري، وهي عاصفة ضخمة رُصدت باستمرار منذ ما يقرب من 200 سنة، وقد تكون رُصدت أول مرة في العام 1665. توجد هذه البقعة على حافة الحزام الاستوائي الجنوبي، وهي محصورة بين تيار نفاث قوي يتحرك جنوباً في شمالها، وتيار آخر أضعف يتحرك شرقاً في جنوبها. يمكن لسرعة الرياح على طول الحافة أن تزيد على 430 كم/س بدورانها عكس اتجاه عقارب الساعة (دورة واحدة كل 6 أيام أرضية)، لكن العين المركزية للعاصفة تبدو ساكنة بدرجة كبيرة.

تغيُّر البقعة الحمراء العظيمة من لونها، وأحياناً تختفي تماماً عن الأنظار**

وفي حين أن معظم المعالم الداكنة للمشتري تبدو أكثر انخفاضاً من السُّحب الشاحبة عند المناطق، فإن الجزء العلوي من البقعة الحمراء العظيمة (GRS) يرتفع إلى علو 8 كم فوق المناطق حوله. أما مصدر لونها (الذي يمكن أن يختلف من الأحمر الكثيف إلى الوردي السلموني، بل واختفائه تماماً في بعض الأوقات، تاركاً ”فجوة“ فقط في أنظمة الطقس المحيطة لكشف وجود البقعة) فما زال مجهولاً. ومع ذلك يعتقد معظم العلماء أنه ينتج بفعل مواد كيميائية تتدفق من أعماق الكوكب، وربما تخضع لتفاعلات عند تعرضها لأشعة الشمس.

في العام 2019، حلقت مركبة جونو مرتين على ارتفاع منخفض فوق البقعة، مما سمح للعلماء بالفحص تحت السطح من خلال البحث عن انحرافات طفيفة في مسار المركبة ناجمة عن تركيزات الكتلة (والجاذبية الأعلى) في المنطقة. أكدت هذه أن منطقة البقعة الحمراء العظيمة ربما تهبط إلى عمق 300 كم أسفل قمم السُّحب.


تتحول أشرطة من السُّحب البيضاء إلى لون بني في مثال درامي لوجه المشتري دائم التغير، في الصورة التي التقطها التلسكوب هابل في مارس (يساراً) والصورة التي التقطها في يونيو (اليمنى) من العام 2007

الغوص أعمق
كان البروفيسور جونز وزميله السابق في جامعة ليدز الدكتور كوميكو هوري Kumiko Hori (الآن في جامعة كوبي اليابانية) وآخرون حريصين على البحث في سبب تغيرات درجات الحرارة بأنفسهم. ولفعل ذلك كانوا في حاجة إلى النظر بصورة أعمق في داخل عالم العملاق الغازي، لدراسة مجاله المغناطيسي القوي والمتغيّر باستمرار.

ومع أن القسم الداخلي من المشتري يتكون بالكامل تقريباً من الهيدروجين والهيليوم، إلّا أنه ما زال يحتوي على طبقات داخلية مميزة. فعلى عمق 1,000 كم تقريباً فيه، يكون الضغط من الأعلى كبيراً جداً إلى درجة أن هذه الغازات خفيفة الوزن تنضغط وتتحول إلى سائل في محيط يدور عبر الكوكب. يظل الهيدروجين الموجود في هذا البحر الشاسع بشكله الجزيئي (مع ذرتي هيدروجين مرتبطتين معاً لتكوين جزيء H2)، ولكن من عمق 20 ألف كم تقريباً إلى الأسفل (ما يزيد قليلاً على ربع المسافة إلى مركز الكوكب)، يزداد الضغط بصورة كبيرة إلى درجة تتعرض معها هذه الجزيئات للتفكك. والنتيجة هي بحر كثيف من أيونات الهيدروجين العائمة والمشحونة كهربائياً. تخلق الحركات السائبة داخل هذا الهيدروجين ”المعدني السائل“ تيارات كهربائية قوية في أعماق المشتري، ومع دوران الكوكب العملاق حول محوره مرة في أقل من 10 ساعات، يمكن لهذه التيارات الدوامة بدورها أن تولد مجالاً مغناطيسياً هائلاً. وفي الواقع، فإن الغلاف المغناطيسي الكبير لكوكب المشتري هو أقوى بـ 20 ألف مرة من الغلاف المغناطيسي الأرضي، ويمكن الشعور بآثاره في مسافة بعيدة بقدر مدار كوكب زحل.

قصة باطن الكوكب: كشفت تحليقات جونو عن طبقات الغلاف الجوي العميقة لكوكب المشتري، وهي توحي بوجود نواة ”ضبابية“ تتكون من عناصر ثقيلة

وإلى وقت قريب، كانت البنية التفصيلية للمجال المغناطيسي لكوكب المشتري لغزاً عصياً على الرصد المباشر، إلى جانب أسرار أخرى متعلقة بباطن هذا الكوكب الغازي العملاق. ومع ذلك، وبفضل البيانات الواردة من مسبار جونو Juno الفضائي التابع للوكالة ناسا، فقد تمكن الآن العلماء من رسم خريطة مفصلة لهذا المجال، وبناء نمذجات رياضياتية لما يحدث داخل المشتري.

وباستخدام أحد هذه النمذجات، توصل هوري وجونز وزملاؤهما إلى كشف كيفية تفاعل التيارات النفاثة المرئية على سطح المشتري مع السائل المعدني الذي يدور على عمق كبير تحته. لقد وجدوا أن المجال الداخلي يخضع لما يسمى بـ”موجات ألففين“ Alfvén waves. تتولد هذه الموجات بطيئة الحركة من خلال عملية انحناء التواء المجال المغناطيسي الكلي وعند النظر إليها من الخارج، يبدو أنها تدور بسرعة أبطأ بكثير من الغلاف المغناطيسي ذاته. إحدى نتائج هذا هي ظهور بقعة ساخنة وساطعة بطيئة الحركة ذات مغناطيسية شديدة تتحرك شرقاً وغرباً بتذبذب بطيء وطويل. تدعم أرصاد جونو هذه التنبؤات من خلال اكتشافها لمنطقة غير مرئية ذات مغناطيسية قوية أطلق عليها العلماء اسم البقعة الزرقاء العظيمة Great Blue Spot.

يبدو أن البقعة الزرقاء العظيمة الغامضة، التي هي بقعة مغناطيسية ساخنة وغير مرئية، تطوف حول الكوكب

تتنبأ نمذجة هوري بأنه نظراً إلى تأثير تيارات المشتري النفاثة والداخلية بعضها على بعض، فإن الموقع الدقيق للبقعة الزرقاء العظيمة لا يطوف حول الكوكب فحسب، بل يعكس اتجاه حركته أيضاً في بعض الأحيان. يبدو أن فترات الانعكاسات التي جرت محاكاتها تتطابق بصورة جيدة جداً مع دورات الاختلافات متعددة السنوات التي شوهدت، وخاصة في الأحزمة الشمالية الاستوائية والشمالية المعتدلة لكوكب المشتري. وطوال معظم وقت مهمة جونو على المشتري، كانت هذه البقعة تتحرك شرقاً ببطء، لكن حركتها تتباطأ الآن، ويشتبه الباحثون في أن هذا قد يكون السبب لتغير الاتجاه المرتقب، مصحوباً باضطراب في حزم السُّحب فوقها.


سبْرُ مغناطيسية المشتري

يجعل المجال المغناطيسي الشديد من هذا الكوكب مكاناً خطيراً للدراسة

تمثل دراسة المجال المغناطيسي لكوكب المشتري بدقة تحدياً كبيراً، ليس فقط بسبب صعوبة إرسال المسابر إلى الكوكب العملاق، ولكن أيضاً لأن المجال ذاته يفرض سلسلة من أحزمة إشعاع على شكل كعكة دائرية حول الكوكب (مثل أحزمة فان آلن Van Allen الأرضية، ولكن أقوى بكثير). عندما حلقت مركبة غاليليو (1995-2003) حول المشتري، والتي كانت أول مركبة فضائية تدور حوله، كانت هذه الأحزمة تمثل خطراً يجب تجنُّبه، لأن القصف بجزيئات عالية الطاقة قد يؤدي إلى إتلاف الأجهزة الحساسة للمركبة. وعندما وصلت مركبة جونو في يوليو 2016، في بعثة لدراسة المجال المغناطيسي وباطن الكوكب تحديداً، فقد اتخذت مداراً متطاولاً بنحو غير عادي فوق قطبي المشتري. وفي معظم الأوقات ظلت المركبة على مسافة آمنة أبعد من الأحزمة الإشعاعية (وصولاً إلى مسافة 8 ملايين كم من المشتري). ومع ذلك، عندما تقترب من السطح مرة واحدة في كل دورة مدارية، فهي تكتسب سرعة باندفاعها في عملية تحليق جريئة على ارتفاع يصل إلى 4,200 كم فوق قمم السُّحب القطبية.

يؤدي اختيار هذا المدار إلى تعرُّض جونو لأقل قدر ممكن من الإشعاع، وقد أمل مهندسو وكالة ناسا أن تتمكن المركبة من النجاة بعد 37 دورة مدارية، وأن تعمل مدة ثلاث سنوات تقريباً.

ولحسن الحظ، فقد أظهرت جونو صلابة مذهلة، وهو ما سمح لناسا بتمديد مهمتها المخططة عدة سنوات أخرى. ومن المفترض أن تكمل جونو الآن ما مجموعه 76 دورة مدارية، وتنتهي بعملية اقتحام مذهلة في الغلاف الجوي للكوكب في العام 2025، وهذا ما سيؤدي إلى تدمير المسبار وضمان بقاء أسطح أقمار المشتري غير ملوثة. وقد قدَّم تمديد بعثة المركبة رؤى جديدة عن كيفية تغير المجال المغناطيسي على مدى فترات زمنية متعددة السنوات، إضافة إلى السماح بالتحليق قرب أكبر أقمار المشتري.


بفضل مركبة جونو استطاع الباحثون فهمَ كوكب المشتري بنحو أفضل من أي وقت مضى، ولكن ما زال هناك كثير من الأسرار التي تنتظر كشفها

سر مغناطيسي
يقول الدكتور هوري: ”ما زالت هناك شكوك وأسئلة، لا سيما كيف يُنتج التذبذب الالتوائي Torsional oscillation التباين المرصود للأشعة تحت الحمراء“. يمكن، على سبيل المثال، أن تكمن إحدى الروابط المحتملة بين المغناطيسية ولون وديناميكية سُحب المشتري في الطريقة التي يمكن بها للمجالات المغناطيسية الشديدة أن توقف، أو تحوّل، اتجاه تدفق الغاز الساخن المتصاعد إلى سطح الكوكب (تخلق حركة مماثلة البقع الباردة الداكنة في الغلاف الجوي للشمس، والتي تعرف باسم البقع الشمسية Sunspots). ومع ذلك، على رغم وجود حاجة إلى مزيد من الأبحاث لتحديد طبيعة الصلة، فإن الفريق يبدو واثقاً بوجودها، وأن طقس المشتري يمر بدورات تتأثر بمجاله المغناطيسي المتغيّر.

وإذا أمكن العثور على هذه الصلة الآن، فقد يتمكن العلماء يوماً ما من استخدامها بنحو عكسي. يقول الدكتور هوري: ”آمل أن يفتح بحثنا هذا نافذة أيضاً لاستكشاف الجزء الداخلي العميق الخفي لكوكب المشتري، تماماً كما يفعل عِلم الزلازل على الأرض، وعلم الزلازل الشمسية على الشمس“.

وما زال هناك طريق طويل لنعبرَه قبل أن نتمكن من استخدام رؤيتنا الخارجية للسُّحب المتغيّرة باستمرار للمشتري في قياس حالة المجال المغناطيسي للكوكب وبنيته الداخلية. وفي هذه الأثناء تعدّ مساعدة جونو في الكشف عن سر الاندفاعات الجوية على المشتري واحدة فقط من الإنجازات الرئيسة لهذه المركبة الفضائية. ونأمل أن يكون هناك مزيد منها في المستقبل، قبل أن تصل البعثة إلى نهاية عملها في العام 2025. 

جايلز سبارو Giles Sparrow: كاتب علمي وزميل في الجمعية الفلكية الملكية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى