أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
كتب فلكية

مراجعة كتب جديدة في علوم الفضاء والفلك

بين النجومبين النجوم

المؤلف: آفي لويب Avi Loeb
الناشر: دار John Murray
السعر: £20
الغلاف: ورق مُقوَّى

النقطة الأساسية في كتاب بين النجوم Interstellar هي أن البشرية غير مستعدة لإدراك أن الحضارات المتقدمة خارج كوكب الأرض هي شائعة الوجود، وأننا لم نبدأ حتى باستكشاف هذا الاحتمال بأقصى حد من قدراتنا.

يعرّفنا عالم الفيزياء النظرية آفي لويب Avi Loeb على مشروع غاليليو Galileo project الذي تتمثل أهدافه في: الحصول على صور عالية الدقة ومتعددة الطيف للظواهر الجوية غير المحددة Unidentified Aerial Phenomena (اختصاراً UAP)؛ لتصميم مهمة فضائية جاهزة للإطلاق يمكنها اعتراض وتصوير الأجسام ذات الأصل النجمي المعروف؛ واستعادة واحد من اثنين فقط من الحجارة النيزكية معروفين بأنهما من أصل كوكبي فضائي قبالة ساحل بابوا غينيا الجديدة.

ومع أنها أهداف مثيرة للإعجاب، وربما كان لها ما يبررها، فإنه ما زال من المبالغة الاعتقاد بأن أي شيء غريب أو غير مفسَّر يمكن نسبته إلى ذكاء كائنات فضائية. لقد جرى الحديث كثيراً عن اكتشاف أن ”أومواموا“ Oumuamua، وهو جرم غريب الشكل يشبه الكويكب قد زار المجموعة الشمسية فترة وجيزة في العام 2017. لقد بدا ”أومواموا“ غريباً بالفعل، لكن هذا لا يدعم التأكيد على أنه جسم من صنع كائنات فضائية.

فعلى سبيل المثال يقول لويب في الفصل التمهيدي: ”نحن نعيش في زمن… تتزايد فيه الأدلة على أننا لسنا وحدنا“. وكتب لاحقاً: ”إننا لم نكن مطلقاً بمثل هذا القرب من دليل مقبول علمياً…“ – وهذا اعتراف واضح بأنه لا يوجد حتى الآن أي دليل على التأكيد الأساسي لفكرة الكتاب. هذه ليست الطريقة التي يعمل بها العلم: إما أن يكون هناك دليل، وإما أنه غير موجود. لا يمكننا قبول أدلة تقريبية.

ومع ذلك فإن كتاب بين النجوم يحتوي على ثروة من النقاشات والأحاديث المثيرة للاهتمام، جاءت في الوقت المناسب حول مدى استعداد البشرية لقبول تأكيد عضويتنا في أخوّة مفترضة بين أبناء النجوم. يدرس الكتاب السبل غير المستكشفة في أبحاث مشروع SETI (البحث عن ذكاء خارج الأرض) ويدعو إلى تغيير أساسي في رؤيتنا للكون واستكشافه. نحن نتطرق إلى الأخلاق، والفلسفة، والمستقبلية، وفرص البشرية في البقاء، والذكاء الاصطناعي، وإمكان الهجرة في المجرّة. ومن المثير للاهتمام أنه يقدم أيضاً حجة قوية لتعزيز قدراتنا على اكتشاف الأدلة الغائبة على الحضارات الفضائية. هذا كتاب سوف يجذب أي شخص لديه اهتمام، ولو عابراً، بأهم سؤال نطرحه.

*****

آليستير غان Alastair Gunn: عالم فلك راديوي في مرصد جودريل بانك


بين النجومالكتاب الوجيز في الكواكب النجمية

المؤلف: جوشوا وين Joshua Winn
الناشر: مطابع جامعة برينسن
السعر: £18.99
الغلاف: غلاف مقوى

قد يكون من السهل جداً أن يصير كتاب عن الكواكب النجمية ضحية لوتيرة الاكتشافات السريعة في هذا الحقل، إلّا أن الكتاب الوجيز في الكواكب النجمية يتجنب هذا المصير ببراعة. فمن خلال التركيز على ما نعرفه، مع الحفاظ على الوعي الشديد بما لا نعرفه، يتوسع كتاب جوشوا وين التمهيدي حول علم الكواكب النجمية إلى خارج عوالم المجموعة الشمسية المجاورة لنا إلى اكتشافات الكواكب النجمية الغريبة وغير المتوقعة، ويختتم بالمهمات الفضائية المستقبلية والتوقعات للمنهجيات والمجالات الفرعية المهمة.

يعكس المنهج العلمي أسلوب المؤلف عبر أنحاء كتابه. فعلى سبيل المثال لا يقدم وين اكتشاف الكوكب النجمي 51 Pegasi b فقط كسابقة تاريخية بسيطة؛ وبدلاً من ذلك فهو يعرض تفاصيل تاريخ الاكتشافات المحتملة وكواكب البلسارات (النجوم النبّاضة) Pulsar planets. ومع كل منها فهو يبحث في المنهجية المستخدمة، وما إذا كان علماء الفلك قد برروا المعتقدات الحقيقية بأن تلك الاكتشافات تمثل كواكب نجمية، ويشارك الدروس المهمة المستفادة على الطريق المعقد لاكتشاف الكواكب النجمية.

ومن شرح نظريات هجرة كواكب حارة تشبه المشتري، إلى لماذا يمكن أن تنتهي مدارات الكواكب النجمية بتجاوبات موسيقية Musical resonances، يفتح الكتاب الوجيز في الكواكب النجمية كوناً استثنائياً ومثيراً. ومع وجود كم لا بأس به من الرياضيات والرسوم البيانية المعقدة التي يجب شرحها، فقد لا يكون هذا الكتاب مناسباً لكل قارئ، ولكن من المنعش أيضاً أن وين يثق بجمهوره بدرجة كافية للتعمق في البيانات وإظهار العمل الحقيقي لعالم الفلك لهم: معرفة الأرقام وفهمها. هذا التركيز على العملية هو الذي يمنح هذا العمل القدرة على أن يكون كوكباً نجمياً كلاسيكياً يتمتع بقوة الاستمرار.

*****

إيما جوهانا بورانين Emma Johanna Puranen: باحثة دراسات عليا في مركز سانت آندروز لعلوم الكواكب النجمية


تاريخ حوادث الكسوف
المطارِدون الأوائل لحوادث الكسوف في أمريكا

المؤلف: ثوماس هوكي Thomas Hockey
الناشر: دار Springer
السعر: £27.99
الغلاف: غلاف ورقي

في العام 1869، بعد أربع سنوات من نهاية الحرب الأهلية الأمريكية وإلغاء العبودية، بلغ الاهتمام الفلكي ذروته في أمريكا، وتوافد الآلاف لمشاهدة الكسوف الكلي الذي انتقل من آلاسكا عبر وسط الولايات المتحدة إلى الساحل الشرقي. يحكي هذا الكتاب قصة مطاردي الكسوف، بدءاً من البعثات الرسمية التي نفذتها الجامعات ومرصد البحرية الأمريكية، حتى المواطنين المطلعين الذين علِموا بخبر الكسوف من جريدتهم المحلية أو واعظ كنيستهم.

يحاول هوكني تضمين مجموعة متنوعة من الشخصيات في قصته، وهو يصرّح بالصعوبات التي يواجهها في أثناء محاولته سرد تلك القصة المتوازنة. فعلى سبيل المثال كان من الصعب العثور على أصوات راصدين من سكان أمريكا الأصليين، وبدلاً من ذلك سردت قصصهم من خلال روايات الراصدين البيض. ومع أنه وجد أمثلة لعبيد حُرروا حديثاً وشاهدوا الكسوف، إلّا أنه يتعين عليه مرة أخرى استخدام روايات غير موثوق بها عن ردود أفعالهم. وقد تبين أن شمل أصوات النساء البيض المتعلمات من المهتمات بالفلك كان أسهل، وذلك بفضل وفد ماريا ميتشل Maria Mitchell المكوّن بالكامل من فتيات راصدات في كلية فاسار Vassar College.

هناك كم كبير من المعلومات في هذا الكتاب، ليس فقط عن الأشخاص: بل إن الأمور العلمية أيضاً مشروحة جيداً. هناك كذلك قدر كبير من المعلومات عن الجغرافيا الأمريكية والتاريخ الأمريكي، بما في ذلك الحقيقة المهمة، وهي أن مطاردة حوادث الكسوف جلبت عديداً من علماء الفلك من أمريكا الشمالية إلى جنوبها أول مرة. كل هذا يجعل منه كتاباً رائعاً، ومن المؤكد تقريباً أن كل قارئ سيتعلّم منه شيئاً جديداً.

*****

إميلي وينتربيرن Emily Winterburn: كاتبة علمية، وفيزيائية، ومؤرخة علوم الفلك


محاكاة الكون

المؤلف: روميل ديفي Romeel Davé
الناشر: دار Reaktion Books
السعر: £15.95
الغلاف: غلاف مقوى

في عصرٍ صرنا قادرين فيه على التقاط كثير من البيانات عن الكون الحقيقي، ما الفائدة من المحاكاة الاصطناعية للكون على حاسوب؟ يبدأ روميل ديفي Romeel Davé كتابه الموجز والمعد بنحو جيد من خلال شرح القيود الأساسية لعلم الفلك الرصدي: فحتى مع أفضل التلسكوبات التي يمكن تخيُّلها، لن نتمكن أبداً من مشاهدة المجرّات الفردية وهي تتشكل وتتطور بسبب مقياس الزمن الكوني الخاص بالعملية؛ ولن نتمكن أبداً من رؤية هذه الأشياء من أكثر من خط رؤية واحد، وذلك بسبب المسافات الهائلة بيننا وبينها.

لكن ما يمكننا فعله هو نمذجة تلك الأهداف البعيدة على الحواسيب، وفي كتاب محاكاة الكون Simulating the Cosmos، يأخذنا عالم الكونيات ديفي، الذي قضى حياته المهنية يفعل ذلك، عبْرَ عمليات المحاكاة هذه من الألف إلى الياء.

بعد فصل تمهيدي يهيئ المشهد بشرح نموذج ”التوافق“ Concordance القياسي لعلم الكونيات (الكوزمولوجيا Cosmology)، يتعمق الكتاب بعد ذلك في تقديم التفاصيل الدقيقة لكيفية عمل المحاكاة الحاسوبية فعلياً. جرى توضيح هذه الجوانب الفنية بوضوح، كما يطلعنا على إيجابيات وسلبيات التقنيات المختلفة، وما ينتج عنها من نجاح وفشل. وبالطبع فإن هذا الأخير هو الذي يدفع العلم إلى الأمام، مثل عدم قدرة عمليات المحاكاة على تفسير البنى المجرية المرصودة (مثل الشكل الحلزوني والضلعي لمجرة درب التبانة)، وهنا يجمع ديفي الكتاب كله من خلال وصف كيفية حدوث عمليات صغيرة الحجم نسبياً داخل مجرّة درب التبانة. يمكن للمجرّات أن تؤثر فعلاً في متغيرات كونية.

هذه قراءة آسرة يُوصَى بها بشدة للقراء، بمن في ذلك علماء الفيزياء الفلكية المحتملين، الذين يحرصون على فهم مزيد عن كيفية إنجاز علوم الكونيات الحديثة فعلياً.

*****

بيبا غولدشميت Pippa Goldschmidt: كاتبة في علم الفلك والعلوم


مقابلة مع المؤلف

آفي لويب

كيف ستكون ردة فعلنا حيالَ اكتشاف أدلة على حياة خارج الأرض؟
ربما يكون أي شيء نرصده أكثر تقدماً من التكنولوجيا التي لدينا، لأن من أرسلها قد وصل إلى عتبة بابنا قبل أن نصل إلى بابهم. إن اكتشاف أداة ما ليست من نتاج الحضارة الأرضية سيكون مصحوباً بشعور بالرهبة. إنها فرصة لتحقيق قفزة نحو مستقبلنا التكنولوجي. ومع نظرة أوسع يمكننا أن نغير أولوياتنا من أولويات الغراب الذي ينقر أعناق النسور إلى نسر يعلو إلى ارتفاعات لا تعيش فيها غربان. ونأمل هنا أن نبتعد عن عقلية الغراب على وسائل التواصل الاجتماعي إلى عقلية النسر لدى الحضارات الفضائية الذكية هناك بين النجوم.

ما أفضل مناهجنا؟
ج: يشبه الاستماع إلى إشارات الراديو انتظار مكالمة هاتفية. أنت في حاجة إلى أن يكون نظيرك نشطاً. النهج الذي أتبعه هو التحقق من الأشياء المادية التي وصلت إلى عتبة بابنا آتيةً من جوارنا الكوني. حتى لو مات من أرسلها، فما زال في وسعنا تسلُّمها. أضف إلى ذلك، سيزداد تواتر الطرود (مع الوقت)، نظراً إلى أن الإشارات الراديوية ستكون على بعد بلايين السنين الضوئية إذا كانت قد أُرسلت منذ بلايين السنين.

أين يجب أن نركز؟
ج: نحن نستثمر بلايين الدولارات في البحث عن المادة المعتمة. لكن الناس تهتم بسؤال ”هل نحن وحيدون (في الكون)؟“ أكثر من اهتمامهم بطبيعة المادة المعتمة. ويتعين علينا أن نستثمر موارد مماثلة، أو أكثر، في البحث عن الأجسام ذات الأصل التكنولوجي الموجودة بين النجوم. يمكن للعلم أن يكون مثيراً إذا تجاوب مع اهتمام الجمهور.

آفي لويب Avi Loeb:
رئيس مشروع غاليليو، ومؤسس مبادرة الثقب الأسود في جامعة هارفارد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى