انقلاب القطبين يزيد قوة الشمس
تزداد شدة الإشعاع الشمسي عند خط الاستواء عندما ينقلب المجال المغناطيسي للأرض
يتعرض كوكب الأرض لقصف مستمر من جسيمات مشحونة Charged particles نشطة تتدفق عبر الفضاء الخارجي. تُعرَف هذه باسم الأشعة الكونية وهي تنتج بفعل القذف الكتلي الإكليلي Coronal mass ejections من شمسنا، أو إنها تأتي من خارج المجموعة الشمسية، مع تسارعها بفعل تأثير السوبرنوفا في معظم أنحاء المجرّة. عندما تواجه هذه الجسيمات النشطة، التي تتحرك بسرعة تقرب من سرعة الضوء، الغلافَ الجوي للأرض، فهي تطلق زخات كبيرة من الإشعاع الثانوي، والذي يعبُر بعضه المسافة كلها وصولاً إلى سطح الأرض. تنزع جسيمات الإشعاع المشحونة هذه الإلكترونات من أي ذرات تمر بها، ليسبب ذلك حدوثَ مفعول ”التأين“ Ionisation الذي يمكنه تدمير الحمض النووي في خلايانا، والتأثير أيضاً في عمليات الغلاف الجوي.
المجال المغناطيسي للأرض يحرف الأشعة الكونية Cosmic rays الأقل قوة انحرافاً شديداً، ومن ثم تحظى منطقة خط الاستواء بمزيد من الحماية من هذا القصف الجسيمي مقارنةً بالقطبين الشمالي والجنوبي، حيث تنحدر خطوط المجال المغناطيسي نحو سطح الكوكب. تأخذ خطوط طيران معينة بعيدة المدى Long-range flights – مثل الخط من دبي إلى سان فرانسيسكو الطائرات فوق القطب الشمالي مباشرة؛ وهذا يعني، إضافة إلى الارتفاع العالي، أن الركاب وأفراد الطاقم يتعرضون لمستويات مرتفعة من الإشعاع المؤين. لكن افتُرِض أيضاً أن الاختلافات في تدفق الأشعة الكونية إلى الغلاف الجوي للأرض تؤثر في المناخ الأرضي ربما بالتأثير في تكثيف المياه في الغلاف الجوي وتشكل السحب. وقد يكون هذا مهماً بنحو خاص في الفترات التي ينقلب فيها المجال المغناطيسي للأرض ويضعف مؤقتاً.
كان جاكوب سفنسمارك Jacob Svensmark، من كلية الفيزياء بجامعة أكسفورد University of Oxford، يدرس أحدث مناسبة خضع فيها مجال الأرض المغناطيسي للأرض لحادثة انقلاب. وقعت هذه الحادثة، التي تُعرف باسم انعكاس برونس ماتوياما Brunhes-Matuyama reversal، منذ 780,000 سنة تقريباً، والسؤال الكبير هو ما التأثير الذي ربما سببته تلك الحادثة على التأين داخل الغلاف الجوي من الأشعة الكونية. استخدم سفنسمارك نمذجات حاسوبية لحساب تأيُّن الغلاف الجوي حول العالم، مستخدماً أنماطاً مختلفة من المجالات المغناطيسية المحاكاة في النمذجة.
”بلغت زيادة معدل التأين %25 تقريباً عند مناطق السطح الاستوائية مع انحسار قوة المجال المغناطيسي“
وكما قد تتوقع فقد وجد أن زيادة التأين أثناء الانقلاب كانت أوضح حول خط استواء الكوكب؛ لكن سفنسمارك تمكن من حساب هذه الزيادة في معدل التأين ليجدها بنسبة 25% تقريباً عند السطح الاستوائي مع تراجع قوة المجال المغناطيسي، وأكثر من ستة أضعاف عند ارتفاع أعلى في الغلاف الجوي العلوي. وعلى النقيض من ذلك فقد وجد تقريباً صفراً من التغيُّر في المنطقتين القطبيتين، حيث يسهل كثيراً وصول الأشعة الكونية بالفعل. وبصورة عامة، فقد أظهر نموذجه زيادة بنسبة 13% في التأين عند مستوى سطح البحر حول العالم، وتضاعف تقريباً في أعالي الغلاف الجوي.
ليويس دارتنل
عالم أحياء فلكية في
جامعة ويستمينستر