كرة نارية على المشتري تسطع أكثر من الشمس
نتج الوميض الساطع عن اصطدام بحجم حادثة تونغوسكا
في العام 1994، تابعت المراصد الفلكية والمسابر الفضائية من كثب حادثة الاصطدام المذهل للمذنب شوميكر-ليفي 9 ((Shoemaker–Levy 9 مع كوكب المشتري، وتصدّر الحدث حينها عناوين الصحف في أنحاء العالم. ومنذ العام 2010، جرى اكتشاف ورصد 6 ومضات صدمية على المشتري، وشارك في ذلك هواة فلك. تسمح عملية قياس بسيطة للسطوع بتقدير طاقة هذه الاصطدامات، ولكن يمكن إجراء حسابات أدق لها إذا سُجلت في مجال عدة أطوال موجية مختلفة.
كان كو آريماتسو Ko Arimatsu، من المرصد الفلكي بجامعة كيوتو Kyoto University، وزملاؤه يستخدمون كاميرا مراقبة الكواكب لعمليات مسح الومضات الضوئية الوجيزة Planetary ObservatioN Camera for Optical Transient Surveys (اختصاراً: الكاميرا PONCOTS)، المخصصة لمراقبة الومضات الضوئية على كوكب المشتري. يتكون نظام التصوير من تلسكوب شميدت-كاسغرين بقطر 28 سم أُعِد على سطح مبنى في الجامعة، ومجهز بكاميرتي CMOS. يسمح هذا النظام لعلماء الفلك برصد ومضات ضوئية على كوكب المشتري بثلاثة أطوال موجية مختلفة في وقت واحد: النطاق V المرئي في المجال الأصفر، ونطاقي أشعة قريبة من تحت الحمراء.
في يوم 15 أكتوبر 2021 لاحظ آريماتسو وفريقه وميض اصطدام ساطع بنحو مميز في المنطقة الاستوائية الشمالية على المشتري. بلغت ذروة السطوع الظاهري للوميض في النطاق المرئي سطوع mag. 4.7 وهو ما يعادل سطوعاً مطلقاً بقيمة mag. 29-، أي أسطع من الشمس بـ 300 ضعف كما تبدو من المشتري. ولأن نظام التصوير PONCOTS الخاص بهم يمكنه الرصد بمعدل إطارات مرتفع عبر ثلاثة أطوال موجية في وقت واحد، فقد تمكنوا من تسجيل وميض الاصطدام هذا بدقة غير مسبوقة.
“فاقت حرارة الكرة النارية درجة °8,000س. وأمكن للجسم الصدمي الارتطامُ والانفجار بقوة تعادل 2 ميغا طن من مادة “TNT
كم بلغ حجم الانفجار؟
من منحنيات الضوء الثلاثة، حسبوا أن درجة حرارة الكرة النارية الناتجة في الغلاف الجوي العلوي للمشتري زادت على º8,000س. كان يمكن للاصطدام أن يضرب بطاقة حركية E تبلغ 7 ملايين بليون جول تقريباً- وهو انفجار يعادل 2 ميغا طن من مادة TNT. وهذا مشابه لما جرى في حادثة تونغوسكا Tunguska، عندما انفجر نيزك فوق شرق سيبيريا في العام 1908، وسوّى مساحة زادت على 2,000 كم2 من الغابات: وهذا أكبر اصطدام على الأرض في التاريخ المسجّل. ومن طاقة الاصطدام مع المشتري، قُدِّرت كتلة الجسم الصادم بنحو 4 ملايين كغم، وقطره بين 16 و31 م.
وهذا هو الوميض الأكثر طاقة الذي لوحظ في المجموعة الشمسية منذ اصطدام المذنب شوميكر-ليفي 9، الذي أحدث سلسلة من البقع الداكنة العملاقة في الغلاف الجوي للمشتري شوهدت من الأرض بصورة ندوب بقيت عدة أشهر. وقد أمل آريماتسو وفريقه في أن يترك اصطدامهم المكتشف علامات يمكن رصدها أيضاً، لكن عملية رصد متابعة بعد 16 دقيقة من الحادثة لم تجد أي علامات. وقد تمكنت المركبة الفضائية جونو Juno، التي كانت تدور حول المشتري، من رصد موقع الاصطدام بعد 28 ساعة، ولكن حتى هذه المشاهدة ذات الموقع المتقدم قد أخفقت أيضاً في تحديد أي معالم واضحة للحطام. يعتقد آريماتسو أن هذا قد يكون بسبب حقيقة أن جِرمهم الصدمي كان أصغر من جسم حادثة اصطدام المذنب شوميكر-ليفي 9، ومن ثم فإن أي معالم ناتجة كانت ضئيلة وقصيرة العمر.
وبناءً على أرصادهم، يقدِّر آريماتسو أن مثل هذه الأحداث الشبيهة بحادثة اصطدام تونغوسكا تحدث على المشتري بمعدل مرة واحدة تقريباً في السنة- أي أكثر بمعدل يتراوح بين مئات وآلاف المرات مما يحدث على الأرض- ولذا فهم ينتظرون مشاهدة حادثة الاصطدام التالية بفارغ الصبر!
البروفيسور
ليويس دارتنل
عالم أحياء فلكية في جامعة ويستمينستر