يلقي ستيوارت آتكينسن نظرة على خمسة من أشهر ”النيازك المعروفة“
سنندهش إذا تمكنا من النظر إلى سماء الليل ورؤية كل الصخور تحلِّق عبر الفضاء من حولنا. تحتوي مجموعتنا الشمسية على البلايين منها، وكلها يدور حول الشمس- كعوالم صغيرة. من حين إلى آخر يتقاطع مدار الأرض مع أحد هذه الأحجار النيزكية Meteoroids، ويحترق في غلافنا الجوي كشهاب Meteor أو نجم ساقط Shooting star. لكن بعضها ينجو من مسارها الناري ويسقط على الأرض كصخرة متفحمة. ولا يُعثر على معظمها، ولكن شوهد القليل منها بعد سقوطه، ونقل إلى العلماء لدراسته. كل هذه النيازك Meteorites رائعة، لكن بعضها يحظى باهتمام العلماء وجامعي النيازك. وقد يقول أحدهم عنها إنها “نيازك مشهورة” Celebrity meteorites. سنلقي هنا نظرة على خمسة من أشهر هذه الصخور الفضائية.
نيزك وينشكوم Winchcombe meteorite
في وقت متأخر من مساء 28 فبراير، 2021، رأى آلاف الأشخاص في أنحاء المملكة المتحدة وشمال أوروبا كرة نارية ساطعة تقطع السماء، وسمع بعضهم دوي صوت اختراقها. وصوَّرت كرةَ النار هذه كاميراتُ جمعية تحالف الكرات النارية في المملكة المتحدة UK Fireball Alliance (www.ukfall.org.uk)، وهي شبكة من الكاميرات المنتشرة في جميع أنحاء المملكة المتحدة. وبالجمع بين تقارير شهود العيان وتحليل صور المسح، قدَّر الخبراء أن النيزك ربما سقط في قرية وينشكوم Winchcombe- أو قربها- في مقاطعة غلوسترشير Gloucestershire. في اليوم التالي بدأ البحث، وسرعان ما شوهدت صخور هشة وداكنة بين الأعشاب. وجدت إحدى العائلات كومة من الصخور على حارة سيارتهم، محاطة بمسحوق أسود- ومزيداً من قطع الحجارة مما سيُعرف لاحقاً باسم ”نيزك وينشكوم“ Winchcombe Meteorite. كان الحجر النيزكي صخرة نادرة من نوع الكوندريت الكربوني، وكان هذا أول نيزك يُلتقَط في المملكة المتحدة منذ 30 عاماً.
نيزك تشيليابينسك Chelyabinsk meteorite
عندما كانت الشمس تشرق فوق مدينة تشيليابينسك Chelyabinsk الروسية في 15 فبراير من العام 2013، ذهل الناس لرؤية ضوء أسطع من ضوء الشمس يعبر السماء الزرقاء الجليدية. شوهد هذا ”النيزك المتفجر“ Superbolide عبر مئات الكيلومترات، وسجلته كاميرات المراقبة وكاميرات السيارات. وعندما تلاشى، ترك دخاناً أبيضَ بلون الحليب يمتد عبر السماء- ثم، مع صوت تصدُّع يُصم الآذان، حطمت موجة الصدم Shockwave النوافذ، وانهارت الأسقف، وطُرح الناس أرضاً. بعد اصطدامه في الغلاف الجوي بسرعة 43,000 كم/ساعة، انفجر كويكب عابر قرب الأرض، يزن أكثر من 12,000 طن، وبقطر 20 م تقريباً، على ارتفاع 26 كم، وأطلق طاقة أكثر بـ 30 مرة من طاقة انفجار القنبلة الذرية التي أُسقطت على مدينة هيروشيما.
عُثر على عديد من قطع النيازك، بما في ذلك قطعة بوزن 654 كغم استخرجت من بحيرة متجمدة. يمكنك شراء قطع من هذا النيزك، ولكن احرص على التعامل مع التجار الموثوق بهم فقط.
نيزك سيخوت-آلين
Sikhote-Alin
في 12 فبراير من العام 1947 اخترق حجر نيزكي معدني ضخم، يزن 100,000 كغم تقريباً، الغلاف الجوي للأرض. لينفجر أخيراً فوق جبال سيخوت-ألين الروسية النائية مع دوي يُصم الآذان. بعد لحظات امتلأت الأرض أسفل بشظايا معدنية خشنة، بعضها أحدث فوهات، وبعضٌ آخر انغرس في الأشجار. وقد أمكن جمع نحو 23 طناً من المواد من المنطقة منذ ذلك الحين. يمكنك شراء نوعين مختلفين من حجارة هذا السقوط النيزكي التاريخي. بعضها يبدو كعينات كاملة مستديرة، مثل قطع معدنية لها قشرة منصهرة داكنة وفوهات صغيرة تُسمى بـ”الحُفر“ Regmaglypts تبدو مثل أثر ضغط الأصابع في الطين. والبعض الآخر بدا بصورة قصاصات معدنية ممزقة ملتوية وكثيرة العقد، ولها حواف حادة مثل شظايا قنبلة.
آلان هيلز 84001 ’ALH84001‘
تُعَد القارة القطبية الجنوبية مكاناً ممتازاً للبحث عن النيازك وجمعها، وذلك لأن الحجارة الداكنة تبرز بوضوح على ثلجها الأبيض الساطع. تتجول فرق العلماء سنوياً عبر الحقول الجليدية في القارة المتجمدة بحثاً عن الصخور الفضائية. في 27 ديسمبر 1984، رصدت العالمة روبرتا سكور Roberta Score صخرة كبيرة داكنة بلون أسود-أخضر غير عادي، وجرى تغليفها كما ينبغي وإعادتها إلى المختبرات لدراستها. ولم يدرك العلماء الأصل المريخي للنيزك ’ALH84001‘-الذي يبلغ وزنه 1.96 كغم- إلّا بعد سنوات من ذلك. وعندما حدَّق العلماء في داخله باستخدام المجهر الإلكتروني، في العام 1996، رأوا ما بدا كبكتيريا متأحفرة داخل شقوقه، ثم مضت الأمور بنحو جنوني بعض الشيء: هل عثروا على دليل على وجود حياة على سطح المريخ؟ اعتقد كثيرون ذلك، حتى أن الرئيس بيل كلينتون عقد مؤتمراً إعلامياً للإشادة بهذا الاكتشاف. لكن علماء آخرين كانوا أكثر تشكُّكاً، وقد اقترحت أبحاث حديثة أن الأشكال التي اعتقد بوجودها في الحجر النيزكي ليست بيولوجية المنشأ.
نيزك ألليندي Allende meteorite
إن كان هناك نيزك مشهور كشهرة كارداشيان، فيجب أن يكون هو نيزك ألليندي. في 8 فبراير 1969، وفي حين كانت وكالة ناسا تستعد لإطلاق بعثة أبولو 9- التي كانت أول رحلة تجريبية مأهولة للمركبة القمرية- سقط وابل من صخور داكنة من السماء غير بعيد جداً عن مدينة بويبليتو دي ألليندي Pueblito de Allende المكسيكية. تناثر الحطام فوق مساحة 150 كم2، وكان بقايا قطعة صخر نيزكية بحجم سيارة تشظت عالياً في الغلاف الجوي. وعلى الرغم من أن الأحجار- التي كانت داكنة جداً بلون سواد الفحم من الخارج، وبباطن رمادي داكن احتوى على كثير من البقع الصغيرة الباهتة والحبيبات، أو الكوندريولات Chondrules- لم تبد على الفور وكأنها أي شيء مميز، فقد كشف التحليل أنها كانت حجارة من نوع نادر جداً من نيزك الكوندريت الكربوني Carbonaceous chondrite القديم والبدئي. في الواقع لقد احتوت تلك الكوندريولات على حبيبات غبار تعود إلى زمن ولادة المجموعة الشمسية.
هاوٍ فلكي مدى الحياة. ألَّف 11 كتاباً في علوم الفلك والتحليق الفضائي