سؤال وجواب مع عالم في أبحاث الكواكب
الأبحاث عما إذا كان كوكب الزهرة قد احتوى محيطات سائلة في ماضيه تستثير مزيداً من الأفكار عن كيفية تجنب الأرض حتى الآن التأثير المنفلت لانبعاثات غازات الدفيئة
بالنظر في ماضي سطح كوكب الزهرة المنصهر، كيف يمكن له أن يكون قد شكّل محيط ماء سائل؟
عندما نفكر في تطوُّر الكواكب، نتخيل أنها تبدأ حياتها في حالة حارة ومنصهرة، ومع تطورها عبر الزمن، تنبعث منها إشعاعات في الفضاء وتبرد. لذا فإن السؤال الرئيس هو ما إذا كان كوكب الزهرة قادراً على تكثيف الماء الموجود في غلافه الجوي على السطح من خلال عملية الابتراد تلك أو لا. إذا لم يتكثف الماء فسيكون من غير المرجح تكوُّن محيطات المياه السائلة. الفكر السائد حالياً هو أن محيطات الماء السائلة ربما تشكلت من البخار في لحظة مبكرة في أثناء تطور كوكب الزهرة، وتكثف البخار على سطحه وتحوُّله إلى سائل. ربما كان هذا هو ما حدث أيضاً على الأرض في ماضيها.
ما الطرق التي استُخدمت لمعرفة هذا؟
لقد استخدمت نموذج مناخ عالمي ثلاثي الأبعاد صُمِّم لتمثيل جميع أبعاد كوكب ما، والعمليات الفيزيائية التي تؤدي دوراً في الغلاف الجوي للكواكب. نفذنا عمليات محاكاة للطريقة التي يتفاعل بها الغاز والغيوم مع الضوء الآتي من الشمس، والطريقة التي يتكثف بها بخار الماء تحديداً ويتبخر من السحب. نفذنا أيضاً محاكاة للطريقة التي يدور بها الغلاف الجوي. ثم نجمع بين كل هذه المعادلات في النموذج ذاته لتمثيل كيف سيتصرف الغلاف الجوي بأفضل طريقة ممكنة. هذا النوع من النماذج هو مشابه للنموذج الذي استخدمه زملائي في مجموعتي البحثية لتقييم الاحترار العالمي Global warming على الأرض.
وفقاً لعمليات المحاكاة التي أجريتها، كم سيدوم وجود هذه المحيطات على الزهرة، ومتى بدأت في التلاشي؟
ج: تعطي المحاكاة جواً يخلو من السحب في مناطق على الزهرة حيث تبلغ الشمس نقطة السمت Zenith؛ تتشكل الغيوم بنحو رئيس في القطبين وعلى الجزء الليلي من الكوكب. سيؤدي هذا التوزيع الغريب للسحب إلى تسخين قوي بفعل تأثير غازات الدفيئة، مما يمنع المياه السائلة من التكوُّن على سطح الزهرة، وهي الحالة المحتمل حدوثها منذ مراحل تطور الكوكب الأولى.
ما الذي يمكن أن تخبرنا به دراسة تاريخ كوكب الزهرة عن تغيُّر المناخ الذي يحدث على الأرض؟ وما الذي يمكن أن يخبئه المستقبل لكوكبنا؟
إذا أمكن للأرض أن تصير حارة بدرجة كافية في وقت ما، فسيحفز ذلك إلى انبعاث منفلت لغازات الدفيئة، ستؤدي إلى تبخر المحيطات من سطح الكوكب إلى غلافه الجوي، وقد يكون هذا أمراً لا يمكن عكسه. ومع ذلك فقد يحدث هذا على مدى فترة زمنية طويلة في أثناء تطور كوكب الأرض.
ما الذي يمنع أن تتعرض الأرض لمصير الزهرة في سنواتها المبكرة؟
ما وجدناه هو أن تشمُّس الأرضــ كمية الإشعاع الشمسي Solar radiation التي يتلقاها كوكب الأرض على سطحه- ربما كان هو المفتاح، وربما كان السبب وراء إفلاتها من مصير مماثل. كانت هذه هي الطريقة التي تمكنت بها الأرض من تكثيف محيطاتها في المقام الأول. الطريقة الوحيدة التي يمكن أن يتكثف بها الماء على سطح الأرض هي تقليل كمية الإشعاع الشمسي التي تبلغ الكوكب. على الأرض، قبل أربعة بلايين سنة، كانت هذه الكمية منخفضة بدرجة كافية لأن سطوع الشمس كان أقل في الماضي، وهو ما يُعرف باسم ”مفارقة الشمس الفتية الخافتة“ Faint young Sun paradox. ما نراه من نتائج المحاكاة لدينا هو أن هذا عنصر أساسي يجب مراعاته في تطوُّر كوكب الأرض، ومدى الأهمية الكبيرة لهذا الجزء من تاريخ الكوكب.
هل هناك خطط لتطبيق هذا النموذج على أي بعثات مستقبلية للكواكب النجمية؟
قد تمنحنا بعثة من بعثات السنوات المقبلة الفرصةَ لاستكشاف كواكب نجمية Exoplanets بأغلفة جوية بخارية، وتمكِّننا من استخدام تلك الكواكب لفهم ما يوجد تحتها بنحو أفضل، والبحث في كيفية تشكل غيومها. أفضل تلسكوب قد يكون لدينا (الآن) للإجابة عن هذه الأسئلة هو تلسكوب جيمس ويب الفضائي (JWST).
عالِم أبحاث في المركز الوطني للأبحاث العلمية CNRS بجامعة جنيف
ميليسا بروبي تحاور مارتن توربت