بالنسبة إلى الفلكيين، فإن رؤية قوس مجرة درب التبانة Milky Way الضبابي المرقَّش وهو يمتد في السماء في وقت متأخر من ليلة صيف صافية، هي واحدة من أكثر التجارب الممتعة التي لا تُنسى. إنها بمرتبة رؤيتك الأولى لحلقات زحل من خلال تلسكوب، أو مشاهدة كرة نارية ساطعة تحلِّق متوهجة عبر السماء في أثناء زخة شهب. لكن لماذا نتحدث عن مجرة درب التبانة في هذا الوقت من العام؟ يعلم الجميع أنه لا يمكنك رؤية مجرة درب التبانة إلا خلال فصل الصيف- إنها “مشهد صيفي” Summer sight، أليس كذلك؟
خطأ. لا تزال درب التبانة موجودة في ليالي الشتاء الباردة هذه، إلا أنها ليست درامية أو واضحة. ففي حين أن درب التبانة الصيفية هي أعجوبة تراها بالعين المجردة- مسار واسع من الزبد والرغوة المرصع بالنجوم، والذي يقسم السماء إلى قسمين- فإن درب التبانة الشتوي ليس شديدة الوضوح، وهي مشهد مثير يتعين البحث عنه. إنها نقاط مرقطة في صدر السماء، وإذا كنتَ مستعداً لبذل الوقت والعناء للنظر إليها، فستكافَأ ببعض المشاهد الجميلة. سترى جانباً آخر من درب التبانة؛ بدلاً من السدم الغازية Gaseous nebulae الساطعة في الصيف، مثل البحيرة Lagoon الشهيرة والسديم الثلاثي Trifid، ما ستراه هو مجموعة من عناقيد النجوم المتلألئة.
سنجري جولة في مجرة درب التبانة في منتصف الشتاء ونستمتع ببعض هذه المعالم. نصفها مرئي بالعين المجردة، وستحتاج إلى منظار Binoculars أو تلسكوب صغير لرؤية البقية. هناك شيء واحد مؤكد، هو أن جميع المشاهدات تستحق الرصد بالتأكيد بعد أن تلقي نظرة ليلية إلزامية على الثريا Pleiades وسديم الجبار Orion.
في الليلة الصافية والباردة التالية، وقبل بدء الجولة، البسْ عدة أزواج من الجوارب وتوشَّحْ بأدفأ سترة وقبعة وقفازات. وإذا بدوتَ كطفل يبلغ من العمر سبع سنوات لفَّتْه أمه بالثياب استعداداً لنزهة على الأقدام في يوم بارد ومُثلِج، فستكون بخير.
اخرجْ عند نحو الساعة 11:30 AST مساءً واذهب إلى أحلك بقعة يمكنك أن تجدها. سترى على الفور كوكبة الجبار، والصياد يعلو فوق الأفق الجنوبي، يبدو رائعاً بحزامه الشهير-المكون من ثلاثة نجوم بلون الجليد الأبيض المُزرق- مشدوداً بإحكام حول خصره، ومنكب الجوزاء Betelgeuse متوهجاً- بمسحة قرمزية- على كتفه (Alpha (α) Orionis).
جميع الأجرام في هذه الجولة تقع بالقرب من الجبار، في الجزء الجنوبي من السماء. قبل أن تبدأ الجولة، دع عينيك تتكيفا بنحو صحيح مع الظلام؛ يستغرق هذا نحو نصف ساعة. ثم دعونا ننطلقْ!
2 تعليقات