اكتشاف بقايا مجرة في درب التبانة
اكتشاف بقايا مجرة اندمجت في مجرتنا قبل بلايين السنين
كريس لينتوت Chris Lintott
يشارك في تقديم برنامج سماء الليل The Sky at Night.
بفضل حملة مسح ترصد أكثر من نصف مليون نجم، استطاع العلماء تحديد “مجرة أحفورية” Fossil galaxy مختبئة في قلب مجرة درب التبانة. فقد أطلق العلماء على بقايا هذه المجرة اسم هيراكليس (هرقل) Heracles، وهي كانت مجرة منفصلة فيما مضى، لكنها اصطدمت واندمجت في مجرتنا قبل نحو عشرة بلايين سنة.
اكتشفت هيراكليس باستخدام جهاز تجربة تطور المجرات في مرصد نقطة أباتشي Apache Point Observatory Galactic Evolution Experiment (اختصاراً: التجربة APOGEE)، والتي كانت تتبع النجوم عبر مجرة درب التبانة. ونظراً لقدرة الجهاز على البحث عن الأشعة تحت الحمراء، فهو يستطيع كشف النجوم في نواة المجرة التي تحيط بها سحب غبار تحجبها عادة عن الرؤية.
ويقول الباحث داني هورتا Danny Horta، الذي قاد الدراسة: “من بين عشرات آلاف النجوم التي نظرنا إليها، كان لبضع مئات منها سرعات وبنى كيميائية مختلفة اختلافا كبيرا. وهذه النجوم هي شديدة الاختلاف لدرجة أنها لا يمكن أن تكون إلا قد أتت من مجرة أخرى. وبدراستها بالتفصيل، نستطيع تتبع الموقع الدقيق لهذه المجرة الأحفورية وتاريخها التطوري”.
تقدر الدراسة الجديدة أن نحو ثلث النجوم في هالة مجرة درب التبانة قد نشأت في مجرة هيراكليس؛ مما يعني أن الحدث الذي دمج المجرتين سيكون حدثا رئيسياً في تاريخ مجرتنا. وسيساعد اكتشافه علماء الفلك على معرفة كيف نمت مجرتنا درب التبانة وتطورت إلى ما نعرفه حاليا.
يقول ريكاردو شيافون Ricardo Schiavon من جامعة جون مورس بليفربول Liverpool John Moores University، وهو عضو في فريق البحث: “باعتبارها موطننا الكوني، فإن مجرة درب التبانة مميزة بالفعل بالنسبة إلينا، ولكن تلك المجرة القديمة المدفونة بداخلها تجعلها أكثر خصوصية. تمكننا تجربة APOGEE من اختراق الغبار ورؤية أعماق قلب مجرة درب التبانة أكثر من أي وقت مضى”. https://sdss.org
لعقود من الزمن، كانت حقيقة صعوبة الحصول على رؤية شاملة لمجرة عندما تعيش فيها تعني أننا غالباً ما نعرف المزيد عن الأنظمة (المجرية) المجاورة.
ولكن عمليات مسح مثل التجربة APOGEE والمسح GALAH الأسترالية تضطلع بتغيير هذه الحقيقة، وذلك باستخدام الأدوات الحديثة لتوفير مكتبة من الأطياف النجمية التي ستكتشفها. كما أن القمر الاصطناعي غايا Gaia التابع لوكالة الفضاء الأوروبية (إيسا ESA) هو أداة مهمة أيضاً، وذلك بمسحه مواقع وحركات أقرب بليون نجم إلينا.
بحلول الوقت الذي تقرأ فيه هذه المادة، سيكون فريق التابع غايا قد أكمل الإصدار الثالث للبيانات الرئيسية في تاريخه. وسيتمخض عن استكشاف الخريطة الجديدة الناتجة جنباً إلى جنب مع بيانات المراصد الأرضية المزيد من المفاجآت؛ وسنتوقع سماع المزيد عن مجرة درب التبانة عاجلاً!