ستيوارت آتكينسن Stuar Atkinson: كاتب وفلكي هاو.
قرأ المزيد من شعره الذي يستلهمه من الكون على الموقع: https://astropoetry.wordpress.com
مر ما يقرب من ربع قرن منذ رأينا آخر مذنب ساطع مثير، وعندما يأتي المذنب التالي، ربما سنرى أنشطة رصد شبيهة قليلاً بهذه.
عندما كنت أقف في منتصف دائرة كاستليريغ الحجرية Castlerigg Stone Circle الشهيرة في ليلة باردة من أبريل 1997، أتأمل بابتهاج ذيلي مذنب هيل-بوب Hale-Bopp وهما يتوهجان فوق الأحجار المنتصبة القديمة. ولو أنك أخبرتني أنني ربما سأظل أنتظر رؤية مذنب كبير ثان لربع قرن آخر تقريباً لكنت سأضحك منك. يا لها من فكرة سخيفة!
لكن كلامك كان سيكون محقاً.
في الليلة الماضية كنت أصور مذنبًا آخر، هو T2 PanSTARRS. لكن وصفه بأنه نسخة باهتة من مذنب هيل- بوب هو مبالغة في القول. إنه ليس أكثر من جسم بعيد عن الرؤية بوضوح، بصورة لطخة خضراء قليلاً، تمر عبر الجواهر المتدلية بجمال رائع من العنقود المزدوج Double Cluster. بل إنني لم أستطع رؤيته حتى بعيني؛ إنه شديد الخفوت كي يرى من غير تلسكوب تحت سمائي الملوثة بالأضواء.
وعلى الرغم من بعض المذنبات التي يصعب كثيراً رصدها بما فيها المذنب ISON، “المذنب الذي لن يسمى”، والذي خدعنا جميعاً بشدة في التوقع بأنه سيقدم مشهداً مثيراً، ولكنه أخفق كإخفاق المملكة المتحدة في دخول مسابقة الأغنية الأوروبية. وبالفعل لم تكن هناك مذنبات يمكن للعين المجردة أن ترصدها منذ سنوات. وبصراحة فقد سئمت من الانتظار.
لكن المذنب الكبير التالي موجود الآن، في مكان ما، ينتظر الاكتشاف.
سيظهر أولاً على صور المسح الفلكي كلطخة صغيرة بين خطوط مسارات أقمار ستارلينك. لا شيء خاص للوهلة الأولى. ولكن بعد رصده طوال عدة ليال، فإن تحليل أرقامه المدارية Orbital numbers سيكشف عن أنه سيكون مذنب هيل-بوب الثاني في غضون عام تقريباً. وبعد ذلك، في عصرنا الحديث الذي تحكمه الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، عندما يسطع في سمائنا، فإن مشهده سيدهش علماء الفلك و وسائل الإعلام والجمهور، ربما إلى حد الافتنان، أو شيء من الجنون.
وبحلول الوقت الذي سيسطع فيه هذا المذنب بما يكفي لرؤيته بالعين المجردة، فسيكون موجودًا بالفعل في جميع أنحاء الإنترنت، ولنسمه الآن باسم جيس Jess مثلاً. وسيكون هناك عدد لا يحصى من صفحات ومجموعات الفيسبوك المخصصة له، وسيكون له حسابه الخاص على تويتر أيضاً. وعلى الرغم من طمأنة علماء الفلك لنا بأنه سيكون بعيداً عنا مسافة ملايين الكيلومترات، فإن موقع يوتيوب سيئن بالفعل من وطأة الفيديوهات الغبية التي تتوقع أن يمطر المذنب جيس الأرض بميكروبات غريبة مميتة، أو أنه سيطردها من مدارها، أو يصطدم بها. هكذا ببساطة، ليقتل كل من عليها. وبالطبع، سيعلن أتباع قصة نيبيرو Nibiru أنهم كانوا على حق طوال الوقت …
ولكن لا شيء من هذا سيهم، لأنه عندما يظهر المذنب جيس معلقاً هناك في شفق المساء، بذيوله الطويلة عبر السماء مثل أعلام برج قلعة من العصور الوسطى، فستستحوذ حمى المذنب على وعي العالم. وستنظم الجمعيات الفلكية أمسيات مراقبة للمذنب، وستحضرها حشود ضخمة. وستنشر آلاف الصور الأخرى له على الإنترنت كل يوم، الكثير منها سيلتقط بكاميرات الهواتف الذكية بدقة أفضل من كاميرات SLR الرقمية في زمن مذنب هيل-بوب؛ سيتوقف الناس ويحدقون به من مواقف السيارات والمحلات الخارجية. وستجتمع الحشود في الحدائق، وعلى جوانب الطرق الريفية، والملاعب المدرسية، لتتعجب من المنظر الجميل في السماء. وستكون أخبار المذنب في كل نشرة جوية تلفزيونية، وفي كل صحيفة وعلى مواقع إنترنت أكثر من صورة قط صغير نائم يسقط من على أريكة.