المريخ وعنقود خلية النحل
قبلَ أن يغيب في ضوء الشفق، اهتفْ مرة أخيرةً للكوكب الأحمر القريب من هذا العنقود المذهل
كوكب المريخ هو جرم أيقوني في سماء الليل. يزداد سطوعُه ويتضاءل على مدار مدة تبلغ 2.1 سنة، ويظهر في أكثر صوره تألقاً في موعد حادثة تقابُله. حدث ذلك في 8 ديسمبر 2022، ولا يُظهر الآن سوى لمحة من مجده السابق. أما لونه فهو أمر مختلف، فالكوكب يحتفظ بلونه البرتقالي والزهري الجميل الذي يجعله يبرز جيداً.
كان المريخ في مايو بسطوع +mag. 1.3، وخفَت قليلاً فقط بنهاية الشهر إلى سطوع +mag. 1.6، وظل سهلاً للرؤية بالعين المجردة. وعند هذه المرحلة، بدأت معركته مع شفق المساء، ولكن قبل أن يغمره الشفق تماماً، سيكشف لنا لعبته الأخيرة.
في نهاية بداية يونيو، يمكن رؤية المريخ إلى الغرب مباشرة من العنقود المفتوح M44، أو عنقود خلية النحل Beehive Cluster، الذي يبدو بنحو جميل بالمنظار المزدوج. يقع هذا العنقود في قلب كوكبة السرطان Cancer الشتوية/الربيعية. ومع اقترابنا من شهر يونيو، لن تكون هذه الكوكبة في مكان جيد، وستبدأ الاختفاءَ في ضوء الشفق.
وقبل أن يمضي المريخ في رحلة غيابه، التي تبدأ في أواخر مايو، حاول العثور عليه على ارتفاع منخفض فوق الأفق الغربي والشمالي الغربي بعد غروب الشمس. إذا كان في إمكانك متابعته عندما تعتم السماء، فلن تواجه مشكلة كبيرة في تحديد مواقع نجوم عنقود خلية النحل في شرقه؛ ويُوصى بشدة بوجود أفق مستوٍ جيداً.
باتباع دليلنا (على الصفحة المقابلة)، حاول معرفة ما إذا كان يمكنك التقاط صورة لكوكب المريخ والعنقود معاً. أمسك بهما في وقت مبكر من البداية لتمنح نفسك سَعة من الوقت لمعرفة إعدادات التصوير اللازمة. سيصعب التعامل مع ضوء الشفق فعلاً. وهذا أمر مؤسف لأن المريخ سيمر في أوائل شهر يونيو أمام وجه العنقود مباشرة. من الواضح أن هذا المرور هو أثر وقوعهما على امتداد خط البصر، حيث إن العنقود يبعد أكثر من المريخ المجاور لنا بـ 20 مليون مرة، لكنه بالتأكيد يستحق المتابعة إذا كانت لديك سماء صافية وأفق منبسط.
التواريخ التي يجب ترقُّبها هي من 1 إلى 3 يونيو، حيث يظهر الكوكب داخل الجزء الرئيس من العنقود في مساء 2 يونيو. ستشكل ظروف الشفق تحدياً مثيراً للتصوير الفلكي بسبب تغيُّر مستويات الضوء باستمرار. فمع زيادة عتمة السماء، ينخفض ارتفاع المريخ والعنقود M44. وهذا ينقلهما إلى جزء من السماء يتأثر بوجود طبقة جوية أكثر سماكة، وغالباً ما تكون أكثر ضبابية؛ وهذا سيؤدي بدوره إلى إعتام المريخ ونجوم العنقود.
خبير في التصوير الفلكي، ومقدم في برنامج سماء الليل The Sky at Night
المشهد كله يتوقف على عمل متوازن: إذا حاولت الرصد في وقت مبكر جداً فسيؤدي سطوع السماء إلى إفساد اللقطة. وإذا انتظرت كثيراً فسيؤدي الضباب على ارتفاع منخفض إلى إعتام كل شيء، فيصعب التقاط صورة جيدة.
ستعمل العدسة ذات الطول البؤري Long-focal-length بين المتوسط والطويل بنحو جيد مع اللقطات المقربة، في حين أن العدسة ذات البعد البؤري الطويل، أو التلسكوب، ستكون مثالية لمساء 2 يونيو وعبور المريخ أمام العنقود. يُوصى باستخدام متتبع لأنه سيجعل متابعة الثنائي أسهل كثيراً. ومع ذلك، فمع سماء الشفق الأكثر إضاءة، يجب أن تكون التعريضات الضوئية Exposures قصيرة نسبياً، مما يعني أن الحوامل الثابتة، من دون تتبع، يجب أن تعمل جيداً أيضاً. إذا كنت تستخدم كاميرا DSLR على منصة ثابتة، فقد تحتاج إلى رفع درجة الحساسية ISO، بحيث تكون التعريضات الضوئية قصيرة المدة بما يكفي لتجنُّب ارتسام الذيول النجمية.
المعدات:
كاميرا رقمية DSLR مع عدسة أو تلسكوب، وحامل ثلاثي، ويفضَّل متتبع.
skyatnight@aspdkw.com
خطوة بخطوة
الخطوة 1
إذا كان لديك هاتف ذكي، فلماذا لا تحاول تجربة ذلك أيضاً؟ يوصى بتثبيت الهاتف على محول زهيد يتوافق مع حامل ثلاثي القوائم لتأمين الثبات. جرِّب الوضع الأساسي أولاً. إذا لم يفلح ذلك، فجرِّب وضع التصوير الليلي إذا كانت الكاميرا مزودة بهذه الميزة. وبنحو بديل، إذا كانت تحتوي على الوضع الاحترافي Pro الذي يسمح لك بضبط الإعدادات، فجرِّب ذلك أيضاً.
الخطوة 2
إذا كان لديك هاتف ذكي، فلماذا لا تحاول تجربة ذلك أيضا؟ يوصى بتثبيت الهاتف على محول زهيد يتوافق مع حامل ثلاثي القوائم لتأمين الثبات. جرب الوضع الأساسي أولاً. إذا لم يفلح ذلك، فجرب وضع التصوير الليلي إذا كانت الكاميرا مزودة بهذه الميزة. وبنحو بديل، إذا كانت تحتوي على الوضع الاحترافي Pro الذي يسمح لك بضبط الإعدادات، فجرب ذلك أيضاً.
الخطوة 3
للحصول على لقطة أساسية بكاميرا هاتف، اضبط التركيز البؤري على الوضع اليدوي (MF)، ودرجة الحساسية ISO بين 400 و1,600، وجرِّب مع إعدادات التعريض الضوئي. يجب أن تلتقط القمر والزهرة بسهولة، ويجب ألّا يمثل المريخ مشكلة كبيرة أيضاً. قد تكون نجوم العنقود أكثر صعوبة، اعتماداً على قدرات كاميرا هاتفك في ظروف الإضاءة الضعيفة.
الخطوة 4
اعتباراً من بداية يونيو، سيقترب المريخ من العنقود M44. وفي ذلك التاريخ سيُرى على مسافة 6.2° في غربه، ويمكن تأطيره جيداً بعدسة 240 ملم (كاميرا إطار كامل) أو عدسة 150 ملم (كاميرا APS-C). ومع سماء ساطعة الشفق، اختَرْ درجة حساسية ISO منخفضةً ورقماً منخفضاً للفتحة f، واضبط التعريض لإعطاء صورة بألوان مشبعة جيداً، ولكن ليس بتعريض زائد.
الخطوة 5
يمكن أن يؤدي التعديل الدقيق إلى تحسين رؤية نجوم العنقود. سيظهر شكل ‘S’ لطيف مع أداة ضبط المنحنيات، ويمكن لتغييرات طفيفة في السطوع والتباين أن تظهرها بأفضل شكل ممكن. ضع في اعتبارك استخدام عملية زيادة التوضيح Sharpening أيضاً، ولكن احرص على عدم المبالغة في استخدامها، لأن ذلك يمكن أن يؤدي إلى إنتاج أهداب حافة تنتقص من جودة النتيجة النهائية.
الخطوة 6
في بداية يونيو ستتقلص المسافة الفاصلة بينهما، وسيظهر المريخ أمام العنقود في 2 يونيو. وفي هذا التاريخ سيكون ضوء الشفق مشكلة. سيساعدك البعد البؤري الأطول على تكبير العنقود وإعتام إضاءة السماء قليلاً. وستنقلك عدسة 500 ملم (كاميرا إطار كامل Full-frame)، أو عدسة 300 ملم (كاميرا APS-C) إلى قلب الحدث مباشرةً.