أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
فضاءفلك وعلم الكونيات

تنشأ المجرات من الداخل إلى الخارج

أداة جديدة لتحديد أعمار النجوم تساعد على تبيان كيفية نمو المجرات

البروفيسور كريس لينتوت: عالم فيزياء فلكية يشارك بتقديم برنامج سماء الليل Sky at Night

المجرات هي أجرام هائلة مثيرة للدهشة. يجب أن تكون منظومات بسيطة. ومع ذلك، فإن الإجابة حتى عن الأسئلة البسيطة حول تشكلها يُحيِّر علماء الفلك. ومن المؤكد أن أحجامها مذهلة – فنجوم مجرة درب التبانة التي تتألف من عدة مئات من ملايين النجوم هي شيء لا يمكن الاستخفاف به ــ لكن أشكال المجرات، وأنماط تشكل النجوم التي تحدث فيها، تتشكل بالكامل بفعل قوة الجاذبية، نحن نعرف قوة الجاذبية، ومع ذلك نجد أجيالاً من علماء الفلك كافحوا لتفسير ما نراه.
أحد جوانب المشكلة، بالطبع، هو بعد المجرات التي نحاول دراستها. إذ يتطلب فهم سلوك منظومات تبعد مئات ملايين السنين الضوئية شيئاً من البراعة، وإن بحث هذا الشهر الذي أعده توم بيتركن Tom Peterken وأصدقاؤه من جامعة نوتينغهام University of Nottingham وغيرها، يستفيد ببراعة من نوع جديد من الأدوات القوية جداً. فالأداة MaNGA هي وحدة مجال متكامل Integral Field Unit (اختصاراً: الوحدة IFU) ــ وهي كاميرا تعطي طيفاً للعديد من النقاط عبر حيز الصورة. الفكرة هي أننا نحصل على مشهد ثلاثي الأبعاد للمنظومة، إذ إن هذه الأطياف تمكننا من معرفة كيفية حركة الغاز والنجوم في المجرة.
يستطيع الفريق أيضاً استخدام الأطياف لاكتساب نظرة عميقة في تاريخ تشكل النجوم في كل طرف من المجرة. عليهم أن يفترضوا أن الأشياء لا تختلط كثيراً على مدى بلايين السنين، ولكن إذا افترضت أن النجوم تبقى في مكان تشكلها تقريباً، فأنت تستطيع استخدام أداة مثل الأداة MaNGA لترسم صورة تاريخ مجرة.
هذا ما يفعله هذا البحث بالتركيز على 800 مجرة حلزونية قريبة. فعلى الرغم من أن كل مجرة مستقلة تختلف بصورة ما، ولها قصتها الخاصة، إلا أن الباحثين يجدون درجة ملحوظة من التوافق عندما يتعلق الأمر بالتوزيع العمري للنجوم. وفي هذه المجرات تنتشر النجوم الأصغر عمراً على مسافة أبعد من النجوم الأكبر عمراً، التي تميل إلى الاحتشاد باتجاه مراكز المجرات. فهذا ليس مفاجئاً تماماً ـــ فالكثير من المجرات الحلزونية لديها انتفاخ مركزي، يميل إلى أن يزخر بتجمعات نجمية أقدم عمراً ــ لكن هذا يظهر أكثر وضوحاً بكثير في هذه المعالجة الدقيقة للبيانات مما جرى سابقاً.
وتفسير هذا النمط، أي النجوم القديمة في الوسط والفتية بعيدة نحو الخارج، هو أن تشكل النجوم يبدو أنه قد حصل بطريقة ’من الداخل إلى الخارج‘ ليشق طريقه من مركز المجرة الأعلى كثافة نحو أطرافها. وهذا ينطبق خصوصا على المجرات الحلزونية الأكبر حجماً، حيث تبدو الاختلافات بين مركزها ومناطقها الخارجية أكثر وضوحاً.

مشكلات كامنة
ومن المدهش أن القصة التي يقدمها تاريخ تشكل النجوم ربما لا تعكس ما يجري خلفها. وإذا نظرت إلى النجوم فقط، فستجد أن تشكل النجوم يتحرك نحو الخارج بمرور الوقت وتنمو معها المجرات، ولكن يتضح أن التوزع الأساسي للمادة لا يتغير بالمعدل ذاته. وإذا كنا منشغلين بسطوع النجوم الجديدة، فإننا لا نلاحظ حينها الصورة الجوهرية. وهذا الاتساق هو أيضاً خبر جيد لعلماء الفلك الذين يمعنون النظر في مجرات أبعد مسافة، إذ إنه يوحي أن أكبر المجرات التي نراها منذ أربعة بلايين سنة، مثلاً، ما زالت هي الأكبر الآن. ومثل هذه المعرفة ستجعل عملية تتبع خط نمو المجرات تتبعا مباشرا أكثر سهولة، مع استمرارنا بمعالجة أسرار هذه الأجرام الجميلة، والتي تبعث على الجنون أيضاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى