تحت سماء ستارلينك
كيف ستؤثر خطط شركة سبيس إكس Space X في إطلاق آلاف الأقمار الاصطناعية إلى مدار منخفض حول الأرض في مشهد سماء الليل؟
البروفيسور كريس لينتوت
عالم فيزياء فلكية يشارك بتقديم برنامج سماء الليل Sky at Night
أثناء النهار يعمل جوناثان ماكدويل Jonathan McDowell كعالم فلك مختص بأبحاث الأشعة السينية X، ضمن الفريق العلمي الذي يدير تلسكوب تشاندرا الفضائي Chandra space telescope، ويحدق في بعض ظواهر الكون البعيدة وأكثرها نشاطا. أما في وقت فراغه، فهو يراقب ويتتبع أجساماً أقرب مسافة إلى الأرض، ويفهرس حشد للأقمار الاصطناعية التي تملأ المدار المنخفض حول الأرض.
لهذا يبدو جوناثان الشخصَ المناسب لتقييم حشد الأقمار الاصطناعية المتنامي بسرعة الذي تطلقه شركة سبيس إكس Space X تباعا، باسم ستارلينك Starlink. وفي ورقة بحثية جديدة له نراه يقوم بذلك بالفعل. كانت الخطط الأولى لمشروع ستارلينك تنص على إطلاق 1500 قمر اصطناعي فقط، لكن سبيس إكس حصلت على إذن بإطلاق عدد يصل إلى 12 ألف قمر اصطناعي، بل ربما أضعافاً مضاعفة من هذا الرقم. وحتى بمجرد 1500، فإن تأثير ذلك، كما يشرح ماكدويل، سيكون كبيراً.
ربما يبدو هذا مدهشاً. فهناك بالفعل 5000 قمر اصطناعي تقريباً في المدار الآن، ولذا فإن نشر أقمار ستارلينك الأولى ستمثل إضافة صغيرة فقط. ولكن كي يبدو القمر الاصطناعي ساطعاً في السماء أي يرى بالعين المجردة فيجب أن يكون كبير الحجم وفي مدار أرضي منخفض، وليس هناك عدد كبير مما ينطبق عليها ذلك. أما في المدارات الأعلى، فيمكن للحطام والأقمار الاصطناعية الميتة أن تدوم وقتاً أطول، لكن أي شيء كبير الحجم يدور في مدار يقل ارتفاعه عن 600 كم فوق سطح الأرض سيحترق في غلافها الغازي.
مشاهد متغيرة
أقمار ستارلينك الاصطناعية الآن هي معظم التوابع العاملة في مدارات منخفضة، ونسبة كبيرة مما يرى بالعين المجردة. وإذا مضينا إلى إطلاق 1500 قمر فقط من أقمار ستارلينك في المستقبل القريب، فستمثل هذه نسبة 4 من بين كل 5 أقمار ساطعة في المدار. وقد شاهدت بنفسي بعضاً منها. وكما يوضح البحث، فهي ستكون مرئية شطرا طويلا من الليل.
باستخدام أرصاد حقيقية من شبكة راصدين متطوعين (satobs.org)، يقدم البحث نموذجاً للكيفية التي سيبدو عليها حشد الأقمار الاصطناعية بعد إطلاقه. وبصورة عامة، فهي ستبدو بسطوع يتراوح بين 4 و 6 أي ضمن قدرة رؤية العين المجردة من موقع معتم. ومن موقع أي مرصد تقريباً، ستكون هناك المئات منها فوق الأفق في جميع الأوقات، وفي أشهر الصيف، ستكون ساطعة طوال الليل. أما في الشتاء، فستكون هناك ساعات من الهدوء على طرفي منتصف الليل، لكن معظم الليل سيشهد أقمار ستارلينك وهي تخط طريقها فيه.
وبالنسبة إلى عمليات المسح الكبيرة التي يخطط لها علماء الفلك، وهي تلك التي تستخدم كاميرات واسعة الحقل لتغطية معظم مساحة السماء، فمن المحتمل أن كل صورة تلتقط سيظهر فيها خط مرور أحد أقمار ستارلينك. وبالنسبة للراصدين الهواة، الذين يهتمون أكثر بالمشهد القريب من الأفق، أو أولئك الذين يتصيدون الكويكبات القريبة من الأرض أثناء مسحهم سماء الشفق، فالحال ستكون أسوأ.
هل يمكن فعل أي شيء؟ حاولت شركة Space X ذاتها أن تغير تصميم المركبة الفضائية، وهناك أحد أقمارها الخاصة المعتمة يحلق بالفعل في المدار في هذه اللحظة. وتوحي الأرصاد الأولية أن التغييرات ربما تنجح، فتخفي القمر الاصطناعي خارج مجال قدرة العين المجردة، لكن هناك حاجة إلى مراقبة وعناية أكثر. فالتحذير الذي تقدمه هذه الدراسة هو أن سماء ليلنا قد تتغير بسرعة. وإن حدث ذلك، فهي لن تعود أبداً كما كانت من قبل.