سؤال وجواب مع باحثة عن الثقوب السوداء
ربما نكتشف قريباً أن النباتات يمكنها الحياة والنمو على القمر، مع إطلاق تجربة LEAF للتحقق مما إذا كان في إمكان البشر زراعة المحاصيل خارج كوكب الأرض.
كيف أدركتِ أول مرة أن شيئاً غير عادي يحدث في المجرّة SDSS1335 + 0728؟
على مدار عَقدين من الزمن، لم تُظهر هذه المجرّة أي تغييرات. غير أنها بدأت، في شهر ديسمبر 2019، تظهر عليها تغيُّرات بصرية كبيرة، أمكن رصدها باستخدام مرصد منشأة زويكي للظواهر السريعة (اختصاراً: المرصد ZTF) فقد بدأت المجرّة تتألق. وقد صُنفت لاحقاً على أنها نواة مجريّة نشطة (AGN)، وهو ما يعني أنها تُصدر كثيراً من الإشعاع من منطقتها المركزية، وهو ما يُعتقَد أنه ناتج عن سقوط المادة في الثقب الأسود الهائل في مركزها.
منذ اكتشاف ذلك استمرت المجرّة في إظهار تغيرات بصرية عشوائية. إن حقيقة أن المجرّة لم تظهر أي نشاط سابق، وأنها تتغير الآن مثل النوى المجريّة النشطة هو أمر مُحير جداً. وعادة ما تُظهر الأحداث السريعة المرتبطة بالثقب الأسود الهائل المركزي في المجرّة تغيراتٍ سلسة جداً، ولا تستمر إلا عشراتِ أو مئاتِ الأيام.
وفي رأيِك ما سبب حدوث هذه التغيُّرات؟
ربما تكون هذه المجرّة إما نواة مجريّة نشطة منخفضة الكتلة تشتعل لأول مرة، وإما قد تكون حدثاً غريباً جداً لاضطراب مدِّي Tidal disruption event (اختصاراً: الاضطراب TDE)، حيث يجري تخريب نجم بتأثير ثقب أسود فائق الكتلة. سيثبت الوقت أيَّ هاتين الفرضيتين هي الصحيحة، وسيكون الرصد المستقبلي حاسماً في فهم طبيعة هذا الحدث الاستثنائي.
كيف تغيّرت هذه المجرّة في السنوات القليلة الماضية؟
لفهم الاختلافات الضوئية التي لوحظت في نواتها، جمعنا بيانات أرشيفية وأجرينا أرصاد متابعة باستخدام تلسكوبات مختلفة، بما في ذلك التلسكوب الكبير جداً Very Large Telescope التابع للمرصد الأوربي الجنوبي ESO، والمرصد SOAR، والتلسكوب Keck، والتلسكوب Swift، والتلسكوب Chandra.
لقد وجدنا أن المجرّة صارت الآن أكثر سطوعاً في المجالات فوق البنفسجية والبصرية والأشعة تحت الحمراء مقارنةً بما كانت عليه قبل عَقدين من الزمن. والأمر الأكثر إثارة هو أننا اكتشفنا أن المجرّة قد بدأت، في شهر فبراير 2024، إصدار أشعة X بعد أكثر من أربع سنوات من التنبيه الأول من المرصد ZTF. أضف إلى ذلك أن حملة الرصد الطيفية كشفت أن المجرّة غيرت تصنيفها من مجرّة تشكُّل نجوم إلى نواة مجريّة نشطة. ومع ذلك فنحن لم نرَ بعد تشكُّلَ خطوط الانبعاث العريضة التي تُرى عادةً في النوى المجريّة النشطة والأحداث العابرة مثل الاضطرابات TDEs. تُظهر كل هذه الأرصاد أن هذا مصدر غريب جداً، يتصرف بطريقة لم نرَ مثلها من قبل.
ماذا يمكننا أن نتعلم من مشاهدة هذا الأمر وهو يحدث في الزمن الفعلي؟
إذا كان هذا المصدر يتوافق مع نواة مجريّة نشطة حديثة الولادة، فسيسمح لنا برصد نواة مجريّة نشطة في أثناء تنشُّطها، وهو أمر لم يحدث من قبل. في الوقت الحالي لا توجد نماذج تصف بنحو صحيح ما يحدث عندما تشتعل نواة مجريّة نشطة، وسوف يسمح لنا هذا الرصد بتطوير هذه النماذج مستقبلاً. وإذا كان يتوافق مع حدث عابر، فسوف يمثل ظاهرة جديدة لم ترصد قبلاً.
لماذا استغرق الأمر حتى الآن لرؤية اشتعال نواة مجريّة نشطة؟
في ورقة بحثية أخرى، أشرفت عليها باتريشيا آريفالو Patricia Arevalo، قدَّمنا نواة مجريّة نشطة حديثة الولادة. ومع ذلك لم نرَ تنشُّط الثقب الأسود في الزمن الفعلي. كل ما نعرفه هو أن المجرّة لم تكن نشطة قبل 18 عاماً، وهي الآن نشطة. وفي حالة المجرّة SDSS1335+0728، رصدنا المصدر وهو في منتصف نشاطه، وهذا ما قد يعلِّمنا كثيراً عن كيفية حدوث هذه العملية، وكيف تتطور هذه الأنظمة.
ومن المثير للاهتمام أننا اكتشفنا هذين الجِرمين باستخدام خوارزمية تعلم الآلة نفسها التي يستخدمها فريقنا منذ العام 2020 لاكتشاف أجرام مهمة.
وقد صار من الممكن التوصلُ إلى مثل هذه الاكتشافات أخيراً بفضل عمليات المسح الشاملة للسماء، مثل مرصد زويكي للظواهر السريعة ZTF، والمسح الإرثي للفضاء والزمن Legacy Survey of Space and Time التالي الذي سينفذه مرصد فيرا روبين Vera Rubin Observator، وهي تُسهل التعرف على الأحداث السريعة والعابرة في مراكز المجرّات التي تستضيف الثقوب السوداء فائقة الكتلة.
ما الخطوات التالية لهذه الدراسة؟
نحن الآن نراقب هذا المصدر باستخدام تلسكوبات مختلفة، وفي أنظمة أطوال موجية مختلفة، ونخطط لمواصلة رصده في أثناء إظهاره نشاطاً. وهذا سيسمح لنا أخيراً بفهم ما حدث بالضبط لهذه المجرّة الغامضة.