توجد خارج المجموعة الشمسية مناطق شاسعة ومعتمة وباردة، كان الغموض يكتنفها ذات حين. في هذه المناطق اكتشفنا عوالم مختلفة، وأجراماً خلَّفتها الأيام الأولى للمجموعة الشمسية، وحاجزاً يحمينا من الجسيمات الضارة المنطلقة بين النجوم، وسحابة عملاقة تملؤها أجسام جليدية. في الوقت الحالي تسافر مركبات الوكالة ناسا فوياجر 1 و2 ونيو هورايزنز في هذه المناطق المجهولة، لتمنحنا لمحة إلى العوالم الواقعة خارج منطقة جوارنا الكوني. وسنلقي هنا نظرة على تلك المناطق الموجودة عند حافة مجموعتنا الشمسية.
عالمٌ متجمد يسكنه بلوتو
حزام كايبر هو منطقة فضائية ضخمة على شكل حلقة خارج مدار كوكب نبتون. يمتد جزؤه الرئيس مسافة تتراوح بين 30 و50 وحدة فلكية، مع وجود قرص مبعثر أوسع انتشاراً يمتد خارجاً إلى 1,000 وحدة فلكية. يتكون الحزام من كواكب قَزمة ومذنّبات وقطع من الصخور والجليد؛ وهو يشبه حزام الكويكبات Asteroid Belt ولكنه أكبر منه بمقدار 20 إلى 100 مرة. وقد أمكنت فهرسة أكثر من 2,000 جِرم في حزام كايبر (KBOs) إلى الآن، لكن هذا العدد قد لا يكون إلا نزراً ضئيلاً، حيث تشير التقديرات إلى وجود مئات آلاف الأجرام الأكبر حجماً التي يبلغ قطرها 100 كم على الأقل أو أكبر.
يحظى كثير من أجرام حزام كايبر بأقمار أو أجسام أصغر بكثير تدور حولها: بلوتو، وإيريس Eris، وهوميا Haumea، وكواوار Quaoar، كلها من أجرام حزام كايبر ولها أقمارها الخاصة. كانت مركبة نيو هورايزنز التابعة للوكالة ناسا أول مركبة فضائية تزور جِرماً في حزام كايبر عندما حلقت بالقرب من بلوتو وأقماره في العام 2015، قبل أن تمضي لتعبر قرب جرم ثان من أجرام حزام كايبر، وهو أروكوث Arrokoth، في العام 2019، والذي يقع على بعد 1.6 بليون كم وراء بلوتو.
سحابة أوورت
مصدر المذنّبات طويلة المدار
وعلى مسافة أبعد بكثير وراء بلوتو، توجد سحابة أوورت، التي يُعتقد أنها فقاعة عملاقة تحيط بالشمس والكواكب وحزام كايبر، وتتكون من بلايين، إن لم يكن تريليونات، الأجرام التي تتنوع من أجرام شبيهة بالمذنّبات إلى كواكب قزمة محتملة.
سُميت هذه السحابة باسم عالم الفلك الهولندي يان أوورت Jan Oort، الذي افترض وجودها من أجل تفسير أصل المذنّبات بعيدة المدى التي تأتي من جميع الاتجاهات بدلاً من التحرك على المستوى المداري ذاته مثل كواكب المجموعة الشمسية. ومن بين الأجرام البارزة التي يُعتقد أنها انتقلت من سحابة أوورت إلى المجموعة الشمسية، هناك المذنّب هيل بوب Hale-Bopp، الذي مر من مسافة 197 مليون كم من الأرض، وكان مرئياً بالعين المجردة في العامين 1996 و1997؛ وهناك أيضاً المذنّب هالي Halley’s Comet، الذي يتحرك خلفاً حول الشمس في دورة تستغرق 76 عاماً، وقد شوهد آخر مرة في سمائنا في العام 1986.
توجد سحابة أوورت على مسافة سحيقة بنحو لا يصدق. وفقاً للوكالة ناسا، تقع حافتها الداخلية على بعد يتراوح بين 2,000 و5,000 وحدة فلكية عن الشمس (الوحدة الفلكية الواحدة تساوي 150 مليون كم تقريباً)، في حين ربما يتراوح بُعد حافتها الخارجية بين 10,000 و100,000 وحدة فلكية، أي ما يقرب من نصف المسافة بين الشمس وأقرب نجم لها، وهو الظلمان القريب Proxima Centauri.
الغلاف الشمسي
فقاعة مغناطيسية تحمي مجموعتنا الشمسية
الغلاف الشمسي هو منطقة عملاقة تشبه الفقاعة تحيط بالمجموعة الشمسية في أثناء حركتها عبر الفضاء. إنه يتكون من تدفق مستمر من الجسيمات المشحونة التي ترسلها الشمس وتنتشر إلى ما وراء حزام كايبر، قبل أن يعوقها الوسط الفضائي بين النجوم، وهو يخلق فقاعة عملاقة حول الشمس وكواكبها تعمل كدرع واقية ضد الإشعاع الكوني.
يحتوي الغلاف الشمسي على عدة معالم مختلفة: صدمة النهاية Termination shock هي المكان الذي تتباطأ عنده الرياح الشمسية وتبدأ في التفاعل مع الوسط الفضائي بين النجوم على بعد 75 إلى 90 وحدة فلكية تقريباً من الشمس. الغلاف الشمسي هو منطقة تنتقل فيها الرياح الشمسية بسرعة أبطأ وتنضغط لتصبح حارة وكثيفة. وأخيراً، هناك حافة الغلاف الشمسي Heliopause، التي تمثل الطرف الخارجي للغلاف الشمسي، حيث تلتقي الرياح الشمسية بالوسط الفضائي بين النجوم. تُعد المركبتان فوياجر 1 و 2 (Voyagers 1 & 2) التابعتان للوكالة ناسا أول مركبتين فضائيتين من صنع الإنسان تعبران الغلاف الشمسي عندما كانتا على بعد 90 وحدة فلكية تقريباً من الأرض وتدخلان الفضاء بين النجوم (في العامين 2012 و2018، على التوالي). ومع ذلك، ستستغرق المركبتان التوأم 300 سنة تقريباً للوصول إلى سحابة أوورت، ولن تخرجا من حافتها الخارجية إلا بعد 30,000 سنة أخرى.