أبرزُ مَشاهد سماء الخريف
بدءاً من المشاهد المفضلة إلى تلك الأحداث المفردة التي لا يمكن تفويتها، تختار كاترين رينر Katrin Raynor أفضل مشاهد سماء الليل في الأشهر المقبلة
كاتبة في علوم الفلك، وزميلة
في الجمعية الفلكية الملكية.
هناك كثير لترصده في هذا الفصل، سواء كنتَ تستخدم عينك المجردة، أو منظاراً مزدوجاً، أو تلسكوباً. سيساعدك هذا الدليل في العثور على بعض الأجرام الرائعة، سواء من حديقتك أو من سماء معتمة في مكان بعيد عن التلوث الضوئي، وسواء كنت مبتدئاً تماماً أو فلكياً متمرساً. تذكَّرْ ارتداء ملابس تدفئك، وأن تأخذ معك مصباحاً أحمر لاتباع هذا الدليل وأنت تنطلق إلى الخارج في عتمة الليل. أيضاً، سيساعدك تنزيل تطبيق Stargazing في الاستدلال على الأهداف التي نُسلط الضوء عليها هنا.
أكتوبر
كوكبة الثور Taurus الكبيرة المترامية الأطراف هي هدف رائع في هذا الشهر، وأفضل مشاهدة لها تبدأ من منتصف أكتوبر. يهيمن على هذه الكوكبة مشهد نجم الدبران Aldebaran، وهو نجمٌ برتقالي متوهج لا يمكن أن تُخطئه، يشكل عين الثور. يمكن استخدام هذه الجوهرة النجمية الجميلة للانتقال إلى سديم السرطان Crab Nebula الشهير، M1. إنه سديم شديد الخفوت فلا نتمكن من رؤيته بالعين المجردة، لكن التلسكوبات الكبيرة وبقوة تكبير 50X ستجعله ينبض بالحياة كبقعة ضبابية من الغاز والغبار عبر العينية.
تحتضن كوكبة الثور أيضاً اثنين من عناقيد النجوم المفتوحة يمكن رؤيتهما بالعين المجردة. يحيط بنجم الدبران أحد هذين العنقودين، وهو نمط مدهش من النجوم على شكل حرف V ملقى على جانبه، اسمه عنقود القلائص Hyades. يوجد فوقه مباشرة عنقود نجمي مفتوح آخر يسمى الثريّا Pleaides، ويُعرف أيضاً باسم الأخوات السبع Seven Sisters، وذلك بسبب النجوم السبعة التي يمكنك رؤيتها فيه بالعين المجردة، مع أنه يحتوي على أكثر من ذلك بكثير.
ويظل كوكبا الزهرة والمشتري حاضرَين في سماء الصباح والمساء على التوالي طوال أكتوبر. كما تظهر أيضاً كواكب زحل ونبتون وأورانوس. انظر شرقاً بعد الساعة 10 مساءً لتحديد موقع عنقود الثريّا وكوكب المشتري. يقع أورانوس بينهما، ومن الأفضل رؤيته بمنظار مزدوج أو تلسكوب يُظهر لك قرصَه الأخضر الصغير. في الجنوب، سيلمع كوكب الحلقات زحل بسطوع +mag. 0.6، ويمكن رؤيته بالعين المجردة بسهولة؛ في حين يوجد كوكب نبتون، وهو هدفٌ للرصد بالتلسكوبات، بين كوكبي المشتري وزحل.
ستستمتع المملكة المتحدة وإيرلندا بخسوف خريفي جزئي للقمر بين الساعة 20:35 والساعة 21:53 من مساء 28 أكتوبر، عندما يُعتم جزء بنسبة 12% من سطح القمر بفعل سقوط ظل الأرض عليه. ستظهر المنطقة الجنوبية من القمر بلون غامق وخافت ضارب إلى الحمرة في أثناء مروره عبر ظل الأرض المعتم. وهذه فرصة مثالية لتصويره!
نوفمبر
في بدء هذا الشهر يصل المشتري إلى أقرب نقطة له من الأرض، وفي 9 نوفمبر، سنشهد حادثة احتجاب لكوكب الزهرة خلف القمر، عندما يمر ذلك الكوكب الساطع خلف القمر نهاراً من الساعة 09:45 إلى الساعة 10:45 صباحاً. في 13 نوفمبر يصل أورانوس إلى أقرب نقطة له من الأرض. يُرى هذا العالم الجليدي العملاق البعيد في الشرق بين كوكب المشتري وعنقود الثريّا، وسيكون مرئياً بالعين المجردة من مناطق سماء معتمة، ولكن التلسكوب يجب أن يُظهره بصورة ”نجم“ بلون أخضر خفيف.
تشق كوكبة التنين Draco طريقها بين كوكبتي الدب الأكبر Ursa Major والدب الأصغر Ursa Minor. يمكن رؤية هذه الكوكبات في السماء على مدار العام، وهي لذا أهداف مبهجة. كويكبة المحراث The Plow هي كويكبة Asterism مجموعة من النجوم ضمن كوكبة يشكل الجزء الخلفي والذيل من كوكبة الدب الأكبر. بالعين المجردة يمكن رؤية نجمي المئزر Mizar والسها Alcor كنجم مزدوج في مقبض المحراث. نجم المئزر هو ألمع الاثنين، إذا لم تتمكن من رؤيته، حاول الرصد بمنظار مزدوج أو تلسكوب صغير لرؤية نجم السها الخافت. كما توجد أجرام أخرى في أعماق السماء ضمن كوكبة الدب الأكبر، مثل مجرّة بودي Bode’s Galaxy, M81؛ ومجرّة السيجارة Cigar Galaxy, M82. ستبرز التلسكوبات الكبيرة البنية الحلزونية لمجرّة بودي وشكل ضلع مجرّة السيجارة.
سيضيئ قمر مكتمل سماءَ ليل 27 نوفمبر، حيث يشرق بعد الساعة 4 مساءً في اتجاه الشرق، وسيطمس أي نجوم خافتة أو أجرام في أعماق السماء. ومع ذلك يعتبر القمر هدفاً رائعاً للمبتدئين الراغبين في التعرف على طريقهم إلى أقرب جار سماوي لنا. في وقت اكتماله سيُظهر منظار مزدوج الفوهاتِ والبحارَ القمرية ومزيداً من التفاصيل في أطواره الأخرى.
سيتألق عدد من جيراننا في المجموعة الشمسية فترة طويلة نسبياً
تُقدِّم الكواكب عرضاً أخاذاً طوال فصل الخريف، ويمكن مشاهدتها جميعاً بسهولة بالعين المجردة أو بأدوات بصرية. أمام نقاط معينة في مسار كل كوكب حول مداره، تتخذ الأرض مكاناً لها بينه وبين الشمس. عندما يحدث هذا يقال عن ذلك الكوكب إنه في حالة تقابل Opposition. هناك أيضاً أوقات في مدار الكوكب قد يتوارى عن الرؤية بفعل عبور جرم آخر أمامه في السماء، وهذا ما يسمى بالاحتجاب Occultation. ويقع احتجاب قمري عندما يحجب القمر جرماً ما عن الرؤية. للكواكب مدارات مختلفة. ومقارنةً بالكواكب الخارجية يدور الكوكبان الداخليان -عطارد والزهرة – بالقرب من الشمس. لذا قد تصعب رؤية عطارد بصورة خاصة. ولكن في أوقات الاستطالة Elongation العظمى لهما، عندما يكونان بعيدين عن الشمس في مدارهما، نحصل على فرصة لرؤيتهما في السماء قبل شروق الشمس أو بعد غروبها. ومن سبتمبر إلى ديسمبر، ستكون لدينا فرص عديدة لرصد الكواكب في واحدة من هذه المواضع الثلاثة.
في 19 سبتمبر سيكون نبتون في أقرب نقطة له من الأرض، في حادثة تقابل، لكنه سيكون خافتاً جداً بحيث لا يمكن رؤيته بالعين المجردة. وفي 22 سبتمبر سيكون عطارد في أقصى استطالة له عن الشمس، ويمكن رؤيته في سماء الفجر بعد الساعة 5 صباحاً. وفي 3 نوفمبر سيكون المشتري في حالة تقابل، وسيزداد سطوعه طوال الشهر. وعند الساعة 9:45 من صباح 9 نوفمبر شاهدْ حادثة حجب القمر للزهرة الساطع في وضح النهار وهو يُبحر خلف أقرب جار سماوي لنا. وبعد 4 أيام، يحين وقت تقابل أورانوس.
ستمتلئ السماء بكثير من زخات الشهب في الأشهر المقبلة
لن تكون هناك مذنّبات ساطعة تُرى بالعين المجردة قريباً، لكن في سبتمبر من الممكن مشاهدة المذنّب 103P/Hartley وهو مذنّب قصير الدور يدور حول الشمس مرة كل 6.4 سنة. سيكون مرئياً في وقت متأخر من سماء المساء ووقت مبكر في سماء الصباح الباكر كجرم بسطوع من القدر السابع، يتحرك عبر كوكبة حامل رأس الغول Perseus إلى كوكبة ممسك الأعنة Auriga، ويجتاز نجم العيّوق Capella قبل أن يهبط إلى كوكبة التوأمين. هذا وإن كانت رؤيته بالعين المجردة صعبة جداً، فإنه هدف سهل للمناظير المزدوجة والتلسكوبات الصغيرة. يتصادف بلوغه أقصى سطوع له Maximum brightness مع وجود قمر كبير وساطع، مما سيؤثر في سهولة رؤيته، لكنه سيظل يستحق إلقاء نظرة عليه.
ومع أن قلة المذنّبات الساطعة ستكون مخيِّبة للآمال، إلّا أن هناك وفرة من زخات الشهب للاستمتاع بها مع أقل قدر من اقتحام القمر لمشهدها:
التنينيّات DRACONIDS: تبلغ ذروتها بين 8 و9 أكتوبر. توقعْ رؤية الشهب بمعدل 10 في الساعة. انظر نحو كوكبة التنين لمراقبة مصدر شعاعها.
الجبّاريات ORIONIDS: تبلغ ذروتَها بين 21 ــ و22 أكتوبر، ويكون مصدر شعاعها داخل كوكبة الجبّار، ويصعد في جهة الشرق بعد الساعة 10 مساءً. توقعْ رؤية 25 شهاباً في الساعة.
الثوريّات TAURIDS: تُعرف أيضاً باسم كرات الهالوين النارية Halloween Fireballs، ويمكن رؤيتها من نهاية أكتوبر إلى بداية ديسمبر، صادرة من كوكبة الثور، وتبلغ ذروتها بين 12 و13 نوفمبر.
الأسديّات LEONIDS: تبلغ ذروتَها بين 17 و18 نوفمبر، يمكن أن تنتج هذه الزخة بعض الكرات النارية، وهي تصدُر من كوكبة الأسد.
التوأميّات GEMINIDS: عرض شهابي مثير للإعجاب فعلاً، يبلغ ذروته بين 14 و15 ديسمبر، ويقدّم نحو 150 شهاباً في الساعة تصدر من كوكبة التوأمين. تبلغ ذروتها والقمرُ في طور المحاق في هذا العام، وهذا ما يَعِد بمشاهد ممتازة لها.
الدبيّات URSIDS: زخة نهاية العام. تبدو زخة الدبيّات متباعدة، وتتصادف مع وجود قمر مكتمل. تبلغ ذروتها بين 22 و23 ديسمبر، توقعْ رؤية 10 شهب تقريباً فقط في الساعة، صادرة من كوكبة الدب الأصغر Ursa Minor.
ديسمبر
قبل بزوغ فجر 9 ديسمبر، سيقدم لنا كوكب الزهرة الباهر وهلالٌ متناقص، وهما من أسطع أجرام السماء، عرضاً أخاذاً لاقترانٍ ساحر بينهما.
مع اقترابنا من منتصف فصل الشتاء، تبدو كوكبة الجبّار (الصيّاد) بارزة بكامل روعتها. يمكن العثور عليها وهي تصعد في سماء الشرق بعد غروب الشمس، ويسهل التعرف عليها من النجوم الثلاثة الممتدة باستقامةٍ تقريباً عبر وسطها. هذه النجوم الثلاثة النطاق Alnitak، والنيلم Alnilam، والمِنطقة Mintaka تشكل كويكبة حزام الجبّار Orion’s Belt الشهيرة. كوكبة الجبّار هي كوكبة مفضلة لدى عديد من راصدي السماء، ليس فقط بسبب أسطع نجمين فيها، منكب الجوزاء Betelgeuse بلونه البرتقالي الساطع، ورجل الجبّار Rigel، وهو نجم عملاق أزرق اللون وأقل حرارة ولكن لأنها تحتوي على أحد أجمل أجرام أعماق السماء في السماء كلها.
يقع سديم الجبّار Orion Nebula، M42، في وسط سيف الجبّار Orion’s Sword، وهو خط عمودي قصير يتكون من ثلاثة نجوم خافتة، ويتدلى من حزام الجبّار. يبدو السديم بالعين المجردة مثل “نجم” في وسط السيف، لكنه أكثر ضبابية قليلاً من النجوم فوقه وتحته. يمكن حتى لمنظار مزدوج صغير 10×50 أن يظهر ضبابية هذه الحاضنة النجمية بلونيها الرمادي والأخضر. تتوهج مجموعة ضيقة من أربعة نجوم تسمى تجمع المُعيّن Trapezium في قلب سديم الجبّار، ويمكن رؤيتها بسهولة بتلسكوب صغير.
يمكن العثور على كوكبة التوأمين Gemini، فوق كتف الجبّار اليسرى. في هذا الوقت من العام، يبدو التوأمان مستلقيين وأقدامهما قريبة من ذراع كوكبة الجبّار المرتفعة. أبرز نجمين في كوكبة التوأمين هما رأس التوأم المقدم Castor، ورأس التوأم المؤخر Pollux، ويشكلان رأسي التوأمين، ويمكن العثور عليهما برسم خط وهمي من نجم رجل الجبّار إلى نجم منكب الجوزاء. سينقلك تمديد هذا الخط بدقة إلى رأس التوأم المقدم ورأس التوأم المؤخر، المتوضعين أحدهما فوق الآخر.
في 21 ديسمبر نحتفل بحادثة الانقلاب الشتوي، عندما يكون القطب الشمالي للأرض بأقصى ميل له بعيداً عن الشمس، والتي ستكون بدورها عند أقل حد أقصى للارتفاع اليومي Daily maximum elevation لها في السماء.