سؤال وجواب مع باحث عن المادة المعتمة
إذا كانت المادة المعتمة مسؤولة عن كمية هائلة من المادة في كوننا، فلماذا يبدو أن بعض المجرات لا تحتوي على أي منها تقريبًا؟
ما المادة المعتمة ولماذا تسمى ”سوداء“؟
لدينا أدلة تشير إلى ضرورة وجود قدر معين من الكتلة في الكون، ولكن لا يمكن رصد هذه الكتلة مباشرة. لقد عرف علماء الفلك، حتى في أبحاثهم المبكرة في عشرينات القرن العشرين، أنه من أجل تفسير مدى سرعة تحرك بعض المجرّات هناك، يجب أن توجد كتلة أكبر مما يمكننا تفسيره. ابتكر عالم فلك يُدعى فريتز زويكي Fritz Zwicky اسم ”المادة المعتمة“ Dark matter، ولكن هذا الاسم يعكس فقط أننا لا نعرف فعلاً ما هي.
ما الشيء الذي نعتقد أن المادة المعتمة تتكون منه؟
يعتقد معظم العلماء وليس كلهم أن المادة المعتمة تتكون من جسيمات لا تتفاعل مع الإشعاع الكهرومغناطيسي، وبدلاً من ذلك هي تتفاعل فقط مع المادة العادية من خلال قوة الجاذبية. وبصورة أساسية إنها لا تمتص أو تُصدر الضوء (والحرارة). يمكننا فقط أن نستنتج وجودها بسبب تأثيرات الجاذبية. تكمن المشكلة في أنه على الرغم من بناء تجارب مثل مصادم الهادرونات الكبير LHC، فإننا لم نتمكن من اكتشاف جسيمات المادة المعتمة، ولذا فنحن لا نعرف بعد ما خصائصها بالضبط.
كيف تبحث عن المادة المعتمة؟
من خلال النظر إلى سرعة دوران المجرّات. نحن نعلم أن دوران المجرّة حول نفسها هو نتيجة لمقدار كتلتها الكلية، ولذلك فإذا استطعنا رصد سرعة دوران المجرّة، فإننا سنعرف كتلتها الإجمالية. يمكننا مقارنة الكتلة الكلية المَقيسة من سرعة تدويم المجرّة مع كتلة النجوم والغاز [في المجرّة]، والتي يمكن أن نرصدها مباشرة بالتلسكوبات. يمكننا بعد ذلك النظرُ إلى عدم التطابق بين الاثنين لكي نستنتج كمية المادة المعتمة الموجودة في المجرّة. عادةً ما يكون هناك عدم تطابق قوي جداً، وهو ما يشير إلى أن هناك كثيراً من الكتلة التي لا نراها.
وماذا تُظهر أبحاثك؟
بحث فريقنا في مجرّة كانت غريبة جداً لأنها مصنفة على أنها “فائقة الانتشار”. هذه المجرّات غريبة بعض الشيء لأن توزيع الضوء داخلها يشبه المجرّات الحلزونية الكبيرة مثل مجرّة المرأة المسلسلة أو درب التبانة. غير أن كتلتها النجمية هي أقل بنحو 1,000 مرة من المجرّات الكبيرة. يقول بعض العلماء إن لديها كتلة المجرّات القزمة، لكنها بحجم العمالقة. رصدنا حركة الغاز في إحدى هذه المجرّات باستخدام تلسكوب المصفوفة الكبيرة جداً، وهو مجموعة من الهوائيات في نيو مكسيكو، للحصول على صور حادة جداً. وتمكنا من قياس سرعة دوران الغاز في هذه المجرّة. ثم حاولنا أن نرى مقدار المادة المعتمة الموجودة. عادةً، عندما تنظر إلى المجرّات الصغيرة، تجد أن معظم الكتلة هو مادة معتمة، ربما 90%، ربما 80%. لكننا وجدنا بدلاً من ذلك أن هناك مساهمة صغيرة جداً من المادة المعتمة في هذه المجرّة. في الواقع، إذا أخذت الأرقام، يمكنك القول إنك لست في حاجة إلى مادة معتمة لشرح مدى سرعة تدويم المجرّة.
باحث ما بعد الدكتوراه في مرصد لايدن Leiden
Observatory في هولندا، وهو متخصص في
أبحاث المادة المعتمة
وفقاً لفهمنا لنشوء المجرّات وتطورها، يجب أن تحتوي جميع المجرّات على مادة معتمة. لذا، إذا رأيت مجرّة فيها قليل من المادة المعتمة، فهذا أمر محيِّر جداً، على الرغم من وجود بعض الآليات التي يمكن أن تفسِّر ذلك. نعتقد أن التفسير المحتمل هو أن المجرّات بها مادة سوداء، ولكن كثافتها منخفضة جداً. يخبرنا هذا أن توزيع المادة المعتمة في هذه المجرّات إذا كانت هناك مادة معتمة يجب أن يكون شديد اللانمطية ومختلفاً تماماً عما نتوقعه من نماذجنا لنشوء المجرّات وتطورها.
ما الآثار المترتبة على المجرّات التي تحتوي على قليل من المادة المعتمة أو التي لا تحتوي عليها؟
إنها تتحدى القاعدة في جوانب مختلفة. ربما تخبرنا أن توزيع المادة المعتمة في المجرّات هو أوسع بكثير مما كنا نتوقع. أو ربما تخبرنا أن هناك آليات أخرى يمكنها إنتاج كثافة منخفضة للمادة المعتمة. أعتقد أن الأمر المثير جداً هو أنه يمكننا استخدام هذه الأرصاد لاستنتاج محتوى المادة المعتمة، وربما يمكن لهذه المجرّات أن تخبرنا بشيء عن طبيعة المادة المعتمة نفسها.