أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
شروحاتمقالات الإشتراك

السطوع مقارنةً بالضياء

سطوع النجوم هو أمر نسبي. يكشف لنا سكوت ليفن كيف نصنِّف نجومنا المفضلة

من أول الأشياء التي يتعلمها كثير منا، عندما نبدأ في مراقبة النجوم، أن نجم الشعرى اليمانية Sirius هو أسطع نجم في الليل. ولكن ماذا يعني أن نقول إن جرماً ما ساطعٌ، وما الفرق بين السطوع Brightness والضياء Luminosity؟

يستخدم علماء الفلك مصطلحات مختلفة للحديث عن مقدار الضوء الذي نراه من الأجرام السماوية وكمية الضوء التي تنتجها هذه الأجسام بالفعل. لكن فلنتحدث أولاً عن قدر السطوع Magnitude.

سطوع
القمر والجرم الثاني سطوعاً في سماء الليل كوكب الزهرة الذي يبعد عنا 160 ضعفَ بُعد القمر

ما السطوع؟
نتحدث بوجه عام عن الأجرام السماوية من حيث السطوع. هذا لا يقيس كمية الضوء الموجودة؛ بل يصف سطوع الأجرام بعضها بالنسبة إلى بعض. ابتكر عالم الفلك اليوناني هيباركس Hipparchus مقياساً في القرن الثاني قبل الميلاد، يجمع النجوم وينظمها بحسب سطوعها: أسطع النجوم يأخذ الرقم 1، وأخفتُها يأخذ الرقم 6.

سطوع
يمكننا أن نرى تأثير السطوع النسبي عندما تُفسد مصابيح الشوارع رؤيتنا للنجوم البعيدة

وحالياً ما زالت الأجرام ذات قدر السطوع الأدنى رقماً تُدرَج على أنها أكثر سطوعاً من الأجرام ذات القدر الأعلى رقماً، ونستخدم الأرقام السالبة لتعيين الأجرام الأكثر سطوعاً. لذا فإن نجماً بسطوع mag. 1 هو أسطع من نجم بسطوع +mag. 2. الأجرام التي يبلغ قدر سطوعها +mag. 1.5 أو أكثر هي أجرام ”السطوع الأول“ First-magnitude، والأجرام من السطوع +mag. 1.5 إلى +mag. 2.5 هي من ”السطوع الثاني“, وأجرام السطوع +2.5 إلى +mag. 3.5 هي من السطوع الثالث، وهكذا.

السطوع الظاهري Apparent magnitude، أو السطوع البصري Visual magnitude، أو ببساطةٍ السطوع، هو السطوع الذي نراه عندما نرصد نجومنا المفضلة. حدد هيباركس نجم النسر الواقع Vega عند سطوع mag. 0.0 وفق هذا المقياس، وكل قيم السطوع الأخرى تعتمد عليه بوجه عام (عُدِّل سطوع النسر الواقع منذ ذلك الحين إلى +mag. 0.03). تحت سماء معتمة، يمكن رؤية النجوم الخافتة بسطوع +mag. 6.5 بالعين المجردة. يبلغ السطوع الظاهري للشمس mag. 26.74. إنها أسطع جرم في سمائنا. ويبلغ معدل سطوع القمر المكتمل mag. 12.75، ويصل السطوع الظاهري لكوكب الزهرة عند أسطع ظهور له إلى سطوع mag. 4.9.

سطوع

قدر السطوع الظاهري للأجرام هو مدى سطوعها كما تبدو من الأرض، بغض النظر عن مسافاتها

ولكن مثلما يبدو مصباح نافذة الجيران أكثر سطوعاً من ضوء شارع بعيد، فإن ما نراه هو مزيج من مقدار الضوء الذي ينتجه الجرم ومسافته. لذلك يمكن أن يكون لنجمين متماثلين على مسافتين مختلفتين قيمتان مختلفتان لقدر سطوعهما الظاهري.

وفيما يعطينا قدر السطوع الظاهري فكرة عن كيفية رؤيتنا للنجوم، بغض النظر عن مسافاتها، فإن قدر السطوع المطلق Absolute magnitude يضعها على قدم المساواة. وبدلاً من أن نقول: ”أعتقد أن ذلك الجرم هو أسطع“، فإننا نقارن كم سيبلغ سطوع الأجرام إذا كانت جميعها على مسافة 10 فراسخ فلكية Parsecs (32.6 سنة ضوئية) (أي تقريباً المسافة ذاتها التي يبعد بها نجم السماك الرامح Arcturus).

يمكننا بعد ذلك الحديث عن الأجرام وفقاً لكمية الضوء التي تصدرها: مدى ضيائها Luminous. تُنتج بعض النجوم البعيدة مقداراً كبيراً من الطاقة إلى درجة أننا نراها من بين أسطع النجوم في الليل، على الرغم من أنها بعيدة جداً.

على الرغم من خفوتهما كما يظهران من الأرض، فإن نجمين في كوكبة الدب الأصغر هما في الواقع أكثر إضاءة من شمسنا

المسافة والضياء
بوضع هذا في الاعتبار، دعونا نعُدْ إلى الشمس. إنها ساطعة بما يكفي لتعطينا ضوء النهار، لكن قدر سطوعها المطلق هو فقط +mag. 4.83، وهذا تقريباً هو القدر الظاهري ذاته للنجم دلتا الدب الأصغر Delta Ursae Minoris عند قدر +mag. 4.34، وإيتا الدب الأصغر Eta Ursae Minoris عند سطوع +mag. 4.95. وكلاهما أكثر تألقاً من الشمس. غير أنهما يبدوان من الأرض خافتين تماماً، مثل معظم نجوم الدب الأصغر Ursa Minor، وهما يعطياننا فكرة عما ستبدو عليه شمسنا إذا كانت تقع في جوار السماك الرامح.

يظهر اثنان من أسطع نجوم السماء، الشعرى اليمانية Sirius ورِجل الجبّار Rigel، متقاربين كلاهما من الآخر، ويقدمان مشهداً رائعاً في ليلة معتمة. لكن نجم الشعرى اليمانية (سطوعه الظاهري mag. 1.46) يبعد مسافة 8.6 سنة ضوئية تقريباً، في حين رجل الجبّار (سطوعه الظاهري +mag. 0.13) هو أبعد بكثير، على مسافة 700 سنة ضوئية تقريباً.

يبلغ حجم الشعرى اليمانية ضعف حجم الشمس ويبلغ سطوعه المطلق +mag. 1.43. أما رجل الجبّار فهو نجم عملاق فائق Supergiant أكبر من الشمس بنحو 18 إلى 24 ضعفاً، وبسطوع مطلق يبلغ -mag. 7.84. ولذا، ففي حين يبدو الشعرى اليمانية القريب أكثر سطوعاً، تخبرنا قيم السطوع المطلق أن نجم رجل الجبّار البعيد هو أكثر إضاءة، ويضيء أكثر بكثير من أسطع نجم في سماء الليل.

في المرة المقبلة التي تنظر فيها إلى النجوم، ضع في اعتبارك قدر السطوع المطلق والسطوع الظاهري، وتخيل مدى السطوع الفعلي للنجوم التي ترصدها. 

سكوت ليفن Scott Levine:

كاتب مختص في علوم الفلك، وراصد بالعين المجردة. يقيم في وادي هدسن بنيويورك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى