مراجعة كتب جديدة في علوم الفضاء والفلك

منظور الفضائيين
المؤلف: ديفيد وايتهاوس David Whitehouse
الناشر: Icon Books
السعر: £17.99 جنيه إسترليني
الغلاف: ورق مُقوَّى

هل نحن موجودون وحدنا في هذا الكون؟ لقد فَتنت إمكانية وجود كائنات فضائية ذكية فكرَ البشرية طوال قرون، لكن كتاب ديفيد وايتهاوس David Whitehouse الجديد يسلك مقاربة مختلفة ومتجددة للموضوع. فهذا المراسل العلمي السابق لـ BBC لا يضع في اعتباره فقط تلك الأسئلة المألوفة عن الحياة في مكان آخر في جوارنا الكوني وحسب، بل يهتم أيضاً بما تكشفه توقعاتنا بشأن هذا الموضوع عن الإنسانية، والتحوُّلات العميقة في رؤيتنا التي قد تنتج من تأكيد وجود حياة كائنات فضائية غير أرضية.

لوحة عرض المؤلف وايتهاوس واسعة، منمَّقة بثروة من التفاصيل التاريخية والعلمية، فينقل بسلاسةٍ انتباهَنا من جانب معيَّن لموضوعه المتنوع إلى جانب آخر. هنا تأملٌ في علاقة أسلافنا في عصور ما قبل التاريخ بالكون؛ وهناك سرد للمحاولات المبكرة في مشروع البحث عن ذكاء خارج الأرض (اختصاراً SETI). تأخذ الفصول القريبة من بداية الكتاب ونهايته القارئ عبر المتاحف الخيالية التي تؤرخ لتنوع الحياة المذهل على الأرض، والمسارات التي لا تحصى والتي ربما يمكن للحياة في عوالم أخرى أن تسلكها. وهناك نقاشات عن التداعيات العقائدية والديبلوماسية التي قد تنجم من الاتصال بحياة فضائية ذكية، إلى تصميم وطريقة محاولاتنا الخاصة بالتواصل.

تجعل خلفية وايتهاوس في علم الفلك الراديوي منه شخصاً مناسباً تماماً لتقديم تقرير عن جهود الكشف والتواصل التي ما زالت تركز بدرجة كبيرة على علم فلك ”الصحن الكبير“، ولكن هناك احتمالات أخرى- مثل اكتشاف “بصمات تكنولوجية” حول نجوم بعيدة، بل حتى مركبات كائنات فضائية غريبة (سواء كانت مأهولة أو آلية) تزور مجموعتنا الشمسية- أخذها الكتاب بعين الاعتبار. وغالباً ما شُرحت الأفكار المعقدة بدقة ووضوح، ولكن من الواضح أن هذا مشروع عاطفي بالنسبة إلى المؤلف، إذ يحلِّق الكتاب مع استخدام المؤلف لغة أكثر شاعرية، كما هي الحال عند تأمل الموضوعات الأعمق التي تنشأ من سؤاله المركزي. وهذا الوصف هو أكثر ما يكون ملائماً في فصول الكتاب الأخيرة، حيث ينظر وايتهاوس في احتمالات بقاء الحياة زمناً أطول من عمر النجوم التي ولدت حولها، وكيف يمكن لها أن تجد طرقاً لبقائها حتى نهاية الكون نفسه.

إذا سبق لك أن نظرت عالياً إلى السماء، وفكرت في تلك الأسئلة الكبيرة للحياة في الكون، فهذا الكتاب قراءة ضرورية. 

*****

جايلز سبارو Giles Sparrow: كاتب ومؤلف عن العلوم المبسَّطة للجمهور

مقابلة مع المؤلف
ديفيد وايتهاوس David Whitehouse

كيف غيَّر التلسكوب البشرية؟
من ”الأنبوب البصري“ البسيط الذي صنعه غاليليو قبل 400 عام إلى تلسكوب جيمس ويب الفضائي، كشف لنا التلسكوب بأشكاله المختلفة مكاننا الحقيقي في الكون. ذات حينٍ كافحنا لتمييز معالم كوكب المريخ. الآن، نحن نفكر في فحص الأغلفة الجوية لكواكب تدور حول نجوم أبعد من المريخ ببليون بليون مرة. لم تقدم أي أداة علمية أخرى مثل هذا بالنسبة إلى موضع جنسنا البشري في مكانه الكوني.

هل نوشك على الكشف عن حياة خارجَ الأرض؟
لا نعرف أين سنجد أولى العلامات على حياة أخرى في الكون. ربما سنكتشف ميكروبات في أعماق رمال المريخ المنهكة بالإشعاع، أو علامات حياة في الحزم الطيفية لكواكب تدور حول نجوم قريبة. هل ستكون رسالة بصورة إشارة راديوية، أو وميضٍ ليزري، أو تيار جسيمات متشابكة كمومياً Quantum-entangled؟ ربما سنجد أثراً لنوع انقرض منذ زمن طويل، أو ربما تزورنا مركبة فضائية غريبة. يمكن لهذا أن يحدث حاليا، أو قد لا يحدث أبداً.

ماذا يعني اكتشاف حياة ذكية (في الكون)؟
كيف يمكن لكائنات ولدت تحت ضوء نجم آخر، أو في الفضاء بين النجوم، أن ترى الكون؟ وكيف سترانا نحن؟ هل سيمكن لنا التعرف عليهم في يوم ما؟ أو، تُرَى، سيظلون إلى الأبد لغزاً لما هو ممكن في الجوار؟ ورؤية البشرية بعين كائنات فضائية قد يحررنا أو يرعبنا. وإلى أن نجدهم، لن نكون مستعدين لهم، وبعد ذلك سيكون الوقت قد تأخر كثيراً.

ديفيد وايتهاوس David Whitehouse: مراسل علمي سابق في BBC، ومحرر علمي، ألَّف عدة كتب.

نجومٌ وكواكب
المؤلف: آيان ريدباث Ian Ridpath
الناشر: DK
السعر: £9.99 جنيه إسترليني
الغلاف: ورقي

آيان ريدباث Ian Ridpath هو أحد أكبر الأسماء في علم الفلك. ومع تأليفه أكثر من 40 كتاباً، فهو يعلم عمَّ يتحدث عندما ينقل جملة من الموضوعات لهواة الفلك بسهولة. قُسِّم كتابه الموجز نجومٌ وكواكب Stars and Planets إلى موضوعات المجموعة الشمسية، والكوكبات، ودليل السماء الشهري. وهو يشرح الأساسيات بإيجاز، ويعطي المبتدئين مقدمة جيدة عن نشوء النجوم، والسُّدُم، والكرة السماوية، وكيف تستخدم يدك كأداة قياس فلكية. كما يكفي دليل التلسكوب والمنظار المزدوج، المكون من صفحتين، لمساعدة أي راصد حريص على معرفة المعدات المتاحة له والتحكم فيها. في قسم المجموعة الشمسية هناك وصف لكل كوكب، بما في ذلك حقائق موجزة عن الغلاف الجوي والمناخ والجغرافيا والجيولوجيا؛ وتَعرِض الرسوم البيانية موقع كل كوكب، صباحاً ومساءً، من عام 2022 إلى العام 2033. ولا بد من أن نُثني على الصفحات المخصصة لـ 88 كوكبة. القارئ مدعو للتعرف على أساطيرها ومواقعها في السماء، وكيفية عرض المعالم المثيرة للاهتمام في كل منها، مثل أجرام أعماق السماء. ستساعدك الخرائط الشهرية الرائعة للسماء في القسم الأخير من الكتاب على تحديد مواقع الكوكبات على مدار العام. إن خطة وتفاصيل كتاب نجومٌ وكواكب هي رائعة بكل بساطة. إذا كنتَ تبحث عن كتاب إبداعي في علم الفلك، وغني بنص سهل الفهم، وصور لامعة وجميلة، وخرائط نجمية مفيدة، فقد وجدته. 

*****

كاترين رينر إيفانز Katrin Raynor Evans: كاتبة ومحاضرة في علوم الفلك.

ما المادة المعتمة؟
المؤلف: بيتر فيشر Peter Fisher
الناشر: Princeton University Press
السعر: £28 جنيهاً إسترلينياً
الغلاف: ورق مُقوَّى

يعرف العلماء عن المادة المعتمة منذ ما يقرب من 40 عاماً. لقد أكدوا وجودها من خلال رصد تأثير جاذبيتها في المجرّات، وأدركوا أنها تكوِّن 27% من الكتلة والطاقة في الكون، لكنهم ما زالوا غير واثقين بطبيعتها. وإذن فكتابة كتاب بعنوان ما المادة المعتمة؟ ربما يبدو أمراً غير مناسب. ومع ذلك، فهذه رؤية علمية جداً للنظريات التاريخية والأبحاث والتجارب على الأدلة المؤيدة لوجود المادة المعتمة وخصائصها.

الكتاب سريع العرض، وسيحتاج القارئ إلى التركيز لمواكبته. هناك عدد قليل من المقارنات المفيدة، ولا عواطف هنا. يُفترَض في القارئ معرفةُ الرموز العلمية والتعبيرات الرياضياتية، ولديه القدرة على فهم المخططات والمعادلات المعقدة. ومن المفيد أن تأخذ الوقت الكافي لفهم المبادئ المقدَّمة في الفصل الأول قبل المتابعة، وهناك مسرد مصطلحات مفيد لإرشادك.

الكتاب مكتوب كتابةً جيدة جداً. وهو يأخذك عبر مشكلات توحيد المادة المعتمة مع النموذج المعياري Standard Model عبر التناظر الفائق Supersymmetry وديناميكا نيوتن المعدلة. كما يشرح بالتفصيل البحث المستمر عن الجسيمات الضخمة ضعيفة التفاعل (اختصاراً WIMPs) والآكسيونات Axions، ويوضح الحاجة إلى أجهزة كشف وتلسكوبات أكبر وأكثر حساسية، مع جولات رصد أطول، للعثور عليها.

هذا ليس كتاباً للقارئ المبتدئ. إن تقديم الأسس في الفيزياء الفلكية هو أمر مفيد، ولكنه ليس ضرورياً. في النهاية سيكون لديك فهم أفضل، ليس عما تكونه المادة المعتمة، ولكن على الأقل عما لا تكونه، وماذا يمكن أن تكون. 

*****

جيني ويندر Jenny Winder: كاتبة علمية مستقلة وعالمة فلك ومذيعة.

علم الفلك: دليل المبتدئين
المؤلف: ويليام هـ. والر William H Waller
الناشر: Oneworld
السعر: £9.99 جنيه إسترليني
الغلاف: ورق مُقوَّى

يقدم هذا الكتاب الصغير والجميل، كما يوحي اسمه، دليل المبتدئين إلى الكون. ويؤدي الكاتب ويليام والر، الذي يتمتع بخلفية أكاديمية قوية في الفيزياء الفلكية وعلم الفلك، مهمته بحماسة. إنه يقدم عجائب الكون بنحو شامل، ويقتحم الفضاء بثباتٍ خارجاً، ليصل إلى المجموعة الشمسية الأوسع، ثم خلفه إلى اللانهاية التي يصعب فهمها.

وباعترافه يهدف المؤلف من خلال كتابه علم الفلك: دليل المبتدئين، إلى أن يكون ”سهل الفهم“ لتلك الأعداد الكبيرة المتزايدة من مراقبي السماء- ”ليس واحداً في المليون، ولكنه بالتأكيد يبلغ ذلك“- حيث يكتسب أقدم علم معروف قدرة جذب جديدة في القرن الـ 21. ومن الواضح أن كلاً من الكتاب والمؤلف نفسه يدفعهما ما يصفه والر بـ”عجائب سماء الليل التي لا تنتهي إغراءاتها“.

يتتبع المؤلف دراستنا للسماء التي تدور فوق رؤوسنا عبر شعوب، وثقافات، وآلاف السنين، حيث ينظر أولاً إلى خصوصيات عالمنا كنقطة مرجعية ملائمة وذات علاقة، ثم يمضي خارجاً في رحلة ليتناول الشمس، ”إلهاً فوق البشر الزائلين“، والكوكبين العملاقين المشتري وزحل، ”عمالقة للبيع“، وذلك الكون الأوسع بعيداً، بما في ذلك إغراء اكتشاف حياة.

يمتعنا والر بحكايات عن تجاربه الخاصة، ولا سيما الجلوس في غرفة بلا نوافذ، يغطي السجاد أرضيتها، في جامعة واشنطن، في ليلة شديدة الحرارة من شهر أغسطس 1989، عندما وصلت الصور الأولى لكوكب نبتون، التي أرسلتها مركبة فوياجر 2.

عموماً، فهذه الجوهرة الرائعة تخطو- بهدوء غالباً- في مستنقع معقد من التفاصيل العلمية والرياضياتية للحفاظ على بنية فكرية قوية، ومع ذلك يظل جوهر الكتاب قابلاً للقراءة للحفاظ على اهتمام القارئ غير الأكاديمي، وإثارة اهتمامه. 

*****

بن إيفانز Ben Evans: كاتب في العلوم والفلك، ومؤلف لعدة كتب.