إعداد محاكاة للمشتري
حوِّلْ صورك للكوكب الغازي العملاق إلى لوحة رسوم متحركة مثيرة تعرض عواصفه وأقماره الرائعة. سيوضح بيت لورانس لك كيف تفعل هذا.
عندما يبدأ كوكب المشتري الصعود في السماء كما يُرصد من سماء الكويت والمنطقة العربية، ستتحسن فرص تصويره باستمرار. وبتصويره بكاميرا ذات معدل إطارات مرتفع High-frame-rate، سيكون من الممكن تسجيل حالة الغلاف الجوي لهذا العملاق الغازي. كما يمكنك أيضاً تجميع تسلسل من هذه الصور معاً، وإنشاء محاكاة متحركة منها توضح كيفية دوران الكوكب. يمكن استخدام هذه المحاكاة لتوضيح تفاصيل الغلاف الجوي في أثناء دورانه مع الكوكب، أو الكشف عن الرقصة المدارية لأقماره الغاليلية Galilean moons الساطعة الأربعة. في هذا المقال نلقي نظرة على تقنيات صنع محاكاة حركية لكوكب المشتري من إنتاجك، بدءاً من التقاط الصورة وحتى العمل النهائي.
التقاط الصور
سيضمن لك بعض التخطيط التقاطَ أفضل الصور لتنفيذ عملية المحاكاة
يكون كوكب المشتري في أفضل حالاته عندما تكون حالة الجو الذي يُشاهد من خلاله مستقرة. يتأثر استقرار الغلاف الجوي بالطقس وارتفاع الجرم ووجود تيارات الهواء. يمكنك تحديد متى تكون الظروف مناسبة فعلاً من نشرات الأرصاد الجوية. تميل الجبهات النشطة Active fronts وأنظمة الضغط المنخفض العميقة Deep low-pressure systems إلى إحداث حالة عدم استقرار، في حين يميل الضغط العالي High pressure إلى إنتاج أفضل الظروف استقراراً. عادةً ما يُنتِج الطقس الذي يهيمن عليه الضغط العالي مع عدم وجود تيار نفاث علوي Overhead jetstream أفضلَ الظروف، وتوفر مواقع الإنترنت مثل Netweather تنبؤات للتيارات النفاثة: www.netweather.tv/charts-and-data/jetstream.
عندما يأخذ المشتري موقعه باتجاه الجنوب سيكون حينها بأعلى ارتفاع له في السماء ومن موقع السماء العربية الجغرافي ستكون فرصة التقاط صور طويلة في ظروف جوية جيدة ممكنة فترات طويلة.
يميل ”تصوير اللقطات الساكنة“ Still imaging- التقاط إطار واحد لهدف ما- إلى إعطاء نتائج سيئة مع الكواكب. تلتقط كاميرا الصور الثابتة، مثل كاميرا DSLR رقمية، لقطة ثابتة زمنياً، والتي عادة ما تكون مشوهة جداً بسبب ظروف الغلاف الجوي. تُعَدُّ طريقة ”التصوير المحظوظ“ Lucky imaging وهي إحدى طرق التصوير الفلكي حلاً أفضل: التقاط كثير من الصور بتتابع سريع، ثم انتقاء أفضلها، ودمجها في صورة واحدة. غالباً ما تنتُج عن ذلك آلافُ الصور؛ تُحلَّل النتائج وتنظم بحسب جودتها، وتحاذى Aligned وتوازن Averaged لتقليل التشويش. تُعرف هذه العملية الشاقة باسم تكديس التسجيل Registration-stacking، وهي عملية مؤتمتة إلى حد كبير في برامج مجانية مثل برنامج ريجيستاكس RegiStax (www.astronomie.be/registax)، وبرنامج أوتوستاكرت AutoStakkert! (www.autostakkert.com). يجب أن تكون الصورة النهائية التي تنتجها هذه البرامج واضحة بما يكفي لإجراء تعديلات بسيطة بعد الالتقاط.
أما الأهداف الساطعة على ارتفاعات منخفضة أو ظروف جوية سيئة فتعاني التشتت اللوني Chromatic dispersion، الذي يُنتج أهداباً لونية Colour fringes حول حوافها الشمالية والجنوبية. وباستخدام كاميرا ملونة، يمكن لمصحح التشتت الجوي Atmospheric dispersion corrector أن يقلل من ذلك، ويمكن لكاميرا أحادية اللون Mono مع مرشِّح (فلتر) Filter أن تحد من المشكلة أيضاً. يعد التقاط إطارات فردية باللون الأحمر (R) والأخضر (G) والأزرق (B) طريقة ممتازة للحصول على نتائج عالية الجودة. يعني أخذ تسلسلات متعددة عبر مرشح أنه سيكون لديك خيار من الإطارات لدمجها. على سبيل المثال بأخذ تسلسلي RGB، يمكنك إنشاء صورة باستخدام ألوان RGB من المجموعة الأولى، ولكن أيضاً صورة باستخدام (اللون) R من المجموعة الثانية، و(لوني) G وB من المجموعة الأولى، وهكذا. ستعطي الكاميرا الحساسة للأشعة تحت الحمراء IR المزودة بمرشِّح نفاذ الأشعة تحت الحمراء نتائجَ عالية التباين تعطي حركة جيدة، وتميل الأطوال الموجية في الطرف الأحمر من الطيف لأن تكون أقل تأثراً بعدم الاستقرار في الغلاف الجوي.
رقصة الأقمار
المدارات المتراقصة للأقمار الغاليلية تُنتج مشاهد فيديو مدهشة
تسطع الأقمار الغاليلية الأربعة الكبرى لكوكب المشتري، آيو Io، ويوروبا Europa، وغانيميد Ganymede، وكاليستو Callisto، بما يكفي لتسجيلها باستخدام كاميرا صور ثابتة تقليدية. باستخدام مقياس صور كبير بما يكفي، يمكن إظهارها بوضوح ككيانات منفصلة عن الكوكب، وبمرور الوقت يمكن تسجيل حركتها حول المشتري.
هناك عدة طرق لفعل هذا. الأول هو تجاهل قرص الكوكب تماماً وضبط التعريض ببساطة، بحيث تسجَل الأقمار كنقاط مضيئة من الضوء. من المفيد التقيُّد بوقت تعريض قصير بدرجة معقولة هنا: التعريض الطويل جداً يمكن أن ينتج عن مشكلات مثل ”اهتزاز“ Wiggling كل قمر “نقطة” Dot بذبذبة عالية، وذلك بسبب عدم استقرار غلافنا الجوي. إذا لم يكن إعداد التلسكوب محاذياً للقطب بدقة Polar-aligned، فإن التعريضات الضوئية Exposures المطوّلة ستؤدي أيضاً إلى ظهور الأقمار كخطوط قصيرة بدلاً من نقاط.
يمكن لطريقة التصوير المحظوظ Lucky imaging أن تساعد في التغلب على عديد من التقلبات الناتجة عن أجوائنا غير المستقرة. إذا كنتَ تصوّر لتسجل القمر كنقطة ساطعة ببساطة، فربما لا تزال الفرصة قائمة لأن تنتهي إلى صورة قمر تبدو أكبر مما ينبغي، ولكنها ستكون أصغر منها لو استخدمت كاميرا صور ثابتة ذات تعريض ضوئي طويل.
تدور الأقمار الغاليلية حول المشتري في فترات مختلفة وفقاً لبعدها عنه. يستغرق قمره الأقرب إليه، آيو، مدة 1.8 يوم من أيام الأرض، وقمره يوروبا مدة 3.6 يوم، والقمر غانيميد 7.2 يوم، وكاليستو 16.7 يوم. ولذا فإن الحركة الأسرع عبر سماء المشتري سيعرضها قمره آيو.
لإنتاج تسلسل صور متحركة، حدد كيف تريد تصوير الأقمار: ساطعة أو ذات تعريض ضوئي صحيح. إذا كنت قد بدأت فوراً، فخذ الخيار الساطع، واضبط إعدادات الكاميرا لتسجيل نقطة إضاءة شديدة التعرض للضوء. ثم حدد وتيرة اللقطات. إذا كنت مبتدئاً، فحاول تسجيل لقطة أو تسلسل إطارات كل 15 دقيقة، مع تقصير هذا الفاصل حالما تعتاد أكثر إنشاء صور متحركة. بالنسبة إلى اللقطات ذات معدل الإطارات المرتفع، حاول ألا تزيد أطوال الالتقاط المفردة على 60 ثانية.
ستحتاج أيضاً إلى نقطة مرجعية Point of reference لبناء التسلسل النهائي للصور المتحركة، مع كون المشتري هو الخيار الواضح لها. إذا كنت تنوي الإفراط في تعريض المشتري، فحاول الحد من التعريض المفرط حتى تتمكن من تحديد مكان حافة الكوكب في كل إطار. هذه ليست مشكلة إذا كنت تنوي التقاط إطارات القمر مقابل كوكب صحيح التعريض الضوئي.
عندما تعتاد أكثر عمليةَ إنشاء صور متحركة للأقمار. يمكنك ضبط المدة الزمنية بين اللقطات، أو تغيير مقياس الصورة لإنشاء صور مركبة مثيرة.
كوكبٌ يتحرك
في تصوير الفيديو، تظهر حركة تيارات الهواء الدوّارة والسريعة لكوكب المشتري بوضوح كبير
يبدو الغلاف الجوي للمشتري، المميز بحزم سحبه، والغني بتفاصيل متغيرة باستمرار، كمشهد مذهل يمكن رصده وتصويره بتلسكوب عاكس E بفتحة متوسطة إلى كبيرة بقطر 6 بوصات (150 مم) فأكبر. بعض المعالم، مثل البقعة الحمراء العظيمة Great Red Spot، هي كبيرة وواضحة للرؤية، في حين قد يكون البعض الآخر دقيقاً، ويظهر كمناطق صغيرة من الضجيج Noise على الصور الثابتة المفردة. وهذا هو المجال الذي تبرز فيه الصور المتحركة فعلاً. ففي تسلسل صور متحركة، يختفي ضجيج قرص الكوكب بين الإطارات، في حين تستمر المعالم الحقيقية وتدور مع الكوكب.
هناك بعض الحركة داخل الغلاف الجوي للمشتري، ولكن تصعب رؤيتها من دون استخدام تقنيات خاصة. فعلى سبيل المثال، بتخطيط دقيق ومع حظ في الطقس، يجب أن يكون ممكناً التقاط صورة للمشتري على خط الطول ذاته على مدار دورات محورية عديدة له. سيؤدي تحريك هذه العناصر بعد ذلك إلى الكشف عن معالم الغلاف الجوي التي تنزاح وتتطور وتتغير بمرور الوقت.
عادةً ما تنتج الصور المتحركة للمشتري باستخدام إطارات ملتقطة بفواصل زمنية منتظمة عبر فترة زمنية تبلغ عدة دقائق أو ساعات. تستخدم هذه الصور المتحركة المتسلسلة طرف الكوكب كمرجع ثابت، وتوضح النتيجة كيف تأتي المعالم وتذهب عندما يدور (يدوِّم) المشتري حول محوره.
وبمدة تقل عن 10 ساعات لكل دورة محورية للكوكب، فالنتائج يمكن أن تكون مذهلة تماماً.
لالتقاط صور لصنع محاكاة، يوصى بشدة باستخدام متتبع استوائي Equatorial mount محاذَى قطبياً Polar-aligned. ومع الحفاظ على الكوكب في موضعه على شريحة مستشعر الكاميرا Camera sensor chip، فإن هذا يلغي الحاجة إلى تعديل اتجاه ما بعد الالتقاط، حيث سيكون لكل صورة التوجيهُ ذاته.
وكما في إعداد محاكاة قمرية، فكِّرْ جيداً في مدى تكرار اللقطات. ضع في اعتبارك أن اللقطات ذات معدل الإطارات المرتفع High-frame-rate تتطلب عادةً ما بين 30 و60 ثانية لتسجيلها. وإن تسلسلاً مدته، على سبيل المثال، 50 ثانية من الإطارات الملتقطة، ثم انتظاراً مدةَ 10 ثوانٍ، متبوعاً بتسلسل لقطات مدة 50 ثانية أخرى، و10 ثوانٍ انتظاراً، سيُنتج صوراً متحركة سلسة جداً، ولكنه سيكون أيضاً متعباً جداً.
تحد الفواصل الزمنية الأطول مدة بين اللقطات من ضغط العمل، لكن الحركة النهائية للمحاكاة لن تكون سلسة. تتميز الفواصل الأطول مدة أيضاً بميزة البيانات الأقل للتعامل معها ومعالجة أقل لما بعد الالتقاط. إنه خيارك، لكننا نوصي باعتبار مدة 10 دقائق فاصلة بين الإطارات كبداية.
تعمل الظلال الناتجة عن عبور الأقمار على إنشاء محاكاة متحركة مذهلة بنحو خاص، مما يوفر حركة جيدة وتبايناً في الصورة مع كرة كوكب المشتري الدوّارة بثبات. كما تمثل الأقمار المشاركة في أحداث أخرى أهدافاً ممتازة أيضاً. على سبيل المثال، فكِّرْ في إجراء محاكاة لقمر يتحرك خلف الكوكب (احتجاب Occultation) أو أن تكشفه كرة المشتري (ظهور بعد احتجاب Occultation reappearance). وبنحو بديل فإن قمراً يتوارى في ظل المشتري (اختفاء خسوفي Eclipse reappearance) أو يخرج منه يمكن أن يقدم مشهداً درامياً عبر تلسكوبات أكبر فتحة.
إعداد المحاكاة
كل ما تحتاج إليه لإنشاء محاكاة متحركة هو برنامج مجاني وبعض التجريب
الخطوة 1
فور حصولك على مجموعة من تسلسل لقطات ذات معدل إطارات مرتفع، يوصى بالتأكد من احتواء أسماء ملفاتها على تاريخ ووقت تسجيلها. إذا لم يكن الأمر كذلك، فتذكر إضافة التاريخ والوقت الصحيحين بصيغة ’YYYYMMDD_hhmmss‘. وبعد جاهزيتها، انقلْها إلى برنامج AutoStakkert! لمعالجتها.
الخطوة 2
ستحتاج إلى تعيين خطوات معالجة الصورة الأولى، وبعد ذلك ستعالج الصور اللاحقة بالطريقة نفسها. قد تبدو واجهة برنامج AutoStakkert! صعبة بعض الشيء، لكن طريقة استخدامه الرئيسة واضحة تماماً. بعد نقل الإطارات، انقر فوق ”تحليل“ Analyse ودع البرنامج يعمل.
الخطوة 3
فور إنهاء ذلك، وتحت ”خيارات التكديس“ Stack options، حدد إحدى قيم ”النسبة المئوية للإطارات المكدسة“ Frame percentage to stack إلى القيمة 30. وهذا يعني استخدام 30% من الإطارات المُدخَلة. يمكنك تجربة قيم أخرى كما تشاء. هناك أربعة إعدادات يمكن تحميلها وأربعة أخرى للعدد المحدد من الإطارات المراد استخدامها.
الخطوة 4
في نافذة ”عرض الإطار“ Frame View، حدد حجم نقطة المحاذاة المناسب (جرب القيمة 48 إذا لم تكن متأكداً)، وانقر على “ضع شبكة AP Place “AP grid، مع التأكد أن المجموعة التالية من علامات نقطة المحاذاة تحدد الكوكب فقط. وإذا لم يكن الأمر كذلك، فقد تضطر إلى ضبط قيمة ”أدنى سطوع“ Min bright وإعادة نقر ”ضع شبكة AP“.
الخطوة 5
فور الانتهاء اضغط على ”تكديس“ Stack في نافذة البرنامج الرئيسة. دع البرنامج يعالج جميع ملفات التسلسل. إذا اخترت تعديل النتائج، لزيادة حدتها باستخدام برنامج RegiStax مثلاً، فتأكد من تطبيق العمليات نفسها لكل ملف.
الخطوة 6
باستخدام تطبيق PIPP المجاني (sites.google.com/site/astropipp)، اسحب الإطارات الثابتة التي أنتجت في برنامج AutoStakkert! إلى نافذة التطبيق PIPP الرئيسة. سيظهر عادة مربع حوار يفيد بتنشيط ”وضع الضم“ Join mode. انقر ”موافق“.
الخطوة 7
لبرنامج PIPP عديد من الخيارات التي يمكن تحديدها، والأمر متروك لك للتجربة التي لم تذكر هنا. تُركت الصور الأساسية من دون لمسها، وأسوأ ما قد تفعله هو ملء القرص الصلب بتخزين الصور، لذلك لا تتردد في التجربة.
الخطوة 8
حدِّدْ علامة التبويب ”خيارات المحاكاة“ Animation options، ثم ”تشغيل جميع الإطارات بترتيب إلى الأمام“ Play all frames in forward order. ضمن ”خيارات الإخراج“ Output options، حدد تنسيق الإخراج المطلوب، مثل تنسيق GIF المتحرك. حدد مجلد الإخراج. حدد ”تكرار الإطارات“ Loop frames repeatedly واضبط معدل إطارات مناسب. إذا حصلت على نتيجة خاطئة، فما عليك سوى اختيار قيمة مختلفة وإعادة المعالجة.
الخطوة 9
أخيراً، حدد علامة التبويب ”نفِّذ المعالجة“ Do processing وانقرْ على ”بدء المعالجة“ Start processing. سيجري إنشاء ملف إخراج خاص بك وتخزينه في مجلد الإخراج المحدد. الأمر بهذه البساطة. إذا لم يكن ذلك صحيحاً، فاضبط الإعداد المناسب في برنامج PIPP وأعد المعالجة. وبتعديل الإعدادات فقط، يمكنك إحداث فرق كبير في النتيجة النهائية.
بيت لورانس Pete Lawrence:
خبير تصوير فلكي ومقدم حلقات برنامج سماء الليل
The Sky at Night
