أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
مجال الرؤيةمقالات الإشتراك

مجال الرؤية

شِعر في وصف حركة القمر

أمضت كارولاين باروز شهراً في أرصادٍ شاعرية للقمر

كشاعرة وكاتبة، أحب القمر وما يرتبط به من مفردات وعبارات: كلمات مثل ”غروب قمري“ Moonset و”سماوي“ Celestial و”دورة القمر“ Lunation. غير أن عقلي يكافح مع مفاهيمه الأكثر علمية: مثل الجدول الزمني العشوائي للقمرMoon’s haphazard؛ كما يطلقون عليه صفة الربع (طور التربيع Quarter) فقط عندما يكون نصفه مرئياً؛ إضافة إلى هندسة حركة دورانه المحوريRotation. ولفهم أفضل جمعتُ بين العلم والشعر، لأكتب بيتاً في كل ليلة من شهر قمري بعنوان ”بين أقمار المحاق“ Between New Moons. 

في ليالي شهر نوفمبر الطويلة، أتحقق من بيانات تطبيق Moon لديَّ، وأخرج للتنزه في وقت متأخر على تلال بريستول الحضرية في اتجاه سمته Azimuth، وهذا هو وقت حديث القمر الإبداعي. لقد تخيلته كسفينة تطوف حول الأرض، وفي كل ليلة يضطر الكوكب إلى الدوران Rotate أكثر قليلاً ليلحق بالقمر. ومن موقعي الثابت، هذا يفسر لماذا كان القمر يشرق في وقت أكثر تأخراً في كل ليلة.

في إحدى الأمسيات قدت دراجتي، برفقة صديقة، إلى تلة تروبرز Troopers Hill، التي منحتنا مساراً غير متقطع لدائرة البروج Ecliptic فوقنا، وإطلالة بانورامية لأضواء المدينة المتلألئة أسفل. شاهدنا القمر بوجهٍ نصف مضاء تقريباً، عندما كان يختفي ويظهر من فوق السحب، مع علمنا الآن أن ربعه الأول يشير إلى المسافة التي قطعها في مداره حول كوكبنا.

في الليالي التي لم تكن المشاهدات فيها ممكنة، استكشفتُ خريطة القرن السابع عشر التي رسمها ريتشيولي Riccioli‎، مأخوذاً بالسهول التي سماها بحاراً، وقسَّمها إلى طقس جيد وآخر سيئ.

بحر الغيوم، بحر الأمطار 

دارت في محيط من العواصف.

عندما يترنح الجناح الأيمن الهادئ للقمر ويختفي،

ما تبقى.. يرسم أشكالاً ثائرة.

كشف القمر عن نواح أخرى يتلاقى فيها العلم والأدب. فعلى مر التاريخ، أطلق خبراء جغرافية القمر وتضاريسه على فوهاته أسماء الفلكيين والعلماء والفلاسفة. هناك واحدة لكوبرنيكوس Copernicus، الذي عرفته من مسرحية حياة غاليليو Life of Galileo لبريشت Brecht. وقد درست كتاب فن الشعر (بوطيقا) Poetics لأرسطو الموجود هناك على القمر أيضاً. وشعرت بسعادة غامرة لرؤية فوهة هاوورث Haworth، لكنني اكتشفت أنها باسم عالم كيميائي نال جائزة نوبل، وليست باسم بلدة الأخَوات برونتي Brontë sisters. ومع ذلك، بالنسبة إلي، فهناك على القمر، قرب قطبه الجنوبي، يوجد الآن رابطٌ ما يتصل بـ مرتفعات ويذرينغ Wuthering Heights‎.

بحلول الأسبوع الثالث صرت مهووسة. أنا بومة ليل، لذا لم يكن ظهور القمر عند الساعة الواحدة تقريباً صباحاً مشكلةً لي. في الحديقة ظللتُ أشعل مصباح الأمن. لحسن حظي أن جيراني لم يروني أقف على كرسي بلاستيكي، أمسك بمنظار مزدوج مصوب نحوهم؛ لأن قمر التربيع الأخير كان فوق سطح منزلهم.

تصادف أسبوع تناقص الهلال مع ”متحف القمر“ Museum of the Moon، وهو نسخة طبق الأصل من كرة القمر، بقطر 7م، وضعت كعمل فني قابل للنفخ في كنيسة باث آبي Bath Abbey. اقتربت من فوهة غريمالدي Grimaldi‎، وهي فوهة كنت قد رصدتُها بدقة قبل عدة ليالٍ. في المنزل، أدركت نهاية حلقة من تظن نفسك؟ مع إخبار جودي دينش Judi Dench أنها على قرابة من تيكو براهي Tycho Brahe. أنا أعرف ذلك الاسم!

تيكو، فوهة القمر الجنوبية،

غنيةٌ بخطوطها الإشعاعية، 

وبعين هذا الناظر الأرضي،

فهي كما خطوطه الطولية.

بعد ذلك، مع قرب انتهاء الشهر القمري، عرضت القبة الفلكية في بريستول الفيلم الوثائقي Apollo 11، وشاهدتُ الهبوط على القمر. في علوم الفلك كلُّ شيء يتتابع، ومثل هذا سيُطلق عليه وصف اقتراني Syzygy. ومن منظور أدبي فقد كان ذلك شاعرياً.


كارولاين باروز Caroline Burrows:

شاعرة وكاتبة محترفة تقيم في بريستول، وقد قدمت على BBC Radio 4. اقرأ مزيداً من أبياتها الشعرية ‘بين أقمار المحاق’ على وسائل التواصل الاجتماعي: @VerseCycle.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى