أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
فضاء

الغوص تحت قشرة القمر يوروبا

معالم سطحية قد تكشف عن سُمك القشرة الجليدية حول قمر المشتري هذا

البروفيسور ليويس دارتنل
عالم أحياء فلكية في جامعة ويستمينستر

يوروبا هو قمر ديناميكي ورائع جداً. يبلغ عمر سطحه ما بين 40 و90 مليون سنة فقط (كما تحدده أعداد الفوهات النيزكية)، مما يشير إلى أنه يجدد وجهه باستمرار. سطح القمر يوروبا مملوء بالتشكيلات السطحية التي توحي بحدوث عمليات جيولوجية مستمرة: سلاسل جبلية طويلة، ومناطق واسعة من تضاريس “فوضوية” متكسرة، ومناطق أصغر من حفر دائرية وصاعدة. من الواضح أيضاً أن يوروبا يحتضن تحت سطحه المتجمد الصُّلب محيطاً عميقاً من ماء سائل.

غير أن أحد أكبر الألغاز المحيطة بيوروبا هو مدى سماكة هذه القشرة الجليدية فعلاً. وحل هذا اللغز هو أمر بالغ الأهمية لفهم بنية القمر الداخلية، وتاريخه الجيولوجي، وحتى الفرص التي يمنحها محيطه الخفي لبيئة حياة بحرية خارج كوكب الأرض.

ويدور هناك جدال شديد بين علماء الكواكب، يقسمهم بين فريق يعتقد أن قشرة يوروبا رقيقة وآخر يراها سميكة. هل القشرة الجليدية رقيقة بما يكفي للسماح للمحيط تحتها تماماً لصهر القشرة ليشق طريقه إلى السطح فتنتج المناطق الفوضوية المرصودة؟ أو أن تلك الطبقة الجليدية سميكة جداً، وتنتج التضاريس السطحية بدلاً من ذلك عن حمل حراري Convection في الحالة الصلبة في قشرة القمر؟ يقول فريق القشرة السميكة إن كتل جليد دافئ نسبياً ترتفع وتعوم لتشوه السطح.

المشكلة هي أن علماء مختلفين يمكنهم النظر إلى الصور نفسها الملتقطة للمعالم السطحية على يوروبا- والتي التقطها مسبار غاليليو Galileo في أواخر تسعينات القرن العشرين- والتوصل إلى استنتاجات متعارضة تماماً. والآن، فإن كيلسي سينغر Kelsi Singer، من معهد ساوث ويست للأبحاث Southwest Research Institute، في بولدر، بولاية كولورادو، وزملاؤها، تلقي نظرة جديدة على اللغز. لقد وضعوا خرائط لمعظم المعالم الدائرية تقريباً، التي يتراوح قطرها بين 1 كم و50 كم، المشاهدة في صور القمر يوروبا، والتي قد تنتج بنحو مقبول بفعل العمليات الجيولوجية الداخلية. كما أنهم كانوا قادرين على الاستفادة من مجموعات البيانات الطبوغرافية الجديدة حول تفاصيل تضاريس القمر، مثل تدرج وارتفاع أو عمق معالمه.

ماذا يوجد في الأسفل؟

ما وجدوه عند تحليل البيانات- مثل توزيع أحجام معظم الفوهات والنتوءات والمناطق الصغيرة الفوضوية المرصودة في الصور- هو أن أغلبها يتراوح قطرها ما بين 5 كم و6 كم. أما المعالم الأصغر أو الأكبر من هذه فهي أقل شيوعاً. في الواقع لم تعثر سينغر وفريقها على أي فوهات على الإطلاق يقل قطرها عن 3.3 كم، حتى في الصور الأعلى دقة.

ويقولون إن توزع الحجم هذا يتعارض مع ما تتوقع وجوده إذا كانت قشرة يوروبا الجليدية رقيقة بما يكفي لوقوع حوادث انصهار تكشف عن السطح. لذا استنتجت سينغر أن تحليلهم يدعم التفسير القائل إن معالم السطح ناتجة عن ارتفاع جليد دافئ، ومن ثم من المحتمل أن تكون قشرة يوروبا الجليدية سميكة وليست رقيقة. وقد حسبوا أن قشرة الجليد يجب أن تكون بسمك لا يقل عما بين 3 كم و8 كم حيثما تشكلت هذه المعالم السطحية.

لكن كل هذا لا يزال مجرد استنتاجات من التخمينات المستنبطة بناء على أفضل ما نعرفه حول سمك القشرة الجليدية للقمر يوروبا. والنبأ السار هو أن التصوير عالي الدقة، وعلى وجه الخصوص قياسات الرادار الخارق للسطح Ground-penetrating radar التي تعد بها المهمات المستقبلية مثل البعثة JUICE التابعة لوكالة إيسا، أو البعثة يوروبا كليبر Europa Clipper التابعة لوكالة ناسا، قد تتمكن قريباً من حسم هذا الجدال تماماً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى