مراجعة كتب جديدة في علوم الفضاء والفلك
الكون اللامرئي
تأليف: ماثيو بوثويل Matthew Bothwell
الناشر: Oneworld
السعر: £18.99 جنيه إسترليني
غلاف مُقوى
غالباً ما يُنظر إلى علم الفلك على أنه مجال مرئي جداً، مع كثير من التركيز على ما يمكننا رؤيته. في كتاب الكون اللامرئي The Invisible Universe، يستكشف ماثيو بوثويل Matthew Bothwell تلك الأجزاء القليلة التي لا يمكننا رؤيتها- على الرغم من أن كلمة (الأجزاء القليلة) غير مناسبة إلى حد ما، وذلك لأن هذه“الأجزاء القليلة” يصل بها الأمر إلى أن تكون هي الغالبية العظمى من الكون.
ومن أجل فهم ما لا يمكننا رؤيته، من المفيد أولاً وقبل كل شيء فهم سبب رؤيتنا لما نستطيع رؤيته فعلاً. الفصل الأول من الكتاب هو درس موجز في الفيزياء يغطي تاريخ الاكتشافات والفهم النظري لطبيعة الضوء الحقيقية، بما في ذلك قليل من فيزياء الكم.
تركز معظم فصول الكتاب على جزء معين من الطيف أو على اكتشاف معين. في كل حالة هناك قصة تأخذ القارئ عبر تاريخ محفوظ، بما في ذلك بعض الاكتشافات الحديثة جداً. إنه لا يحاول السير خطياً على طول الطيف أو عبر تاريخ الاكتشافات، لأن رحلة اكتشاف البشرية لم تمضِ على هذا النحو. لا يوجد كتاب مثل هذا يمكنه تجنب القفز عبر أنحاء التاريخ، ولكن بصورة عامة، هناك تدفق منطقي.
يركز الكتاب بالأحرى على الطرف طويل الموجة من الطيف، ربما بسبب خلفية المؤلف، وإذا كان لديك شغف بتعلم مزيد عن الأشعة السينية أو أشعة غاما، فهذا الكتاب لن يناسبك؛ ولكن فيما يتعلق بالأشعة الراديوية والأشعة تحت الحمراء والموجات الميكروية (الميكرويف) Microwaves، فهو شامل جداً، وعندما تفكر في الفصول المتعلقة بالثقوب السوداء، وموجات جاذبية المادة المعتمة، ونهاية الكون، فمن المؤكد أنه يغطي كثيراً من هذه الموضوعات.
في معظم أنحاء الكتاب يجري شرح المفاهيم جيداً، باستخدام الاستعارات والمشابهات لإنشاء أسلوب كتابة يسهل فهمه. يظهر العمل اليومي للمؤلف كعالم فلك رصدي في أثناء ذلك، وهناك حكايات لطيفة عن رحلات إلى مراصد التلسكوبات في هاواي وتشيلي، وقليل من مركزه في جامعة كيمبريدج، وهي مؤسسة عريقة في التاريخ الفلكي.
هناك 12 صورة تقريباً بالأبيض والأسود مضمنة في النص للتوضيح، إضافة إلى قسم صغير لصور لامعة في منتصف الكتاب، على الرغم من أنه من المحبط بعض الشيء أن تضطر إلى التقليب أماماً وخلفاً لرؤية الصور ذات الصلة بالقصة المروية.
بقراءة جذابة إجمالاً، سيكون هذا الكتاب موضع اهتمام أي شخص يرغب في معرفة مزيد عن كيفية تعلُّمنا ما نعرفه عن الكون.
على الرغم من أننا لا نستطيع رؤية موجات الجاذبية، فإننا نعلم أنها موجودة
*****
كريس نورث Chris North:
محاضر أوغدن للعلوم، وزميل مشاركة عامة في مجلس مرافق العلوم والتكنولوجيا STFC في جامعة كارديف.
مقابلة مع المؤلف
ماثيو بوثويل
كيف يمكننا رؤية الكون “اللامرئي”؟
هناك كثير من الأشياء في الكون، بدءاً من نجوم فتية إلى نجوم ميتة، ومن ثقوب سوداء إلى مجرات بكاملها، لا تصدر الشيء الكثير من الضوء المرئي. ومن أجل رؤيتها علينا استخدام أجزاء أخرى من الطيف الكهرومغناطيسي Electromagnetic، مثل الموجات الراديوية والأشعة تحت الحمراء والأشعة السينية. بعض الأشياء لا تُصدر ضوءاً على الإطلاق، مثل المادة المعتمة Dark matter، أو مثل موجات الجاذبية Gravitational waves. وإذا أخذنا بعين الاعتبار كامل محتوى الكون من المادة، فالكون الذي يمكننا رؤيته هو في الحقيقة مجرد رأس جبل الجليد.
كيف يمكننا حل لغز المادة المعتمة؟
نستطيع المضي قُدماً، بالنظر إلى الكون ككل والعمل بصورة عكسية من خلال التساؤل، ما نوع المادة المعتمة التي ستنتج كوناً مثل هذا؟ الجواب الذي نحصل عليه هو أن المادة المعتمة هي نوع ثقيل من الجسيمات particles بطيئة الحركة ولا ينبعث منها ضوء. أو يمكننا أن نبتكر أجهزة صغيرة، ونبني أجهزة كشف للبحث عن جزيئات المادة المعتمة هنا على الأرض. تحتاج هذه إلى أن توضع عميقاً تحت الأرض، لتكون محمية من الإشعاع الكوني. وحتى الآن لم تجد هذه التجارب أي شيء، ولذلك نواصل البحث.
ما المصير النهائي للكون؟
أتمنى لو أعرف! نحن لا نفهم حقاً الطاقة المعتمة، تلك القوة الغريبة التي يبدو أنها تدفع الكون إلى التوسُّع بعيداً بنحو أسرع وأسرع. إذا كان هناك نوع ما من ثابت ما مدمج في نسيج الزمكان، فمن المقدَّر للكون أن يصير أكبر وأكبر، وأبرد وأكثر فراغاً إلى الأبد. إذا تغير هذا الشيء (الثابت) مع مرور الوقت، فإن كل الرهانات ستنتهي: وقد ينتهي الأمر بالكون في النهاية إلى تمزيق ذاته إلى أشلاء، أو حتى الانهيار إلى العدم مرة أخرى.
ماثيو بوثويل Matthew Bothwell:
عالم فلك جماهيري في معهد علوم الفلك بجامعة كيمبريدج.
ثمانية احتمالات غير ممكنة
جون غريبن John Gribbin
الناشر: Icon Books
السعر: £10.99 جنيه إسترليني
غلاف مُقوى
يشير عنوان كتاب جون غريبن الأخير إلى القول المأثور الشهير لشرلوك هولمز: “عندما تُقصي المستحيل، فإن كل ما تبقى، مهما كان بعيد الاحتمال، يجب أن يكون هو الحقيقة”. يجادل غريبن في مقدمته بأنه تلخيص جيد إلى حد ما للمنهج العلمي: اختبار فرضيات واقتراب من الحقيقة (على الرغم من أننا لا يمكننا التأكد تماماً في العلم من أننا وصلنا إليها) في كل مرة يجبرنا الفشل على النظر مرة أخرى في افتراضاتنا عن الكون.
تستكشف المقالات الثماني القصيرة التي يتألف منها هذا الكتاب بعض الاستنتاجات غير المتوقعة وغير المحتملة جداً التي توصل إليها العلم الحديث باستخدام هذه الطريقة. يُلقي غريبن شبكة واسعة ويعرض اتساع معرفته في حشد الشيء الكثير في كل فصل من الكتاب، مع ضمان بقاء السرد قابلاً للقراءة.
تتراوح الموضوعات من وجود موجات الجاذبية التي تمُوج عبر الكون من زمن حادثة الانفجار الكبير Big Bang، إلى ظهور كل أشكال الحياة على الأرض من خلية واحدة؛ ومن الاستكشاف المذهل للمفهوم الحقيقي للنسبية، إلى حلقة الربط بين العصور الجليدية والتطور البشري.
ربما يكون الفصل الأكثر إثارة للاهتمام هو الفصل الذي يزود الكتاب بعنوانه الفرعي، سر القمر، وحقائق علمية أخرى غير معقولة، حيث ينظر غريبن في أصول القمر، ويُبرز بعض الصلات بين وجود تابعنا وقابلية الأرض للحياة، والتي لم أشاهد ذِكراً لها من قبل. الكتاب يعطي قراءة موجزة، لكنها قد تلهم القراء للتعمق أكثر.
*****
جايلز سبارو Giles Sparrow:
كاتب علمي وزميل في الجمعية الفلكية الملكية.
ضوء الأرض
آل ووردن مع فرانسيس فرينش
Al Worden with Francis French
الناشر: مطابع جامعة نبراسكا University of Nebraska Press
السعر: £21.99 جنيه إسترليني
غلاف مُقوى
هل تساءلتَ يوماً عن رأي آل ووردن حقاً في نيل آرمسترونغ وباز آلدرين؟ في أحدث كتاب له قبل وفاته في العام 2020، يشارك رائد مهمة أبولو 15 بآرائه الصريحة من دون هوادة.
تأملات ووردن البسيطة والصادقة حول برنامج الفضاء، والطيران إلى القمر، والمشاركين في مهمات أبولو، وحياته كرائد فضاء متقاعد، كلها تُسهم في قراءة منعشة جداً، وفي بعض النقاط تفتح الأعين تماماً.
هناك بعض اللحظات المضحكة، مثل تجارب ووردن مع المعجبين في المؤتمرات، ولكن هناك أيضاً نقاطاً مفجعة، عندما يروي الأوقات التي علم فيها برحيل زملائه من رواد الفضاء، ويمكن الشعور بألم تلك اللحظات في كلماته.
ومع ذلك ليس هناك كثير من البنية لهذه المجموعة من الأفكار، والتي يمكن أن تقفز من موضوع إلى آخر، مثل عندما ينتقل ووردن من المشاركة بآرائه في محطة الفضاء الدولية ISS إلى التفكير في الوجود داخل كبسولة سويوز. ثم هناك فضيحة البريد الشائنة التي كلفت ووردن عمله كرائد فضاء: جرى التلميح إليها، ولكن من دون شرحها بالتفصيل، الأمر الذي قد يكون محبطاً لقارئ لا يعرف القصة.
لا يمثل هذا الكتاب كثيراً من تأملات ووردن عن الحياة في الفضاء، بل مجموعة من الأفكار والآراء التي تبدو عشوائية، وقد جُمعت معاً في أكثر أشكالها صدقاً وغير خاضع للرقابة. هل يمثل هذا الكتاب طريقة جيدة للتعرف على الراحل آل ووردن؟ لن أقول لا، لكنه يمكن أن يكون مكاناً جيداً للبدء.
*****
ميليسا بروبي Melissa Brobby:
باحثة علمية ومسؤولة التواصل الاجتماعي في معهد الفيزياء.
حافل بالنصائح العملية
فيليب م باغنال Philip M Bagnall
الناشر: Springer
السعر: £27.99 جنيه إسترليني
غلاف ورقي
ربما تكون الشهب والنيازك من أهم أفلام هوليوود عن الأجرام الفلكية. ولحسن الحظ، فإن معظمها أقل تأثيراً من تلك الكرة النارية فوق تشيليابينسك Chelyabinsk في روسيا في العام 2013، والتي أصابت مئات الأشخاص وشوهدت من مسافة 100 كم، ولكن ثمة سحراً دائماً برؤيتها وهي تنطلق عبر سماء الليل.
إذا كنتَ مهتماً بأكثر من مجرد التقاط لمحات من هذه الظواهر، فإن هذا الكتيب الشامل والواضح (لمؤلف كتاب رفيق أطلس النجوم The Star Atlas Companion) سيأخذك عبر الجوانب العملية لرصد 10 زخات شهبية سنوية رئيسة. ونظراً إلى أن الشهب تظهر في أنحاء مختلفة من السماء، وعمرها قصير جداً، فلن تكون التلسكوبات ذات فائدة كبيرة لهذا النوع من علم الفلك، ولذا يركز كتاب أطلس الزخات الشُّهبية على الرصد بالعين المجردة.
يقدم الكتاب العلوم المناسبة لزخات الشهب، موضحاً كيف تحدث الشهب بسبب حطام المواد المتساقطة من المذنبات والكويكبات، وتسخين أسطحها مع اقترابها من الشمس. وعندما يصطدم الغبار الناتج منها بالغلاف الجوي للأرض، يمكن أن تنتج عنه عروض بصرية مذهلة، إضافة إلى النيازك العرضية التي تنجو لتصل إلى سطح كوكبنا.
مع وجود كميات هائلة من التفاصيل حول كل من الزخات الرئيسة، يبدو بوضوح أن الكتاب يستهدف الهواة المهتمين والمطلعين الذين يمكنهم التنقل عبر خرائط النجوم، ويعرفون كيف يحددون قدر سطوعها. ومن جهة أخرى، ربما بصورة محيرة، فهو يحتوي أيضاً على نصائح أساسية جداً عن ارتداء الملابس للبقاء دافئاً عند الرصد ليلاً. ولكن بصورة عامة، فهذا دليل مرحَّب به لأولئك الذين يحرصون على اكتشاف هذه الأجرام السريعة والجميلة، ومعرفة مزيد عنها.
*****
بيبا غولدشميت Pippa Goldschmidt :
كاتبة في علم الفلك والعلوم.