أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
أحدث التطورات

أحدث التطورات

خبراؤنا يدرسون أحدث الأبحاث

تتبُّع الأمونيا ساعدَنا على معرفة آلية دوران الغلاف الجوي حول المشتري

رياح المشتري

المركبة الجونو تساعد على الكشف عن دوران الغلاف الجوي للكوكب الغازي العملاق

إن نمط دوران غلاف الأرض الجوي واضح ومباشر إلى حد ما. تؤدي حرارة الشمس إلى تسخين الهواء حول خط الاستواء، مما يؤدي إلى ارتفاعه، ثم اندفاعه عبر الارتفاعات العالية قبل أن يهبط إلى سطح الأرض مجدداً عند خطوط عرض بالقرب من الخط 30° شمالاً وجنوباً (مسافة ثلث الطريق تقريباً إلى القطبين). ومن هناك يندفع الهواء المتحرك عبر سطح الأرض عائداً إلى منطقة خط الاستواء. هذا تيار حمل عملاق Convection current تماماً مثل التيار الذي يسخن فوق المشع الحراري Radiator في غرفة معيشتك- ويطلق على زوج التيارين الدائرين حول خط استواء الأرض اسم خلايا هادلي Hadley cells.

هناك ثلاث خلايا دوران كبرى في الغلاف الجوي في كل من نصفي الكرة الأرضية. تدور الخلية الوسطى لكل ثلاثي منها (تسمى خلية فيريل Ferrel cell) بفعل حركة الخلايا المجاورة لها بحركة تشبه حركة ترس Cog. وحيث إن كل هذا يؤدي إلى تدفق حركة الغلاف الجوي عبر خطوط العرض بين خط الاستواء والقطب، يُعرف هذا النظام باسم الدوران الطولي Meridional circulation ويُحدث الرياح السائدة، مثل الرياح التجارية والغربية.

يُعتقَد أيضاً أن المظهر المُخطَّط لسحب المشتري يعود إلى الدوران الطولي في الغلاف الجوي للكوكب، ولكن هذا يبدو أوضح مما هو على الأرض لأن مناطق الصعود والهبوط في غلاف المشتري الجوي تُحدِث اختلافات مرئية في طبقات السحب وألوانها. تنتج ”المناطق“ Zones الأفقية الباهتة بسبب صعود جليد الأمونيا وتشكله على ارتفاعات عالية، و‘الأحزمة’ هي سحب حمراء اللون حيث يتحرك الهواء هبوطاً نحو السطح. وهناك أيضاً تيارات نفاثة قوية بينهما.

تحت سحب الكوكب

غيرَ أن ما لا نعرفه هو ما يحدث لخلايا الدوران هذه عميقاً في باطن المشتري ــ لا توجد حدود سفلية صلبة كما هي على سطح الأرض. تستخدم العالمة كيرين ديور Keren Duer وفريقها العلمي، البيانات المرسلة من جونو لمحاولة معرفة ذلك. ومنذ وصوله إلى المشتري في العام 2016، كان مسبار وكالة ناسا هذا يقيس الضوء المنعكس عن العملاق الغازي بأطوال موجية مختلفة، بما في ذلك الأشعة تحت الحمراء والموجات الميكروية Microwave. يسمح لنا أي ضوء يمكنه اختراق طبقة السحب العليا إلى حد ما بالتحديق في باطن الكوكب.

يسمح هذا باكتشاف ما يقع تحت طبقات سحب الكوكب إلى بضع مئات من الكيلومترات، لذلك نحن نعلم أن خلايا فيريل على المشتري تمتد إلى هذا الحد على الأقل

وبفحص بيانات الموجات الدقيقة المرسلة من جونو، تمكن الفريق من تتبع الأمونيا في الغلاف المشتري الجوي. كشف هذا عن وجود سلسلة مناطق صعود وهبوط خفية تحت السحب العلوية المرئية في مناطق خطوط العرض الوسطى للكوكبــ بين خطي 60° جنوباً و60° شمالاً. تشكل هذه ثماني خلايا دوران عميقة في كل من نصفي كرة الكوكب، مثل مجموعة كاملة من بكرات متجاورة. وبطريقة مماثلة لخلية فيريل الوسطى في كل من نصفي الكرة الأرضية، فإن خلايا دوران المشتري في خطوط العرض الوسطى ينتجها الحمل الحراري النشط عند خط الاستواء. وفي حين أن لكوكب الأرض خلية فيريل واحدةً فقط في كل نصف كرة، فإن لكوكب المشتري ثماني خلايا بسبب حجمه الأكبر ودورانه حول نفسه (تدويمه Spin) الأسرع.

استطاع فريق ديور تتبُّعَ خلايا الدوران العميقة هذه من خلال مراقبة الأمونيا في بيانات الموجات الدقيقة. يسمح هذا باكتشاف ما يقع تحت طبقات سحب الكوكب إلى بضع مئات من الكيلومترات فقط، لذلك نحن نعلم أن خلايا فيريل على المشتري تمتد إلى هذا الحد على الأقل. وهذه ليست القصة كلها، لكننا قطعنا شوطاً طويلاً في فهم ديناميكيات الغلاف الجوي المتوارية تحت سحب المشتري.

البروفيسور ليويس دارتنل

عالم أحياء فلكية في جامعة ويستمينستر

* ليويس دارتنل Prof Lweis Dartnell: كان يقرأ… دليل وجود عدة خلايا مشابهة لخلية فيريل على كوكب المشتري Evidence for multiple Ferrel-like cells on Jupiter by Keren Duer et al. اقرأه على الرابط: arxiv.org/abs/2110.07255.

العثور على مصدر للانبعاث الراديوي السريع

تتبُّع مصدر أحد الانبعاثات قاد إلى حل جزء من لغز هذه الحوادث القوية وقصيرة الأمد

منذ اكتشافها في العام 2007، استمرت الانبعاثات الراديوية السريعة Fast radio bursts (اختصاراً: الانبعاثات FRBs) في إثارة الدهشة، وذلك لأسباب ليس أقلها عدم إمكانية التفسير بتفسيرات بسيطة. غالباً ما تبدو هذه الومضات المفاجئة والشديدة من الموجات الراديوية، التي تلتقطها التلسكوبات حول العالم، بصورة أحداث تحدث مرة واحدة، مما يشير إلى أن نوعاً من الانفجار الكارثي مثل سوبرنوفا هائل الشدة قد يكون مسؤولاً عنها. لكن بعضها يتكرر بنمط منتظم أحياناً.

إن حقيقة كون هذه الأشياء سريعةــ لا تدوم إلا أجزاء من الثانية فقطــ وساطعة، وتطلق كمية هائلة من الطاقة، تجعل معظم العلماء يعتقدون أنها مرتبطة بأجرام صغيرة الحجم، مثل النجوم النيوترونية Neutron stars أو الثقوب السوداء Black holes (يبدو أن النجوم النيوترونية المتصادمة تناسب معظم الخصائص المرصودة لبعض الانبعاثات على الأقل). كما يوجد هناك عدد من الاقتراحات الأخرى التي يزداد تواترها في المؤلفات العلمية- بدءاً من نوى المجرات النشطة، إلى سلوك غرائبي للبلسارات (النجوم النبّاضة) Pulsars، والسلوك الغريب في نظرية الأوتار String theory.

إحدى المشكلات هي أنه على الرغم من وجود أدلة جيدة تشير إلى أن معظم الانبعاثات الراديوية السريعة هي بعيدة المسافة،فإن تحديد المجرات المضيفة لها هو أمر صعب

تتمثل إحدى المشكلات في أنه على الرغم من وجود أدلة جيدة تشير إلى أن معظم الانبعاثات الراديوية السريعة بعيدة، إلا أن تحديد المجرات المضيفة لها هو أمر صعب. ولهذا السبب أنا متحمس لبحث هذا الشهر، الذي يلقي نظرة فاحصة على انبعاث راديوي معين ويحاول العثور على مصدره. 

أقرب مما قد تعتقد

التُقِط الانبعاث FRB 20181030A تسعَ مرات باستخدام التلسكوب الكندي لتجربة كثافة الهيدروجين Canadian Hydrogen Intensity Mapping Experiment (اختصاراً: التلسكوب CHIME)، وهو أداة رصد الانبعاثات الراديوية السريعة الأولى في العالم. ونظراً إلى رصد هذا الانبعاث مراراً، لذا يمكن تتبعه إلى منطقة في السماء أصغر بكثير من المعتادــ وهي منطقة تحتوي على سبع مجرات معروفة؛ إحداها- المجرة NGC 3252 – هي أقرب بكثير من الأخرى. تقدر احتمالات وجود نظام مجرِّي بهذا القرب من مجرة درب التبانة- نحو 65 مليون سنة ضوئية (وهذه مسافة تعادل زيارة متاجر في مقياس المسافات المجرِّية) إلى حيث حدث الانبعاث الراديوي السريع بالمصادفة بنسبة 1 إلى 400، مما يجعل هذا واحداً من أقرب الانبعاثات الراديوية السريعة التي لها مجرة مضيفة.

في الواقع عُثِرَ على انبعاثين متكررَين آخرين أقرب من هذا، ويتيح لنا الجمع بين الثلاثة تقدير مدى شيوعها حقاً. لقد اتضح أنه يمكننا بفعل ذلك استبعاد بعض أشهر المشتبه فيهم المحتمَلين. ألقى العلماء بشكوكهم في الانبعاثات الراديوية السريعة على نمط من الدوران المغزلي (التدويم Spin) السريع: نجم نيوتروني نشط مغناطيسياً يُعرف باسم النجم المغناطيسي Magnetar، لكن لا يوجد ما يكفي منه تقريباً لتفسير حتى الأمثلة الثلاثة القريبة التي نراها.

ومن جهة أخرى فإن جميع الانبعاثات الراديوية السريعة الخمسة المتكررة التي جرى تتبع مجراتها المضيفة تعيش في أنظمة حلزونية Spiral systems. قد يكون هذا دليلاً ممتازاً: تميل المجرات الحلزونية إلى استضافة حوادث السوبرنوفا الناتجة عن انهيار النجوم الضخمة (باستثناء أن واحداً من الخمسة يصدر من عنقود كروي في المجرة M81، وهذا مكان يجب ألا توجد فيه مثل هذه الأحداث). وإضافة إلى ذلك فإن جميع الأحداث الخمسة هي (نسبياً) أحداث منخفضة الطاقة Low energy events- أقل وضوحاً وإثارة بكثير من المنارات الكونية Cosmic beacons الساطعة التي شوهدت في مناطق أبعد في الكون- لذلك قد تكون هناك أكثر من آلية عمل واحدة.

تعد الانبعاثات الراديوية السريعة لغزاً كونياً فعلياً، إذ ما زال المحققون الفلكيون يتعقبون بدرجة كبيرة أي شيء يسبب هذه الأحداث المذهلة. وتحديد مضيف هذا الانبعاث الراديوي تحديداً هو خطوة كبيرة إلى الأمام، ولكن ما زال هناك كثيرٌ لاكتشافه.

دوران الغلاف الجوي

ما زال العلماء يحاولون حل ألغاز الانبعاثات الراديوية السريعة

البروفيسور كريس لينتوت: عالم فيزياء فلكية يشارك بتقديم برنامج سماء الليل Sky at Night

كريس لينتوت Prof Chris Lintott: كان يقرأ…

مضيفاً كونياً محلياً للاندفاع الراديوي السريع المتكرر A Local Universe Host for the Repeating Fast Radio Burst FRB 20181030A by M. Bhardwaj et al. اقرأه على: ui.adsabs.harvard.edu/abs/2021ApJ…919L..24B/abstract

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى