أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
أبواب ثابتةالنشرة

هل يمكن أن يكون البشر أثقل وزناً من أن يهبطوا على المريخ؟

المحرك اللازم للهبوط على المريخ قد يثقب سطحه

البروفيسور ليويس دارتنل
عالم أحياء فلكية في جامعة ويستمينستر

لقد شاهدنا جميعاً الفيلم. تنزل أول بعثة بشرية إلى المريخ على السطح ذي اللون الأصفر الغامق فوق عمود هادر من الدفع الصاروخي النفاث. وبعد الهبوط ينزل رواد الفضاء على السلم، ويغرسون علماً في التربة ويلتقطون بعض الصور لآثار أقدامهم.
لقد فعلنا ذلك على القمر، فلماذا لا نفعله على المريخ؟ بصرف النظر عن معظم المخاطر التي يتعرض لها رواد الفضاء خلال الرحلة بين الكواكب التي تستمر أشهراً إلى المريخ (مثل التعرض للإشعاع الكوني Cosmic radiation)، فإن الهبوط بحد ذاته قد يمثل في الواقع مشكلة كبيرة. ففيليب ميتزغر Philip Metzger وزملاؤه في مركز كينيدي للفضاء التابع لناسا بولاية فلوريدا يدقون ناقوس الخطر حول قضية قد تكون مهمة جداً في المهمات البشرية، لكنها لم تلقَ أي اعتبار حتى الآن.
المشكلة هي أن مركبة الهبوط التي تحمل طاقم رواد الفضاء، والكثير من المؤن والمعدات اللازمة لإبقائهم في قيد الحياة على المريخ لعدة أشهر، ستكون ثقيلة. وهذا يعني أنها ستحتاج إلى محرك صاروخي قوي لتهبط بأمان.
في عمليات هبوط مركبات أبوللّو القمرية، كان محرك الهبوط غالباً ما ينفث الغبار أفقياً عبر السطح، ولم نرصد نشوء أي فوهة مرئية تسبب بها الصاروخ. فهذا لأنه على مدى بلايين السنين، صار سطح القمر متراصاً، وتسمح ظروف الفراغ لنفاث عادم الصاروخ بالتوزع والانتشار.

ضغوط السطح
غير أن الوضع مختلف تماماً على كوكب المريخ. فمادة سطحه أكثر رخاوة، وسيعمل ضغطه الجوي على إبقاء عمود المحرك مركّزاً على بقعة صغيرة واحدة، مما يسمح له بالاندفاع بعمق أكبر بكثير. وهذا يعني، كما يقول ميتزغر، أن محرك هبوط مركبة كبيرة على المريخ قد يدفع الصخور الحرة عبر السطح بسرعات عالية تصل إلى كيلومتر واحد وهو ما يمثل خطراً على مأوى الطاقم أو المعدات الأخرى التي تحتاج المهمة إلى إنزالها في مكان قريب. ليس ذلك وحسب، فعندما تبدأ فوهة نفاثة الصاروخ بالتكون، فإن جدران الحفرة المائلة ستعمل على تحويل حركة كتل الصخور السريعة إلى الأعلى نحو الطرف السفلي من مركبة الهبوط، مما قد يتسبب في حدوث أضرار لها. والأسوأ من ذلك، إذا تشكلت حفرة ضيقة وعميقة بدرجة كافية أسفل فتحة محرك الصاروخ مباشرة، فعندما يتوقف المحرك بعد الهبوط، يمكن للحفرة أن تنهار على ذاتها، وهذا ما سيُعرِّض مركبة الهبوط في للخطر فوق سطح غير مستقر.
يتمثل الحل بالتأكد من أن موقع الهبوط المناسب قد أعد بالفعل قبل وصول المهمة البشرية. وستكون هناك حاجة إلى مهمة روبوتية مسبقة لتهيئة منطقة الهبوط المستهدفة وتنظيفها من الحطام، ثم تثبيت السطح ليصير منصة هبوط راسخة عن طريق التدعيم، أو ربما بدمج الحبيبات المعدنية ببعضها البعض باستخدام شعاع قوي من الموجات الدقيقة.
يقول فريق ميتزغر إن المخاطر كبيرة جداً لدرجة أنه لا ينبغي لنا حتى محاولة إنزال البشر على المريخ حتى نُحكِم تثبيت البناء الآلي لمنصات الهبوط باستخدام الروبوتات. وهم يتناقشون الآن بأن أفضل مكان للتمرن على هذه العملية الحرجة وإتقانها هو على عتبة بابنا مباشرة،
على القمر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى