أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
فضاءفلك وعلم الكونيات

نجوم يافعة هاربة من درب التبانة

تدور عشرات النجوم الفتية حول مجرة درب التبانة على مسافة أبعد بكثير مما نعتقد أنها يجب أن تكون عليها

البروفيسور كريس لينتوت: عالم فيزياء فلكية يشارك بتقديم برنامج سماء الليل Sky at Night

قبل سنتين ونصف أصدر فريق عمل مسبار غايا Gaia الشريحة الثانية من بيانات بعثتهم لرسم خريطة لأقرب بليون نجم. ومنذ ذلك الحين، كان علماء الفلك ينتقون من كنز من البيانات التي أعادها المسبار، وينشرون عدة أبحاث يومياً باستخدام قياسات غايا هذه، ولا يُبدو أن طوفان الاكتشافات سينحسر عما قريب.
كما تضيف هذه الورقة البحثية بعض النجوم سريعة الحركة وغير العادية إلى صيدهم. فقد درس روبرتو رادي Roberto Raddi في برشلونة وزملاؤه بألمانيا بيانات غايا للعثور على 12 نجماً تتسارع حركتها في منطقة لا تنتمي إليها، بعيداً عن قرص مجرة درب التبانة.
وعلى الرغم من أننا نصوّر مجرة درب التبانة كقرص رفيع مع انتفاخ مركزي، تأمّل في وصف باتريك مور Patrick Moore لها كـ“بيضتين مقليتين” مرصوصتين معا من الظهر، إلّا أن النجوم تنتشر فوق قرص المجرة وتحته، وهي تنتقل في مداراتها غير العادية حول مركز المجرة. وعلى الأغلب، فقد انتهى المطاف بتلك النجوم هناك بعد حياة طويلة ومليئة بالأحداث، لكن الأمر غير العادي في النجوم التي درسها رادي وزملاؤه هو أنها حديثة السن فتية بما يكفي لدرجة أننا نرغب في تفسير سبب وجودها البعيد جداً عن قرص المجرة المكتظ بالنجوم حيث يفترض أنها ولدت أصلا.

الغرباء
أشارت قاعدة بيانات مسبار غايا إلى تلك النجوم المعنية أول مرة، ثم حددت خصائصها أثناء عمليات رصد لتلسكوب التكنولوجيا الجديد New Technology Telescope في تشيلي. وتتراوح كتلة تلك النجوم الهاربة بين 2 إلى 4 كتل شمسية، ومن المفترض هو أن معظمها تشكْل في بيئة كثيفة لعنقود نجمي مفتوح Open cluster فتي. وفي مثل هذا العنقود، يمكن للتفاعلات العشوائية العرضية بين نجومه المتصادمة أن تؤدي إلى طرد أحد أعضائه. أو بدلا من ذلك، إذا تحوّل أحد النجوم في نظام ثنائي إلى سوبرنوفا (مستعر أعظم) Supernova، فربما يتلقى النجم الناجي ركلة هائلة، تطرده من العنقود وخارج قرص المجرة. وبالنظر إلى سرعاتها ومواقعها، فإن هذا النوع من قصة أصل المنشأ يقدم تفسيراً معقولاً لتسعة من النجوم.
ومع ذلك، فهناك ثلاثة نجوم تتحرك بسرعة كبيرة جداً لا يمكن تفسيرها بأي من هاتين الآليتين. إن فهمنا لفيزياء هاتين الآليتين يعني كما تَبيَّن أن السرعة القصوى التي يمكن الوصول إليها هي 450 كم/ث، لكن ثلاثة نجوم منها يجب أن تكون قد تجاوزت هذا الحد. وتمثّل هذه النجوم المندفعة بعيداً عن القرص، لغزاً حقيقياً إذ ليس من الواضح على الإطلاق كيف وصلت إلى هناك، وهناك حاجة إلى المزيد من الفرضيات لتفسير احتمالات أصولها. فربما أنها تشكلت بطريقة ما في الغاز الرقيق الذي يحيط بالقرص الرئيسي.
ومهما كانت آلية بداية مساراتها الحالية، فإن مصير تلك النجوم غير العادية هو واضح: سيظل 11 من الـ 12 نجماً الجَسورة جزءاً من عائلة مجرة درب التبانة، في مدارات تأخذها إلى أعلى ثم أسفل قرص المجرة. ومع ذلك، فإن أحد أفراد هذه المجموعة له مصير أعظم ألا وهو النجم المسمى 2207 – 4329 الذي سينضم إلى مجموعة مختارة من النجوم الجوّالة بين المجرات Intergalactic wanders، ليمضي بقية حياته في عتمة الكون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى